![]() |
الموت المؤقت
لم أمُت ، والحقيقة أني نمتُ طويلاً . لا أدري صراحة كم عدد الأيام والليالي التي قضيتها في سباتٍ عميق ، ولكنني لمّا أفقت ، بدا لي جسدي نحيلاً كعود الثقاب ، ولحيتي نمت بشكل عجيب وباتت تتدلى على صدري ، وأظافري صارت بطول إصبع السبابة . حاولت أن أتذكَّر ما حدث قبل غيبوبتي المفاجئة ، ولكن النسيان غلبني ، كما لو أنني فقدتُ جزءًا كبيرًا من ذاكرتي . الشيء الوحيد الذي أستطيع تذكَّره ، أنه حدث في باكورة الشتاء ، وما دمتُ لا أطيق الزمهرير ، وأمقتُ الذكريات التي تنهمر كندف الثلج فوق رأسي في هذا الموسم بالتحديد ، شكرتُ السماء على النعمة ، ورضيتُ بالموتِ المؤقت . |
أترنح بين الجنون والعقلانية، وبين الهدوء والضجيج، وبين البوح والصمت، وبين الجدّ والهزل. وأودُّ لو أستريح من كل هذا، وأُغمِّضُ عيني إلى الأبد. |
حين تعودين، سأنضو ثوب الحزن عني، وسأكتسي ثوب الربيع، وسيكون لي اسمٌ جديدٌ، وميلادٌ جديدٌ، وسأحبك مرتين. |
الفرق بين الإنسان الطبيعي والإنسان الاجتماعي عند هنري ثورو " إن الإنسان الاجتماعي كائن صغير إزاء الإنسان الطبيعي: الأول يعيش في المدينة، وهو محدود الاختبارات والآفاق، له هموم صغيرة تستوعب نهاره بل بعض ليله، وهو يعمل جادَا متعبًا كي يجمع ثروة أو يحقق غاية اجتماعية طول عمره، ولكن الإنسان الطبيعي لا يحتاج إلى أن يكد ويتعب إلا للحصول على طعامه وكسائه، أما سائر وقته فينقضي في الالتصاق بالطبيعة " . |
ياه..مرّ وقت طويل لم أرَ ظلّي، ولستُ أدري إن كان يتبعني أم تركني وحدي ورحل! |
لم استهن بالصمت قط، إذ إن بيده القوة ليحيل الجمرة الملتهبة داخلي إلى رماد. |
ساعات في المقبرة
في الليلة الفائتة، أصابتني نوبة هلع، فخرجت من المنزل وأنا اترنح، ومشيت في الشوارع الواجمة على غير هدى، حتى استقرت قدمي عند بوابة كبيرة، فخطرت ببالي فكرة أن أنزع ثيابي وأدخل عاريًا، وفعلت ذلك. كانت مقبرة واسعة جدًا، فصرتُ أحدَّق إلى الحُفر لعلَّ العين تعرف المحجوزة لي منذ الأزل، وأستريح فيها، ولا أنهض إلا بعد قرع جرس القيامة. كان حارس الموتى يقظًا في غرفته وقد انتبه لأمري، وأطلّ وجهه الكبير من النافذة الصغيرة، كان مذعورًا وجزعًا، ولم يجسر على الخروج من الغرفة والحديث معي، ظنًا منه أنني كنت من ضمن الأموات الذين دفنوا في الظهيرة، والوحيد الذي اصطفاه الرب برجوع الروح في المساء، ولمّا رآني أتمايل كالعربيد، تحول الظن إلى يقين، فأغلق النافذة وأوصد الباب. بقيتُ وحدي لساعات أرنو هنا وأرنو هناك، حتى اقتحم رجال الشرطة الجبَّانة وطلبوا مني التوقف عند مكاني وألا أتحرك شبرًا واحدًا، وإذا لم أسمع الأوامر سيطلقون النار، فقلت في نفسي، افعلوا إن كنتم رجالاً، هذا مكاني ولن أخرج منه أبدًا، فخطوت خطوة شجاع، وتجاهلتهم جميعًا، وسرت بين القبور أشدو وهم يصرخون من خلفي، حتى سمعت رصاصة تحذيرية في الهواء، فلم تثبط عزمي، وأكملت سيري وغنائي حتى أطلق أحدهم رصاصة في جسدي فسقطت على الأرض، ولم أدر عن نفسي إلا في غرفة صغيرة وممرضة بجانبي. |
حين لا أشعر برغبةٍ في فعل أيّ شيء، أجلس على الأريكة، وأتفرّج على شريط حياتي، بدءًا من ذكريات الطفولة وحتى قبل الجلوس على الأريكة. |
الساعة الآن 12:52 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.