" التميّز في كتابة الشعر الفصيح في هذا الزمن أشد صعوبة مقارنةً بالشعر المحكي .. " أُوافقك الرَّأي في ذَلك ؛ فالشّعر فَنٌ لَفظي ، والشَّاعر العَربيّ قَديمًا وُلِدَ مَوهوبًا بالفطرة فَلم يدرس اللغة العربيّة الفصيحة ، والبيان ، والإعراب في المعاهد ، والجامعات إنَّما تحدّثها بفطرته التي وُلِدَ عليها ، فَمِن الطّبيعي جدًّا لنا نَحنُ الذين وُلدنا في زمن انحراف اللسان عن العربية الفصيحة ، ألّا نجيء بقصيدة بذات الجَودة التي جاء بها امرؤ القيس مثلًا ، وكذا الأمر سيكون صعبًا على شاعر الجاهلية أن يقدّم قصيدةً عاميّة بذات الجودة التي سيقدّمها الشاعر الذي وُلِدَ بالفطرة على لغته العاميّة، لذا تَكمُن الصّعوبة والتي أراها فقط من ناحية الصّياغة اللغويّة ضمن ضوابط معيّنة فقط ، وثراء المُفردَة التي نفتقر لها ؛ فالموهبة تَغلب المُكتَسب وتتميّز عليه . أمّا من النّاحية البلاغيّة فأرى أن الحكم هو القُدرة على الإتيان بشيء جديد ، فالابتكار لا يحدّه زمن أو عصر ولا يقتصر على شعبٍ دون الآخر ؛ فالجاحظ قال: " أنَّ الأفكار مُلقاه في الطّريق " والطَّريقُ لكُلّ مكانٍ وزمان ، لا بَل أرى أنَّ هناك مالم تلتقطهُ عينٌ بَعد أشدُّ جَمالًا ، وجَاذبيّة ينتظر من يقدّمه ، لذلك فالقصيدة العاميّة قادرة على السُّطوع بالفكرة المُبتكرة ، وببلاغتها الآسرة لأنَّ مساحتها أوسع ، وشاسعة لا تحدُّها قوانين الإعراب . يتبع .. |
- بالنّسبة لمسألة الخلود في الشّعر ، وأنَّ القصيدة الفصيحة تمكّنت من ذلك على عكس القصيدة الشّعبية فإنَّ الأمر يرجع لعدد من العوامل ، وأولها أنَّ الشّعر كان قديمًا ، وسيلة التعبير الأولى في زمنٍ نَدُرت فيه وسائل التّعبير لكثرة الأميّة وقلّة الكتابة آنذاك ، لذا نظموه ببراعة فائقة للتعبير عن حياتهم ، مفاخرهم ، كرمهم ، بطولاتهم ... فكانَ محلّ تقدير كبير ، واعتزاز حتّى أنهم إذا ما نَبغ بينهم في القبيلة صَبيٌّ شاعر أتتهم القبائل مُهنّئة ، ووجدت الأسواق التي تحتفي بالشّعر ، وسميّ أجودها بالمعلّقات ، فهذا الاحتفاء البالغ بالشعر كفيل بجعل العرب آنذاك يحفظونه عن ظهر قلب ويتداولونه بِحُبّ ، وفخر ، لذا نال الانتشار الكبير ، والأهم من ذلك والذي أراه سبب قويّ من أسباب خلود الشعر الفصيح هو تناوله كمراجع أدبيّة تاريخية مهمّة ، وتناوله دراسة ونقدًا ، وبلاغة .. فالكثير من الأدباء كانت دراساتهم وأبحاثهم تتناول القصائد العربيّة .. فهي مصدر مهم للكثير من الدراسات حتّى يومنا هذا ، فكيف لها ألّا تُخلّد ؟ عدا ذلك فالقصيدة الفصيحة لها هويّتها العربيّة التي تَبرُز في كافة الأوطان العربيّة. أمَّا القصيدة الشّعبية لم تنل ما نالته الفصيحة من اهتمام ، من ناحية الدراسات الأدبية وتسليط الضوء عليها كمرجع بلاغي على اقلّ تقدير ، وأيضًا انحصارها في بيئات معيّنة ، فهي تتخذ لُغة الشعب التي انبثقت منه ، ففي كلُّ قُطرٍ عربي هناك قصيدة شعبية ولا سيّما في الباديات العربية ، فالقصيدة الشعبية في الجزيرة العربية قد لا تفهمها الشعوب العربيّة الأخرى كما هو الحال مع الفصيحة ، ولا الشعبية المصرية قد تكون مفهومة لدى أهل الجزيرة ... لذا فمساحة الانتشار الضّيّقة التي حظيت بها القصيدة الشعبية ، كانت من عوامل تفوّق الفصيحة عليها لأنّها وجدت أفقًا شاسعًا للوصول لأكبر شريحة من النَّاس، وكذلك كثرة وسائل التعيير اليوم جعلت فرصة الشعر في الوصول والانتشار تكون أقل مقارنة بالشعر قديمًا ، فقد تُخلّدُ أغنية ذات كلمات رديئة ، أو عبارة تافهة قيلت دون قَصد ، وتطوى صفحات الكثير من القصائد التي تستحق الخلود . وهذا لا يعني أنَّه ليس هناك قصائد شعبيّة خالدة ولو على محيطٍ ضيّق ، فمثلًا هناك الكثير من القصائد الشعبية التي تفوّقت في جمالها وحكمتها وبلاغتها على الفصيح ، وتناقلتها الألسن في البوادي العربية إلى يومنا هذا . القصيدة الشعبيّة قادرة على الوصول والسطوع والإدهاش لأنني وجدت في بعض النماذج الشعريّة منها بلاغة تتفوّق على الكثير الكثير من القصائد العربية الفصيحة فالابتكار لا يحدّه زمان ولا مكان . بالنّسبة للقرآن الكريم نعم هو أكبر مصدر بلاغي يُثري أي شاعر ويهذّب لغته ، فالذي يدرس البيان القرآني ، بلا شك سيعرف أنّ الكلمات ، والحروف لم توضع عبثًا إنّما لكل كلمة موضعها البلاغيّ الإعجازي الصحيح الذي يدهشك جدًا . |
أسعد الله أوقات الجميع بكل خير
الأدب ( شعر فصيح وعامي ) فن يخلد تفاصيل عصره يترك بصمته ينقل حياة ممتدة بتفاصيلها اللغوية الإجتماعية الثقافية لو لاحظنا عصور الضعف الأدبي برزت فيها اسماء وخلدت تفاصيلها قصائد رغم مااعتراها من ضعف لذلك عندما يكتب الشعراء اعتقد أن أغلبهم إن لم يكن الكل يسعى للتميز في أطروحته يجمع فيها روحه ومشاعره وقيمه وأصالته أما الخلود فقد تكون نتيجة لن يراها بل سيكتبها التأريخ للأجيال ويكفيه أن تكون في ميزان حسناته هذا ما أردت مشاركتهم به على استحياء فمازلت أتعلم منكم جميعا شكرا للجميع كتب الله أجركم وبلغكم ماتتمنون |
اقتباس:
- ياصديقي الرائع : الشعر ليس علم نفس ولامعادلة فيزيائية ولا … الخ هو كل شيء ، كل شيء بلا تحديد ! الشعر لاتعريف له إلا أنه الشعر بعظمته وبساطته ، بصعوبته وسهولته ، بفكرته ونظرته بزهرته وثمرته ، بومضته وإمضاءته بصخبه وهدوءه بضوءه ووضوءه .. هو شيء يقع على المرء كوقع السحر .. هذا كله ولم نصل حتى لثلثه : ونأتي لنقول / هو الكلام الموزون المقفى " ونقطة . القافية في الشعر : علم بحد ذاتها أخذنا المعنى السطحي لها ثم رددناه ووقفنا عنده .. الوزن في الشعر : بحد ذاته علم ، جعل الخليل بن أحمد الفراهيدي يركض كل حياته ليأتي لك بهذا الإبحار والإبهار في علم العروض والقافية لكي نتحدث عن المفهوم الشاسع عن الشعر نحن لانحتاج لمتصفح ، بل نحتاج أن نتحدث من الآن حتى نشيخ ولن ينتهي الحديث .. لأنه فعلاً لاينتهى من العصر الجاهلي ومن المعلقات التي كتبت بماء الذهب ووضعت على ستار الكعبة حتى وصلنا لمتصفح الكتروني في شبكة عنكبوتية .. - شكراً ياسالم على كرمك الممتد :34: |
اقتباس:
ياحبيب روحي ياصالح والله نتعلم منك .. ببساطة شديدة ، الرموز في الفصيح - الرموز في الشعبي أحسب الأسماء ، ستجد أن الأسماء في الفصيح لاحصر لها .. وفي الشعبي أقل ، لاأتحدث عن الكل بل الرموز من خُلّدت اسماءهم - تصدق ياصالح عندما طرحت رأيي في الهدوء قلت " لمن يريد شيء " وأنا والله لاأريد شيء ، هو رأي أقدمه للشعراء ك طاقة إيجابية للشعراء الشعبيين بس ماش مافيهم خير قلبوا علي هههههه |
اقتباس:
هذا المغرور يقول على عجل .. تباً لك ياخالد - بدون التجريب لايمكن أن نصنع شيء .. لايمكن مدد ياخالد :34: |
اقتباس:
- وهذا الرد ثمين :34: |
اقتباس:
رأيك رائع وصحيح - وكل الآراء صحيحة ، وكم أنا فخور وسعيد بكم .. - :34: |
الساعة الآن 04:21 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.