منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد الشعر الفصيح (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الخروج من العُزلة (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=24321)

د. طاهر عبد المجيد 06-21-2010 02:36 PM

الخروج من العُزلة
 
إلى كل أؤلئك الذين يعانون من عزلة قاتلة، واستيقظت عقولهم ذات يوم فوجدوا أنفسهم في سجون ثلاثة هي على التوالي: القدر الوراثي، والاستلاب الاجتماعي، والاستبداد السياسي.
إلى كل هؤلاء الذين يحلمون بالخلاص من هذا القهر ثلاثي الأبعاد أقدم هذه القصيدة.



الخروج من العُزلة

د. طاهر عبد المجيد


آنَ الأوانُ لأن أُغادرَ عُزلتي
وأعيش عُمْري بعدها مُتمردا

آنَ الأوانُ لفتــحِ كــل نوافذي
للشمسِ في كلِ الفصولِ مُجدَّدا

ما عدتُ أحتملُ البقاءَ كما أنا
شبحاً يخافُ من الصباحِ إذا بَدا

يومــــي كأمسي لا جديد كأنما
عَثَرَ الزمانُ به فأصبحَ مُقعـــدا

وأنا وراء الليـــل أنتظرُ الــذي
يأتي ولا يأتي ليمنحنــــي غَـــــدا

أصحو على صوتِ الطيورِ فأنتشي
وأقولُ هــل لي مثـلها أن أُنشــــدا

وأبثُ للأزهـــارِ مــــا بي ربمــا
شـعرت بأحزانــــي فبلَّلـــها النَّــدى

فتهاجــر الكلمات مـــن قلبي إلى
شفتيَّ «كالسَّلَمون» تختصرُ المدى

وهنـــاك تختتمُ اللقاء برقصـــــةٍ
هي آخر الرقصات في عرسِ الردى

لتعود من نفسِ الطريقِ صغارها
يومـــاً وتذهــبُ كل آمالـــي سُــــدى

ويفيضُ من عيني السؤالُ إلى متى
وبأي ذنــبٍ قـــــد خُلقــــتُ مُقيـــــَّدا؟

ووضعتُ في سجنٍ صغيرٍ ما لــــهُ
باب بكـــــلِ خليــــــــةٍ قـــــد شُـــيِّدا

أمشـــي إلى ذاتي وظلـــــي واقفٌ
بمكانــــهِ وكأنـــــــهُ قــد أُجهــــــدا

أَتُراهُ ضـــــاقَ بصحبتي أم أنــــهُ
يخشـــــى علـــى خطواتهِ أن تَنفدا

ما زلـــتُ أسألــــهُ ويهربُ قائلاً:
لــــم تُعطنــــي وقتاً لكـــــي أتزودا

حتى اكتشفتُ بأن ظلي لم يكـــن
ظلـــي وصوتــي لم يكن إلا صدى

وبأن شخصاً آخراً في داخلــــي
هـــو مــن يُحركنـي كثوبٍ مُرتدى

هو سجنيَ الثاني فكيف دخلتــهُ
ومتى وهل سيزورني فيه الردى؟

أم يا تُرى سيزورني فــي ثالثٍ
لما يــزلْ متربصاً بــــي كالعــدى؟

* * *
ما اعتدتُ أن أَهَبَ الحروف نقاطها
لأقـــول شيئاً واضـــحاً ومُحـــدَّدا

ما اعتدتُ أن أضعَ السؤال على فمي
أو أن أُحـــدِّق فــي المرايا جيــِّدا

ما اعتدتُ أن أُعطي الحقيقة فرصةً
أُخــرى ووقــتاً كافــياً كي تشهدا

وتركتـــها زمــــناً تُحارب وحدهــــا
عنـــي ولـــم أمـــدد لنصرتها يدا

ما اعتدتُ قبل اليـــوم قتل عواطفي
وعلــــيَّ مُنذُ الآن أن أتعـــــودا

وعلـــيَّ أن أســـعى إلـــى حُريتـــي
وأمــــوتُ مـــراتٍ إلى أن أُولدا

وأســلُ سيفَ الشـــك لا أُلقــي بـــه
حتــى أرى سيف الحقيقة مُغمدا

وأرى العقول تقــوم في محرابـــها
طـــول الليالـــي لا تكلُّ تعبُّــــدا

وتصوم حتى الموت إن هي لم تجد
إلا طعامــــاً جاهــــــزاً مسـتوردا

ولســــوف أقتحمُ القلــوب بحــــده
وأطـــارد الكلمـــات كــــــي أتأكَّدا

أن الذيــــن يُشاركـــون بثورتـــي
لن يُخلفوا – مهما جرى - لي موعدا

ضيعتُ من عمري الكثيرَ ولم يعدْ
في العمـــرِ مــا يكفي لكي أتردَّدا



د. طاهر عبد المجيد

صهيب نبهان 06-22-2010 12:15 PM

..

لله درك مِن شاعر

تصنيفك العبقري للسجون الثلاثة في حد ذاته إبداع كبير !

أحب شعرك كثيرًا فلا تحرمنا متعة الاستمتاع به

تحياتي وتقديري

..

د. طاهر عبد المجيد 06-26-2010 10:25 AM

أخي الشاعر القدير والمشرف الخبير صهيب نبهان:
أشكرك على اهتمامك الدائم بالقصائد التي أنشرها في هذا الموقع الراقي وتسعدني دائماً آراؤك التي أنتظرها بشوق لكي أقيم قصائدي من خلالها.
ولك مني كل المحبة والتقدير.

حمد الدوسري 10-22-2020 11:10 PM

سبحان الله كأني من كتبتها تمثلني قصيدتك هذه الليلة
نفس الإحساس كل بيت منها يعنيني ويفجر الشعور
لله درك كم أحب روحك الشاعرية الجميلة
تحياتي واحترامي يارفيقي 🌹

سيرين 11-04-2020 09:01 PM

شكرا لغمام تهللت به البلاغة مرددة ما اجمل الشعر بكَ
وقد جعلت من رفقته دهشة ورواء
شاعرنا المبدع د. طاهر عبد المجيد
دمت بألق

\..:34:

إيمان محمد ديب طهماز 11-05-2020 12:46 AM

المميز دائما شاعرنا د . طاهر

لطالما وقفت عاجزة عن التعبير أمام قصائدك
فكل الحروف قاصرة
و جميع التعابير مجروحة في محراب بوحك
ما أجمل ينابيعك
بارك الله بك يا طيب
ووفقك بكل الدروب

خالد صالح الحربي 11-05-2020 07:23 PM

:
ساحرٌ وكفى .
على مستوى الفكرة والمعنى والمغنى .
🌹🌹🌹

حسن زكريا اليوسف 11-28-2020 11:12 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. طاهر عبد المجيد (المشاركة 652482)
إلى كل أؤلئك الذين يعانون من عزلة قاتلة، واستيقظت عقولهم ذات يوم فوجدوا أنفسهم في سجون ثلاثة هي على التوالي: القدر الوراثي، والاستلاب الاجتماعي، والاستبداد السياسي.
إلى كل هؤلاء الذين يحلمون بالخلاص من هذا القهر ثلاثي الأبعاد أقدم هذه القصيدة.



الخروج من العُزلة

د. طاهر عبد المجيد


آنَ الأوانُ لأن أُغادرَ عُزلتي
وأعيش عُمْري بعدها مُتمردا

آنَ الأوانُ لفتــحِ كــل نوافذي
للشمسِ في كلِ الفصولِ مُجدَّدا

ما عدتُ أحتملُ البقاءَ كما أنا
شبحاً يخافُ من الصباحِ إذا بَدا

يومــــي كأمسي لا جديد كأنما
عَثَرَ الزمانُ به فأصبحَ مُقعـــدا

وأنا وراء الليـــل أنتظرُ الــذي
يأتي ولا يأتي ليمنحنــــي غَـــــدا

أصحو على صوتِ الطيورِ فأنتشي
وأقولُ هــل لي مثـلها أن أُنشــــدا

وأبثُ للأزهـــارِ مــــا بي ربمــا
شـعرت بأحزانــــي فبلَّلـــها النَّــدى

فتهاجــر الكلمات مـــن قلبي إلى
شفتيَّ «كالسَّلَمون» تختصرُ المدى

وهنـــاك تختتمُ اللقاء برقصـــــةٍ
هي آخر الرقصات في عرسِ الردى

لتعود من نفسِ الطريقِ صغارها
يومـــاً وتذهــبُ كل آمالـــي سُــــدى

ويفيضُ من عيني السؤالُ إلى متى
وبأي ذنــبٍ قـــــد خُلقــــتُ مُقيـــــَّدا؟

ووضعتُ في سجنٍ صغيرٍ ما لــــهُ
باب بكـــــلِ خليــــــــةٍ قـــــد شُـــيِّدا

أمشـــي إلى ذاتي وظلـــــي واقفٌ
بمكانــــهِ وكأنـــــــهُ قــد أُجهــــــدا

أَتُراهُ ضـــــاقَ بصحبتي أم أنــــهُ
يخشـــــى علـــى خطواتهِ أن تَنفدا

ما زلـــتُ أسألــــهُ ويهربُ قائلاً:
لــــم تُعطنــــي وقتاً لكـــــي أتزودا

حتى اكتشفتُ بأن ظلي لم يكـــن
ظلـــي وصوتــي لم يكن إلا صدى

وبأن شخصاً آخراً في داخلــــي
هـــو مــن يُحركنـي كثوبٍ مُرتدى

هو سجنيَ الثاني فكيف دخلتــهُ
ومتى وهل سيزورني فيه الردى؟

أم يا تُرى سيزورني فــي ثالثٍ
لما يــزلْ متربصاً بــــي كالعــدى؟

* * *
ما اعتدتُ أن أَهَبَ الحروف نقاطها
لأقـــول شيئاً واضـــحاً ومُحـــدَّدا

ما اعتدتُ أن أضعَ السؤال على فمي
أو أن أُحـــدِّق فــي المرايا جيــِّدا

ما اعتدتُ أن أُعطي الحقيقة فرصةً
أُخــرى ووقــتاً كافــياً كي تشهدا

وتركتـــها زمــــناً تُحارب وحدهــــا
عنـــي ولـــم أمـــدد لنصرتها يدا

ما اعتدتُ قبل اليـــوم قتل عواطفي
وعلــــيَّ مُنذُ الآن أن أتعـــــودا

وعلـــيَّ أن أســـعى إلـــى حُريتـــي
وأمــــوتُ مـــراتٍ إلى أن أُولدا

وأســلُ سيفَ الشـــك لا أُلقــي بـــه
حتــى أرى سيف الحقيقة مُغمدا

وأرى العقول تقــوم في محرابـــها
طـــول الليالـــي لا تكلُّ تعبُّــــدا

وتصوم حتى الموت إن هي لم تجد
إلا طعامــــاً جاهــــــزاً مسـتوردا

ولســــوف أقتحمُ القلــوب بحــــده
وأطـــارد الكلمـــات كــــــي أتأكَّدا

أن الذيــــن يُشاركـــون بثورتـــي
لن يُخلفوا – مهما جرى - لي موعدا

ضيعتُ من عمري الكثيرَ ولم يعدْ
في العمـــرِ مــا يكفي لكي أتردَّدا



د. طاهر عبد المجيد

أيها الطاهر
صباحك الورد

ما زلـــتُ أسألــــهُ ويهربُ قائلاً:
لــــم تُعطنــــي وقتاً لكـــــي أتزودا

حتى اكتشفتُ بأن ظلي لم يكـــن
ظلـــي وصوتــي لم يكن إلا صدى


وبأن شخصاً آخراً في داخلــــي
هـــو مــن يُحركنـي كثوبٍ مُرتدى

لو لم تقل إلا هذه الأبيات لكفتك
تلك قصيدة عصماء يا طاهر
في شعرك ثقافة تعتّق الإحساس
وروحانية تتجلى في مآقي القوافي
أنت كعادتك تغزل على نول الإبداع حلل الألق
تصفيقي
مع شهد محبتي وتسنيم تحياتي
ح س ن ز ك ر ي ا ا ل ي و س ف


الساعة الآن 12:48 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.