منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   ترنيمة لـ نصير شمـّة (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=30014)

سهير السميري 04-08-2012 12:48 AM

ترنيمة لـ نصير شمـّة
 



ترنيمة لـ نصير شمّة


من الصعب أن تستمع لنصير شمّة وتعود بكامل عافيتك..

كل الطرق مُعبّدة لتسير بك إلى منارة الرماد.. تقايض من يغسل ذاكرتك بزهو العمر..

لتستمع لـ »شمة» تحتاج خيطاً تربط به طرف غيمة تستدعيها حين احتراق..

وعريشاً من جريد النخيل فيه عذق تسند ظهرك إليه..

تحتاج عكازاً ساريةً تلوّح بها سلاماً.. سلاماً..

الأشياء عادةً تبدأ من أولها.. إلا تلك الأمسية بدأت من نهاية الجرح..

في جيبي ثلة مفاتيح.. وتأشيرة حزن لـ نصير شمة.

يُداعب عودَهُ ليشهق الجرح.. عشر أصابع لا تكفيه

ليعزف السمراء وكربلاء.. أو ليرسم وجه بابل.

جوقة ألحانه تجول بك أسواق العراق.. فتشمّ بخور آشور. تستذكر جلجامش.. دجلة وقت الغروب..

وعلى وجل تحضُر سنونوة الروح سامراء، وتتركنا في مهب الحزن..

يتمطى الحنين لبغداد بين حاجبيك.. تتوحد معه وترصُد وجوه الحاضرين تجدها كخرائط الحُزن تشير إلى وجعك..

أُمسية مدت إصبعها وفقأت عين أحلامي.. فيها عرف الهمُّ طريقه إلى قلبي كمن يقصّ الأثر و يصل..

مهاميز لحن «التشوبي» طيّرتني.. وانتفضت، صرخت: حلّق يا «شمة»، فما سماء اليوم إلا وجعي!

كيف للحنٍ فيه بحة الناي أن يحرك حمية الجهاد في النفوس.. كيف له أن يكون طحين الوجع!

خرجت من الأمسية.. كمُحارب ترك المعركة منذ الطلقة قبل الأولى: لو أنثر ألمي ذرواً للطير..!
للريح.. فلا يتبقى منه شيء.!

لو أن الوجع أوراقَ تقويم ننتزعها فتتساقط عند أقدامنا!

أو نصنع منها مراكب ورقية تغفو فوق الماء ويجرفها بعيداً!

ألحانك يا نصير مثقلة كشجرة افترشت أغصانها الأرض لفرط حمولتها!

تشتهي نهراً كاملاً تستحم به..

مبللٌ صوتك.. أهو ماء الفرات!

أم إن دموع العراق تتزّ من مسام جلدك..!

تائه.. تتوسل جُرح بغداد أن يسقط منك.. أن يغلق النافذة..
فلا موجز للنشرة ولا خبر عاجل..

ما أشقاني! تحمل عراقَنا بين جوانحك وتشتعل.. فتفوح رائحةُ احتراقك بِـ»شيشة» جدي..

تجوب الأرصفة كطريد الدم المهدور.. تركُل أوجاعك فترجع إليك..

تحشو أوردتكَ بأمل خائب، وأسئلة تتحشرج في حلقك: كيف نبتت للمساء أظافر!

ما الذي سمعته هناك وقضى عليك! ما الذي سمعته هنا وقضى عليّ!

نتسول معك: لله.. رصيف آمن..! خزائن خالية من أثواب الأرامل! سنابل قمح على ضفاف دجلة!

لك الله.. كيف هرمّتَ فجأة.. ولم تَغْفُ قرب امرأة تفوح منها رائحة الربيع! لم تتدثر بدفْ القرنفل!

لم تقف امرأة -عمداً أو صدفة- في طابور أحلامك!

لم تلوِ الصبايا ذراع قلبك!

لم تسرّج بوحك..

لم تَفِ بنذرك..

ما تزال تدحرج العمر نيئاً على سلالم الأيام.. ومع ذلك:

اكتمل موتكَ..

موتي..
في تلك الأمسية!


نُشر هذا النص في جريدة الرأي الأردنية
http://alrai.com/article/11355.html

ابنة الظلال 04-08-2012 01:21 AM

الأستاذة سهير السميري

هذا ما تفعله موسيقى نصير شمة وأكثر

ما زلت أذكر مقطوعته " ملجأ العامرية"

وكم الوجع بها

لا أعلم ماذا نحتاج كي يثار الحزن فينا

خاصة إن كنا نحمله كبطاقة الهوية ويسري فينا تحت جلودنا عميقا

نص فذ كما اعتدنا منك....

سأدمن قراءتك حتما

مودتي

عبدالرحيم فرغلي 04-08-2012 07:50 AM

دعيني أهنئ نفسي أولا .. أن أكون من أوائل من يقف على جمال نصك هنا ..
وإن كان سبقتني إليه ابنة الظلال .. فلأنها حريصة على قراءة الجمال أينما كان .

هل تعرفي أيتها الفاضلة .. كل مرة أقرأك بلون مختلف .. حفاة غير أنا بخير غير نصير شمة
لكل نص روحه وأسلوبه وتتابع معانيه وأنفاسه .. وكأن في داخلك عالم من الموروث يتشكل ويتلون
.. محظوظ بك هنا .. وبقلمك الذي يرسم المعنى بكل حرفية واقتدار .

لا أعرف نصير شمة .. لكن حديثك السامق عنه أتمنى لو أسمعه ..
نص فاره .. يأسر قارئه .. ويبهج ناظره ..

ألف تحية وتقدير

بدرية البدري 04-08-2012 10:02 AM

سهير ..
أروع ما في أبعاد الأقلام النثرية التي تُطيّرنا في السماء كعاصفير تشتهي لثم الكَلِم ونقر الحروف

واسمكِ أضحى للقلبِ قريباً ، بعد أن اقترف جُرْمَهُ واحتله بإرادتي

أما نصير شمّة فذاك ملكوتٌ آخر ، ولا كلام بعد حديثكِ عنه
دعيه يعرزف علّنا نشفى ، وعلى اوجاعنا تطهرنا من احساس الذنب لفقدان العراق

أواهُ يا عراق

اللهم سامحنا

لكِ الحب ..


سهير السميري 04-08-2012 09:39 PM


ابنة الظِلال ..

استاذة ثوب فضفاض علي ,, اشكرك على رأيك وثقتك بقلمي

سعيدة بكِ

إيمان محمد ديب طهماز 04-09-2012 12:47 AM

ياسهير :

أقرأ لك وينصت القلب خاشعاً فموسيقا حروفك كامنة في ايقاع روحك

ومبهرة جدا هذه الروح

أما نصير شمّة فهذا حديث لاينتهي

قد اجتمع الجماليين

حروفك و عالمه

فكيف لهذا النص ألا يتربع على سدرة التميز والكمال

رائعة ياصديقتي

سهير السميري 04-09-2012 05:37 PM


عبدالرحيم فرغلي ..

ما هو الا قليلٌ مما لديك

يكفيني أن تمر من هنا كي أبتسم يوماً بأكمله ..

خلف المهيلان 04-09-2012 07:08 PM

سهير وأنا أقرأ مندهش رغم اني كنت قبل التزم اعزف لفيروز وابونوره ادهشني درايتك بعمق وتعمق هذه الالة الفاتنه ك فتنة نصوصك المموسقه الجمني هذا البعد سأتي بعد احتساء قهوة الصباح كي اعطي بعض هذا النسيج النور بعض ٍمن حق قرأءته المحفزه على كتابة نص دمتي مشرقه


الساعة الآن 05:26 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.