منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - غــوايــة
الموضوع: غــوايــة
عرض مشاركة واحدة
قديم 07-16-2008, 08:28 PM   #1
د. منال عبدالرحمن
( كاتبة )

الصورة الرمزية د. منال عبدالرحمن

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 460

د. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعةد. منال عبدالرحمن لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي غــوايــة


:

[ أصابعك قريبةٌ منّي ، تحوطني من كلِّ جانب ، كأصابعِ طفلٍ صغيرٍ حول نحلةٍ ملوّنة : تريدها وتخشاها ولا تطلقها ولا تمسكها ولكنها تنبض معها .. ] **


مفاجأة ...

أن يطلّ وجهكَ من بين غماماتِ السّهرِ المُلتصقِ على أجفان ليالي ذاكرتي , و هي تتستّرُ على وحدتها , كمايتستّرُ عاشقٌ مراهقٌ على براءةِ طفولتِهِ قبلَ القُبلةِ الأولى ...

أن اجدكَ بين حروفي في أوّل الأسطرِ و في خاتمةِ العبارات و نهاياتِ الحكاياتِ الصّغيرةِ , الّتي ما ملّت تدوّنُ تاريخَ حصادِ سنابلِ الانتظار منذُ أكثرَ من عمرينِ و قلق ..

مفاجأة ..

أن تجدني على صدركَ سنونوةً مهاجرةً من مجاهلِ الحقيقةِ حتّى تخومِ الأحلامِ ,تكفرُ بدفءِ الأولى و تتدثّرُّ ببردِ غيابكَ حدّ اندماجِ الظِّلال ..

أن تطاردني بينَ دهاليزِ اشتياقكَ لربيعِ القصائدِ الهاربة , كغزالةٍ وعدت أن تعودَ ذاتَ ربيعٍ و لم تفعل !!


مفاجأة ...

أن نجدنا كمقعدٍ حزينٍ في حديقةِ الأفراحِ السّرية , و أن نستطبعَ وحدَنا إعلانَ اندماجنا أمامَ حفيفِ الأوراقِ المتهامسة ..

أن نرمي معاً آخر قطرةِ حبرٍ للرّيح و نقرّرّ أن نعيشَ جنوننا بذاتِ رغبتنا الأولى في المشي تحتَ المطر , في أن تعانقنا أيادي نهر مدينتي الصّغيرة ,
في أن نمسح بأكمامِ أملنا مصابيحَ ذاكرتنا واحداً تلو الآخر , علّنا نحظى بأمنية اللقاء ..

:

[ أؤمن بك كما يؤمن الأصيل بالوطن والتقي بالله والصّوفي بالغيب . لا كما يؤمن الرجل بالمرأة! ] **


و ألتقيني بكَ كعشبةٍ سحريّةٍ بينَ يديّ عطارٍ قديم , كموعدٍ مؤجّلٍ عجّلت به لهفةُ الرّياحِ لبعثرةِ كثبانِ المكابرة ..

كطفلينِ التقيا للمرّةِ الأولى و في يدِ كلٍّ منهما لعبةُ الآخر , و حلوى لاثنين خبآها لعيدٍ مُنتظر ..

ألتقيني بكَ كما تلتقي الأزهار ذرّاتِ غبارِ الطّلعِ و تؤجّلَ ثمرَها -عن عبث - لشتاءٍ آخر , لبردٍ جديدٍ قد يعصفُ بأطرافها المتكوّمةِ حولكَ حدّ الانصهار ..

فقط .. حينَ أشعرُ أن لا أبجديّةً فرعونيّةً قادرةً على وصفِ لعناتِ الانتظار المسجّاةِ على أطرافِ نهرٍ أسمر ,
و لا حروفَ منحوتةً بصبرِ الأيادي الأولى على أعمدةِ الوعودِ القديمة ..

فقط حينها , أمدُّ شفتيَّ نحوَ صدركَ و أصنعُ من صوتي جسراً , لا علاقةَ لهُ بطعمِ الهزائمِ و حُرقة الانتصارات ,
و أمشي على أطرافِ وجعي , ألملمُ ضجيجَ فرحي بك لئلّا أوقظَ نبضي المبحوح ..
و ألتقيك .

:

[ سأترك شعري مبتلا حتى أجفّفه على شفتيك . ] **



و تمدُّ يديكَ إلى رئاتِ الخريفَ , لتلقطَ لنا صنوبرةً وحيدةً لأجلها نغفرُ اصفرارَ الغياب , و بها يتنشرُ الأوكسجينَ في واحاتِ الوقتِ المغروسِ كنصلٍ حزين ..


تهمسُ كضوءِ أوّل صباحاتِ الصّيف للزّوابع , للأحجار الملّونة , للأصداف , لأعشاشِ العصافيرِ الصّغيرةِ الرّمادية , لقوس قزح و لحظاتِ الحب و الرّياح المعاكسة لكلّ السّفن ,

تهمسُ للياسميناتِ الحزينات بموعدِ المساءاتِ الطّويلة , بأسرارِ اللّيالي الهاربة , و بحكايةِ الأميرِ الصّغير الّذي أحبّ من الوريدِ إلى الوريد !

تنقشُ وجهكَ فوقَ رقعةِ فرحٍ و تلّفها حولَ يديك , لتقلبَ بها كلّ قوانينِ الأزمنةِ الحالمة و الاحلامِ المُزمنة , و تجعلَ من الثّواني الهزيلة خطىً تجمعُ رمالَ العمرِ المتسرّبةِ في كفِّ نخلةٍ عذراء ..

:

[هل العصافير
رسائل الغيوم المتوحّدة إلى النّاس ؟

أم أنّ العصافير ,
صرخةُ الغيمةِ قبلَ أن تذوبَ عشقاً فتصيرَ مطراً ؟ ] *

و ربّما كنتَ أنت , رسالةَ الماءِ لغرقِ القصائدِ الحزينة و انهمارِ الشلّالاتِ المقيّدة , و انحباس الدموع في مآقي الفرحِ و الرّغبة ..

و كانَ غيابكَ رسالةَ المنفى لوطنٍ يتربّصُ بالانتماء , و يعدُ السّماءَ بقوافلَ من الصّرخاتِ المكتومةِ كلّ رحيل ..

أو ربّما منحتكَ المجرّةُ لكواكبِ الأرقِ لتزورها كمذنّبٍ خام , لم تمّسهُ عينُ الفراق و لم تحاصرهُ أزقّةُ المستحيلات ..

و ربّما ..

كنتَ أنتَ : أنا و جناحَ عصفور ..


:


[ هل الأصداف دفاتر مذكّراتِ الغرقى
و لذا ينبتُ اللّؤلؤُ في بعضها ؟] *


يحاولُ النّسيانُ أن يُبلّلَ أوراقَ ذاكرتي , فيفشل ..

و يهيمُ على تشرّدهِ بينَ القارّات , و يبقى لتلافيفِ العتمةِ , نورُ غيابكَ و حُرقةُ حضورك !!

:


** غسّان كنفاني

* غادة السّمان

 

التوقيع

و للحريّةِ الحمراءِ بابٌ
بكلِّ يدٍ مضرّجةٍ يُدَقُّ

د. منال عبدالرحمن غير متصل   رد مع اقتباس