منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - لاعبُ الشّطرنج .. ذو الابتسامة
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-05-2008, 04:19 PM   #1
تركي الحربي

شاعر و كاتب

مؤسس

الصورة الرمزية تركي الحربي

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 13698

تركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعةتركي الحربي لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي لاعبُ الشّطرنج .. ذو الابتسامة



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لم أشرب معه كأسَ نبيذٍ
ولم نجتمع على حبِ امرأةٍ
لم نتواعد لنخرج في نزهةٍ عبر الحقولِ
ولم نشتبك في مناقشة سياسية
كنتُ الأجنبيَّ الوحيدَ
الذي دخل بيته الرِّيفيَّ
وكان أوَّلَ من علَّمني كلمةً سيئةَ السُّمعة
في لغته الأم.


ابن سلالة الفلاحين
النَّازحة من المجهول
إلى المجهول
المكرمش الوجه
ذو الابتسامة
والأحفاد الذين ألْهتهم الحياةُ
ظللتُ أضحكه ليلة أمس
حتى أتعبتُ قلبَهُ المُنهك
خبطَ المائدة ثلاث مراتٍ بقبضته المضمومة
وسرحَ بعينيه المضبَّبتين بالدموع
خارج الشُّرفة.


ابن السِّنين
الرِّبعة ذو الظهر المحْني
حكى لنا وهْو يقهقه كمسطولٍ
كيف أسره عساكر "هتلر"
وسحبوه عُنوةً إلى خرائب ألمانيا
كان عليه أن يحرسَ ثكْناتهم في الليلِ
ويقصَّ على زملائه مغامراته العاطفيَّة في قريته البعيدة
كلَّ صبحْ
سألني فجأةً عن عمري
وحين رددتُ عليه، تنهَّد بحرقةٍ:
"آهٍ ... يا ابن الذي لم يأتِ بعد"!


بكْرُ أُمِّه
مربِّي الصَّبارَ
والأغنيات الشَّعبية المرتجلة
خاضَ حربين طويلتين
وسيجارته معلقةٌ بين شفتيه
كساريةٍ
شربَ كؤوس خمرٍ
تكفي لتغييب مدينةٍ بأكملها
وظلَّ يقظاً لمعاركة الأجانبِ في الحاناتِ الليليةِ
صوناً لكرامته
شربَ السَّجائرَ الأمريكية المهرَّبة مع الأتراكِ الأجلافِ
في ضواحي موسكو القديمة
وشاغبَ جيرانه في المناسبات
بخبثٍ ومحبَّة
تلصَّصَ على مفاتن صديقات رفاقه في الحرب
بخجلِ فلاحٍ
وظلَّ وفياً للصَّبايا الفلمنكيات اللواتي تركهنَّ معلقات وراءه
كعاشقٍ

ربَّى أطفاله الثَّلاثة على حبِّ المسيحِ
وبثَّ فيهم كراهية الكنيسة
بدأب راهبٍ.


البحَّارُ
لاعبُ الشّطرنج
ماتَ وهْوَ نائمٌ في فراشه
لم تقتله مطواةُ سكِّيرٍ في حانةٍ ساحليةٍ
ولم تثقبُ قلبَه رصاصةُ غدرْ

لا امرأة شرختْ قلبه بهجرٍ
ولا دهستْهُ سيارةٌ طائشةٌ
على الطريقْ.

كان يحاولُ أنْ يلفَّ ذراعه حول امرأته
حين انحشر الهواءُ في رئتيه
وتوقَّفَ عن الدوران
الدوران الذي استمر في قفصه الصَّدري
اثنين وثمانين عاماً
توقَّفَ فجأةً
لترتسم ابتسامةٌ هازئةٌ على شفتيه المزمومتين
ويموتْ.

كان يضحكُ
فتظهر أسنانُهُ الصِّناعية
بيضاءَ ومصفوفةْ
وحين كان يشردُ في البعيدِ
كنت أرقبُ عينيه الزرقاوين بفضولٍ
فألمحُ - في كلِّ مرةٍ –
طيفَ سحابةٍ شفافةٍ
تمرُّ خلسةً
في بؤبؤيه.

عِماد فُؤادْ

 

تركي الحربي غير متصل   رد مع اقتباس