منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - " عن العظمة "
الموضوع: " عن العظمة "
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-02-2009, 04:25 PM   #1
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

" عن العظمة "


السلام عليكم و رحمة الله وبركاته ..
هذا المقال الوحيد الذي قمت بكتابته خارج متطلبات الدراسة و أنا أرغب بالحصول على النقد من كل شخص يجد في نفسه الأهلية لذلك فما أسعى إليه هو التطور ..
و شكرا لكل من تفضل بقرائته حتى لو لم يضف ردَّاً ..


" عن العَظَمَة "

إنَّ الله إذا أراد بعبد خيراً ابتلاه.
هناك أوقات نشعر فيها بالأسى على أنفسنا و بالغضب ممَّا يحدث لنا، نشعر بأننَّا منحوسين أو سيئي الحظ ، لكن في الحقيقة الأشياء السيئة تحدث لكي تعلِّمنا أشياء جيدة، و الألم يحدث كي نستطيع الشعور بالسعادة، و الظروف الصعبة تحدث لكي تجعلنا أكثر قوة و فهماً للحياة و لأنفسنا و للنَّاس. لكن أحياناً في غمرة الألم ننسى المغزى من كل ذلك..ننجرف في الألم و الأسى بحيث لا ندرك ماهي الغاية من وراءهما. نضرب كفَّا بكف و نرثي لحالنا و نبكي خسارتنا و مشاعرنا التي جُرِحَت لفترة طويلة بينما الغرض من الألم هو تعليمك أشياء جديدة أشياء جديدة عن نفسك و عن الحياة و الناس المحيطة بك. سمعت مرة شخصاً يقول ما لا يقتلك يجعلك أقوى )، و أعترف بصحة هذا القول بشرط أن تستطيع التعامل هذا الألم بطريقة إيجابية كي تستطيع أن تصبح أقوى. هناك بعض الآلام تكون قوية للغاية بحيث تغشي أعيننا عن رؤية الحقيقة و عن استيعاب الغرض منها، و أحياناً نستغرق و قتاً طويلاً جدا يصل إلى عشرات السنين غارقين في ذلك الألم حتى نصل فجأة إلى الدرس المفترض تعلمه منه..!. لطالما آمنت منذ نعومة أظفاري بأنَّ الحياة رحلة من أجل المعرفة و العمل بها. كل يوم يمر هو فرصة لتعلُّم أشياء جديدة تهدف إلى تطوير شخصيتك و ممَّيزاتك و تحسين حياتك. و مهما كان ما أعطانا إيَّاه الخالق عز و جل فدائما هناك عبرة و سبب. مهما بدا الأمر صغيراً أو مؤذياً لا فائدة منه يكون هناك دائماً سبب له، أحياناً كثيرة إذا أعملت فكرك في الاتجاه الصحيح تصل إلى السبب، و هناك أشياء قد لا تستطيع اكتشاف الفائدة منها و قد يستغرقك ذلك أشهراً أو سنيناً أو عمرك كله لكن هذا لا يعني أن لا فائدة منه. أحياناً نصل إلى الأسباب دون أن ندرك ذلك و أحياناً أخرى تكون في متناول يدينا لكننا و لسبب ما لا نراها.
إن الله عز و جل أرحم بعباده من الأم بطفلها الرضيع.. الآن أريد أن من كل منكم أن يسأل نفسه ماذا سوف يفعل من أجل أطفاله؟ ما مدى التضحيات التي سوف يقدمها لهم ؟ ما الذي يطمح بأن يعطيهم إيَّاه ؟ 99% أنا واثقة من ذلك سيستغرق بالأحلام و الأفكار عن ماذا سيفعل و ماذا سيمنح و كيف سيربِّي هذا المخلوق الذي يمنحه شعورا بفائدته و إنسانيته ، و كيف أنه سيفعل كل ما يلزم لجعله من أفضل و أسعد الناس على وجه الأرض . إنها فطرة البشر التي فطرهم الله عليها. سوف اسألكم الآن سؤالاً آخر و أكثر أهمية : كيف ستعلِّم طفلك العيش في الحياة و مع الناس ؟ كيف ستعلِّمه حماية نفسه من الشر الموجود في الخارج ؟ كيف ستعلِّمه آداب التعامل مع الناس و و و ...الخ من الشياء التي يرغب الأهالي بتعليمها لأطفالهم لكي يصبحوا أناساً صالحين و سعداء و يستطيعون إفادة أنفسهم و الآخرين ؟ ليست التربية ممتعة دائما و ليس التعليم سهلا دائما ، و كلَّما كان الدرس مفيداً و مهِّماً كلَّما كانت مهمة التعليم و تلَّقي العلم أصعب و أكثر تعقيداً . حسناً، ممَّا علمتني إيَّاه تجاربي فهم هذا هو جزءٌ كبير من معنى الإيمان بالقضاء و القدر، و هذا مالم أقرأه في الكتب ( ليس أنه غير موجود فأنا لم أقرأها كلها و لكن عادة ما تعلمنا إياه التجارب يرسخ لدينا أكثر ممَّا نقرأه في الكتب )، أن تؤمن بقضاء الله و قدره يعني أن تدرك جيدا أن ماحدث ليس سببه نحس أو لعنة أو عيب فيك بل أن ماحدث سببه أن الله عز و جل يحبك اكثر ممَّا قد تحب أولادك يوماً ما، و لذا هو يعطيك الفرصة لتعلم شيء مفيد جدا لدنياك و آخرتك ، إنه يعلمك درساً في غاية الأهمية و كلَّما كان الألم حاداً كلَّما كان ذلك الدرس مفيدا جدا لك ؛ شرط أن تستطيع الاستيقاظ من تخدير الألم و التحسُّر و البحث عن العبرة و الدرس الذي مررت بهذه التجربة القاسية من أجل الاستفادة منه . أن تؤمن بقضاء الله و قدره يعني أن تؤمن إيماناً مطلقاً بأنَّ الله عز و جل يحبك جدا و يرغب بحمايتك ممَّا قد يحدث لك إذا لم تتعلَّم هذا الدرس . و معظم العظماء لم تكن حياتهم سهلة على الإطلاق لكن هذا لا يعني أنها لم تكن سعيدة و لا يعني أنها منعتهم من التعلم و التطور ، لكنه يعني أنها ساهمت في صنع عظمتهم و قوتهم .. من جهة أخرى عناك الكثير من الناس لن تكن حياتهم سهلة على الإطلاق لكنهم عاشوا حياة في قمة التعاسة و الدمار .. ماهو الفرق ؟؟
الفرق أن العظماء انتشلوا أنفسهم من طغوة الألم و الحسرة و بحثوا و بحثوا حتى استطاعوا اكتشاف العبر و الحكم و استفادوا منه في شفاء الجروح التي سببَّت آلامهم و أيضا في تحسين أنفسهم و منحهم السعادة. أمَّا التعساء فانجرفوا كليَّاً في التحسر و التذمر حتى أنهم زادوا في عمق جراحهم إلى أن غدت قاتلة و دمرت حياتهم .
إذاً الخيار يعود لك وحدك : أن تكون عظيماً أو أن تكون تعيساً ؟؟ فماذا يا ترى سوف تختار...

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس