ألق .. اقرأي هذا أيتها الرقيقة .
دونَك أنا في عبث , أعترف لكِ مثلما يعترف المحكوم أخيراً بجريمة لم يرتكبها وهو في طوق المشنقة , كي يبرر لنفسه نهاية لا يريدها .
أنا أعرف أنك لن تعودي إلى هنا , كنت أعرف ذلك منذ البدء , تماماً حين كنتِ, بذكائكِ الذي يخونكِ عندما تكذبين , تقولين لي كم سيكون مستقبل علاقتنا مستقراً .. وكنتُ أبكي بتلك الدموع المراوغة ( التي لا تُرى ) مرتين : مرّةً لأنّك ستمضين ومرّة لأنك تشكّين برأسي .
وكيف حالكِ الآن؟ كم صار سُمك الغبار الذي راكمته لندن فوق وجهي؟ أمّا أنتِ فقد دخلتِ إلى عروقي وانتهى الأمر , إنّه لمن الصعب أن أشفى منكِ .
لقد كانت رسائلكِ رائعة وحادّة , حمّلني عذابكِ ولؤمكِ ثقل المسؤولية والشّعور بالذنب ةلكن ذلك لم يكن له علاقة بالاقتناع : إنني أريدك وأحبك وأشتهيكِ وأحترمكِ وأقدّس حرفك .. ولستُ اقبل تلوين ذلك بأيّ طلاء أو وضعه في صيغ التحفّظ . لا لستُ عاجزاً عن إعطاء أكثر مما أعطيت ولكنّكِ دائما - أنتِ - التي كنتِ عاجزةً عن الأخذ . *
من رسائل غسان كنفاني
إلى غادة السّمان .