الصورة المقلوبة : قصة قصيرة جِداً ،، رُبما
أطل بـ نصف رأسي من النافذة .. وأحدى عينيّ مُعَلقّة بـ باب المَنزل ،، يَدخل هو بـ سَيارته وتَتبعه عيني بعد أن أحكمت إغلاق البَاب خَلفه .. قبل أن يفتح باب سيارته ، يطفئ صوت أصاله الصاخب ,, ويطفئ معها أحاديث روحه التي رافقته طوال رحلة طريق عودته من العمل ،، يربك المنزل وتزرع خَطاه أشجار فرح رغم همومه المُتكدسة في أحد أدراج القلب .. يَتذمر من الغَداء الذي أعددته العَامله الفلبينيه ، بالرغم من أنها طباخة ماهرة .. فقط ليثير الجدل معها .. يَسأل عَن أخر أَخبار إخوته ويهتم بإحتياجاتِهم ،، ولا ينسى أن يَتفقد وَجه أُمه المُتعب بـ أحمال المنزل بعد أن عادت من العمل هي الأخرى ،، يهم بتقبيل رأسها المغطى بـ قبعة عسكرية ،،حتى يختبر رضاها عنه هذا اليوم ،، ويَسألها مُمازحاً عَن رَصيدها فِي البنك بالرغم من أنه يعلم جَيداً كم هو رصيدها .. لأنه يَعمل مُحاسباً في البنك الذي تتعامل معه أمه .. لـ تَرد عليه إخته الصَغيرة وهي تعبث بجوال أمها : (( صفر عـ الشمال طبعاً )) .. والأم صَامته تماماً هذا اليوم على غير عادتها .. ويستغرب عدم مشاركتها لهما الحديث .. يَتوجه نَظره إلى زاويه مهجورة فِي غُرفة أمه ، حَيث صورة أبيه الذي لا يعرف أخباره منذ إسبوعين ، وَجَدها مَقلوبه .. مَقلوبة بالشَكل الذي جعل رُوحه تَنتعل الأَرض بعدما كانت مُحلقة .. فَكر كَثيراً قَبل أَن يَسأل أُمه ..(( مَن الذي قلب الصورة ولما ؟؟ )) أَخذ يُرتب أَنفاسه لـ تتناسب مع جَدية السؤال وَمَلامح أُمه هذا اليوم ، أظهر إِيماءاً لـ أختِه الصَغيرة بإتجاه الصورة ،، إرتعدت أُخته مِن شَكل أَبيها وَهُو مَقلوب ، ثم إِِنتبه إلى أَخر تَمتَمات أُمه وهي تَحمل بَـ يدها وَرقة يَبدوا عَليها رَسمية .. وتَقول : (( هَكذا هُو أبيكم ، لََم أجده مُعتدلاً قط .. و هذه الورقة أخر هداياه )) ..
ووحدها عيني الأخرى من قلبت الصورة .. لنراها بوضوح ..