منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   كـ الزئبقِ في محبرتي ! (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=8351)

د. منال عبدالرحمن 11-30-2007 03:55 PM

كـ الزئبقِ في محبرتي !
 
"هي" لا تدري مالّذي جاءَ بِها إلى هُنا ..

تريدُ فقط أن تثبتَ لهُ أنَّها قادرةٌ على البُكاءِ بِدونهِ .. قادرةٌ على الضَّحكِ حتّى و إن غابَ ظلّه العابث عن ذاكرتها المشحونة به !

هي لا تدخن ولكنها اشترت علبة سجائر من النوع الذي لا يحبه لتثبت له أنها قادرة على نفثه في الهواء من صدرها كما كان ينفث زفرات همومه و رغبته أمام امتدادات عينيها ..

اشترت جريدة مكتظة بالسياسة التي لا يحب ... تعلم كم يكره الجرائد .. كان يردد دوما " لن أشتري كذبهم باشتعالاتي " فالجرائد في نظره مرآة لا تعكس إلا أعين أولئك المتخمين بالسعادة الزائفة أما نحن فمجرد متلقين لسخطهم وانفعالاتهم أو أيادٍ تصفق لانتصاراتهم وخيراتهم !

ولكنها أرادت أن تثبت له كم هي قادرة على الحياة خارج دائرة تفكيره وعلى الثورة على كل اتجاهات عقله ..

ستشرب القهوة اليوم وستضع فيها الكثير من السكر كي تنسى مرارة اللون الأسود الذي أهداها إياه آخر مرة .. كي تنسى عباراته الملتفة حول عنقها كحبل مشنقة " بلا سكر ؟ .. طبعاً فأنتِ يا حبيبتي السكر ! "

ستحبُّ السّكر وستكرهه وستملأ جوفها بحلاوة السكر وتفرغه من مرارة الصبر عليه وله وبسببه !

لن تسمع اليوم موسيقى تذكّرها به .. يكفيها ضجيج أرواحهم هنا .. ستُنصت لهم وستخبرهم أن الذاكرة نقمة و أن اللامبالاة نعمة يجود بها النسيان على مُعدمي الحب !

د. منال عبدالرحمن 11-30-2007 03:57 PM

في الزّاوية المقابلة لها جلسَ رجلٌ في يده كتابٌ وقلم .. لفت نظرها حاجباه المتعانقان كطفلين هاجمهما الإعصار بغتةً وهما وحيدان .. أصاخَت السَّمع إلى تمتمات روحه ..

يقرأ كتاباً أهدته إيّاه ذات يومٍ حبيبة .. كان يقرأ حرفاً ويكتبُ أسطورة ..

وكلما مرّت كلمة الانتظار شطبها بعنفٍ من ذاكرته ثم أحاطها بدائرةٍ من أحمر دمه .. وتابع و أرقه يحتضر ..

وجهها كان يطل عليه كلما مرّ بهذيانه حرف الحاء فكان يحمل غضبه ويضربها به ثم يبكي بين يديها متوسلاً عفوها راجيا عودتها ثم تعود لذاكرته ضحكتها الموسيقية الضاربة على أوتار وجعه والمُراقة الآن على سفح جبلٍ آخر فتشتعل أوردته النافرة ويقذف حمم لامبالاته أمام الاهداء الذي طرزته يداها على أول صفحة فلا يبقى بداخله سوى رماد يشبه بقايا وجهها العالق في مخيلته !

لم يستثير هذا الرجل ذاكرتها بـ "هو " .. هذا ما أراح دموعها المنهمرة في رئتيها وأكسب ذاكرتها ثقة تزداد بالنسيان !

د. منال عبدالرحمن 11-30-2007 04:17 PM

في الجهة الأخرى وعلى مقعدٍ متشبثٍ بالأرض كذاكرة ... جلست امرأةٌ في يدها طفل رضيع .. كان صوتها أعلى من صوته الذي كان يحاول اجتذاب لهفتها الضالة إليه ..

ولكن صخب روحها كان أكثر ضجيجا .. كانت تحاول أن تستعيد نفسها التائهة بينه وبينها ..

تفكر يوم أهدت إليه حلمها الأبيض و اختارت لنفسها دفء روحه الذي وهبها أجنحة زرقاء طارت بها فوق حقول رغبتها المدفونة في صناديق اغتيال الفرح السريّة !

كان يختال بها غيمة بيضاء .. تمطر طهراً مملوئاً به .. وكانت هي لا تملّ العزف على موجاته أنشودة الحب والربيع ..
كانت تحب كثيراً نظراته المشعة بها ونظراتهم التي كانت كل لقاء تغبط سعادتهم الملونة ..
ويوم أهداها الزمن فرحة تنمو في أحشائها .. أهداها هو طعنة غيابه بلا رجعة .. وتكومت هي في حضن البكاء واستعادت حنينها في مواكب الأمومة الضالة به والمهتدية بنجم ذبذبات صوته الذي اختار السماء وطناً .. فبقيت هي بلا وطن !!

صراخ ذلك الطفل الذي ما لبث أن هدأ بمجرد أن لامست احتياجه يدا أمه المرتجفة وحنان صدرها المؤجج بألم الفقد .. ذكرها بـ" هو " , باحتجاجاته على نظراتها إن ابتعدت عنه .. برغبته في سرقتها من اهتمامها حتى به !
أوجعها ذاك الطفل وأعاد بمشرط دموعه نكأ جرحها به .. فحولت وجهها الماطر عنهما والتفتت إلى ضجيج آخر ....

هناك حيث ....

العـنود ناصر بن حميد 11-30-2007 04:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منال عبدالرحمن (المشاركة 197573)


هناك حيث ....




الترقب هنا له رائحة المطر
.
.
سأكون من المنصتين .. للغيم

http://www.moq3.com/img/up112007/LkA29923.gif


خنساء بنت المثنى 11-30-2007 09:37 PM

هو وهي وحكايا أمتدادها بحرٌ وجعٍ لا ينضب

مدهشه اخيتي

ومنصته بخشوع

مودتي وأحترامي

د. منال عبدالرحمن 12-01-2007 06:08 AM


العنود .. صديقة الروح


العزيزة خنساء بنت المثنى ..


حتماً للمطر .. بقية !


كونا بالقرب !

الشُّكر أطواق من الياسمين !

د. منال عبدالرحمن 12-01-2007 06:13 AM

هناك حيث التقت عيناها بتجاعيد ذاكرة تمارس تأبين الفرح في خشوع ..

كان جالسا هناك .. تعلو رأسه خطوط بيضاء ترسم طرقاً سار بها وسارت به .. على وجهه تركت الأيام توقيعها الأكثر عبثاً .. وفي عينيه ضوء مراقٌ على أخاديد الفرح ..مدهشة تلك الابتسامة الضالة على شفتيه .. تبعث على البكاء أو ربما السعادة أو ربما الانتشاء حنيناً ..
كان فيها شيء غامض يربك الذاكرة .. وفي ذبذبات روحه أكثر من موجة للأرق ..

كان يبكي بصمت .. يستعيد حنين ثورته الأولى .. يوم كان لحلمه الأول جهة واحدة تناسلت منها جهاتهم الأربع ..

ثم جاءوا يحملون فرحه ضحكات طفولة كحبات الأرز الخضراء يتناثرون في حديقة سعادته كأشجار الليمون ..
كان يرى حلمه يكبر فيهم ويراهم يصبحون مجرّات جديدة للأمل .. وتكبر بتلك النجوم المضيئة فتصبح عينيه شمساً تدور حول أهاليل طموحاتهم !

ولكنه اكتشف متأخراً .. أنه مجرد عتبة على سلّم نجاحاتهم .. درجة ثانية لابتكارات طموحاتهم .. معبر بلا حواجز من زرقة عينيه إلى بياض نظراتهم ..
أصبح هو على هامشهم بعد أن كانوا في مركز دورانه .. أصبح موازيا لماضٍ يخشونه لا نهاية له ولا مفر منه سوى بتره !

مرهق كان نحيب الرجولة في يديه .. رعشة القوة التي ما زالت تقطن شفتيه .. نظراته المليئة بالحكمة .. كل ذلك أرهقها أكثر .. وجعلها تفكر في " هو " .. في نقاشاتها معه .. في اختلاف آرائهما ومحاولاته الناجحة في اقناعها بأبجديته !


حقاً مرهق ..

تنهدتها بحرقة .. وتركت العجوز يمارس الألم وحيدا كما اختار أو لم يفعل وذهبت تمارس الانتحاب هي أمام جرح آخر .. !

ثم ....

عبدالرحمن الغبين 12-01-2007 02:08 PM

ثم ..

أترقب أيضاً.
رائعة يا منال.


الساعة الآن 08:42 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.