منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد المقال (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   منهجية التفكير.. (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=4081)

خالد التميمي 02-17-2007 08:46 AM

منهجية التفكير..
 
.



مقال:



تمخّضت شجرة التفّاح .. فأنجب نيوتن قانون الجاذبية ، وهوى عباس بن فرناس أرضاً فأقلعت الطائرات ، وأبدع البرت سبير في الهندسة المعمارية فغيّر معالمها صديقه هتلر ، وأضاء أديسون الشوارع فدمّرها نوبل بسلام!



وهكذا هي الحياة .. مجرّد فكرة ..
فمن نعم الله عزّوجل على البشرية أن جعل لهم مشيئةً -من بعد مشيئته- في بعض ما خصّهم به ، وهيأ لهم أسباباً تعينهم على عمار الحياة وإستمراريتها وأسند البعض الآخر لمشيته وحده عزّوجل .. فلا يكون للإنسان سلطانٌ عليه ولا أمرا سوى التسليم لأمره .. فالمطر ينزل والشمس تشرق بأمرٍ غيبيّ لا مشيئة للعبد في ذلك وجعل له مشيئة أن يتعرّض لهما أو ان يحمي نفسه منهما .. وجعل للخير والشر مقاديرا لا يعلمها الا هو سبحانه ، ومن ثم جعل للإنسان مشيئة تعلّمهما حتى يتخذ من كل منهاجٍ مسلك (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) .. وكذلك الحال هو مع التفكير فجعل الخواطر في علم الغيب تهجم على النفس تارةً من غير موعد وتسكن في خُلد القلب تارة ومن ثم تصحو من جديد .. فرحمه وجعل له مشيئة الإستطراق بين الإيجابية والسلبية وأذن له أن يصرفها العبد إن شاء أو يقدم عليها إن شاء ..

فالأفكار والخواطر لا تعترف بزمانٍ أو مكان بل هي وقرٌ في القلب ترضخ لمن وعيَ وتقتل من جهل .. وهي لا تقتصر على أمور الدنيا فحسب بل هي أمرُ متعمقٌ في الدين ايضا سواء كان ذلك بالإيجابية وما تورّثه من يقينٍ وتدبرٍ وفقه أو كان ذلك بالسلبية وما تخلّفه من إلحادٍ وشبهةٍ وعُجب! وقد ذكر الله عزّوجل الفكر والتفكر في القرآن في أكثر من موضع وحث عليه وجعله من أعظم أعمال القلوب .. فحين سئلت أم الدرداء ما كان أفضل عمل أبي الدرداء قالت: التفكّر. والتفكر هنا هو تفكراًَ في عظمة الله وآياته وهو الإستطراق الإيجابي الواجب على المسلم .. بينما نجد في الجهة المقابلة قول الله عزّوجل في الوليد بن المغيرة (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ) ما يدلّ على سلبية التفكير وأن النهاية غالباً ما تكون بسبب فكرة! ، وكما نعلم أن إبن آدم قتل أخيه من فكرة ومن ثم واراه من فكرة ايضاً ..

لذلك كان لزاماً علينا مراقبة أفكارنا وما تؤول اليه من علمٍ أو عمل فالمقولة العلمية ( الأفكار تصبح أفعالاً ، والأفعال تصبح عادات ، والعادات تصبح طباعا ، والطباع تحدد مسير حياتك ) هي مقولة واقعية 100% إن إستمر الإنسان وفق طريقة تفكيرٍ واحده من غير أن يغيّرها .. وكما هو معروف بأن التغيير يبدأ من الداخل ، وهذا مما لا شك فيه لا يجعلنا نلغي الفكرة تماماً لأن الجوارح مبنية على أمر العقل والقلب وما يركن اليهما من خاطرة ، أضف الى ذلك أن التخلص منها -الفكرة- قد يكون أمراً مذموما ايضاً كما قال مالك ابن دينار ( القلب إذا لم يكن فيه فكرة خرب‏ ) ولكن المهم هو ما تنتجه الفكرة بعد ذلك من إيجابية أو سلبية وذلك لا يكون الا بالعلم المتمثلُ بقيادة النفس لما هو محمود وردعها عن كل مذموم. فرحم الله إمرئٍ تسلّح بالعلم فغلب صراع نفسه .

أخيراً .. لا أجد ختاماً لهذا الموضوع أجمل من قول إبن القيم رحمه الله حين وصف النفس وما يعتريها من خواطر وأفعال بكلامٍ نفيس فقال: (خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى ، ولاتبقى تلك الرحى معطلة قط ، بل لابد لها من شيء يوضع فيها ، فمن الناس من تطحن رحاه حباً يخرج دقيقا ينفع به نفسه وغيره وأكثرهم يطحن رملاً وحصاً وتبناً ونحو ذلك! فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه!)




تحياتي





.

اسعد الروابة 02-17-2007 03:47 PM

خالد التميمي:

نعم وماالصراعات الدينية والفكرية سوى أن بعض الأفكار السلبية قد خرجت من بواطن عقول أناس حاولوا تشويه الحقائق , فمنهجوا أفكارهم المستحدثة واحدثوا شروخاً كبيرة في مسيرة الحقيقة ولاسيما الدينية , فالفرق التي انشقت بعد وفاة الرسول الكريم ماهي الا نتاج لافكار تم منهمجتها حسب مقتضى الحاجة وأحدثت ماأحدثت ...

كل الشكر لك على هذا الطرح المميز...

لحظة 02-17-2007 04:20 PM



اقتباس:

لذلك كان لزاماً علينا مراقبة أفكارنا وما تؤول اليه من علمٍ أو عمل

اقتباس:

وذلك لا يكون الا بالعلم المتمثلُ بقيادة النفس لما هو محمود وردعها عن كل مذموم. فرحم الله إمرئٍ تسلّح بالعلم فغلب صراع نفسه .


كثير ماتخالطنا أفكارنا فنظن بأننا نسلك الطريق الصحيح

بإلتفاتنا للعلم فقط أو للقراءة أو للأمور المتعارف عليها

أنها تبعدك عن الجهل وتوصلك إلى مراتب المتعلمين

والواعين المتفهمين ...


ولكن علم غير محاط بالدين لا يصلح أن يكون علم

فكل خطوة نخطوها يجب أن تقيد بالدين .... بعدها سنجد

أن أفكارنا وخواطرنا تتجه الإتجاه الصحيح ....

والدليل أن كثير من المتعلمين والذين وصلوا إلى مراتب

عليا من العلم ينتهون بالجنون أو بالإلحاد أو باللامنطق

فيربك من حولهم حول العلم والفكر ..


أخي خالد التميمي ..


مقال رائع ... وذا فائدة حقيقية ...

فبمقارنة بسيطة بين علماء وضعوا الدنيا أمام ناظرهم

وبين علماء جندوا فكرهم لخشية الله ... نرى نتائج مختلفة

كل الإختلاف .... فالفرق بين نتاج سلبي ونتاج إيجابي

كالفرق بين عالم وجاهل ...


أخي خالد التميمي ...


فكر واعي ومنطقي


ومقالة رائعة ... سعدت بالمرور هنا



دمعة في زايد

حمد الرحيمي 02-19-2007 08:57 PM



خالد التميمي ..



أهلاً بك وبمقالتك الأكثر من رائعة ...


بعد قراءة هذا المقال اتضح لي أن الفكرة ( إن خيراً أو شراً ) ليست بأهمية النتيجة فأنت تعول على النتائج كثيراً ...

بمعنى أن الأفكار لا تقاس إلا بنتائجها ومحاصيلها حسب فهمي ...

فهل يعني ذلك أن الفكرة السلبية / أفكار الشر ليست بذاك القدر من الأهمية ؟

برأيي أن ممارسة ( عملية التفكير لوحدها ) سواءً سلباً أو إيجاباً هي أفضل من الوصول المباشر إلى النتائج لأن في تحريك عقله / تنشيطه بعمليات تفكيرية / ذهنية سيقوده للوصول تدريجياً إلى الهدف من تفكيره ...

وكلنا يعلم أن علم الرياضيات مثلاً هو علم يعنى بالخطوات الذهنية ولا يعنى بالنتائج ...



مودتي ...

بدر عيسى 02-21-2007 08:08 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد التميمي (المشاركة 63063)
.
لذلك كان لزاماً علينا مراقبة أفكارنا وما تؤول اليه من علمٍ أو عمل فالمقولة العلمية ( الأفكار تصبح أفعالاً ، والأفعال تصبح عادات ، والعادات تصبح طباعا ، والطباع تحدد مسير حياتك ) .


أخي خالد

ما أراه حينما نصل للعادات ..
تكون المرحلة التالية .. العادات عبادات .

بالنسبة للتفكير قبل أن يكون جيد أو سيئ ..
بمجرد أن تتبنى فكره .. سيكون ذلك جيداً ،
وحينما تصل لإستبصار النتائج فأ مخير لا مسير .
حتى لو كانت هذه الفكرة (هاوية ) إلا أن ذلك يدل على أنك ..
لست جامدا .
قد يكون ذلك غريب نوعاً ما ،
ولكن مسألة تحكيم العقل في الجود والسوء تكون للمتلقي .. فقط.


العقل الجامد .. أشبه بتابوت منخور ينتظر من يوضع به .

ولك أعبق الورد.

خالد التميمي 02-25-2007 10:10 AM

.





أسعد الروابة ..
تخرج الأفكار السلبية حين لا يكون هنالك علمٌ يردعها .. بأن تمكث في الجماجم ..


أما الصراعات الدينية والفكرية فهي دلالة على الجهل أو بصورة أوضح على القراءة الأحادية من طرف دون طرف ، وهذا كفيل بأن يجعل الإنسان يناضل عن ما تعلّمه متجاهلاً أن هناك أمورٍ لم يتعلّمها بعد ، فالعلم لا يتأتى بطريقة حفظية بل هو تناولٌ كامل للموضوع من جميع أطرافه ..




شكراً لك على تواجدك الجميل .. يا أسعد

خالد التميمي 05-09-2007 08:24 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لحظة (المشاركة 63149)


علم غير محاط بالدين لا يصلح أن يكون علم




ما أجمل هذه الشاردة .. يا لحظة ..
تناولتي الموضوع بعينٍ ثالثة ..
شكراً لك على إسهابك القليل الوفير ..


تحياتي

سلطان ربيع 05-16-2007 08:46 PM

بعد هذا الطرح الراقي
أمنت بـ أن لا فكر يتناما في ذهن بارد
دون شك أو تفكير .

لك مني التقدير


الساعة الآن 01:08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.