فِي مرة ٍ خافتة رَأيت ُ أبي يَكتُب يا عَبدالرحيم .
فِي زاوية ِ الْجَرِيدة , بِمُرْسام ٍ كان عليه ِ ’’استكر’’ اسمي حَتّى لا أفقده ُ بَين زحمةِ الْحَقائِب الْمُقلّمة التي تَقفز عليها الضفائر النحيلة و الشَرائِط البيضاء وقت الانْصِراف .
كانَت عَيْنِي ( عَلى قَدي ) لكن يَدي سبّاقة لِتمزيقِ طَرفِ الْجَرِيدة حَالما كبّر الْمُؤذن و هَرع أبي للصفِ الأوّل في الْعِشاء , عاد و اختفيتُ بُرهة ً من الْطُفولة وراء دُولاب الأحذية التي كانت الْخُطى حَوله تُؤدِي مَهرجانا ً حزينا ً لِيلتفت الْطَرِيق , سأل عَن الْفَراغ الَّذي كان يُشبه كفّي , ولم يُجبه أحد , لم َ يَهْتم , لكنّي كُنت فِي ذات ِ الْوَقت أهتمُ بِالأمر أنا وَ الْخُطى و ظهر الْطَرِيق ..
كَتب : ( حِينما نموت يَجب أن نحرص على أن نكون أحياء ً كما الْوِلادة , و بما أننا في الحياة علينا أن لا نحرص على الموت لأنه الآتي من قِبل الْوِلادة ) ثُّم شَطب عَلى الحياة بخطٍ رفيع ٍ يُشبه الأثر المتعب تحت عينيهِ ..وأبدلها بـ ( الفناء ) ولأجِل ذَلك حيّته ُ الْصَلاة بِقيامها .
مازال لا يَهتم ولا يتذكّر , وما زلتُ أهتم ُ و أتذكر , لم أفهم ماكتب حِينها , وما كتبه ُ يَفهمني الآن , لأنّي و حتّى بعد أن زوّدت قامِتي الْسِنتيمترات لأشبه بناء الْطِين , فأنا أُشبّر الْمَساحة بطريقة الإبهامِ و الْبُنصر بين عينهِ و الْزَاوية , وأكْبُر عَلى نهجها ..وأحاول أن أُماثِلها بالطريقِ الَّذي التفت مُؤخرا ً بعد أن كحّت الأحذية و كممت وجهها الْخُطى .
ما أُرِيد قَوله : بأنّي أشعُر بأن هَذا الْنَص , كُتِب بِالزاوية ِ الْمُقابِلة , تحديدا ً على كتفِ الجريدة الأيسر , حيثّ لا يعلم عن اليمينِ إلا صَغيرة ٌ ظِلّها يَقرأ صَوتُها خَلف الْدُولاب و اسمها ضاع مَليا ً بين الْحَقائِب .
وها أنا أكتُب لك , بأصابع ٍ مُتهيئةٍ للتشبير الآخر , لا ألتفت ُ للطريق ..
كفّي يُشبه الْفَراغ أيضا ً , وأهتمُ و أتذكر !

شُكرا ً لك ..
- كما أحب http://www.qamat.net/vb/images/smilies/a36.gif