من جديد ل وطني !

سأحدثكم عن أم حسن ، حدثتكم عنها من ذي قبل و لكنني لم أَذكر اسمها ، تلك العجوز التي كلما عرضت قناة البحرين الفضائية كلمتها ذرفت أعيننا .. الله عليك يا أم حسن .. منك نتعلم الولاء و الوفاء و المواطنة ! و الله لأنت خيرٌ من كل المعلمين الرديئين الذين تركوا مهنتهم و اعتصموا في دوار اللؤلؤة الذي انمسحت معالمه و طُمست . دوار دول مجلس التعاون الخليجي المكون من ستة أعمدة كل عمود يرمز لدولة منها ، تلتقي الأعمدة لترفع الدانة ، الدانة التي اشتهر أهل الخليج بالغوص من أجلها .!

أم حسن نذرت نفسها لخدمة الوطن مع أنها لا تحمل أي مؤهلٍ دراسي و المتعلمون اعتصموا هناك ، كنت و لا زلت أتساءل كيف لأصحاب مهنة كهذه أن يقحموا مهنتهم في السياسة .. اعتصموا لمدة تسعة أيام ، و لما كان اليوم العاشر هو اليوم عادوا فقط ليقال بأنهم عادوا و خلف هذا رواية أيضاً و هي أن وزارة التربية و التعليم تمنح فرصة الغياب دون سبب لمدة عشرة أيام و بعدها يفصل الشخص الذي تعمد الغياب . هؤلاء المحبين للوطن و لرفعته ، القائلين بأنهم لأجل حبهم للبحرين يصنعون كل هذا عادوا اليوم و بكل وقاحة و صفاقة ليطردو المتطوعين ، بعضهم شرعوا في عملية التعليم و آخرين أمسكوا حتى قُرِعوا من قبل الإدارة . الشاهد أن كثيراً منهم زل لسانهم ليخبروا أنهم عائدون للإعتصام يوم الأحد لذا احتاطت وزارة التربية و التعليم و لم تسحب المتطوعين و المتطوعات و جعلتهم يبقون احتياطاً .. تناقلت الناس أخباراً كثيرة و أناس تحدثوا فيما حصل لهم شخصياً و لكنني لن أكتب شيئاً مما سمعت ما دمت قد سمعت فقط و لم أرَ بنفسي ..

في مبنى وزارة التربية و التعليم ليومين متتالين كنتُ هناك ! و رأيت الكثيرين ممن تقدموا للعمل التطوعي .. يا الله هذه الصفعة التي ورمت قلوبنا ألماً و حباً و فخراً بوطننا و ولاة أمورنا علمتنا أننا نمنا بما فيه الكفاية و ما يحاك للوطن كثير و الصحوة فرض عين لا كفاية ..
كثير من المتطوعين كانو قد تخرجوا منذ سنوات و عاطلين عن العمل في فترة تتراوح ما بين الخمس و العشر سنوات و لكنهم لم يطالبوا بإسقاط النظام كما فعل المغرضون بل طالبوا بإصلاحات ! والله لقد رأيت حتى من امتلأ رأسه شيباً و لم يبق فيه مجال لشعرة سوداء واحدة قد تقدم للعمل كمتطوع ! أبي أبي الذي لم يدخل سلك عمل نظامي برغم مؤهله الذي يسمح له و بعد تقاعده المبكر منذ سنوات كثيرة ذهب هو أيضاً ليتطوع لخدمة الوطن و أبنائه . رأيت هناك الكثير من معلماتي اللواتي درسنني و كن قد تقاعدن ، رأيتهن و قد تقدمن ليتطوعن بالتدريس .. و رأيت من يسميهم محبو الوطن المعتصمين في دوار اللؤلؤة بالمرتزقة :17: و قد تقدمو ليتطوعوا أيضاً ، و هذه _ دقة _ حديثة فأنا لم أرَ مرتزقة يتقدمون لعمل تطوعي . و برغم ساعات الانتظار الطويلة إلا أن أحداً لم يشتك البتة ، كنا نتحادث و نتمازح في كثير من الأمور لا سيما دوار اللؤلؤة الذي فقد معناه الجميل بتشويه هذه الثلة اللامسؤولة له و أصبح مصدر نكتة و تهريج ، اعتصام و ترفيه ! بارني و بوفيهات و خرابيط ! اعتصام ايه ده ! و يُلاحظ أنهم رُبما أرادو تطبيق الثورة المصرية بحذافيرها و حذو القذة بالقذة حتى أن اثنان عقدو قرانهما هناك ما أثار الضحك و السخرية منهم . كنت أتمنى لو أن شاشات تلفزة كبيرة قد علقت أمام الدوار تعرض عليه أم حسن ليل نهار ليتعلم هؤلاء منها الوطنية . ليتعلموا الوفاء و الاخلاص . ليتعلمو ما لا يمكنهم أن يتعلموه و هم يرفعون تلك الشعارات الغبية التي فضحت نواياهم .

كلمة لأم حسن إن وصلتها أم لم تصل ! لن تجزيك الأبجدية و لن توفيك حقك ، فقط لتصلك رحمات الله و نوره و رضاه أينما حللت و أينما وطِأت قدماك .. أنتي يا أم حسن لا تستحقين التكريم فقط ، بل التبجيل و التقدير و التخليد في ذاكرة البحرين و ذاكرة أبنائها البررة . حييتِ يا معدناً أصيلاً نفخر به .. كم أنت كبير يا وطني بأبنائك الأوفياء ، و كم أنتم عظماء يا شعب البحرين المخلصين !

بكى مراسل العربية يوم تجمهر المؤيدين في مسجد الفاتح لما رآه من حبٍ للملك و الوطن ، فما كا من أحد المتجمهرين إلا أن قبل رأسه و ضمه ! المضحك جداً في أمر التجمهر أن الفئة الضالة رُبما لم تتوقع هذا الحشد الكبير المؤيد للملك و ساءتهم أعدادهم فعمدوا لاستخدام الفوتوشوب لتكثير أعدادهم في الصور قبل بثها و توزيعها لوسائل الإعلام ، و من شدة الحماس شُطب الجسر المطل على دوار اللؤلؤة من الصور :17: .!

الأمر الذي لا أستطيع تصديقه كيف للأطباء و الممرضين أن يخونوا شرف مهنتهم و يحنثوا بالقسم ، ضمائر ميتة !


* سعادة الوزير / الدكتور : ماجد النعيمي !
دمت شعلة من نور ، و دام عطاؤك يا ابن الوطن ..
بأمثالك و أم حسن تضرب الأمثال ..