منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - محمد عابد الجابري
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-29-2006, 09:50 PM   #16
سلطان ربيع

كاتب

مؤسس

افتراضي


يمكن القول بصفة عامة إن اقتصاد العولمة يتجاهل الأخلاق إن لم يكن يتنكر لها. لقد ظهر ذلك واضحا في المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي انعقد بسنغافورة في ديسمبر 1996، حيث رفضت معظم الوفود مناقشة قضية تشغيل 250 مليون طفل في العالم، أغلبهم بين السادسة والرابعة عشرة من أعمارهم. وقد انتهت المناقشات في هذا الموضوع بالمناداة بضرورة "الفصل بين التجارة والسوق، وبين معايير العمل والقيم الثقافية والاجتماعية".
نحن إذن أمام تنكر صريح للجانب الأخلاقي وللتعاليم الدينية، في ميدان العولمة الاقتصادية. يجب إذن "حافظ المال" والاقتصاد من هذا الاتجاه الخطير الذي يكرس مبدأ المال من أجل المال. ومن هنا ضرورة التفكير في صياغة أخلاق للعولمة يطلب لها الإلزام من ثقافة السلام.
5 ـ حفظ الدين: وحفظ الدين من منظور ثقافة السلام يقتضي أولا وقبل كل شيء حفظ المنطلق الذي انطلقنا منه: أعني كون الديانات السماوية إنما تقصد إلى مصلحة الناس. ومن هنا يكون حفظ الدين معناه حفظ الضرورات الأربع السابقة: حفظ النفس والعقل والنسل والمال. وهكذا فإذا كنا قد وضعنا حفظ الدين في المرتبة الخامسة فمن أجل أن نجعل من الضرورات الأربع الأولى موضوعا له، وهل يهدف حفظ الدين إلى شيء آخر غير حفظ النفس والعقل والمال والنسل وما تفرع عن ذلك؟
ولكي يقوم الدين بوظيفته هذه يجب حفظه من داء الغلو والتطرف: التطرف في الدين يلغي وظيفة الدين التي هي حفظ المصالح ويجر إلى توظيفه في غير ما وضع له، بل إلى استعماله ضد النفس والعقل والنسل والمال.
تلك في نظرنا هي القيم الأساسية المشتركة بين الديانات السماوية الثلاثة والتي يمكن انطلاقا منها تشييد ثقافة للسلام، تضمن السلام للإنسان مع نفسه ومع نسله وجيرانه، وتضمن للشعوب والأمم السلام والعيش المشترك في إطار من التعاون والتضامن.
وأخيرا، دعوني أؤكد: ثقافة السلام هي، أولا وقبل كل شيء، ثقافة للسلام مع الله، وبالتالي فهي ثقافة للسلام مع خلقه، أفرادا وجماعات، ثقافة ضد التطرف سواء بدافع القوة الغاشمة، قوة السلاح وأساليب الهيمنة، أو باسم الدين، أعني ادعاء احتكار حقيقته". انتهى.
كنت أنتظر أن يتجه المتدخلون من الديانات الأخرى في مناقشاتهم هذا الاتجاه، لكن الذي حصل كان شيئا آخر. لقد تحدث كل طرف عن دينه حديث الدعاة، فكانت النتيجة أن انتهت الندوة كما بدأت، كل يغنى على ليلاه.
المسلمات والأفكار المتلقاة
* س: لنعد إلى ‬الكتاب لنسأل: ألم* ‬يتملككم،* ‬أثناء بحثكم ودراستكم لموضوع التعريف بالقرآن،* ‬هاجس الخوض في* ‬أشياء تعاكس المسلَّمات لدى* ‬غالبية المسلمين‬؟
* ج- ‬المسلمات الإيمانية لا* ‬يمكن أن تمس،* ‬وهي* ‬معلومة ومحددة في* ‬القرآن‬،* ‬أما المسلمات التي* ‬أسميتها* أنا من قبل بـ"‬الأفكار المتلقاة"* ‬فيجب أن تناقش*.‬ المسلمات التي* ‬أناقش هي* ‬المسلمات المتعلقة بالفهم،* ‬فحينما كتبت عن موضوع "‬أمية الرسول" (ص)* ‬صدرت بعض ردود الفعل تجاه ما قلته عن معنى "أمي" وكنت قد أوضحت كيف أن هذا اللفظ لا يعني بالضرورة "الذي لا يعرف القراءة والكتابة"، وأوردت روايات ووقائع تفيد أن النبي عليه السلام كان يعرف الكتابة والقراءة. وقد* ‬صعب على بعضهم تقبل ذلك*.‬
المشكل هو أن بعض الناس ‬يتحدث انطلاقا من الأفكار المتلقاة،* ‬وهذه عوائق إيبستيمولوجية، عوائق معرفية. فالناس الذين* ‬يفهمون عبارة "‬النبي* ‬الأمي" على ‬أنها تعني* ‬النبي* ‬الذي* ‬لا* ‬يحسن القراءة ولا الكتابة،* ‬إنما يبنون فهمهم على ما تلقوه وليس على ما بحثوا فيه*.‬ وعندما رأيت بعضهم، من الجزيرة العربية، يتعصب للأفكار المتلقاة قلت في نفسي إن مثل هؤلاء لا ينفع معهم إلا ما هو من جنس "وداوني بالتي كانت هي الداء"، فأتيت بنص لابن تيمية يشرح فيه أن لفظ "الأمي" في القرآن هو نسبة إلى الأمة، والمقصود أمة العرب، حينذاك سكتت الأصوات!
الأمية ليست شرطا في النبوة ولا أحد كمالاتها
* س: ‬إذا سمحت،* ‬في* ‬الكتاب حرصتم على توضيح هذه العوائق،* ‬وقلتم إن* "العوائق عندما تتصل بالمقدس تصبح مقدسة*".‬ وأوضحتم أن المشكل هو هذه الأفكار المتلقاة"**. ‬لكن القول إن النبي* ‬لم* ‬يكن أميا بمعنى أنه كان* ‬يعرف الكتابة والقراءة قول ‬يعاكس رأي* ‬الغالبية التي* ‬ترى أن معجزة القرآن هي صدوره عن نبي* ‬لم* ‬يكن* ‬يعرف القراءة والكتابة.‬
* ج: ‬الذين* ‬يقولون بأمية الرسول * -‬كما ذكرت*- ‬ يريدون أن* ‬يثبتوا أن القرآن معجزة لأنه جاء من نبي* ‬أمي* ‬لا* ‬يعرف الكتابة والقراءة. *‬وهذا في نظري تفكير خطأ، لأن الأمية ليست شرطا في النبوة، ثم إن النبوة من الكمالات التي ليس بعدها كمال آخر بالنسبة للبشر، والأمية ليست جزءا من الكمال ولا صفة له. هذا من جهة ومن جهة أخرى فمعجزة نبينا معروفة وهي القرآن الكريم، الذي لا يمكن أن يقلده ويأتي بمثله لا من هو يجهل القراءة والكتابة ولا من هو لا يعرفهما، وقد تحدى العرب كتابا وغير كتاب أن يأتوا بمثله فلم يفعلوا *.‬وكما قلت في الكتاب فإنه لا* ‬يمكن لأحد اليوم أن* ‬يقلد قصائد نزار قباني أو غيره من المبدعين في الشعر أو غيره، لأن الإبداع أصالة لا تقليد*.‬ والقرآن أعلى مراتب البلاغة والبيان والإبداع...
مسألة البسملة ... والفاتحة
* س: ‬دائما في* ‬إطار الحديث عن الأفكار المتلقاة:* ‬حين* ‬يقرأ أحدهم أن "باسم الله الرحمان الرحيم" ليست من القرآن؟* ‬أعتقد أنه لن* ‬يتقبل الأمر بسهولة*..‬
* ج: ‬مثل هؤلاء فهموا خطأ.* ‬أنا قلت إن البسملة لم ترد في* ‬كل سورة كآية من آياتها. لقد شرحت كيف أن النبي* ‬(ص) كان يرشد كتاب الوحي إلى السور التي يجب أن توضع فيها كل آية نزلت،* ‬فيقول مثلا ضعوا هذه الآية أو الآيات في سورة البقرة أو في* ‬سورة الرعد وهكذا... ‬وعند جمع القرآن زمن عثمان عمدوا إلى الفصل بين سورة وأخرى بوضع "‬بسم الله الرحمان الرحيم"‬، بينهما حتى لا تختلط السور. وهكذا فـ *"‬بسم الله الرحمان الرحيم"* ‬ليست آية في كل سورة، هي علامة فصل، ولكنها جزء من آية من القرآن وذلك في قصة سليمان مع الملكة بلقيس بسورة الكهف (أية 30).‬ هذا هو الرأي الذي عليه غالبية المفسرين والمشتغلين ب "علوم القرآن".
* س: ‬إذا سمحتم فالحديث عن البسملة واضح،* ‬لكن السؤال* ‬يتعلق ب-"الفاتحة"* ‬"أم الكتاب"* ‬و"السبع المثاني"* ‬التي* ‬أوردتم في* ‬الكتاب أن مصحف ابن مسعود ومصحف أبي* ‬بن كعب لا* ‬يتضمنانها وأن الأول كان* ‬يعتبرها دعاء وليست وحيا؟
ج: ابن مسعود كان* ‬يعتقد أن المعوذتين هما دعاء كان النبي يتعوذ به* .. ‬أما الفاتحة فقد نزلت كسورة من سور القرآن. ويقال إن النبي (ص) هو الذي سماها فاتحة الكتاب. هناك من يقول إنها مكية وآخرون يقولون إنها مدنية وبعضهم قال نزل قسم منها في مكة وقسم آخر في المدينة، فالمسألة موضوع خلاف* .‬‬أما في جدول ترتيب السور حسب النزول فتحتل المرتبة الخامسة.
حول ما نسب للسيدة عائشة
* س: ‬لكن حين تذكرون في* ‬الكتاب مثلا،* ‬أن السيدة عائشة* -‬التي* ‬نعرف أن الرسول أمر بأخذ نصف الدين عنها* - ‬قالت إن نصف سورة الأحزاب أكلته نعجة*.‬
* ج: ‬أولا* ‬بخصوص السيدة عائشة* ‬والقول إن النبي* ‬أمر بأخذ نصف الدين عنها،* ‬أرى أن المسألة فيها نظر. أنا أعتقد أن هذا "الحديث" هو حديث سياسي* ‬بالدرجة الأولى ولذلك أضعه بين قوسين*.‬ لقد ضخم بعضهم دور السيدة عائشة في رواية الحديث، ولا يستبعد أن يكون للجانب السياسي دور في ذلك، فقد شاركت في حرب الجمل بين علي من جهة وطلحة والزبير من جهة أخرى وكانت إلى جانب هذين راكبة الجمل، فسميت تلك الحرب بحرب "الجمل". ولا بد أن يكون لتضخيم الشيعة لدور فاطمة بنت النبي وزوجة علي وأم الحسن والحسين دور في تضخيم خصوم الشيعة لدور عائشة. ‬وأهل السنة والشيعة* ‬يعرفون ذلك جيدا*.‬
السيدة عائشة بنت الخليفة أبي بكر الصديق،* ‬وقد خطبها الرسول(‬ص)، بعد وفاة خديجة،* ‬وعمرها حوالي *سبع سنوات وبنى عليها في التاسعة أو الثانية عشرة من عمرها حسب الروايات،* وقد توفي الرسول عليه السلام وهي* ‬في* ‬حدود الثامنة عشرة من عمرها،* ‬بمعنى أنها لازمت النبي (ص) كزوجة ‬لمدة* ‬6* ‬سنوات،* ‬فكيف* ‬يعقل أن* ‬يروى عنها كل ذلك العدد الهائل من الأحاديث؟ أما حديث "خذوا من عائشة نصف دينكم" ففيه نظر خاص من جهة أن القرآن لا يشهد له بالصحة. فالقرآن قد كمل نزوله والنبي على قيد الحياة، وفيه الدين كله. والسنة النبوية، بما فيها الحديث، مبينة لما يحتاج فيه إلى بيان. وهذا "الحديث" ليس فيه بيان لشيء من القرآن، وبالتالي فهو موضوع شك كبير.
الإسلام ليس مثل المسيحية التي* ‬لها أربعة كتب (أناجيل) كل منها يروي جانبا من جوانب حياة المسيح وتعاليمه.* ‬الإسلام قرآن ونبي،* ‬النبي* ‬مات فانتهى،* ‬وبقي* ‬القرآن الذي* ‬قال الرسول عنه ما معناه: تركت فيكم ما لا تضلون به من بعدي:* ‬كتاب الله. وقد أضيفت عبارات مختلفة إلى هذا الحديث هي موضوع نظر.
حول ما قيل إنه سقط من القرآن
* س: ‬لكن الحديث عن آيات لم تدرج في المصحف،* ‬وآيات ضاعت، ‬مثلا *آية ‬الشيخ والشيخة، وآيات تعتمدها الشيعة ولا* ‬يعتمدها أهل السنة، فهل نحن أمام قرآن * ‬غير مدون،* ‬وقرآن مدون؟
* ج: ‬لقد فصلت القول في* ‬ هذه المسائل.* ‬لقد أوردت روايات لأهل السنة* ‬تقول بـ"سقوط" آيات،* ‬وأوردت آراء لبعض الشيعة* ‬تقول بحذف أو إضافة أشياء وقلت إن المراجع الشيعية المعاصرة تنفي أن يكون في القرآن المنزل زيادة أو نقصان، وأن ما قيل في هذا الموضوع هو من التأويل وليس من التنزيل. وقد ناقشت روايات هؤلاء وأولئك. ثم طرحت المسألة من وجهة تاريخية موضوعية *فلاحظت أولا أنه إذا كان* ‬من الممكن فعلا أن تكون هناك آيات ضاعت،* ‬فإنها ستكون من القرآن المكي،* ‬لأن الإسلام في المرحلة المكية عاش عشر سنين من الاضطهاد* ‬أدت إلى هجرة الرسول والمسلمين نحو المدينة في ظروف صعبة،* ‬ولا بد أن تكون هذه الظروف قد فرضت صعوبات كبيرة في* ‬"تهريب" صحائف القرآن* ‬نحو المدينة.. وبالتالي فإذا كانت هناك أشياء ضاعت،* ‬فيجب أن تكون من القرآن المكي* ‬الذي* ‬يتضمن سورا طوالا* .. ‬لكن لا أحد* ‬يتحدث عن آية أو سورة أو أي شيء ضاع من القرآن المكي.* ‬فإذا كان القرآن المكي* ‬لم* ‬يضع منه شيء،* ‬والإسلام يعاني من ‬تلك الظروف القاسية،* ‬فلماذا سيكون الضياع من القرآن المدني* ‬الذي* ‬نزل في* ‬عهد الدولة،* عهد الاستقرار.* ‬منطقيا* ‬يجب أن* ‬يكون العكس*.‬
لذلك أقول إن ما يمكن أن يكون قد حصل، بالنسبة لسورة الأحزاب وسورة براءة، هو أن بعض الذين جمعوا القرآن في سور ثم في مصحف على عهد عثمان ربما أخطئوا ووضعوا مجموعة من الآيات في* ‬سورة ،* ‬بينما قرأها آخر من قبل في* ‬سورة أخرى، فوجدها الذين قرءوا السورة الأولى ناقصة في حين أنها مذكورة في سورة أخرى*.‬
أما احتمال الحذف المقصود لأية أو آيات ‬فإن مثل هذا القصد، إن وجد، لا* ‬يمكن إلا أن* ‬يكون قصدا سياسيا،* ‬والقصد السياسي* ‬على هذا المستوى* ‬وبهذا المعنى مستبعد تماما خلال تلك الفترة*.‬ ذلك أننا عندما نبحث في* ‬سورة الأحزاب أو في براءة،* وبهما * ‬يتعلق السؤال ،* ‬فإننا نجد موضوعاتهما معروفة قد تناولتها سور أخرى، وما تمتازان به هو ما فيهما من نوع من "‬النقد". في* ‬سورة الأحزاب هناك انتقاد للمنافقين والمتقاعسين بشأن* ‬غزوة الخندق، *أما ‬في* ‬براءة فهناك انتقاد كبير للمسلمين بخصوص الاستعداد لحرب* "‬تبوك*"‬،* ‬وقد شرحت ذلك كله وبتفصيل في كتابي *"نقد العقل السياسي"، وإذن فالسؤال هو ما الذي* ‬يمكن أن* ‬يكون قد ضاع منها بقصد سياسي،* ‬مادامت السورتان قد مارستا نقدا صريحا لا مزيد عليه. ‬ربما* ‬يمكن القول إن هناك حديثا عن المعاهدات مع المشركين التي أشارت إليها سورة براءة ولم تذكر تفاصيلها. ولكن هذا مجرد تخمين ولا شيء يبرر ضياع ذلك بقصد سياسي.
القرآن* ‬يبقى هو هو،* ‬لأنه بعد موت النبي (ص) مباشرة،* ‬اجتمع المسلمون في* ‬سقيفة بني* ‬ساعدة* ‬يتداولون حول الخلافة،* ‬ولا واحد من المتخاصمين استشهد بآية من القرآن لصالحه : ‬المهاجرون دفعوا بأنهم الأقوياء وأصل الدعوة، والأنصار دفعوا بأنهم هم من قاموا بإيواء المهاجرين* .. ‬وبالتالي* ‬كان ميزان القوى هو* ‬محور النقاش*. ‬
وعندما وقعت حرب الجمل* ‬لم يتهم أحد خصمه بتحريف القرآن، وكذلك الشأن في حرب صفين. ‬حينما وقعت صفين، بين علي ومعاوية.
تحدثت عن التفاصيل في* ‬الكتاب،* ‬لأن البحث العلمي* ‬يقتضي* ‬ذلك،* ‬ولأن الناس* ‬يجب أن* ‬يعرفوا فعلا ما وقع*.‬
* س: ‬هناك آية الشيخ والشيخة التي* ‬طالب عمر بإضافتها فلم يقبل منه ذلك لكونه كان وحده ولا شاهد معه، وزيد بن ثابت جامع القرآن كان قد اشترك شاهدين اثنين لقبول القرآن، ‬وهناك * "‬سورة النورين"‬ و"سورة الولاية*" ‬اللتان* ‬يقرهما بعض الشيعة.* ‬لكن السؤال هو حول اعتمادك هنا على موقع أنترنيت كمصدر*.‬
* ج: بالنسبة لآية الشيخ والشيخة لم أعتمد فيها ولا فيما قيل حولها على موقع في الإنترنيت بل اعتمدت على كتب التفسير وفي مقدمتها القرطبي كما هو منصوص عليه في الكتاب. أما بخوص السورتين المذكورتين فالمصدر الشيعي الذي اعتمدت عليه معروف والقضية معروفة وقد حكيت تفاصيلها. نعم يجب أن لا يعتمد الإنسان اعتمادا أعمى على ما ينشر في الانترنيت، وأنا لا أعتمد مثل هذا الاعتماد حتى على ما هو مسطور على الورق ومطبوع. لابد من النقد والاحتياط. الموقع معروف،* ‬وصاحبه معروف،* ‬كل ما هناك،* ‬هو أنني* ‬عوض أن أتجشم مشاق البحث عن كتاب أصبح مغمورا و نادرا وتم إخفاؤه، ومادام الكتاب موجودا في* ‬موقع للأنترنيت،* ‬فلماذا لا أتعامل معه؟* ‬المهم هو أن لا أحد* ‬يستطيع أن* ‬ينفي* ‬وجوده ولم يطعن في مضمونه أحد.
فخ وقع فيه بعضهم في القاهرة
أما الضجة التي أثيرت في مصر خاصة حول مقالي "ما قيل إنه سقط أو رفع من القرآن" فهي نتيجة فخ منصوب بقصد وقع فيه بعضهم. ذلك أن إحدى الفضائيات العربية أخذت المقال ووضعته على موقعها الإلكتروني* ‬وقد أخذت جريدة من مصر نفس المقالة ونشرته وسألت بعض الأزهريين حولها،* ‬فكانت ردودهم مختلفة*، وكثير منهم لم يقرأ المقال، وجميعهم لم ينتظر تتمة الموضوع في المقالات اللاحقة. هذه القضية استغلت لأغراض إشهارية وربما تشهيرية أيضا ولغرض في نفس يعقوب لا ضرورة للخوض فيه. ولابد من الإشارة إلى أن كثيرين قد نظروا إلى المسألة من زاوية أن المقالة تنتمي إلى البحث العلمي *.‬
*"التحريف" مصطلح له معنى خاص
س: ‬هناك تقديم في* ‬أحد المواقع جاء فيه ما* ‬يلي ‬"فجر الدكتور محمد عابد الجابري* (…) ‬مفاجأة بقوله إن القرآن وقع به بعض التحريف وأن علماء الإسلام السنة اعترفوا بذلك"*.‬
* ج: ‬المشكلة هنا هو الحديث عن التحريف دون معرفة معناه كمصطلح من مصطلحات علوم القرآن. بعض ‬الناس* ‬يقرؤون القرآن،* ‬أو مصطلحات القرآن ‬كما* ‬يقرؤون الجريدة.* ‬التحريف هنا ليس بالمعنى ‬"القدحي"* ‬كما في اللغة اليومية الآن*.‬
ما هو التحريف؟ هناك حديث نبوي تكرره كتب الحديث وكتب التفسير ونصه "نزل القرآن على سبعة أحرف"*،* ‬ومن معاني "الحرف" في اللغة طرف الشيء وجانبه،* ‬والتحريف* ‬بهذا المعنى يعني* ‬الميل إلى * ‬هذه الجهة أو تلك*.‬
هناك من* ‬ينطق القاف* ‬"گاف"* ‬أو* ‬"همزة " ‬وهناك من* ‬يقول* ‬"إئت"* ‬عوض "تعال"*‬،* ‬وقد أوردت هذه المعاني في الكتاب*.‬ الفقهاء* ‬يعرفون معنى التحريف هنا،* ‬وهو على كل حال لا* ‬يعني* ‬التزوير كما قد* ‬يفهم عامة الناس.
الشك هو طريق اليقين .. والخلخلة ضرورية
* س: ‬في* ‬هذا الاتجاه،* ‬وبالنسبة للقاري البسيط الذي* ‬يريد الإطلاع على هذا الكتاب،* ‬والذي* ‬أصيب ربما بصدمة أو خوف نظرا لبعض النقاشات التي* ‬أثارتها بعض مضامين الكتاب،*‬ كيف* ‬يمكن لقارئ بسيط أن* ‬يتناول الكتاب؟
* ج: ‬قلنا مرارا،* ‬إن الكتابة في* ‬التراث،* ‬بعد قرون طويلة من الجمود والتقليد،* ‬هي* ‬اليوم في* ‬حاجة إلى خلخلة*.‬ نعرف أن الشك ضروري،* ‬وهو بمعنى النظرة النقدية وقد نوه به الجاحظ والغزالي وغيرهما حتى قيل ديكارت الذي* ‬اشتهر بمنهجه الشكي. وقد تردد كثيرا في تراثنا أن من لم يشك لا سبيل له إلى اليقين.
الشك هو طريق اليقين،* ‬يجب أن* ‬يمارس الناس الشك.* ‬يجب أن تحدث خلخلة في* ‬التعاطي* ‬مع قضايانا،* ‬هل محكوم علينا أن نظل دائما رهائن لِمَا يسمى بـ* "‬إيمان العجائز*"‬ سواء في* ‬علاقتنا بالله أو بالناس* .. ‬أو بالتاريخ؟
هذا هو الدور الذي* ‬يجب القيام به،* ‬وهو ما أقصده بالخلخلة،* ‬أي* ‬نشر الحقائق التي تزعزع التقليد والجمود على الأفكار المتلقاة. ‬وأنا متأكد أنه لن* ‬يكون باستطاعة أحد أن* ‬يكذبني* ‬في* ‬الحقائق التي* ‬أقدمها وفي* ‬البحث العلمي* ‬الذي* ‬أقوم به،* ‬سواء في* ‬هذا الكتاب أو في* ‬الكتب التي* ‬سبقته*.‬ لكني أعرف أن الحقيقة تصدم فعلا.
الشيعة والسنة ... والكنيسة والبابا
* س: ‬مسألة الشيعة* ‬والسنة من المسائل التي* ‬حكمت الكثير من النقاشات في* ‬تاريخ العالم الإسلامي.* ‬الصراع بين الشيعة والسنة،* ‬هل محكوم بالأبدية بدوره ‬؟
* ج: من ‬المعروف منذ زمن أن العراق، ولنقل على الأقل منذ عصر العباسيين بعد عهد الأمين والمأمون،* ‬صار الشيعة والسنة شيئا واحدا،* ‬من الناحية الاجتماعية تزاوجوا وتصاهروا* ‬بمعنى أنه لم تكن هناك قطيعة ولا حرب. كان ‬هناك بعض التوترات،* ‬لكنها تتطور تتطور إلى حرب.* ‬الحرب* ‬بدأت تظهر مع هذه التطورات السياسية التي* ‬وقعت مؤخرا هناك،* ‬والتي* ‬تزيد من اشتعال الفتنة بينهما،* ‬لكن الأكيد أنها ستنتهي.* ‬الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت والحروب الدينية في* ‬أوروبا* ‬استمرت مائة سنة،* ‬لكنها انتهت. أما في *التاريخ الإسلامي،* ‬فلم تكن هناك حروب دينية بهذا المعنى.
س: الآن سنتحدث عن المشروع الذي* ‬لم تنجزه بعد،* ‬أقصد نقد العقل الأوروبي،* ‬لأقول إنه هناك ربما اختلاف بين السياقين، فالعقل الأوروبي* ‬ليس هو العقل العربي* ‬*…‬
* ج: ‬الأمر مختلف فعلا،* ‬في* ‬الغرب كانت هناك الكنيسة،* ‬والكنيسة كانت دولة ولها مصالح وأراض الخ، ‬هناك اختلاف كبير في* ‬المعطيات الواقعية *…‬
* س: ‬بمعنى أن الصراع الذي* ‬انتهى عندهم قد لا* ‬ينتهي* ‬عندنا*..‬
* ج: ‬لا،* ‬لم* ‬ينته الصراع*..‬
* س: ‬على الأقل هناك الآن القبول بالاختلاف *..‬
* ج: ‬لا،* ‬ليس هناك شيء من هذا،* ‬ما حدث هو أن الأمور انتهت باعتماد *"‬اللائكية*" ‬وتخلي* ‬الكنيسة عن السلطة*.‬ الكنيسة* ‬يمكنها التخلي* ‬عن السلطة،* ‬لأن الكنيسة شيء مشخص* .. ‬أما الإسلام فليس فيه كنيسة،* ‬الإسلام كدين هو علاقة شخصية بين الإنسان وربه*…‬
خذ خطاب البابا الأخير مثلا،* ‬والذي* ‬قمت بالرد عليه في* ‬مقالات متعددة.* ‬في* ‬ذلك الخطاب،* ‬لم* ‬يترك البابا أحدا* .. ‬سكت عن الأرثوذكس واعتبرهم * ‬غير موجودين،* ‬مع أن لهم* ‬كنائس مهمة،* ‬وسكت عن البروتستانت واعتبرهم* ‬غير موجودين،* ‬مس اليهود*.. ‬وبمعنى آخر،* ‬فالبابا وحده هو الموجود،* ‬ولهذا انتقده الجميع

 

التوقيع

[OVERLINE]"عمر الرجل كما يشعر، وعمر المرأة كما تبدو "

مثل فرنسي
[/OVERLINE]

سلطان ربيع غير متصل   رد مع اقتباس