منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد الشعر الفصيح (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   كفى وعوداً (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=42001)

طاهر عبد المجيد 04-08-2020 02:19 PM

كفى وعوداً
 
كفى وعوداً
د. طاهر عبد المجيد


على مضضٍ سأكمل ما تبقَّى
من العمر الذي يمضي رتيبا

وأُشعل كلَّ أحلامي شموعاً
تذيب اللَّيل أنواراً وطيبا

عسى أحدٌ يرى في النُّور ظهري
فيخبرني بكم سهمٍ أُصيبا

وكم سهمٍ توغَّل صوب قلبي
فأصبح منه جزءاً أو قريبا

وكم سهمٍ دنا فرأى سهاماً
قد ازدحمت فآثر أن يخيبا

وهل مازال في جسدي مكانٌ
لسهمٍ آخرٍ يخفي الندوبا؟

سهامٌ بعد لم تُفطم فجاءت
لتشرب من شراييني حليبا

سأشعلها ولن أبكي عليها
وإن هي صَدَّعتْ رأسي نحيبا

ولن أصغي إلى قلبي شفيعاً
لها مهما ألحَّ لأستجيبا

لقد أخطأت حين ظلمت عقلي
ولم أجعل له فيها نصيبا

وسرت وراء قلبي مستضيئاً
بماضٍ كان في الماضي خصيبا

وحين ندمت كانت شمس عمري
تودِّعني وتوشك أن تغيبا

وها هي رغبتي في العيش ماتت
وهل ما مات يمكن أن يؤوبا؟

فيا هذا الزمان كفى وعوداً
تخدِّرني بها وكفى هروبا

فمثلك أنت لم يُخلق بقلبٍ
يصير به محبَّاً أو حبيبا

وما حملت رياحك ذات يومٍ
سحاباً ممطراً يحيي القلوبا

وإن هبَّتْ على أرضٍ بخيرٍ
توجِّهها شمالاً لا جنوبا

تمنِّيني بما هو مستحيلٌ
تشاغلني به حتى أشيبا

وتسقيني على مهل بكأسٍ
مذهبةٍ قد امتلأت ثقوبا

وتسأل عن جراحي ثم تمضي
وبعد شفائها تأتي طبيبا

تداويني بآخر ما يداوى
به داءٌ وتُصْليني لهيبا

وتضحك حين أطفئها بدمعي
كما لو كنتَ ساديِّاً رهيبا

وما كانت وعودك غير ثلجٍ
يقاوم شمس صيفٍ أن يذوبا

ووهمٍ كالغشاء على عيوني
أراني درب أحلامي دروبا

وأسكرني إلى أن صار عقلي
يريني كلَّ ما حولي مريبا

أما يكفيك أنَّي لم أحاول
كغيري أن أحمِّلك العيوبا

وكنت أقول في نفسي لعلِّي
أنا من كان يجتلب الخطوبا

وكم خطَّأت نفسي رغم علمي
بأنَّك لم تكن يوماً مصيبا

عساك تجيء يوماً بانكسارٍ
تقول تعال نقتسم الذنوبا

سألتك يا زمان فلم تجبني
ولم أفهم تردُّدك العجيبا

فإن أحببت إنصافي ففكِّر
بأسئلتي وحاول أن تجيبا

فقد أرتاح إذ يرتاح عقلي
ولا أبقى كأسئلتي غريبا

وأفرغ للسِّماء بما تبقَّى
من العمر الذي يمضي رتيبا


خالد صالح الحربي 04-08-2020 05:54 PM

:
الله عليك ياطاهر.
هناك فرقٌ فعلاً بين النصوص التي تُكتب بنضج
وبين النصوص التي لا زالت تحبو ..
🌹

سيرين 04-08-2020 08:32 PM

شكرا لـــ شعر تبنى ميلاد المساء في ابهى حُلة
وامتع الذائقة بسحر البيان
سلمت يمناك شاعرنا ودام غيثك يانع الجمال
مودتي والياسمين

\..:icon20:

قايـد الحربي 04-08-2020 09:24 PM

:


عسى أحدٌ يرى في النُّور ظهري
فيخبرني بكم سهمٍ أُصيبا !!!!!

،

يا طاهر
حرفك بالغ الطهر / طاهر البلاغة ،
سلسٌ يتقاطر عذوبة .

أنت دائماً مبهرٌ حدّ الدهشة
فشكراً لك كثيراً .


طاهر عبد المجيد 04-14-2020 11:07 PM

أشكرك أخي الشاعر خالد على هذا على هذا التعليق الجميل والمعبر عن فكرة يحتاج شرحها صفحات وصفحات. أعجبني تصويرك للنص غير الناضج بالطفل الذي مايزال يحبو. ولعل معظم الشعراء مروا بهذه المرحلة في البداية وكان عندهم الكثير من هذه النصوص. وأذكر أن الشاعر الكبير محمود درويش قد تخلى عن أول ديوان شعر كتبه وكان في مرحلة الصبا، وحينها كان متأثراً بالشاعر الكبير نزار قباني.
كلنا يولد صغيراً ثم يكبر، وكذلك الشعر. المهم هو الصبر والمثابرة على القراءة والاطلاع على تجارب الآخرين وأن يمارس الشعر كهواية لا كمهنة.
أشكرك مرة ثانية مع صادق الحب والتقدير. تحياتي.

طاهر عبد المجيد 04-14-2020 11:09 PM

الأخت الكاتبة الرائعة سيرين:
أشكرك من كل قلبي على كلماتك الرقيقة التي تخصين بها قصائدي.
تحياتي ومودتي.

طاهر عبد المجيد 04-14-2020 11:09 PM

أشكرك أخي قايد على هذا الإطراء الذي يسعدني ويخجلني في نفس الوقت ولا حيلة لي في الارتقاء إلى مستوى كلماتك الجميلة وبيانك الساحر إلا بذل مزيد من الجهد لتقديم كل ما هو جديد وجميل يليق بهذا المنتدى الرائع.
تحياتي ومودتي.

حسن زكريا اليوسف 04-15-2020 04:59 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طاهر عبد المجيد (المشاركة 1166112)
كفى وعوداً
د. طاهر عبد المجيد


على مضضٍ سأكمل ما تبقَّى
من العمر الذي يمضي رتيبا

وأُشعل كلَّ أحلامي شموعاً
تذيب اللَّيل أنواراً وطيبا

عسى أحدٌ يرى في النُّور ظهري
فيخبرني بكم سهمٍ أُصيبا

وكم سهمٍ توغَّل صوب قلبي
فأصبح منه جزءاً أو قريبا

وكم سهمٍ دنا فرأى سهاماً
قد ازدحمت فآثر أن يخيبا

وهل مازال في جسدي مكانٌ
لسهمٍ آخرٍ يخفي الندوبا؟

سهامٌ بعد لم تُفطم فجاءت
لتشرب من شراييني حليبا

سأشعلها ولن أبكي عليها
وإن هي صَدَّعتْ رأسي نحيبا

ولن أصغي إلى قلبي شفيعاً
لها مهما ألحَّ لأستجيبا

لقد أخطأت حين ظلمت عقلي
ولم أجعل له فيها نصيبا

وسرت وراء قلبي مستضيئاً
بماضٍ كان في الماضي خصيبا

وحين ندمت كانت شمس عمري
تودِّعني وتوشك أن تغيبا

وها هي رغبتي في العيش ماتت
وهل ما مات يمكن أن يؤوبا؟

فيا هذا الزمان كفى وعوداً
تخدِّرني بها وكفى هروبا

فمثلك أنت لم يُخلق بقلبٍ
يصير به محبَّاً أو حبيبا

وما حملت رياحك ذات يومٍ
سحاباً ممطراً يحيي القلوبا

وإن هبَّتْ على أرضٍ بخيرٍ
توجِّهها شمالاً لا جنوبا

تمنِّيني بما هو مستحيلٌ
تشاغلني به حتى أشيبا

وتسقيني على مهل بكأسٍ
مذهبةٍ قد امتلأت ثقوبا

وتسأل عن جراحي ثم تمضي
وبعد شفائها تأتي طبيبا

تداويني بآخر ما يداوى
به داءٌ وتُصْليني لهيبا

وتضحك حين أطفئها بدمعي
كما لو كنتَ ساديِّاً رهيبا

وما كانت وعودك غير ثلجٍ
يقاوم شمس صيفٍ أن يذوبا

ووهمٍ كالغشاء على عيوني
أراني درب أحلامي دروبا

وأسكرني إلى أن صار عقلي
يريني كلَّ ما حولي مريبا

أما يكفيك أنَّي لم أحاول
كغيري أن أحمِّلك العيوبا

وكنت أقول في نفسي لعلِّي
أنا من كان يجتلب الخطوبا

وكم خطَّأت نفسي رغم علمي
بأنَّك لم تكن يوماً مصيبا

عساك تجيء يوماً بانكسارٍ
تقول تعال نقتسم الذنوبا

سألتك يا زمان فلم تجبني
ولم أفهم تردُّدك العجيبا

فإن أحببت إنصافي ففكِّر
بأسئلتي وحاول أن تجيبا

فقد أرتاح إذ يرتاح عقلي
ولا أبقى كأسئلتي غريبا

وأفرغ للسِّماء بما تبقَّى
من العمر الذي يمضي رتيبا



أيها الطاهر
قوافيك كقلبك نقية صافية
حسبك هذه النفس اللوّامة
التي تحمِّل ذاتها أكثر مما تحتمل
وتلقي عليها وزر ما لم تقترف
لأنها نفس طيبة نقية طاهرة
ولكن فلتطمئن نفسك أيها الطاهر
فهذه الطاقة الشعرية الحية تتنامى فيك باضطراد وتألق
هي وحدها تكفي لأن تطلق لأجلها أجنحة الأمل
قصيدة رائعة كأنت
تعجبني وتثلج صدري بتمكنك اللغوي
الذي لا أجده عند الغالبية العظمى مع الأسف
فأنت تجمع بين رهافة الإحساس وحُسن التعبير
وفقك الله
مع شهد محبتي وتسنيم تحياتي
ح س ن ز ك ر ي ا ا ل ي و س ف


الساعة الآن 09:14 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.