أهلاً بكَ يا عبد العزيز ,
رغمَ أنّ التّفجيرَ الّذي قامَ بهِ ماكفاي لا يُفسِّرهُ اعتراضهُ على السّلطةِ الأمريكيّة و سياستها , إلّا أنّهُ يفسّرُ طلبَهُ الأخيرَ و استهزاءهُ بالحُكم الصّادرِ عليهِ تماماً كسيرهِ إلى غرفةِ الاعدام بشكلٍ هادئِ .
و لعلَّ الباحثَ في دوافعِ القتلِ الّتي تحوّلُ الانسان إلى قاتلٍ - و لا أجدُ هُنا فارقاً كبيراً بين قاتلٍ يقتلُ انساناً واحداً و آخر يفجّرُ مبنىً مليئاً بالنّاسِ الأبرياء , إذ أنَّ تطوّرَ دافعَ القتلِ و رغبتهِ سيكونُ لهُ الطّريقَ نفسهُ لدى الاثنين - قد يجدُ أنَّ الانسانَ القاتِلَ يُعاني من تحوّلٍ مُذهلٍ في السّلوك و في وعيهِ بذاتهِ و العالمِ من حولِه .
كنتُ تبحّرتُ مرّةً في ذلكَ الموضوع من خلال علم السّلوك البشريّ , أحد الاشياء المُثيرة كانَت مقارنةٌ بينَ الانسانِ و الحيوانِ في مسألةِ القتل , فبينما يقومُ الذّئبُ بالاقتتالِ مع آخرٍ لأجلِ أنثى أو زعامةٍ , فيهزمَ احدهما الآخر , و يقومُ الذّئبُ المهزومُ برفعِ قوائمهِ و اظهارِ المنطقةِ الأكثرِ خطورةً على رقبتهِ حيثُ يمكنُ للذّئبِ الآخر امساكهُ منها و قتلهُ في لحظة , " يعفو " الذّئبُ المنتصرُ عليه و يتركهُ ليذهب , إذ أنّها اشارةٌ بالاعترافِ بقوّته , في نفسِ الوقتِ لا يقومُ الانسانُ المدفوعُ للقتل بالتّراجع , إذ أنَّ القتل يتحوّلُ لديهِ إلى هاجسٍ لا يستطيعُ الخلاصَ منه , و قد قامَ العلماءُ بدراسةِ الاشاراتِ الكهربائيّة في الدّماغ لدى القتلةِ أثناءَ روايتهم لجرائمهم و اكتشفوا تراجعَ النّشاطِ الكهربائي للجزء الاماميّ للدّماغ المسؤول عن التّصرفاتِ المسؤولة و السّلوك السّويّ لدى الانسان .
و هذا قد يُفسّرُ أيضاً طلبَ ماكفاي للمثلّجات بينما تنتظرهُ حقنةٌ سامّةٌ في الغرفةِ المجاورة .
عبد العزيز ,
شُكراً للاختلاف المُضيءِ دائماً .