ثمان أعوام تمرّ كغزل الحصى من سجّادة الموانىء, كل عامٍ ينسلخ من عضد الجسد هيئة جديدة , يتداخل فيّ الحزن كسحرٍ متّقد الذِروة .. والأنفاس باردةٌ كسهمٍ مسموم لا يستنده جدار حتّى يموت , عند ذات الفراغ الملُقى في ركن الكون الفسيح , تجدني وربيبات الفكر مسارح فوضويَّة , قدريَّة , مشغولة بالاعتراض على كلّ ما سبق من فتنة تآكل فيها العمر إراقة , رواقنا معبَّد بالإنفعالات المرضية والجسورة في تعاطي الأحداث بكلّ ألوان الهجر الإنسيَّة .. والقلب لا يجد موطنا ً لرقعة أخرى يدسّ فيها خيباته المتبقّية سوى لسان يمحق بالصمت الرفيع تكالبه !
السجن في الذّات مربكٌ حدّ الوحدة الجانية , مثمر بالانثيالات النفسيَّة الحارة , مغدور بقهر لا يجد فيه غير تورية وتسويف للأمل , وثمر مجدك المعانق للسحاب في الرأس يتخلَّله خريف لا فصل بعده , فالوقت زحامٌ والفراغ اسطول الإنتظار .
يكفينا من الأرض أن تداعب صحوة الرّوح ساعة استذكار أخرويّ , نتفكَّك فيها على حسب الأعمال , نوازن المقت الذي ينبجس من فيح الفؤاد , نبصر الحال ويبصرنا المآل , والانشودة التي ترتفع ما زالت متّصلة بالرجاء , بالقدرة الوحيدة المرابطة على اليقين