منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - يوميات رمضانيـة / قايد الحربي
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2006, 05:07 PM   #5
قايـد الحربي

مؤسس

عضو مجلس الإدارة

افتراضي


بدءٌ بلا بداية :

حقيقةً لا أعلم أول صومٍ لي .. لأنّنا بالتأكيد لن نذكر " الحرمان " بقدر ما نذكر
" العطاء " ... أيضاً لم أكن مهيئاً للصوم في الأيام التي وجب بها عليّ لأنّ تلك
الأيام بـ " طيشها و عيشها " أبعد ما تكون عن " التوقف " و لاستمرار عبثها
لن نعطي مهلةً لأي شيء أنْ يحرمنا " أي شيء "
و النون الدالة على الفاعلين هنا تعني ثلاثة " أشقياءٍ " تجمعهم مساحة أربع مئة
مترٍ مقسمةٍ إلى " بيتين " وهؤلاء الثلاثة لا تجمعهم مع محدثكم قرابة أبداً لكنّ
الباقي منهم " أشقّاء " أي أنّني دائماً على شفا حفرةٍ من مؤامرة و ربما هذا الأمر
جعلني فيما بعد " حريصاً " جداً و أقرأ النتائج قبل كتابتها .

المهم :
أنّنا ثلاثة لا يمكن إغراؤنا بالصوم ونحن الفَرِحون بقدومه لأنّه يعطينا فرصة
" الممارسة " بعيداً عن أعين الصائمين النائمة المتعبة لا سيما وأنّ رمضان في تلك
الأيام لا يأتي إلا عندما " تطبخ " الشمس أرضنا .
أمّا " الممارسات " فهي تبدأ بأكل ما خُصّص لرمضان –بغير رضا- و لا تنتهي عند
ما لا خُصّص لغيره نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

:

كان لرمضان مذاقه الخاص في تلك الأيام وربما كان لـ ليله ما يزرع البهجة في
شوارعه وفوانيسه ورائحة الشوارع التي مازالت محتفظةً ببقايا " الطبخ " تجعل
من شهيّتك أبواباً لن تغلق وحركةً لن تستكين .

كان لكرة القدم في ليل رمضان ما يكفيها من الركل لأعوامٍ عدة وحقيقةً لم أكن
لاعباً جيداً لأنّني لم أحرص على كرة القدم التي كان رمضان لوحده مُدرباً جيداً
لها ولقرب منازلنا من الأسواق والدكاكين المتنوعة تجارتها كنتُ أفضّل
و هؤلاء الأشقياء التسكع هناك ورؤية الأشياء الجديدة والغريبة معاً .. مع أنّ
المسيطر على الأسواق في تلك الأيام هم أشقاؤنا اليمنيون والذين يتميزون بغضبهم
السريع جداً ... ونحن في ذلك العمر لن يتوقع صاحب الدكان منّا إلا " اللعب " وهو
غنيٌّ عن هذا ليقوم بعد ذلك بطردنا من المحل وحرماننا هوايتنا المفضلة " الفرجة "

كان " إبراهيم " وهو الأخ الأصغر لـ " حسين " نحيلاً جداً وخفيف الحركة ومسببٌ
لكل ضربٍ تلقيناه في تلك الأيام لأنّ باستطاعته كما يُقال : " أنْ يـسرق الكحل من العين "
ولن تقف استطاعته عند هذا الحد ، بل وأشك أنّ باستطاعته تجاوز سيارةٍ مسرعة وهو
على قدميه وهذا ما أفتقده أنا و حسين لنكن بأيدي من تسبب " إبراهيم " في لحاقه لنا
مشكلته أنّه لا يكف عن ذلك حتى في رمضان مما أجبرنا على التخفي عنه لكنّنا نتفاجأ
به خلفنا .
أذكر أنّه وفي ليلةٍ من ليال رمضان قمنا أنا وحسين بمحاولة التخفي عنه والذهاب
إلى الدكاكين القريبة للتمشية والفرجة و إذ نحن في أحد الدكاكين إلا وإبراهيم معنا
لنستقبله بابتسامةٍ لا تخلو من " الحرج و الخبث " معاً ...
لم نتأخر في الدكان وخرجنا مستعدين " لمواله و لومه " عن سبب هروبنا عنه إلا أنّه
لم يغنّي مواله ولم يشكِ لومه وعندما ابتعدنا عن المحل إلى تأكده من سماع صاحبه لصوته
وإذا به يصرخ لصاحب المحل بما في يده و يهرب و وقفت أنا وحسين لفترةٍ قصيرة غير
مصدقين ما حدث أو لا نعلم ما يجب أنْ يحدث لكنّنا بنظرةٍ بسيطة فهمنا بعضنا البعض
وركضنا خلف إبراهيم الذي أصبح بعيداً جداً و يهدر خلفنا صوت صاحب المحل بالشتائم
و ما ساء من القول
في تلك اللحظة أيقنتُ بسقوطي و حسين في يده كما أيقنتُ بنجاة إبراهيم منه وأنّه لم يفعل ذلك
إلا عقاباً لنا على تخفينا عنه .
ونحن في سباقٍ مع الأرض و النبض لم أشعر أنا وحسين إلا بمرور صاحب الدكان من جانبنا
متجاوزاً كتفي الأيسر وكتف حسين الأيمن ولم يكلّف نفسه بأقل شي : أنْ يمد يده وقد تجاوزنا
إلى من بيده " السرقة "
عندها بدأتْ خطواتنا بالبطء المتدرج و تصاحبه نظرةُ استغرابٍ مستمرة بيني وبين حسين
بأنّنا كيف نجونا أو كيف سننجو لاحقاً وهذه سرعتنا !!
المهم أنّنا نجونا ونجى " إبراهيم " من فعلته و أعلنا له الطاعة بعدم تكرار ذهابنا دون إبلاغه .

 


التعديل الأخير تم بواسطة قايـد الحربي ; 10-03-2006 الساعة 05:13 PM.

قايـد الحربي غير متصل   رد مع اقتباس