منتديات أبعاد أدبية - عرض مشاركة واحدة - حديث الغمام
الموضوع: حديث الغمام
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2007, 07:04 AM   #4
عبدالله الدوسري
( كاتب )

الصورة الرمزية عبدالله الدوسري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 51

عبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعةعبدالله الدوسري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


( 3 )



* الخيانة *



بدت السماء غامضة في مولد المغيب ،، انخفضت الأصوات في نغمة حزينة موحية بالختام ،،



لم يقل شيئا ً ذي بال ،، أو هذا ما بدا له !! ،،



فمنذ عرفها احترف الانفصام الشخصي حتى أتقنه ،،



ولكنها سرعان ما اغرورقت عيناها ،، رغم ضبطها لمشاعرها وكراهيتها أن تبكي أمامه ،، اغرورقت عيناها ،،



وببصر مائع نظرت إليه وقالت : جئت إلى هنا مع صديقتي ،، فلمحتك صدفة ،،


فقال : لماذا إذن هذه الدموع ،، ألم نتفق على اللقاء غدا ؟! ،،



أرادت أن تقول شيئا ولكن الصوت تعثر في حلقها ،،


أما هو فتابع حديثه قائلا : لدي الآن اجتماع عمل ،، والجميع ينتظرني هناك ،،


ولكنها أمسكت بذراعه وأشارت إلى طاولة قريبة وكأنما تدعوه للجلوس ،،



ليست هذه هي المرة الأولى التي تبكي أمامه ،، لسبب أو بدون سبب ،،


ولذلك نظر إلى آخر طاولة في المقهى فاطمأن بأن المسافة إليها تحجب حتما الرؤية !!،،



جلس وهو ينظر إليها ،، فقال في نفسه : لكم أكره أن أراك مكسورة ،، يغدو حينها مذاق الدنيا كالتراب



* * *



تذكر طاولة العشاء الجانبية حين رآها لأول مره ،، تشد عينيه بقوة ليست بلا سبب ،، توقظ مشاعر نائمة وتنبه أحاسيس مدفونة في الضباب ،،



سمرة رائقة نقيه ،، عينان لوزيتان دعجاوان ،، وبريقهما المضئ المفعم بالنبض والاقتحام ،،


التقت عيناهما مرة ولكنه لم يقرأ فيهما المعنى الذي يتلهف عليه ،، إنها تقف منه موقفا ً حياديا ً في الظاهر ولكنها تخاطب أعماقه بألف لسان ،،



فقال لنفسه حينها : لا شك أن وراء هذه القشرة الناعمة الصامتة اللا مبالية مدينة مسحورة ،،


لم يشأ أن يجردها في خياله من ثيابها ،، وهي عادة مزمنة لم تفارقه ،، فتجريدها غير مجد لأن سحرها لا يستقر في موضع بالذات ،، شائع كضوء القمر ،، وبه جانب مجهول تتعلق به الآمال ،،




نسي المحيطين به من أصدقاء ،، في عينيها رأى الليالي المعربدة بأنغامها الجنونية ،، وهي وإن لم تبتسم إلا أن عينيها عكستا نظرة راضيه موحية كأرض خصبه لم تزرع بعد ،، وكلما وجد فرصة آمنه حدج الفتاة بنظرة فتتلقاها بالرضا الهادئ المثير للطموح بلا دليل ،، ولكنه أصر على محاصرتها متحررا من الكبرياء والخجل كما كان في الرحم



بدت في أول موعد لهما باقة من عبير لطيف يدعو إلى استباحة الأسرار ،، أن تتحقق أحلام لم تخطر بالبال هو ما يطمّع في المستحيل ،، وآمن بأن هذه الفتاة من معدن يخلق النشوات ،،



قال لها : الحياة جميلة وأنت زهرتها



وعرف بعد جملته تلك ،، مسرات الحياة بلا خوف أو ندم ،،


دق قلبه باعثا ً حرارة جنونية في كافة المراكز المتلهفة ،، الجسم الصارخ والنظرة المتآمرة مع الغرائز ،، ولا شئ يعرف الصمت ،،



وحل شعور سعيد ،، فانغرست بذور التفاهم ،،


ونفسه المتمرسة تؤكد بأن طريق الحياة شاق ومحرق وطويل يحتاج إلى استراحة من الظل الظليل ،،


ومن خلال حيرة ضبابية تلتمع بوارق إغراء لا سلكية ،، وتحقق حلم الجنون في دوامة من الذهول ،، وانصهر التأمل في وقدة طاغية ،، وسبحت موجة من النار في الظلمة الدامسة ،، واستحكمت لحظات من الفناء المطلق فالتهمت الماضي والحاضر والمستقبل ،، هي ساذجة بقدر ما هي فتاكة بقدر ما هي لذة طاغية




هي فتاة لم تعرف رائحة الرجل من قبل ولكنها بين يديه باتت أنثى عاشقة ،،


أحيانا ً يجري المرء وراء غاية معينه ثم يعثر في الطريق على شئ ما يلبث أن يؤمن بأنه الغاية الحقيقية ،،



كان يصف لها حبه ذات مره ،،


فقالت بصراحة فاتنة : كلامك جميل ،، ومن ناحيتي فأنا لا أتصور الحياة بدونك !! ،،



فقال بنشوة غريبة : ما أجملك ،، ما أجمل الحب ،، هو الحب الذي يشدني إليك يوما ً بعد يوم ،، وهو الذي يكمن وراء كل كلمة من كلماتي إليك ،، اسمه لم يجر على لساني قبل الساعة ولولاه ما كان ثمة مبرر أو معنى لأي كلمة قلتها



لعنة الله على الكذب ،، لذلك دائما يفقد حديثها الصادق معناه في نفسه كأنه الصمت ،،



وكان يخاطب أعماقه معنفا : إذا مضيتُ في الأكاذيب فسوف أجن ،، لم َ أضعف أمام الحقيقة بالرغم من أني قاتلت حتى أوشكت أن أقتل ،،


قل لها الحقيقة ،،


آه ،، ستصرخ من الفزع وينطفئ شعاع عينيها الذي يلهم الحب ،، لقد حرمت من كل شئ حتى نعمة اليأس



ولكنه قال : اعترف لك بأنني لا أجد لحياتي معنى ً إلا عند اللقاء ،،



ابتسمت وقالت بفطرتها العذبة : الحق أني لا أنقطع عن التفكير في مستقبلنا ،،



عاتب في باطنه الأشياء التي تقف أمامها بالمرصاد ،،


عاتبها على توانيها في امتلاكه والسيطرة عليه ،،


وعلى هزائمها غير العادلة أمام عدوتها التي لا تعلم عنها ،، أنت ِ المسئولة عما سيقع ،،



فقال وهو يداعب وجنتيها : دعينا لا نفكر إلا في حبنا ،،



اختفت الدنيا وقتلت البراءة ،، لا شئ سوى ملمس الحرير ورائحة الصمت الآخذ في الاستفحال ،،



العزاء الحقيقي تجود به عندما تعزف الأنفاس المترددة ألحانا ً من الغايات ،، عندما يسود النسيان المطلق الأرض والأفلاك وأي شئ عداها ،، ويحذر قلبه بـأنها لو أرادت أن تتخذ منك أسيرا ً فعلى الدنيا السلام ،، فهي الجحيم إذا سيطرت



يسأل نفسه أحيانا هل يحبها حقا ؟! ،، فيجيب بأنها غذاء دسم وراحة أبديه ،، لا كالعذاب الذي يخلفه الاستسلام للعادات والتقاليد والواجبات مع الأخرى ،،



وحتى مع الأخرى ،، يسهد متفكرا ً حتى مطلع الفجر ،، ويتذكر أبيه وعمه فلا يملك إلا الدعاء لهما بالرحمة ولنفسه بالمغفرة ،، وينظر إلى المسكينة التي ترقد بجانبه ويقول عن مآسي السيطرة أستطيع أن أحكي عشرات القصص ،، ولكن ماذا لو انقلب السحر على الساحر !! ،،



فالحياة بدون الحب لا طعم لها ،، غثيان ،، فتور كالرماد ،، ودون ذلك الجنون والدم ،، والعذاب والدناءة والخيانة ،، يا لبشاعة هذه الكلمة



* * *



جاء النادل وقال : ماذا أحضر لكما يا سيدي ؟! ،،


فأجاب : لا شئ ،، سنجلس قليلا فقط ،،



كم من هموم تتلاشى لو اعترف لها بكل شئ ،، هي تعطيه كل شئ صادق وهو لم يعطها إلا حزمة من الأكاذيب ،،


في محضرها ترتفع به المشاعر إلى آفاق من السعادة والأنس والصفاء ،، جاذبية لا تخمد ،، عذوبة مسيطرة لا مهرب منها كالقضاء ،، نسمة تستقر في ذروة لا يرقى إليها أي شئ ،،



اللعنة على النبضات التي تموت وهي على طرف اللسان ،، وتشكيلات السحب التي تبعث بها الرياح ،، وعصارة الألم المنصهرة وراء الأحزان ،، والسؤال الأعمى والجواب الغشوم ،،


قضي على البشر منذ قديم بأن تمضي حياتهم على الأرض معهم عند عبور عتبة الموت قبل أوانه ،، كالظل تتبعهم حاملة الأفعال والنوايا



نظر إلى السقف الذي تسبح في سمائه الأحلام الدامية وقال : اسمعيني جيدا ،، اذهبي الآن وغدا سأخبرك بأشياء لا تعرفيها عني



سمع منها همسا غير مبين كأنما تريد أن تتكلم فتمنعها غصة ،،


ثم جاء صوتها كأنما يزحف من جحر وهي تقول : تريدنا أن نفترق أليس كذلك ؟! ،، أخبرني ،، ألم تعد تحبني ؟! ،،



انصهرت أنفاسه في جو من السموم ،، ورهبة الفراق تغري بالدمع ،، أراد أن يتكلم ،،



ولكنها قالت : أيها القاسي ،، لماذا أنت محبوب ؟! ،،


فقال : أريد أن أعترف لك ،،


قاطعته قائلة : أعلم ،، لقد رأيتها هي أيضا برفقتك ،، منذ متى وأنت تخونني ؟!


قال : لم أخنك لحظة ،، ولكنها زوجتي


فقالت بلا ملامح : إذن فأنا مجرد خيانة



* * *

 

التوقيع

المتشرد

عبدالله الدوسري غير متصل   رد مع اقتباس