بينما الناس في هدأة الحياة وروتينها المعتاد المستمر بدت في الأفق لوحة بيضاء تقترب منهم رويدا رويدا مما جعلهم ينصرفون عما في أيديهم ليقفوا على سر هذه السماء البيضاء والتي قربت حتى أصبحت في مجال إبصارهم.
قال أحد المتواجدين: يا الله سماؤنا ابيضت...!
رد عليه من بجواره: يا جاهل سماؤنا زرقاء أما هذه فمزيفة...!
رد عليهم آخر: يا حمقى هذه ليست سماء وإنما هي سرب حمام أبيض...!
صاح طفل في الجمع الغفير: يا حمام سلم على احبابي...وقلده آخرون...
بينما الكبار استبشروا بهذا السرب الخير في الأيام القادمة وذلك لطهر الحمام وجماله وعدم أذيته..
وغادر الحمام مصحوبا ببكاء الأطفال وتلويحات أيدي الكبار ودعاء العجزة..
مضت الأيام وذكرى الحمام باقية في نفوس الأطفال وعقول الكبار حتى أنهم جهزوا مساحة كبيرة بصنوف شتى من الحبوب وذلك لقرب الذكرى السنوية لمرور الحمام..وفي الموعد المرتقب تجمع الناس من كل حدب وصوب لرؤية الحدث الكبير ومن بعيد بدت سحابة سوداء مظلمة اكفهرت وجوه الكبار لرؤيتها وذلك لتوجسهم الخطر من سوادها أما الأمهات فقربن الأطفال حتى يبين القادم وشيئا فشيئا بدى الوجه الكالح لغراب قذر... والذي لم يمهل الناس حتى يصحوا من الصدمة بل انهال عليهم نقرا وسلبا لكل بريق يحملونه حتى أعين الأطفال البريئة البراقة لم تسلم من فتك هذا الطاغي ورحل هذا السرب بعد أن أثخن الجراح في صفوف المجتمع كله.
وبينما السرب يغادر صاح طفل بأسى:
ياحمام السلام عد ياحمام...!
( ولن يعود إلا أن يشاء الله سبحانه..)