أعلم بأنني سأذوي
كنخلة في آخر رمق لصيف ينذر بالأفول
ينفرط وجعها الناضج شهيا مدرارا في فيافي واحة مقفرة
وأعلم بأنه حين سيشتد الشتاء
ستغني رفاتي الشاحبة قيثارة المطر
وستحمل ملامحي ريح شاردة الذهن
تضرب بها قداسة وجهك المصلوب على سياج القدر
لتتلقفني غابات عينيك وأتجذرك
قبل أن أتلاشى في ذاكرة إعصار مجنون

على رسلك أيها الحزن
لم يعد ما تبقى من الفرح
كافيا لسد رمق النبض
وهذا الموت البطيء
وكأنه فراق على خجل
أسقط الخمار عن حلم أوشك على الذبول
فكشف عن عورة الأنين ومكامن الوجع
يا بائع الفرح بابتسامة من عينيك
كيف أتسلل إلى غابات أحداقك
وهذه الغشاوة المظلمة تمنعني وتحجبك
كيف أبتسم على ضفاف وجدانك
وقد أغرقتُ شفاه الوجد بعذاب ظنونك وقسوتك
كيف أبحر في عروقك
وأستل الأمان شراعا من نبضك
كيف أناجي خلجان لهفتك ،
وأمواجك الغاضبة هائجة كلما اعتليتها
قذفتني على صخرة الشك وفوق جنون غيرتك
يا سيدي أنا لا أكذب
وأجهل كيف أتجمل
وما من أحد غيرك عالق في مضغتي
فـ أرخي مسامعك بعناق يحتوي ابتهالاتي
وأصغِ إلى حديث شوق تموسق لحنه على أوتار هواك
تبا في مضارب الحب ما أتعسني وما أجهلك

بسيطة جدا قلوبنا،
ترسم سعادتها بالهرولة خلف عشق
بأزهارها الذابلة
وعروقها المضطربة
تنشد ضالتها في حلم يقطن السماء،
تحيطه نجوم مضائة باللهفة
وقمر مثخن بهوس الحب وبهجة الأماني ،
يرسم على وسائدها الخالية
ملامح طيف يدس احساسه في الوريد
ليتورم شوقا وجنونا

بريئة جدا عواطفنا
تترصد مشرعة نوافذها للص
يسرق الوجد من براثن العقل
يغير مفهوم خوف معلق
في ذيل أمنية مشتهاة،
ويملأ الفراغ الموحش
برطب الحب ورذاذ الحياة

وشاحب جدا قلبي
المشرب بألم يحتضه صدري
يبسمل بملء التناهيد على وجع الحواس ،
يمسح عيني بمنديل مكابر ،
يرشق وجهي بماء الرحيل ،
يلملم رفات الحلم،
ينثرها فتاتا لعصافير الصباح،

ومرة أخرى
يدق الحزن أوتاده في جوف الحنايا ،
ويطبق بلونه على جفن
لطالما كابد البقاء محتشدا بنور
تنصل من الضيق خلسة،
لينطفئ في فجيعة محجر سوداء،
لا شيء سوى نوافل وتراتيل
آيلة للسقوط من حنجرة
تمارس الموت البطيء
يقينا باختناقها الأخير

كنت إذا تسلل الصباح الى مخدعي
أطوي ما تناثر من أشواقي
ألملم ما علق على الوسادة من فصول مثيرة
وأسرح شعر الليل قبل أن أدس نزق أحلامي في سباته
ثم أفتح عيني،
ببساطة لا أؤمن بـ
استيقظي لتحققي أحلامك

يزهر الشوق على ثغري
ويرف النبض كفراش محلق فوق عطر يضوع من ثنايا الأنفاس
تتأرجح التناهيد صعودا وهبوطا
وكزهر اللوز يورق قلبي
ومازال الصمت سيد المواسم ..!!