منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - محمود درويش : [ أفندي ]
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-17-2008, 01:57 PM   #2
تركي الحربي

شاعر و كاتب

مؤسس

افتراضي




(محمود درويش) وثقافية التَّبنِّي عبدالرحمن صالح العشماوي



حينما اطلعت على (التَّبنِّي) الكامل من قبل (الثقافية) في هذه الجريدة للشاعر محمود درويش تساءلت: لماذا تبقى ثقافتنا في هذه البلاد جداراً قصيراً أمام الثقافات الأخرى في أذهان بعض أدبائنا وكتابنا؟ أليست لنا سمات ثقافية مستقلَّة نركض بها في ساحات الثقافة العالمية بملامحنا المتميِّزة، وسماتنا الخاصَّة؟ وحينما عزمت على كتابة هذه السطور، أبعدت عن ذهني خاطراً خطر به يقول: لربما تردَّد رئيس التحرير في نشر سطورك هذه لأن الموضوع يتعلَّق بملحقٍ في جريدته، أبعدت هذا الخاطر لأني أعلم أنَّ مساحة الرأي في جريدتنا تستوعب مثل هذا الاختلاف.وحينما خطر ببالي خاطر آخر يقول: ربما يغضب منك زملاؤك في الجريدة الذين يشرفون على الثقافية، أبعدته أيضاً لأنني أحسن بهم الظنَّ، وأعرف أن كلمة الحق لا تغضب أهل الثقافة والرأي. (محمود درويش) شاعر عربي فلسطيني، وهو شاعر معروف، وأدواته الشعرية واضحة في دواوينه وقصائده التي خدمت إعلامياً حتى غدت شائعة معروفة، وحديثي هنا ليس حديثاً نقدياً أدبياً، وإنما هو وقفة مناصحة لثقافيتنا تتعلق بمسألة (تبنِّي) الشعراء والأدباء الذين يختلفون مع سمات ثقافة المسلم المرتبطة بدينه، المنبثقة من التصوُّر الإسلامي للحياة كلها، والفرق كبير كما نعلم بين نشر شيء من إنتاج الشاعر المجيد، وبين تبنِّي ذلك الشاعر، وتخصيص عددٍ مشحونٍ بالتمجيد والمدح والاحتفالية المبالغ فيها، وهنا مربط القلم. فنحن لا نصادر إنتاج الآخرين، ولا نُلغي شاعرية الشاعر، وإبداع المبدع، وليس ذلك من سجايا من يعرف معنى فنّية الأدب، ولكننا نؤمن بالاستقلالية، وندعو إلى شخصية ثقافية متميزة بمراعاتها لتعاليم الدين، وضوابط الشرع، مع توافر كلِّ أساليب الإبداع الفنّي التي تفتح أبوابها لكل أديبٍ وشاعر. هل نسي المادحون لمحمود درويش مَدْحاً شبْهَ مطلق أنَّ في معجمه الشعري ما يصادم ثوابت ديننا؟ وهل يليق بنا أن نقدِّمه لأجيالنا الناشئة بهذه الصورة من الاحتفالية الصارخة، والتَّبنِّي المكشوف؟ ولماذا نفعل هذا مع شاعرٍ له تاريخ فكري لا ينسجم مع فكرنا وثقافتنا؟ أسئلة كثيرة تحتاج من أدبائنا ومثقفينا إلى وقفة متأنّية، فنحن نربأ بأنفسنا أن نستصغر أدبنا وثقافتنا وفكرنا إلى درجة نشعر معها أنَّ التَّبنِّي لبعض المشاهير دليلٌ على تطوُّرنا الأدبي، وجواز سفرٍ لنا إلى ساحة الأدب العالمية. (محمود درويش) يصادمنا حين يقول: (نامي فعين الله نائمة عنَّا)، وحين يقول: (عساني أصير إلهاً.. إلهاً أصير)، وحين يقول: (عيونك شوكة في القلب توجعُني.. وأعبُدها)، وحين يقول: (إنْ خُلِقْنَا غَلْطَةً في غفلةِ الزمان)، وحين يقول: (أمس عاتبنا الدَّوالي والقَمَرْ.. والليالي والقَدَرْ) وحين يقول: (مثلما يدَّعي القَدَر) وحين يقول: (أبي من أجلها صلَّى وصام إلهاً راكعاً لغبار رجليها) وحين يقول: ( فعسى صليبي صهوةً، وعسايَ آخر من يقول). أستغفر الله من كلِّ ما قال من العبارات الكثيرة جداً في شعره التي تناقض عبارات توحيد الله، وتنزيهه، والإيمان بالقدر خيره وشرِّه، والإيمان بأكذوبة صَلْب المسيح عليه السلام.نحن هنا نتوقف، وهنا ننصح، وهنا نتساءل: هل سيستمر هذا المنهج في الاحتفال المبالغ فيه بأمثال محمود درويش؟ ألا يحق لنا في هذه البلاد الطاهرة أن يكون لنا سَمْتٌ ثقافي أدبيٌّ واضح المعالم، لا يجامل أحداً، ولا يركض وراء كلِّ بريقٍ قادم من وراء الحدود؟ نحن مع الانفتاح الثقافي الواعي، الذي لا يُلغي شخصيتنا الأدبية الثقافية، ولا يشعر غيرنا بأننا نتصاغر أمام إبداعهم وثقافتهم.إنَّه عتاب المحب الحريص على ثقافة وطنه العزيز الذي يحمل لواء ثقافة إسلامية واعية مستوعبة تتشامخ بمبادئها، وتفيد وتستفيد، وتقول رأيها صريحاً واضحاً في محافل الأدب ومهرجانات الثقافة، وإني على يقين بأنَّ ثقافية الجزيرة، وكلَّ من كتبوا عن محمود درويش ممجِّدين مادحين يقدِّرون معنى هذا العتاب، وينأون بما كتبته عن أيِّ تأويلٍ يخرج به عن حدِّه الصحيح، ولفظه الصريح. إشارة: عذراً (محمود درويش) فنحن نرفض قولك: (وأن النساء على كل معصيةٍ قادرات.. وبرَّأْنَ عائشةً من ظنونِ عليّ). ونستغفر الله كثيراً حين نقرأ شيئاً من شعرك.




دفق قلم ، زاويه للدكتور عبدالرحمن العشماوي في جريدة الجزيرة


 

تركي الحربي غير متصل   رد مع اقتباس