منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   أنا هنا يا أمي (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=32368)

عبدالرحيم فرغلي 07-01-2013 01:18 PM

أنا هنا يا أمي
 
حدثيني يا أمي .. عن بيتنا المجنون بوهج الطين .. عن قِصره وسط بنايات
تهدهد سطحه لكنه شقي يمد عليها حديد مرزابه .. وبابه الموارب جاسوس
يفضح كل أمتعتنا .. عن قمرٍ يتلصص على الجيران ويختبئ خلف
الجبل هناك .. كنت صغيراً وأتساءل .. أتُرى العالم الموصوف لنا أكبر
من حارتنا .. حدثيني .. فحين أشتاق إليكِ أنحني
لأقبل صوت كلماتك .

تذكرين ؟! خالة زينب .. كانت تبدوا بعباءتها ليلٌ صغير .. ثرثرتها قماش
طويل لا ينتهي .. تصبان أخبار الجارات في كؤوس الضحي .. وتشربان
الوداع في غضب الظهيرة .. وسريعاً تعود كولادة متكررة ، وبين نسيان ونسيان
.. تُقبل خالة عيشة كفاكهة لذيذة .. ومعها صرة الودع .. أترين يا سعدية ؟
هذا رجلٌ كرشه مثل شربة ماء لكن كلامه حلاوة لوزية .. لعله يزوركم قريباً
.. وهذا أظنه عريس لإبنتك نجاة .. ما شاء الله على طوله .. وهنا امرأة
.. كفاك الله شرها .. تأتيك بغارة .. غارة تاخذها إن شاء الله ..
انتبهي يا سعدية ، مسكينة يا أمي .. لستُ أرى أمامي غير صدف منثور ،
أيام جميلة .. حتى المساء يأتينا وكلتا يديه صباح .

المطاعم أفواه كبيرة تنادي جوعنا .. أما زلتِ تبغضينها .. وأي طعام يشبه
طعامك يا أمي .. له رائحة ربيع معجون بنجم معتق ويغطيه مطر
مملح .. يفوح بأحلام محمضة كتلك التي تلعقها ألسنة المساء ..
ومذاقه شهادة تقدير أُهديت لتلميذ بعد كفاح ، في صغري أحسبك تخبئين
الفجر في الدولاب الكبير وتوقظيه ليحتفل معنا بطبق الإفطار .. والليل
لا يجرؤ على الأفول حتى يراك توقظينا بيديك ، لم أشعر يوماً بفقر
أثاثنا .. بالسجادة الخاشعة تحت نظرات سقف خشبي .. بالجدار المتهالك
من توالي السنين .. فالكل ثريٌ بأمي .

أما تشتاقين للحرم يا حبيبتي .. تعودين ومعكِ ملائكة كثر .. السماء
تخطف دعواتك وتنثرها نجوماً ساجدة .. وجهك يمطر نوراً أدسه
في ذاكرتي .. في الطريق .. تُنجبين قصص الزائرات .. مصرية شكت
إليكِ جور زوجها .. وأخرى أثقلتك بخُطى عمرتها .. معكِ تقصر
المسافات يا أمي .. والإشارات الحمراء تبدوا صديقة وبجواركِ أنسى
الأرصفة التي تتظاهر بأشجار ترفعها .. ، تفاصيل صغيرة كهذه ما
حسبتها تبكيني حين فقدها .. نسيتُ أن نار الذاكرة من شرر الحكايا .

حياتنا يا أمي تنام في مكانها كقبرٍ هادئ .. ولا ندري أي قدرٍ سيفتح علينا ..
قد تكون فرحة بقدر حبة قمح .. أو حزن طويل بطول العمر .. فجأة ..
عادت ذاكرتك بلا ذاكرة .. زهايمرٌ لعين سطا عليها .. سبعون عاماً أين ذهبت
تفاصيلها ؟ .. أفتقدك وأنت بجواري يا أمي .. ويضج بي ألمٌ عظيم
وأنت تلحين عليّ بالسؤال كل حين .. من أنت ؟!

نادرة عبدالحي 07-01-2013 02:46 PM

ذكراتكَ الجميلة من الوطن الجميل وهو حضن الأمومة
بل من البيت القديم الذي يُعاتب الرحيل ل من كان ساكنه
وتعودُ إلى الأرض الأبعادية تزرع جذور أبدا لن تُقتلع بل سيتداولها جيل
حقااا سيحمل بقلبه وفكرة شهادة فخرا أنه قرأ وإحتفظ بمثل هذا البوح ...
اقتباس:

.. عن قمرٍ يتلصص على الجيران ويختبئ خلف
الجبل هناك .. كنت صغيراً وأتساءل .. أتُرى العالم الموصوف لنا أكبر
عن قمر يتلصص على الجيران . جميل جدا هذا المشهد ويذكرني ويعود
بي إلى أفكارنا الطفولية والجنونية والتي كنا نتداولها ونفخر بها أمام أترابنا ...
اقتباس:

، في صغري أحسبك تخبئين
الفجر في الدولاب الكبير وتوقظيه ليحتفل معنا بطبق الإفطار ..
وحسبته تفكري طفولي أيضا ولكني ...تمعنت تأملت صحيح يا سيدي الأمومة
هي التي تجعلنا نرى الفجر الاول لنشق به طريقنا من ثم ننكر ذلك عندما نبلغ
ونقول ترهات . الشمس هي من تجلب الفجر .....
اقتباس:

وفجاة عادت ذاكرتك بلا ذاكرة .. زهايمرٌ لعين سطا عليها .. سبعون عاماً أين ذهبت تفاصيلها ؟
هذا الزهايمر الذي يفترس ذاكرة ووعي أعزائنا يُصيبنا ألم ووجع غائر
ونقف عاجزين أمام هذا الوحش الذي يحتل الخلايا التي تحوي طفولتنا ومحبتنا
التي لاااا يستطيع هذا المرض محوها من ذاكرتهم .....
الكاتب عبد الرحيم فرغلي في القلب للسيدة الغالية
دعاء بشفاء وأعانها الله وحماها بحمايته
طاب لي المكوث طويلا بين طيات نصكَ
وفي النهاية لا أخفي عليكَ إمتلكني الحزن

أصيلةٌ 07-02-2013 12:57 AM

و معك تقصر المسافات يا أمي و لو أنك ما قلت سوى هذه العبارة لكفتك.. عبدالرحيم نص حزين عن قلب كبير و ذاكرة داهمها النسياان رغماً عنها و عنا .أسأل الله أن يحفظ لك أمك و أمهاتنا جميعاً ..

عبدالإله المالك 07-02-2013 03:24 PM

والحرف والقلم هنا
حيث أنت هنا يا عبدالرحيم

لحرفك سحر لا يضاهى

أنت تفجر البوح تفجيرا

فشكرا لك كثيرا

ظافرالقحطاني 07-02-2013 07:28 PM

بسم الله
/
/
نص اذهلني كثيرا
بارك الله فيك يا رائع

قمر الليل 07-04-2013 01:30 AM

نص رائع ومعبر والحمد لله لا زالت على قيد الحياة ولا زال باب من أبواب الجنة مفتوح لك

نازك 08-21-2013 12:33 AM

طعامك يا أمي .. له رائحة ربيع معجون بنجم معتق ويغطيه مطر
مملح .. يفوح بأحلام محمضة كتلك التي تلعقها ألسنة المساء ..
ومذاقه شهادة تقدير أُهديت لتلميذ بعد كفاح ، في صغري أحسبك تخبئين
الفجر في الدولاب الكبير وتوقظيه ليحتفل معنا بطبق الإفطار .. والليل
لا يجرؤ على الأفول حتى يراك توقظينا بيديك ، لم أشعر يوماً بفقر
أثاثنا .. بالسجادة الخاشعة تحت نظرات سقف خشبي .. بالجدار المتهالك
من توالي السنين .. فالكل ثريٌ بأمي .

اقتبست تلك الأسطروهي غيضٌ من فيض وفي الحقيقة أحترت فمع بداية كل سطر تبدأ حكاية جمال لاتنتهي ...
اتعلم سيدي الفاضل أراك فنان تشكيلي فقط تنقصك ريشة وألوان لتخلق لوحة تنّطق...
نصّ ثري وأعتقد بأن قرآءة واحدة لاتروي

سلِمت يُمناك
تقديري

رَوْضٌ 09-06-2013 09:40 AM





اَلْفَاضِل : عبد الرحيم
كُلَّما قَرَأتُ لَكَ أَيْقَنْتُ أَن اللُّغَة بِخَيرٍ
وَلأنَّكَ تَنْتَشِلُنَا مِنْ غَيْبُوبَةِ اَلْحَيَاةِ أَمَلاً وَبَقَاء

شُكْرًا لكَ .





الساعة الآن 12:05 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.