هنا الأردنُّ مقبرةُ الثَّقافة
وسيَّانُ الأصالةِ والسَّخافة
هُنا الموهوب يُدفنُ وهوَ حيٌّ
ويجلدُ ذاتَهُ سوطُ الحسافة
هُنا الأدباءُ تُقلى كالبطاطا
على زيتِ التَّعاملِ بالجلافة
هُنا مَنْ لا وساطةَ في يديهِ
يُعاملُ بالنَّزاهةِ والنَّظافة
ومَنْ لا ظهرَ يسندهُ أكيدٌ
يُقطَّعُ مثلَ حباتِ الكُنافة
هُنا الوزراءُ مصاصو دماءٍ
وتسرقُ بالهوادةِ واللطافة
هُنا جيبُ المواطنِ مستغلٌ
هُنا الأسعارُ أدهشتْ المسافة
هُنا سعرُ الفواكهِ مِنْ سنينٍ
يُكذِّبهُ المُصدِّقُ بالخُرافة
هُنا الشَّحاذُ يمشي دونَ ظلٍّ
ويسكنُ قربَ آلات الصِّرافة
هُنا كرشُ الغنيِّ يزيدُ حجماً
وظلُّ الشَّعبِ زالَ مِنَ النَّحافة
وأفواجُ البطالة باقتدارٍ
وراءَ الفقرِ تحتلُّ الوصافة
وأخبارُ الجرائم والضَّحايا
غَدتْ رزقاً وفيراً للصَّحافة
وأعدادُ العوانسِ والصَّبايا
كأعدادِ السَّوالفِ في مَضافة
فيا وطنَ الأيامى واليتامى
تعبتُ مِنَ التَّقشُّفِ والجَلافة
أنا لولا مكانكَ في فؤادي
وحبُّكَ فاقَ همِّي بالكثافة
لَما أشغلتُ يا وطني عيوني
وراءَ خُطى عدوِّكَ بالقِيافة
ترفَّقْ بالَّذي ما انفكَّ يوماً
يُردِّدُ دائماً "هذي السُّلافة"