اقتباس:
أهلاً بالـ ألق , رائعةٌ تلك المقولة الّتي أتيتِ بها , مثالكِ الأوّل : أجدُ انَّ محاولة ادخال الغنائيّة في النّصّ النّثري - كما سمّيتِها - أو بمعنى آخر السّرد الأدبي المليء بالصّور الشِعريّة و الألحان الموسيقية و رمزيّة الكلمة القادرة على استخراج روح المُبدع من القارئ و تحفيز خياله على التصوّر , يستطيعُ تحويلَ السّردِ إلى مسرحٍ لا يكتفي فيهِ القارئُ بدورِ المتفرّجِ و حسب . مع الإشارة في المثالين طبعاً إلى عدمِ التوغّلُ في الغموض بحيثُ يُصبحُ النّصُّ الأدبيّ شيفرة لا يملكُ حلّها إلّا الكاتب , فتضيعُ متعةُ القراءة . مثالكِ الثّاني : المحسِّناتُ اللّفظيّة و محاولةُ ابتكارِ المفارقاتِ الجميلة للحروفِ و الكلمات في النّصِّ الأدبيّ , تمنحهُ جمالاً أوليّاً فعلاً , و يبقى بعد ذلك لقدرةِ الكاتِب في استخدامها و توظيفها في الاضافةِ على ابداعه , لا في لفتِ النّظرِ و تغطيةِ النّقصِ , الدّورُ الأساسيّ . سعيدةٌ بكِ يا ألق شُكراً لكِ . |
: الكتابة والنثرية بالذات منها.. قد تكون متاحة للجميع وللأغلبية القدرة على ممارستها.. ولكن ما يميزها ويجعلها متفردة وفن تم اتقانه لدى البعض هو امتزاجها بمشاعر صادقة وترتيبها في قالب لغوي أنيق.. يتقبله القاريء الحقيقي.. والرمزية إن لم تتجاوز ذاتها وتُسقط روح النص أجدها لذيذة مستساغة ومطلوبة جداً لنشعر باختلاف الطرق في توصيل تلك المشاعر.. وهنا أوّد القول.. بأنه مؤخراً ألمحُ الكثير من الكتابات وخاصة في عالمنا النتي.. هي مجرد (تجميع) كلمات وألفاظ ورصّها بجانب بعض واظهارها على أنها نص..! ولكنها فقيرة باهتة وخالية من أي حس أدبي صادق.. الغالية منال.. امتناني لهذا المتصفح.. استفدت الكثير هنا ورد . |
: : أهلاً منال، أهلاً بكل من حضر إلى هذا الطرح المثري. موضوع شائك، وبالغ الأهمية في الآن ذاته، ويبدو أنك في ردك على (سحر) قد وضعتِ اليد فوق الجرح تماماً حين عبرت قائلة: (تلكَ النّصوص الّتي يقومُ فيها الكاتب بجمعِ جملٍ وكلماتٍ غير مترابطةٍ ولا تجمعها روحٌ واحدة، وسلامتُها تكمنُ في تركيبها اللّغويَ والنّحوي فحسب) فمفردة (جمع) كفيلة بأن تنهي كل الجدلية هنا، وتبيّن أن هذا الكاتب الذي خرج لنا بنص نثري سواءً كان مبهماً أم غامضاً، أو أنه خرج به موشوماً بالرمزية والإغراق، فهذا الكاتب الذي طالما أنه (جمَع) المفردة تلو الأخرى لأجل هذا النص هو بذلك يحمل الذات الافتعالية ولا يتكئ أبداً على ذات الانفعال، تلك الذات التي تجلس في الكيان الداخل للشاعر كما تجلس الأم في فجر الشتاء عند موقد الخبز لأجل أبنائها الضعفاء. من هنا يبدو أن النص الذي تتحدث عنه منال هو العيّنة وليس الجمع والشمل، فنحن اليوم ومع دورة الزمان العجِلة المتسارعة قد وجدنا أنفسنا أمام هذا الطرح الهائل والمهول المتناقض والمتنوع، تماماً كما الفلاح الذي يدخل الفجر إلى بستانه فيجد أن سفينة البحر قد رست بين جذوع نخيل هذا البستان، فيبدأ بالتساؤل: كيف لناقة البحر الحزينة (كما يصفها عافت) أن تدخل إلى أسوار الحديقة؟ ونقول نحن: بل ما الذي ترمز إليه هذه السفينة الخارجة عن طور المألوف والثوابت الطبيعية حين جاءت ورست في فضاء غير فضائها المعتاد؟ نعم.. إن الكون رمز، وأكبر الأشياء المتاحة أمام الإنسان العام أو النخبوي أو الفنان تعد رمزاً كذلك، ولا وجود لطعم الاكتشاف والتفنيد والسبر والتدقيق والتنظير لولا حضور الرمز في أعماق المتاح أياً كان شكل هذا الحضور، ولكننا في المسألة الأدبية لابد من أن نلتزم بالضرورات الحسية التي تستدعي بشعرية الذات حضور الأشكال والألوان والقوالب الكونية أو الطبيعية إلى حيث ورقة البوح فوق أرض الكتابة، هناك حيث يجلس الكاتب أو الفنان متأملاً في ورد الأعياد أو نظر إلى نزف الأجساد بغية التعبير عن عالمه/ عالمهم، وإلى الوقت القريب وأنا في صدد البحث عن المشاكلة أو المفارقة بين الرمز والرمزية كنت قد قرأت مقالاً جميلاً عنوانه الشعر العربي وقضية الرمز للكاتب الجميل (اسماعيل محمد ديب) عبر جريدة (الوحدة)، يقول ديب في مقاله متطرقاً إلى المفكر الصوفي المعروف (ابن عربي) الذي تحدث عن هذا الجانب يوماً وقال: (أن الرمز والألغاز ليست مرادة لنفسها وإنما مرادة لما رمزت اليه ولما أُلغز فيها). ما يعني أن الرمز (في أغلب حالاته) لا يتمخض داخل النص أو يحضر إلى أعماق العمل الفني بواسطة (الجمع) بالقدر الذي يحتاج فيه إلى ما يشبه التوحد الصوفي الذي سيجمع لاحقاً ذات الشاعر بذات العالم، وتبدأ الذات بالإتيان في لحظة التوحد هذه مستحضرة الرمز كجزءٍ لا يتجزأ عن كتلة أو لحمة التكوين الكلي داخل المنجز الفني أو الأدبي، حاله حال اللغة والتراكيب والصور وما شابه. أعود يا منال لأقول: إن رغبة بعض الكتاب في التفنن باستحضار الرمز داخل النص النثري ككائن مجرد/ أو متجرد قد أبعدهم كثيراً عن بؤرة الذات، وحول الموهبة الشعرية إلى ما يشبه الرغبة في التعبير لا أكثر، وغالباً ما تنجب هذه الرغبة نصاً مفعماً باللغة الحيوية، وبالمفردة الجذابة المبهرة، ولكن اللغة ليست هي نفسها الحالة الشعورية، ولا هو النص الأدبي الذي نحتاجه (في النثر كان أم في الشعر) بذلك النص المصفوف من حيث بدء العنوان وحتى نقطة ختام الثيمة أو الفكرة صفاً لغوياً متجانساً، إنما نحن بحاجة إلى الشعرية التي تتفجر في دواخلها اللغة، كوننا ننطلق في كل أعمالنا الفنية من حيث الإحساس والشعور أولاً، ومن ثَم تأتي كما شاءت أن تأتي لنا اللغة بأجناسها ومحسناتها وتورياتها وبلاغاتها الكثيرة. . |
اقتباس:
العزيزة منال , أهلاً بكِ كثيراً . النّثر فنّ , يحتاجُ كغيرهِ من الفنون روحاً قادرةً على الإبداع و التّعبير و مقوّماتٍ فنيّة يتمّ تحسينها باستمرار و تطويرها و صياغة جودتها . حضورٌ جميلٌ يا منال , لا عدمتكِ . |
الساعة الآن 04:22 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.