منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد المقال (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   فاقد الشيء "يعطيه" (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=31786)

إيمان إبراهيم 01-08-2013 08:53 PM

فاقد الشيء "يعطيه"
 
هناك مثل يتغنى به الكثيرون "فاقد الشيء لا يعطيه"...
من الطبيعي أن يعطي الإنسان ما فقده وبسخاء، لأنه لم يحصل عليه ويحب رؤية غيره يتنعم به... أما من لا يعطي تكمن في داخله مشكلة لا بد من علاجها، لأنه بذلك لا يؤذي نفسه وعاطفته المحرومة فقط بل يؤذي من حوله...
فمثلاً من عاش فقيرا في صغره ثم كبر، عمل واجتهد وبنى نفسه وبعون الله تعالى الرزاق أصبح من زمرة الأغنياء، من الطبيعي هنا أنه عندما يقابل فقيراً محتاجاً أن يدر عليه مما فقد في صغره، فهو من سيشعر به وبمعاناته وحرمانه أكثر من أي انسان عادي، لأنه ختبر مشاعره. ومن غير الطبيعي أن يجرح الفقير ويستلذ في إذلاله، ويضحك من معاناته ويتكبر عليه، وهنا نرى أن الحقد تغلب عليه وأصبح يكره رؤية من يذكره بنفسه... فالحقد مرض، يمكن العلاج منه بالعطاء والسخاء وحمد الله ...
أو نرى من حرم من الحنان والعطف وعاش في عذاب تحوطه الوحدة من كل صوب، والدموع تستسهل طريقها إلى عينيه، والألم يدق قلبه، والسعادة أغلقت أبوابها في وجهه... فمن الطبيعي هنا أن يحب أطفاله ويحن عليهم ويبذل مابوسعه لرؤية السعادة ترتسم على ملامحهم ويقف حارساً كي لا يعرف الحزن طريقه إليهم... ومن غير الطبيعي أن يعاملهم كما تمت معاملته، وأن يحرمهم مما انحرم منه، وأن يتشفا برؤيتهم يتعذبون ويتألمون...
قد تؤثر الطفولة على البالغ بشكل إيجابي أو سلبي، ولا يعي الانسان أن الماضي يطرق جدران شخصيته بكل قوة ويصقلها على هواه إن هو ترك نفسه فريسة لها.
فهناك من عاش فشلاً ذريعا في صغره، وكان موصوفا دائما بعار الفشل، ورأى الازدراء في أعين من حوله، حتى تبلد قلبه، وفي يوم ما استيقظت حاسة الانتقام، وأقسم على النجاح، فعمل بجد لم يعرفه أبداً طوال سنينه، وأصبح من المعروفين الكبار، وتحت يديه الكثير من الموظفين، ولكنه وللأسف نسي أن يحمد الله تعالى الذي كان سبباً في توفيقه، وأصبح يتبختر ويتباهى بمن هم أسفل منه، ويجرح من حوله ويمارس سلطته فطغى وظلم... ناسياً أن من رفعه قادر على مسحه وإزالته!
خلقنا لنخطئ ولكن أخيرنا من اعترف بخطئه وعالج نفسه، فالظلم ظلمات، والله الجبار لا بد وأن يجبر كسر المظلوم، وأن يعاقب الظالم، فلنراقب أنفسنا، ونلومها، ونزجرها، فلا يسلط الله علينا من يتجبر علينا...
ولنغير معا المثل إلى "فاقد الشيء يعطيه"...
فالعطاء من سمة المسلم الكريم الذي يتميز برقة القلب، وهذه الرقة سببها الخوف من الله تعالى ومراقبته في تصرفاتنا وتعاملنا... فما خلقنا إلا لنتراحم ونحب بعضنا الآخر...
وهذا رسول الله عاش يتيماً محروماً من بيت إلى آخر، لم يعرف معنى للاستقرار في صغره، ولكن عطاءه لا يزال يصلنا حتى اليوم، وهو يعيش داخلنا إنساناً قبل أن يكون رسولاً...
إيمان إبراهيم

Eibrahem0@gmail.com
Twitter: @EmanIbrahem0

علي آل علي 01-08-2013 09:06 PM

هذا منطق سليم ورؤيا شاملة لحقيقة النفس وما الذي يحرّكها ويقيّدها

تحيّة لك إيمان وبارك الله في فكرك.

إيمان إبراهيم 01-09-2013 09:54 AM

تسلم أخوي علي ... وربي يتولانا برحمته ويصلح أحوالنا أجمعين ...

نادرة عبدالحي 01-09-2013 04:03 PM

مما يدل على أن الإنسان صاحب نفسية متقلبة متعددة
ففي الكثير من الحالات فاقد الشي أخذته الشماته في معاناة الأخرين
وفي الكثير الكثير من الحالات التي شهدتها كان فاقد الشئ يقدم تضحيات
حتى أنه لم يرضى بهذه التضحيات ........
الكاتبة إيمان إبراهيم هي دروس في الوعظ والإدراك والحكمة مقالاتكِ ...
ومن مدينتي التي تحت رحمة المطر منذُ خمسة ليالي لكِ محبة ....

عبدالإله المالك 01-10-2013 01:30 PM

بشر منفقا بخلف
وممسكا بتلف

تحياتي إيمان

مجاهد السهلي 01-16-2013 07:07 PM

كل الكلام جميل هنا ...

و الفرق يا إيمان بين المؤمن و غيره .. أن المؤمن يعطي و لو بعزمه على العطاء حين فقد الشيء.

و كما يقول علماء المنطق و الفسلسفة أن "الصفة" أو "الفعل" أو القدرة عليهما قد تكون موجودة بالفعل و قد تكون موجودة بالقُوَّة و المّلّكةِ ، يعني بالتهيؤ و القابلية و العزم على إنشاء تلك الصفة و إن لم تحدث منه ؛ فوصفوا المرء القابل للشجاعة بالشجاعة و إن لم يحدث منه ما يستدعي ظهور تلك الصفة من مواقف .


يحضرني قول العلامة محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان في تفسير القرءان بالقرءان عند قوله تعالى ( و إما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا معروفا).

قال ما معناه : أن المسلم يجب أن يكون لين العطاء ولو لم يقدر على العطاء ولو بالوعد بأنه لو أغناه الله سيعطي أو على الأقل يرد ردا جميلا ، و أنشد :

إن لا تكن وَرِقٌ عندي أجود بها **** للسائلين فإني ليِّنُ العودِ
لا يعدمِ السائلون الخير من خُلُقي ***** إما نوالي و إما حُسْنَ مردودي


لا حرمنا الله فوائدك أخت إيمان إبراهيم

عروب باكير 01-23-2013 02:49 PM

نعم ياإيمان ذلك ماأؤمن به أيضاً ..
فعلا إن فاقد الشيء يعطيه
تحياتي لك ولقلمك

سَارة القحطاني 02-05-2013 12:00 AM

منذ زمن وأنا أحاول أن أجد ما يثبت عدم صحة هذا المثل بالتحديد .. لأنه ببساطة من أكثر الأمثال تداولاً في مجتمعي رغم إيمان وإدراك الجميع بأنه مجرد مثل شائع ..
والأمثال الشائعة لا تعني بالضرورة أنها صالحة للإستخدام في كل مكان وزمان وتحت أي ظرف !!

إيمان , لا نضب لك مداد يا جميلة :icon20:


الساعة الآن 03:42 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.