منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد الإعلام (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=21)
-   -   ضرماء.. عبق تاريخ ينهار أمام « الإهمال» (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=8582)

عبدالله الراشد 12-16-2007 11:57 PM

ضرماء.. عبق تاريخ ينهار أمام « الإهمال»
 
http://www.sh-ksa.net/up/uploads/f3284b8d36.jpg




http://www.sh-ksa.net/up/uploads/acdb945724.jpg














كنت في أحضان الرياض الأسبوع الماضي في زيارة لصديق مقرب اعتقدت بأن الجلوس معه سيخلصني مما أعانيه من ضيق . صديقي اقترح ان نخرج من ضجيج الرياض وزحامها الخانق الى ضرماء . تساءلت: ما الذي يدفعنا للذهاب هناك؟ فقال: «اصبر فستذهل ممّا ستراه هناك».
بعد عشرات الكيلومترات لم تخل من الاندهاش لروعة وادي حنيفة وجمال طويق، وصلنا الى ضرماء الهادئة . شوارعها خلت من المارة رغم ان وصولنا اليها كان في كبد ساعات عصر الجمعة الماضية . سألت صديقي خالد :هل هدوء ضرماء هو ما كنت تعتقد بأنه سيذهلني؟ التفت سريعا وقال: « يا أخي اصبر لا تصير « عجول» دعنا نمر على عبدالعزير ونأخذه معنا». عبدالعزيز صديق مقرّب لصديقي المشاكس خالد وكان بمثابة الدليل في جولتنا هذه.
بعد ان جلنا في أزقة غير معبدة يكاد بعضها لا يتسع لسيارة واحدة , توجهنا الى منطقة غريبة . كوم من بيوت الطين ينهار على أنغام الإهمال .بيوت تحولت الى أوكار وحظائر للأغنام رغم احتفاظ بعضها بالجمال ورائحة عبق التاريخ النجدي الأصيل.
فتحات الجدران
صديقي قال لي عندما وصلنا الى هذه البيوت الطينية :« أرايت؟ هذا ما أردت أن يذهلك». فورا حملت الكاميرا وترجلت من السيارة بمرافقة عبدالعزيز ، ولأن الطين التصق بثوبي خفت على» الشماغ» ورميته مع العقال في زاوية المقعد الخلفي للسيارة .
ذهلت وانا أجول بين هذه البيوت دخلت أحدها من فتحة كانت على إحدى الجدران، وفي زاوية ضيقية رأيت درجا يؤدي للدور الثاني لأحد البيوت .صعدت بخوف وترقب خاصة وان الظلام كان يدهمنا أنا وعبدالعزيز في بعض الغرف، بينما خالد يستمع الى البوم موسيقى في السيارة . بالمناسبة الظلام يخيفني وهذه البيوت كانت مظلمة تماما ،رغم أننا لانزال -حين زيارتها- في منتصف العصر.
حظائر وعمال رعاة
فجأة رأيت مجموعة من العمال مع اغنامهم, حاولت الاقتراب منهم إلا أن شيخا هرما يبدو أنه سعودي أسرع إليّ بخطوات جعلتني أفكّر بالفرار من الموقع دون التقاط صورة المنظر الذي رأيته . في زاوية اخرى « دش» اختير له ان يكون بين كومة من المخلفات وبقايا بيوت مهجورة . تساءلت وأنا ارى هذا المنظر: أيوجد أحد وسط هذا الإهمال؟! حظائر خلت من البشر و تحتضن الدجاج والأغنام وعمال يهيمون بين الطين ،لدواعي الرعي وتسمين الخراف ، وربما لمآرب أخرى لا أعلمها . مزارع مسوّرة والسكون يخيم على اشجار النخيل فيها، تلك التي ماتت وهي واقفه في منظر ذكرني ببيت شعر للشاعر الأمير خالد الفيصل « يموت الشجر واقفا».
خلال جولتي بين بيوت الطين لمحت بعض المساكن الحديثة وعددا من الأطفال يلعبون ودجاجة أخافتني عند مفاجأتها لي في إحدى الحظائر.
في الجولة كنت أسأل عبدالعزير أسئلة عدة لعلّ أهمها: «لماذا يهمل هذا المكان الى هذه الدرجة ؟ . كنت ابحث عن لوحة لهيئة السياحة تشعرني بأن هذه البيوت ستحظى منها بالتفاتة لكني لم أجد إلا جدران صامته .
شاي وقهوة
بعد جولة دامت ساعة كاملة طلب منا عبدالعزيز التوجه الى منزله . كان شابا في أواخر العشرينات يتحدث بلهجة اهل نجد. اقتحمنا مجلسه ،جلب القهوة والشاي ..حضر بعض أصدقائه وجيرانه ،وبدأت سوالف « علومكم وش حالكم وضحكات لم تخل من المجاملة و الانبساط».
في تلك الجلسه عرفت أن السوالف هي السلوى الوحيدة لأهالي بعض القرى في ضرماء أو ملاحقة القنوات الفضائية فقط بل ان المحافظة لا يصلها أيّ بث لإذاعات « اف ام» رغم كونها محافظة تحتضن العديد من الخدمات الحكومية والمدارس وكلية للبنات .
جولة أخيرة ووداع
مللنا من الجلسة وتوجهنا في جولة أخرى في شوارع ضرماء وقراها شاهدت مساحات واسحه من الصحراء واستراحات خاوية وبيوت لا تقف امام ابوابها أية سيارة .
قال عبدالعزير: « معظم هذه البيوت استراحات لأشخاص من الرياض وما جوارها ، وهم عادة ما يفضلون القدوم الى ضرماء في الإجازات والمناسبات» .
خالد المشاكس والمشاغب كثيرا في تلك الرحلة ، كان هادىء الطباع في الجولة ومستغربا من حماسي لمارأيت . قررنا التوجه الى الرياض للمكوث والمبيت ،فقد بدا النوم يهاجم عيني . ودعنا عبدالعزيز وأوصلناه الى منزله .بعد الخروج من ضرماء التفت إلى خالد ،وقلت :« شكرا فقد استمتعت بهذه الرحلة وتخلصت من توتري والضغوط التي أعانيها قليلا ، وأعانني الله عليك حتى نصل الى الرياض».

ضرماء تاريخياً

تعتبر بلدة ضرماء عاصمة منطقة حوض البطين أو ما يعرف قديماً بوادي قرقرى وقاعدتها البلاد، وضرماء تحريف الاسم الحقيقي لها، فقد كانت تسمى قرماء بمعنى قرّ واستقرّ الماء في باطن أرضها ،حيث كانت تشتهر بوفرة المياه، كما أن مسماها الحالي تحول من معناها السابق نتيجة شح وندرة المياه وللضرر الناتج، فسميت ضرماء وأصبح ينطقها العامة من أهلها أضرمه، وضرماء إحدى مقاطعات اليمامة، ويؤكد ذلك المؤرخ الجغرافي ياقوت الحموي بقوله: « إذا خرج الخارج من وشم اليمامة وجعل العارض شمالاً فإنه يعلو أرضاً تسمى قرقرى (البطين) فيها قرى وزروع ونخيل كثيرة، ومن قراها قرما (ضرماء) أهـ» (1)، ومنطقة اليمامة قديمة قدم التاريخ وكذلك قراها والتي تسمى العرض أو العارض المحاطة بجبال طويق الذي يحدها من الشمال والشمال الشرقي، وكذلك من جهتي الشرق والجنوب الشرقي، ذلك المعلم الطبيعي الذي فتن الشعراء بالقمم المتمثلة في المسلات والأعمدة والأنوف (الخشوم) الساحرة وقت تساقط أشعة الشمس الخلابة والتي أجبرت الشاعر الكبير جرير للتغني بها بقوله:
تعرضت اليمامة واشمخرت
كأسياف بأيدي مصلتينا



نشر في جريدة اليوم الجمعه 5/12/1428

ريم علي 12-17-2007 06:00 AM

عبدالله
يعطيك الف عافيه على هذا التقرير

م.عبدالله الملحم 12-17-2007 05:06 PM



:
:

السمي
رائع جداً هذا التقرير

من بداية [ الإمتاع ]
إلى نهاية [ الــ ألم ]

هل من مُجيب .. ؟؟


كل سنه و أنت طيب

تقديري

:
:

لحظة 12-22-2007 05:24 PM



عبدالله الراشد ...



موضوع جميل بحق ...



شدّني وتخيلت فيه كل الممرات والطرقات


وكل ماذكرته هنا .. كنت أتمنى مشاهدة مقاطع صورية


على الأقل لتلك الممرات الضيقة ....


أذهلني مسمى قرماء وضرماء والعلاقة بينهما


شكرا ً عبدالله لمشاعرك هنا ....



دمعة في زايد

أصيله المعمري 12-23-2007 05:49 PM

الصور أعلاه
ماضي وتاريخ
جعلني أتأمله كثيراً وأنا أرى صورة فقط
كيف لو شاهدت ما شاهدته يا عبدالله . .



سردك جداً ممتع
وكأننا برفقتكم
..
.

.
عبدالله
سعيدة بتواجدك في أبعاد كثيراً
سعيدة

سلطان الدوسري 12-25-2007 04:52 AM

.
.
ياااااااه ... ماأكثر تلك " الضرماءات " ياعبدالله ..
سبق وأن مررت على تلك المواقع أتدري من أين بدأت ؟؟
من ضرماء مروراً بـ مرات و اُشيقر وانتهيت بـ شقراء فوجدت
بها مقراً لـ الإهمال الذي يُدمي القلب فقد كان معي والدي رحمه الله ..
وأخذ يحكي لي عن تلك المواقع وعن قصص كثيرة حول كل موقع لدرجة
أنه ( رحمه الله ) يذكر كل القصائد التي قيلت من أهلها في ذاك الزمن
الغابر .. فـ إستدركتُ حينها أنه لابد أن أحفظ مواقع أجدادي ولو بصور
للذاكرة فلعل الجيل الذي يأتي يعرف كيف يُحافظ على " عبق التاريخ " .
.
عبدالله .. شكراً لك بعدد نجوم السماء على هذا الطرح ..
وكل عام وانت بخير .. وسلملي عليك ..
.
.
احتراماتي

عبدالله الراشد 12-26-2007 02:05 AM

لي عودة سعدت بمروركم


الساعة الآن 10:59 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.