منتديات أبعاد أدبية

منتديات أبعاد أدبية (http://www.ab33ad.com/vb/index.php)
-   أبعاد النثر الأدبي (http://www.ab33ad.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   هروبا الى الداخل (http://www.ab33ad.com/vb/showthread.php?t=16592)

خالد الداودي 03-08-2009 02:25 PM

هروبا الى الداخل
 
ضحكاته الحفيفة تتفيأ ظلال فكّه القاصر عن نهم الخارج، اسنانه جنود الوطن التي تخشى تهريب شيء الى داخله، صوته مثخناً بتراكيب لغته الهاربة الى آخر ثكناتها ، ضحكاته تحث صوته المهزوم على الحبو في طريق اعمى الى زنزانة يسّورها الرضا، او خانة اشبه بمنفى ..

يحبي ثم يقف ويمشي بعدها في تمتمات تتوكأ صمته الكهل فلا يكاد يسمعها مطلبه .. تسحبه الخطوات الى قصـائده فيمسح اثار اقدامه بإتجاهه عكس الريح .. يصلها وفي ذهنـه الم مخاض طويل، ونخلة لا تتساقط إلا لأشراف القوم وبئر معطلّه... لضحكاته سمات تشبه لهروبه الداخلي ، يسافر دون ميعـاد او موعد اقلاع في تأشيرة سفرٍ الى الداخل وفي يده حقيبة ممزقة تدعى ذاكره يجلسهـا بجانبه عند كل محطه، يفتشها كما يفتش فقير جيـوبه يأخذ منها رغيف صباه الى المدرسة ، نشيد الوطن حتى السفر الاخير، تلك الحقيبة اشبه بوالد راحل وضع امنيته على منكب ولده .. مبتسما يقول (بوركت يا ولدي) حملت الارض بعد ميلادك.

ضحكات صديقك تسمعني اصواتا داخليه لا اكاد أسمعها حينما اكون معه، اصواتاً اشبـه بصهيل خيول جامحه تبحث عن انتصار والهزيمـة انثى تطوق بذراعيها اليابس، تغرقنا منذ ازلٍ، نعيش الغرق والبحر معا، فلا عجب ان تتلطّخ حياتنا بزرقة الشعـر ، هذا المزهو ببياضه كموجة شتاء حزين .. هذا الوحيد المتغطرس بثوب اللازود الهارب من شخوص بصره الى السماء.. السماء تلك الراكضة على مدى البصر بألوان الوجود ومفاهيمها.. الابيض ونقاءه (عروسا خانها الحظ فتلطخت بالرمادي ولم يعد لنقاءها بريق) .. الرمادي .. (فتى احلام لم تتضح رؤيته ورؤاه، غيما لا يعرف شيئا عن مصيره).. البرتقالي ..(عيونا اتعبها السهر وذاب نحاسها) .. كم كان هذا المتغطرس بحاجة للسفر الى الداخل تماما مثلي ليعلم ان السماء تشاطره ملامحه.. هذا البحر بحاجة الى الغرق .. الغرق فَتحت الغرق يكمن عالما اخر طالما راهنت عليه …

والآن .. الآن ..
بعد ضحكةٍ باهته سأحفر الى الداخل لأصل النفط .. أغير مساراته .. انشيء له مسارات اخرى تصب من اطرافي .. اشربه بجشع .. اثمله بعيدا عن صحرائنا .. اوزّعه على الجذور والاغصان لكي تطلّ على شرفتي .. اسكبه على الثراء ليبقيني ضاحكا مبللا في رحيلي الى الثرى حيث السفر الاخير الى الجسد (الطين) النشأة الاولى.



همسه:-
كان النص ردا على رسالة صديق تقول:-

ايها القديس اخرج الآن الى مكان قصي انتبذه مثل العذراء واهزز اليك بجذع السماء وتوجه الى الشمال بفمك القزحي واطلق ضحكات مبللة بنشيج روحك الباذخة بالحب فأنا انبت في خاصرة الموت مكبلا بهذا الوطن الجاف مثل ابطي في ليالي الشتاء ... وحدها ضحكاتك ستصل مثل نبؤة اعتنقها دون خوف خالد....

رشدي الغدير 03-08-2009 02:50 PM

ايها النبيل

كم انت رائع ومبلل بالتفاصيل العذبة

محبتي لك

واللعنة على صديقك الذي ارسل الرسالة
قبحته السماء ابن الخطيئة هذا الوغد الذي يركل الطريق
ههههههههههه
اعتقد انه يستحق الموت

روجينا محمد 03-09-2009 02:10 AM



يالله يا خالِـد ... ما أجمل قراءة نصّ كهذا ..!
أنسانــي جوع قلبي و خوف كوكب الأرض من القضيلـــة ...
-
وحين تحفِر الأرض و تأتي بالنفط أيها النبيل
احتسي لأجلي نخب حَظـّـي المخلص كناقوس مُعـَـطــّـل ..!

-
طابعٌ وريدي لعُمقـِ وجـــدانِك المميّز ..
و آخرٌ مثله لكل محتوياتِكَ الموعودة بها أعيُننا ( مُسبقــًـا )

http://www.shathaaya.com/vb/images/smilies/i.gif

-


عائشه المعمري 03-09-2009 11:27 PM

القدير : خالد الداودي
دَعني أشكر هذا الصديق ، الذي إستطاعت رسالته ،
أن تُشعل فُوهة قلمك ، لـ تتحول إلى غدير لا ينضب ..


.
،
/
لدي رغبة جامحة
في أن أقف لدى كل سطر في هذا النص ..
وأهرب من خلاله نحو الداخل
فـ مؤكد : (( لا خروج ))

.

حينما يأتي الفكر بقالبه اللغوي بهذا العمق
والسلاسه في نفس الوقت
يجب أن نقرأ ل هدف الإستفادة والمتعة في آن



كُل الشكر لأنك هُنا

عبدالرحيم فرغلي 03-10-2009 12:44 AM

لغة جميلة وراقية .. يسكبها المساء في عيون تتلقف نص كهذا روعة .. تحية لقلمك وتقدير عال لشخصك الكريم

حمد الرحيمي 03-10-2009 10:40 PM


خالد الداودي ..



احفر يا خالد و أبدع ... فالأجساد النقية يهمها حَفْرُكَ / حُفَرُكْ المبدعة ...





نصٌ صاخب اللغة هادئها ... باذخ الحرف أنيقه ...

عفراء السويدي 03-11-2009 12:21 AM

حين يكون الرضا بحجم المنفى ..
كيف هو شكل الوطن ؟!




تمتمات .. أحاول تبينها ..
وإنتقالات عمرية لاأستطيع مجاراتها ..
وضجكات لاتوحي بالفرح .. ولابالأسى .. ربما بالأمل الآتي من أرض بكر ..
وتبر امتزج فيه الأسوّد بتعب السواعد ..
وملامح منهكة من رحلة عمر ..!







كم هززنا جذع النخلة فلم يتساقط الرطب ..
وكم حفرنا الأرض فما خرج النفط ..
كل شيء تحت رحمة الإستحواذ ..!








أشدّ على يد صديقك .. قليلة هي الرسائل التي تحفزنا على الكتابة ..!







محاولة سريعة لقراءتك ..
أعلم إني أحتاج للتعمق أكثر في لغتك ..
لن اقول سأعود ولكن ربما أفعل ..














لكَ المساء ..

محمد الزهـراني 03-11-2009 11:43 AM

بليدة هي النصوص التي لا تترك لنا ورد من الأسئلة
نصك لم يكن بليدا
وجدته جديرا بالقراءة
في هذا الصباح
تحياتي


الساعة الآن 06:52 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.