منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   على مئذنة (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=30887)

مريم الضاني 07-22-2012 03:13 PM

على مئذنة
 
يا مآذن المسجد النبوي، ضمّيني كذراعَي أمي، ودعيني أغفو على صدر القباب. احمليني على متن الآذان حين يصدح وينداح عبر أزقة المدينة، و روشان بيتنا القديم، ثم يسكن تحت عريش أمي . خذيني إلى شتلة نعناع زرعَتْها بيدَيْها على السطح، إلى أفياء الضحى إذ تلثم جبينها الوضّاء، إلى نفح الحنّاء من حنايا شعرها المغسول، إلى عيون الدعاء التي تنبجس من روحها ثرَّةً وتسقي سنيني بماء البَرَكة، و إلى إبريق الشاي المُحلَّى بالحنان، وصحن المعمول المحشو بالسماحة والطيبة .خذيني إلى مصحفها القديم أشمّ آثار أصابعها ودموعها وترتيلها على صفحاته، وإلى عينيها إذ تنظم لي فلَّ الرضا عقدًا، وتتوّجني ملكةً على النساء، وإذ تفرش لي أحداقها وتظلّلني بأهدابها حين يضنيني المسير في هجير الكمد . أيتها المآذن، دعيني أصلّي على هاماتك حمامةً، وأغتسل بهتان الشوق وبَرَد الحنين . دعيني أتأمل عتبةً من أعتاب المسجد، جلستُ عليها مع أمي في انتظار الصلاة، عصرَ يومٍ غائمٍ بعيدٍ ... آنذاك تركتُها وذهبتُ لأشتري مِسْبَحَةً لُؤْلُؤْيَّة بيضاء من بسطةٍ قريبة. كان الزحام شديدًا في الساحة وضللتُ طريق العودة إليها .بحثتُ عنها وناديتُها مذعورةً بصوتٍ تلاشى في ضجيج الزائرين والمارّة .بغتةً، أبصرتُ وجهها الجميل يضحك لي ويهدهد ذعري فالتصقتُ بها وصحتُ لَهِفَةً " كدتُ أتيه يا أماه وأفقدك! " فربتت عليّ مُطَمْئنةً " لن تفقديني أبدًا يا حبيبتي " . مددتُ إليها يدي بالمسبحة وقلتُ فرحةً "هذه هدية لك" ورأيت في عينيها مصابيح الجنة تتلألأ حين تهلّلَتْ قائلةً " أنتِ أغلى هدية عندي يا مريمي" . أيتها المآذن، أخبريني بِرَبِّكِ : كيف أعود إلى تلك العَتَبَة، عصر ذلك اليوم، كي أتشبّث بيدها فلا أفقدها أبدا ؟.

عبدالإله المالك 07-22-2012 04:17 PM

الله أكبر

على هذه اللغة الفارهة ...


هذا النص هو قطعة أدبية فنية راقية ..


جديرٌ باللغة العربية الفصحى أن تحتفي به .. وبكاتبته


سلمتِ يا مريمُ .. وسلم بوحك العذب


وغفر الله لوالدتكِ

مريم الضاني 07-22-2012 05:20 PM

أتعلم أخي عبد الإله بأنني حين قرأت تعليقك أصبحت حمامة تحلق في سماوات الفرح ! . ألف شكر لك لفيض نبلك وبهاء كلماتك . كنت أقول دوما ومازلت أن الكتابة غيمة تمطرني بالفرح وتطفئ حرائق حزني فالحمد لله الذي رزقني بتلك الغيمة .
جزاك الله عني خير الجزاء وجعلك في رمضان من الفائزين برضوانه آمين .

مريم الضاني 07-22-2012 05:33 PM

أخي عبد الإله : يشرفني أن أنقل تعليقك الجميل إلى صفحتي في الفيس بوك .

نادرة عبدالحي 07-22-2012 06:06 PM

تعودين إلينا يا مريم هادئة ساكنة ولكن نزيف الألم جداول تصب بنهر واسع تحملنهُ
نعيش معكِ وحشة الصباح وإشتياق للمسات لا تتكرر
دعي قلبكَ يزهر أمل لغد منتظر
مريم يا روح الربيع أزهري فالتلال عطشى بمحبتكِ

مريم الضاني 07-23-2012 03:48 AM

قلبي ممتلئ بالأمل وأنا لست متشائمة يا نادرة وكتاباتي الحزينة لا تزيدني حزنا ولا تجعلني كئيبة بل على العكس إنها تريحني حين تخرج من روحي إلى الورق ، تريحني من ألمي . الكتابة دواء جراح الكاتب والحزن وقود الإبداع منذ الأزل . شكرا عزيزتي .

سارة النمس 07-23-2012 04:22 PM

و تتشابك ضفائر الذكريات أكثر فأكثر ثم تتدلى من رؤوسنا
و تتهاوى على الأوراق البيضاء كي يُخلدها الحرف إلى الأبد
بعض الهموم أكبر منا بكثير لا يمكننا استيعابها
و بعض الحروف تخرس الوجع أو ربما تكون خير مسكن للألم
كل يوم يزداد شغفي بمتابعة حرفك يا مريم
و لي رغبة جامحة بأن أقرأ لك كتابا لم تعد هذه السطور تكفيني

صديقتك دائما .. سارة

علي آل علي 07-26-2012 10:35 PM

إنني لأسمع قعقعا لوقع البلاغة هنا
وفن زاخر يواكب مقامات الحريري بنمط حديث الرؤية
نص فخم مشبع بما هو جميل
قالب يحوي الزبرجد والزمرد والياقوت
ننتقي منه ما شاء لنا
لنعيش عيداً سعيداً
الأديبة / مريم الضاني
وما أقدس مآذن المسجد النبوي
والضريح وساحة طاهرة
تتصاعد فيها الأرواح روحانية سماوية
فيحلو لنا البقاء ما شاء لنا ذلك
بوركت وبورك قلمك الوضاء


الساعة الآن 06:07 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.