![]() |
. . منذ نُطق بالحُكم وأنا أعيش خارج التوقيت الرسمي للعالم !! ليلي لا يبدأ حين تغرب الشمس بل حين تمرّ المحاكمة في رأسي كأنها حكاية لا نهاية لها . ليلٌ لا ينتهي !! لا شيء في الحكم يستدعي النقض لأنه لم يُكتَب ليُراجَع ، بل ليُسحَق به عمري القادم . وما تبقّى من عمري؟ لم يعُد عمرًا ، بل وقتًا مستعارًا ، أمشي فيه بحذرٍ من نفسي حتى النوم كـأنه جلسة استجواب !! . . |
. . وبعد أن انتهت المحاكمة في داخلي لم يعُد الصمت حماية ، ولا الصبر يُفهَم كقوة ولا الوفاء كافيًا لردّ الظلم !! كان لا بد أن أكتب ما يُشبه الوصية لا لمن أنصفوني - فهؤلاء قلّة - بل لأولئك الذين سيأتون بعدي على هيئة صدقٍ لا يجد من يحميه كي لايُدانوا إذا صمتوا ولا يُجلَدوا إذا صبروا . . . |
. . ومن رحم ( !! ... نـذرولـوبـيــا ... !! ) خرجت هذه الوصايا نبضُ صدق وعهدٌ لم يُخلَف خرجت كدروسٍ في الصبر والكرامة لكل قلبٍ يبحث عن العدالة في محاكم الحياة التي لا ترحم وكتذكيرٍ لكل من يحارب في صمت ليصنع عدالته الخاصة وحده . لأن ما سيأتي بعدها أشدّ من الصمت وأقرب إلى جذر الحقيقة . وربما .... أصدق ما كُتب قبل أن يصمت القلب ، لا القلم : : ؟ . |
. . أولى الوصايا : لا تطلب الإنصاف ممن تجاهل ألمك فمن لم يلتفت إليك وأنت تنزف لن يُنقذك وأنت تُحاكم . الثانية : لا ترفع رأسك في محكمة لا تعرف الله حتى لا يُحسب انكسارك وقاحة ، وصبرك مراوغة فبعض المحاكم تحاكم ملامحك يوم وجعك لا أفعالك . الثالثة : لا تجعل النية الطيبة درعًا أبدياً لا احد يرى النوايا ، والصامت يُدان قبل أن يسمع له أحد . الرابعة : إياك أن تصمت لتُنقذ من لا يرى نفسه فمن لا يعرف خطاياه، سيبني عليك حائطها ثم يدينك على شقوقه عندما تسقط . الخامسة : لا تفترض أن من يعرف صدقك سيحميك أحيانًا يُرعبهم صدقك لأنه يفضح تزييفهم دون أن تتكلّم . السادسة : الصبر المكتوم يُفسر ضعفاً وحين يُصدر الحكم ، لا يُذكر أنك صبرت بل يُقال : أنك ( قصرت ) . السابعة : لا تجعل خوفك من خيانة النذر يُبرّر لهم خيانتهم لك فالنذر لله لا يُفرِّط في الكرامة، ولا يُلزِمك بالصمت أمام القسوة . الثامنة : اكتب وصيّتك وأنت بكامل عافيتك استعدادًا للخذلان فأقسى المحاكم تلك التي تُعقد دون علمك ويُدينك فيها القريب بصمتٍ لم تستأمنه على ألمك .. . . |
. . هذه ليست وصايا عابرة بل نُطقٌ مؤجل لثمانية أرواح أثقلها الصمت نُذورٌ كُتبت بما تبقّى من صدقٍ لم يُنصف !! هي لأجلكم أنتم الذين يشبهون النقاء في زمنٍ يخذله كي لا تصبحوا ضحايا لصمتكم ولا يُجلَد أحدكم لأنه صبر .. أحفظوها جيدًا واحملوها معكم في دروب الحياة فقد تكون النور حين تُظلم العدالة والدليل حين يضيع الطريق .. ما سيأتي بعد هذا قد لا يكون أخفّ لكنه بلا شكّ : أصدق . وأكثر حاجة لأن يُقال قبل أن يتجمّد النبض لا الوقت !! . . |
. . النذر الذي فتح قلب الأسرار ذاك النذر الذي أُبرم في العتمة علّمني أن الطيبة لا تُكافأ دائمًا وأن من يحمِل النية الطاهرة قد يُذَبّح بها دون أن يفهم أحد لِمَ تألم !! ذاك النذر ذاك الوعد الصامت مع الله هو من جعلني أكتب لأرتّب ما بقي من إنسانيتي وأحملني إلى جهة الضوء ، حتى لو لم يفهمني أحد يكفيني أن الله رأى وأنني أخيرًا رأيت نفسي .. . . |
. . بعد أن كتبتُ وصاياي لم أُشفَ .... لكنني شعرتُ بشيء ثقيل ينزاح عن ظهري كأنني خلعتُ صمتًا عتيقًا كان يُرهقني بصمت !! ما زال في القلب وجعٌ لا يُحاكم وفي الذاكرة مشاهد لا تصلح للشهادة وأصبحت أعرف حدود الصمت الذي ظننته صبرًا فاكتشفتُه اختناقًا طويل الأمد وأدركت أن أولئك الذين انتظرتهم لإنصافي لم يأتوا ..!! لكنّ الله رأى والكتابة رأت وذلك يكفيني كي أواصل . . . |
. . بعد الوصايا لم أكتب لأتوسّل الإنصاف أكتب لأُشهِر ما ظلّ مسكوتًا عنه : خذلانٌ تَنكَّر في هيئة رحمة ويدٌ أُعطيت لتُذل !! كانوا يعرفون أني أنزف لكنهم انتظروا انحنائي ليبدو إنقاذهم بطولة سجّلوا كرمهم على جبيني ، لا في دفاتر الغيب . هكذا يُكافأ الصابر حين لا يسأل ويُدان الحياء في محكمة العطاء المتعجرف !! . . |
الساعة الآن 10:02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.