المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مولاتي الأميرة.


الصفحات : 1 2 [3] 4

أحمد الفلاسي
08-19-2010, 10:24 PM
المشاعر الجميلة كالنبات لا يعرف مناهضة الموت واليباس مادامت الشمس تمده بضوءها، وتستشرفه بدفء قربها، وفي ساعة ما تميل النبتة تبحث عن شمسها، وتسعى إلى نورها المتماشي مع تسامت الجدران ، وفي لحظة تفاجأ بأن الشمس تدبر إدبار المبغض، وتحيد عنها كالجاهل كنهها، وسرها..فتذوي النبتة، وتشيخ في صباها لتعلن عن موت محقق لا يد لها فيه، ولا حيلة منها إليه إلا النظر إلى ذلك التجاهل المقيت القاتل .
وكم في حياتنا من ممرات سرعان ما يتجاوزها النظر لأنها ليست له بمستقر، وليس في صدى ندائها إلا صمم وتغافل لا يجدي معه أمل في بقاء حياة..وكم من أوساط تود لو غرستها من طيب قلبك، وصفاء نيتك، وأصل ما أنت عليه من بياض لا ترى للغراس نتيجة لأنها أرض بور لا تقبل بذرة، ولا تمسك ماءً.
لقد عجبت لتلك المشاعر الفياضة تموت بداء اليتم في زهرة شبابها، وقد لا تجد من يترحم عليها إلا نعيق الغربان في البراري الشاسعة البعيدة عن مس قدم إنسان.

أحمد الفلاسي
08-19-2010, 10:58 PM
"لكل شيء نهاية"..مقولة غير محتملة في فلسفة العشق، فالعاشق لا يعشق لينتهي إنما يعشق ليبدأ مع كل مرحلة من مراحل صبره رحلة جديدة حتى مستقره، وموعد حصول مقره مع محبوبه..ثم يبدأ من جديد حياةً يعود سر بدءها إلى تجدد حسن محبوبه في نظره في ارتقاء لا يعرف الرجعة، أو الركود.
وما رأيت عاشقاً اشتد حرصه على شيء كحتمية البقاء، وسرمدية الخلود لحياته الموصولة حياتها بمحبوبه، وربما ذاك هو السبب في أن ثلاثة أرباع شكوى أهل هذا الحال تنحصر في هذا المفهوم..شكوى تتنقل بين رغبة ورهبة، وقرب مشوب بخوف، وبعد موسوم بشوق، ومابين البعد والقرب من وسطية إلا حالة دمج الخوف بالشوق بحيث يتولد منهما حال أقرب إلى فقد الصواب في معرفة الذات، ومعرفة الذات الأخرى بوجه لا يكاد يخرج عن إطار العجمة في تفسير الحالة.
وما اليأس الحاصل من فقدان قرب المحبوب بنهاية لمبدأ العشق!! إن هذا اليأس يحيد بالوجه فقط عن جهة المحبوب ، مع بقاء الوجهة مولية شطره حتى ينهي الموت تلك المسرحية العابثة أصلا بقداسة الحياة، والموت، مع استقرار معنى الحياة والموت فيها.

أحمد الفلاسي
08-20-2010, 02:23 AM
مالي أراك إذ أراك تحاذين جانب الجانب من بوحي، وإنشاد مقدمات لوعتي، وحبي!! ألم تعلمي أن خفق نعليك بجانبي ينقر على مسمع روحي ..النقرة الأولى سلام، والثانية معنى كلام، والثالثة رسول هيام، ثم أنتِ بكليتك هنا!! هنا حيث أنا! وحيث إقامتي الدائمة متسمرا في مكان فيه أنت، أو فيه على أقل تقدير شيء من أنت يا أديبة حلف الحرف منذ قريب ألا يتخطاها حتى يصير لها بيرق سلام مني، وشارة غرام مني، ورسالة أقسم عليها أنها ما تجاوزتْ مابين ابتسامتك ، وتحدر خديك بنزق الحب عبر لغة غير مفهومة.
أنت هنا!! ياللعجب ..أقول هل أسر إليها بشيء؟؟ هل أكتب لها عن شيء..عن شيء أجده خاصة عند رؤيتها، وأعيشه خاصة عندما أكتبها وهي بجانبي.
تعالي..ما بقي على موعد السحر إلا طيفك الزائر برفقة اسمك وأنت هنا..

أحمد الفلاسي
08-20-2010, 02:39 AM
يا أديبة تكتب بلغة بيانها يعتق القلم من عبودية المصالح الخاصة والعامة، وتتعب القلم في مسيرة لا بداية لمنتهاها إلا بتأصيل الحقائق مظنة تقريرها للعيون الفاحصة، والعقول الناظرة ..قرأتها فلم أترك لغيري منها نقطة إعجام، ولا خلو إهمال، وماذاك إلا غيرة مني على صون بيانها أن تتفكه به عيون زائغة، وتتلاعب به ألسنة من التقييم الصحيح ناقصة..وغرت عليها كلية من أن يعادلها غيرها بغيرها، وهي التي سبقت أدوات الاستثناء قاطبة قبل أن تتصرف في إخراج ما تهوى مما لا تهوى، وقبل تعديها عليها بقواطع لا تقبلها لأنها ممن قطع الأدب بمكانتها قبل أن يقول الأدب كلمته.
أديبة أعلنت عن سر الجذب في سطورها وهي تسترسل إلى القلوب قبل استرسالها إلى عالم الصفحات من كتابتها.

أحمد الفلاسي
08-20-2010, 03:35 AM
أشفقي قبل أن تفضحنا السطور ، وتضج مما بنا الصدور، وتترقع أمانينا بمُزع الوعود الباهتة، وهي التي قرأها الجميع في سطورنا، وغابت عنا ..عنا نحن في شائكة الجدال، وشواغل الحدود الظاهرة البائنة عنا يا حبيبتي.
واليوم، وبعد أن توسدت ذراعي ، وعلى الذراع الآخر صفحات نصوصك أهدهد بها جفني من أرق شغلي بك ، واشتمالي ببردة من حروفك لم تزل رائحة حبرها تتوافد على رئتي فتزيل عنها زكمة الآدمية المعدية قبل معرفتك هذه الأيام.
أصدقك القول..إنني ما تمعنت في كلماتك باحثا عن أدب منثور، أو نظم مسطور بقدر ما تفيأتها والهجير يأكلني قبلك أكل السعير ، ويرديني في حومة القفر الغريب غريبا مثله، وهكذا حتى راودتني أول رسالة منك شفّتْ عن روح منك تقول لجسدي: لا خير في الدنيا إذا لم نتعانق وأنا منك الرَّوْح والرُّوح.

أحمد الفلاسي
08-23-2010, 05:05 PM
أنا بذاتي عالم خارج عن أطر التحكم، سابح في غمرات من التيه يصعب على العقل القطع بتفسيرها، أو كشف الغطاء عن ماهيتها، لو استغرقتُ في البحث عن هذه الذات الضائعة لما وجدتها، وكيف أجد مارقاً لا يؤمن بالحدود الإنسانية، ولا يقر بالتشريعات الأخلاقية ، بل ولا يذعن ولو بثانية صمتٍ لاسم توجيه إرشادي يخلصه من غيه، وفساده.
ماذا أريد أنا من أنا؟؟
ومالي لا أعترف بتركيبتي الثنائية من عقلي وقلبي ساعة ما أقف على بحر حبي الضائع ، وأسترخي على حصباء ساحله كأنما أحتضن الوجود كله في ضمير مؤنث بيده سكين قاضية على ضمير مذكر يموت أمام عينيه؟؟؟؟
ولم لا تتشكل ماهية الحب إلا وفق سلسلة من عذاب الروح، وتهشم الجسد؟؟
وكم بقي على طريقي الطويل من مسافات لم أقطع منها إلا أقلها وأنا أُنَظِّر للعشاق كيف يحبون، وكيف في سبيل الهوى يموتون؟؟ وهل لتلك المسافات من نهاية يكشف القدر لي بعدها عن مستقر يودعني فيه فأجد ذاتي قد رزقت نعمة القناعة، ورحمة الخلاص من مرض الهلع والطمع؟؟
وهل فهمني قرائي من خلال بكائي المترجم حروفاً، واستغاثاتي المولودة كلاماً، وحَشْر قيامتي المقهورة كناياتٍ لا يعيها إلا من أدرج هذا الواقع في كفن النسيان، وآمن بالعالم الغيبي مرجعاً، ومآلاً؟؟؟
أحبها..نعم..وذاك مني بمنزلة اليمين، وقرار اليقين، والكلمة الأولى والأخيرة صدّق عليها آدم أبو البشر، ثم انتهت إليّ تحيرني، وتسقمني، وتكيلني هموماً لو بكتْ روحي بصوت مسموع منها لما استراح إنسي، ولا جني من شدة عويلي.

أحمد الفلاسي
08-24-2010, 02:06 AM
دعوني يا عوّادي في غمامتي ، وغيبوبة ذاتي عن ذاتي، أنا لم ألتمس يوماً مخرجاً يفسح لي الطريق بعيدا عن همي، ولا حرية تعتقني من رقي وعبوديتي، أنا لم ألتمس من معذبي تخفيفا، ولا تعقلا، ولا رداً جميلاً إلى دائرة تمييزي..فالتيه معاشي، والضياع معادي، ونجوى الأوهام ساعة عجّ الروح بالألم ديدن يومي وأمسي وغدي.
حاولت، وتجاسرت على أن أتنفس مرة هواءً صريحاً في نقائه يأخذني أدراجه إلى بيان واضح قد يريحني من مدلهمات غمامتي، وضياعي مرة ..فنسيت الهواء مع نسيان متنفسي معه، وعدت لأزاول خصيصة اللجوء إلى الفضاء عل فيه من بدائل أقبلها مهما أزكمت أنفي، وكدرت داخلي. وما زلت معلقاً بخيوط واهنة في سقف الانتظار الفضفاض لا أدري أيسقط السقف علي، أم أسقط من السقف لأنه أخلى سبيلي ، وعرضني للسقوط من يديه الثابتتين.
الإنتظار!! وياله من كمين موقوت بإرادة العوارض، ومنصوب ببغية هذا القلب الذي أتعبني كثيراً ، ثم تركني في تعبي كالمتفرج على تهدم ذات قتلها الإنتظار على منصة قلب كافر بالحياة بعيداً عن سيف الإنتظار المسلط.

أحمد الفلاسي
08-24-2010, 03:34 AM
سري مخبوء في كتابتي ، وتلك هي سطوري تتعهدني دوماً بقربها من أنفاسي السخينة ..لتنسجها خيوطاً من حرير إذا مالامست شحوبي صار باللمس اللطيف غلالة من رقيق النسيم، أو برداً من رباب الشتاء الماطر. وإنما الفضل لسطوري ، وعليها التعويل في تخليصي من جوف كالجمر يزداد لهيبه لهيباً، ولو أن لصرخاتي المتتابعة أذناً تسمع لصمّت منها بينما يأخذها الشهيق، ويرسلها الزفير.
وما كان لكلماتي أن تحتملني لولا العهد القديم في أن نعيش معاً، ونموت وكلانا يهب الروح لصاحبه إذ لا بقاء لإحدى الروحين عند فقد الأخرى..وما عساها أن تحتمل سوى قلب شاعر يتناهى في الإسرار حتى يختفي سراً، ويتصاعد في الإعلان حتى يستطيل إعلاناً، ويموت ويحيا بهما درجة وسطية بين الموت والحياة حُرمها الثقلان، وخص بها الشعراء لأنهم هم الناس بين جميع الناس. وما زال احتمالها قائما برغم ما أسدي لها من قرائن الهلاك، وأزف بين يدي حروفها من دواعي الفناء، وأسباب العناء..
لك الله يا حروفاً نبض بها كل قلب قرأها، وأبصرت بها كل عين عاشتها، وأقنعتْ بحقيقة احتمالها من كان يظن فينا الجد لعبا، والشكوى العالقة بجدران الحروف تملقاً، وتجاوزاً..لك الله.

أحمد الفلاسي
08-25-2010, 01:16 PM
جميع المقاييس والموازين بينكما ساقطة سقوطاً أبدياً، زائفة مهما حاولت التلمع، بعيدة مهما حاولت الإقتراب، شقية مهما حاولت الإسعاد، كأنكِ وهي رقائق الذهب أمام رضائف الخزف، وشوارد المحال أمام قرار الحال..فأنت ليلى المجنون لم يهتد إلى كنهها حتى شتت نفسه في دروب لا تلتقي عند نقطة، ولا تنتهي عند هدف..وما جنونه إلا من قبيل الحقيقة في أنه ضيع قلبه، وأرهق قالبه حتى مات موتاً قبل موت، وسابق ليجد ذاته وقد سبقه الفوت، ولم تزل ليلاه نقطة في محيطك الطاغي، وقطرة في بحر حسنك الضافي.
وأنا كنت قبل أيام حاضراً صار بعد هاتيك الأيام ماضيا لا رجعة فيه إلا أن يشاء الله، وما أسبق الحاسد إلى نعتي بالتبدل، والتغير، ولو علم حالتي معك لأنصف لهذا القلب ترقّيه من حضيض الحضيض إلى سماء لا تطالها سماء..ولعذرني أنني بعت عاجلا بآجل، ولم يكن قبض الثمن نسيئة، إنه الغنم بعد الغرم، والظفر بعد طول الصبر، والفرح بعد سبيي في براثن القهر.
لله أنت يا قلب الشقاء!..تطعم من صفاء الكاس النعيم الأبدي وما زلت تناشد الأمس رجوعاً..لا يا قلبي لا، ثم لا!! وكم بين لاء ولاء من طمع أن تصير حياتك لاءاتٍ لا نهاية لها لو عدت إلى ذلك الأمس مرة!.

أحمد الفلاسي
08-25-2010, 01:42 PM
اشتاقت الروح إلى مرابع الحب الأولى، ومراضع الولاء الصافية يا قلبي الناهل منها ما ينشز به عظم العمر الصلب ، ويبتل منها كل عرق كان في عداد الموتى قبلها..
اشتاقت المفاصل مني إلى تربيعة جاثية في ميادين الحب الرحبة الفسحة الفيحة، وناداني -يا أهيل الود القديم- كل عود مائل، وموجة لاطمة، وسحابات ماطرة حيث الربيع، وعشاقه، وهل للربيع إلا وزن الثقلين عشاقاً؟؟.
وللشوق أسر هو حرية الروح إذ غدت بحريتها قُبيله أمة ضائعة بين أمر، ونهي، واستعباد، وإبعاد، وذلة موحية بحقيقة هذا العالم بعيداً عن تزلفات الروح بين يدي من تهوى..
ماهذا يا قلبي ماهذا؟؟ أهي ترنيمة هذبها الصيام فنقاها، فأرتني حقيقة أحبتي على صفائها، ونقائها، لم تحل الحوائل بيني وبينهم، ولم تعبث يد الغير في ظن يسوءهم، أو فكرة تبعدني عنهم. أم هي آهات ليلية أصبحت معي تصل ليلي بنهاري، وسري بعلانيتي، بيد أن الحب سر لا تقوى الذاريات على كشف بريقه مهما عصفت في ليلة ترى الأرض فيها غير الأرض. أم هي أنفاس مبعثرة وزعتْها هذه المقانص من بنيات الدنايا فعملت على جمعها ساعة لم أستطع مقاومة جيوش الشوق فيها يا قلبي..يا قلبي..بل يا شوقي.

أحمد الفلاسي
08-25-2010, 02:11 PM
قالت سعاد وقد رامها الوجد بياناً تـألقت البلاغة في سمائه:
أعرني منك التفاتة لو تمنت أن تزخر يوماً إعجاباً لما سبحتْ على شاطيء كشاطيء رمشيي يناشدك كل منهما وقفة اعتصام مابين ارتفاعهما، وانخفاضهما..يرقبانك في همسة فاترة ، ثم يغمضان على حوَرٍ ينسج لجين الماء سكونه من رقاد نظرته.
وما بين سعاد وسلمى، ورقية ولبنى، وغيرهن ملتُ كقارب "الخور" طار في سماء من ماء، وخاض فضاءً من ماء، ثم ارتمى بين أحضان الموج الوديع لا يكرر حضن موجة أكثر من مرة..فالجو أحضان من ماء، والماء تحليق في فضاء..
ونظرتُ، ثم تمليتُ، ورجعتُ، فانثنيتُ، وعشقتُ، فابتليتُ، ثم رجعتُ كالفاقد بين وفوق مساحات الجمال جماله الفريد، المضيع في دروب الحسان حسنه الشريد..وناديتك يا ليلاي ..وبرغم ماهن فيه، وفوق ما هن عليه من إعلان السحر خليفة المحبين في أرضنا..
هنا ليلى..فلا سعاد، ولا سلمى، ولا لبنى، ولا نساء الأرض قاطبة تتحين لي وخز الطرف الكحيل، أو التفاتة الخد الأسيل، أو تمايل القد الصقيل...هنا ليلى وفي حضورها تتحول شبكية العين مني إلى نظر يخصها، وانقياد يؤمها..
هنا ليلاي.

أحمد الفلاسي
08-27-2010, 10:59 PM
لم يعد لي ظمأ إلى كأسك المليء ماءً آسناً خدع مني النظر يوماً إلى بريقه فحسبته صافياً، وكنت أستعذبه كلما شحت السقيا بي لأنهله بين زورة وأخرى، وبين مجموع الخداعات اللاعبة مثلك، العابثة عبثك أدركت أنك لا تجيدين تقديم الكأس صافياً كما خلقه الله؛ إنما وكأن في راحتيك كدورة لا يقلعها وفاء مني طالما قدمته بين يدي وردي وأنا أأم منهلك الكدر، وأستجدي على البعد رقراقك المتغير من خربشة أناملك اللعوبة العابثة.
كنت إذ سألت عنك أسطر لك أصولا من وفاء لأيام خلتْ، فإذا بك لا تحسنين التعامل مع الوفاء إلا بلطمة من جنسك المتشرب لقطرات العبث ، إذا ما عبثت ولو ثانية تبرأ منك كون الأوفياء بأسره.
وأنا لا حاجة لي إلى بلل كدورتك وهذه السحب تظللني بغمامها من فوقي ، ومن حوالي لا تفتر عني حتى أجد لمائها في حلقي ذلك المعنى الارتوائي الذي افتقدته عند من لا تعي من الحياة إلا أنها صماء بكماء جرداء.
ولسحابتي الوفية الآن ما يغنيني عن جفاف السنين مهما كان استظلالي بها قريبا قريباً.

أحمد الفلاسي
08-27-2010, 11:34 PM
كل شيء منك احتملته، غير أن توليتك الظهر لبحر سؤالي، ووفائي وضع لي حداً بيني وبينك لا تزعزعه الرواسي، ولا تحركه المغيرات، وأصبحتِ لي كالفراغ لا يشد انتباهاً، ولا يثير عتاباً.
كنت إذا ابتسم اليوم لي خلته شفتيك افتتحت يومي بأحلى ابتسام، وإذا احتواني الليل عشته وحشة يذهبها قربك كلما نظرت إليه عن بعد..
ياله من ختام أقصاك، وأقصاني، وكما أنساك يوما ، فاليوم أنساني....

أحمد الفلاسي
08-28-2010, 02:00 AM
أما أنت أيتها الأديبة البارعة ، فقد أراني بعدك هذه الأيام حقيقة أخرى عشتها مع رسائلك ، كل رسالة تأخذني جانباً في إسرار تنصت له أشواق روحي، فتختلسه خطفاً كخطف الحبة بمنقار طائر هلع يرتفع بها ليخلو بها في طبقات الجو العليا..
مضت أيام لم تأتني منك رسالة تعوذني بسؤالك عني من عين حسود، أو رجفة حقود، بحيث أخذتني الظنون بعيداً في تأويلات مضنية، جعلتني أتثاقل عن السؤال، وأتحامل على درء انشغال البال، وكأني فيك معاتب هذا التواني، ومقايظ به مثله لولا أن تسابقت أنفاسك مع رسالتك، فأدركت أن تسويف الرد ليس إلا لعبة أدبية بين اثنين يهمهما إحساس كل طرف لصاحبه، وفكر كل طرف ساعة انشغاله بصاحبه.
ألا ترين أنني فرغت من الشغل ذاتي لأكتبك الليلة رونقاً حاشا أن تعبث به الظنون، ومع نصوصك البخيلة علي بالإحساس ها أنا أقضي الليل أصعد معها ، وأهبط، وأفرح ، وأحزن، وأخاف، وأرجو..وماذاك إلا لأنك تتميزين باسلوب يأخذني وفق قياسه، ويلومني وفق معايشتي له كيف مضت الأيام ولم أشافه حيثياته إلا بعد أن تحررت من لطمات الماضي الأليم.

أحمد الفلاسي
08-28-2010, 03:35 AM
يا مترفة الحرف في نشوة الكبرياء، ويا عذراء الرسم المتفرد إذا زاوجتْ بين أطراف البيان كمعشوق ، وعاشق توأمان هما في نبضة البدء..توأمان في نفضة الختم، ويا سلطانة تمكنتْ إذ حكمتْ..قولي لي: متى يستريح عنائي من اللهث خلفك وأنتِ تبعثرين أنفاسي قبل الوصول إليك على حصة الزمن المقسوم لي!
ألا ترين المسافة بيننا واقفةً على خلاف عادتها في قصم ظهر العمر؟؟ وكتمان التصريح بحديث القلب يؤجج الداخل، ويبرد الخارج بكمادات التجاهل، وعدم الاكتراث ، ومبردات أخرى بيننا..أهمها تجلدك بحجة العقل القاضية بـ"ألا" مهما تدخلت "إلا" في استثناء مابيننا من جملة عموم الجو الإنساني المشوب بهذا العقل السليط.
اكتبي، واكتبي..حتى أقول لك: نفذ الصبر مني من احتمال لهفتي وهي تستبسل بين نصوصك كجندي يستعرض الصفوف ليأخذ مكانه بينهم، فيسقط بهم قبلهم.
واكتبي ، ثم أريني كيف تحولين كياني إلى مطامع جاثمة بين سطورك، تتمنى أن تكون نقطة على حرف منها، أو تترقى إلى كلمة في عداد سطورها...يا ملاك النص الأدبي على عرش قلبي.

أحمد الفلاسي
08-29-2010, 12:14 PM
ما أجمل هذا الصباح لولا رسالتك الغاضبة علي غيرةً لا محل لمبرراتها إلا تدلل المحب على محبوبه تدللا صباحياً يعاتبه على تفريط في لا تفريط، ويشاكيه تقاطر الليالي من عمره معه هدراً دونما لقاء يرتقبه، أو اندماج يؤمله.
وما غيرتك الغاضبة بمحل قبول إذا علمت أنها كسفت من حياتي إلى لا رجعة، بل إنني وقبل كسوفها غطيت الكوة المتسللة منها إلي براحة يدي، ثم ختمتها بشمع لا يقوى على فكه أكبر شعاع منها. وهل للكسوف من تفسير في عالمي إلا ذلك الكسوف الأبدي اليائس من عودة البصيص ثانية إلى قرص انتهى من حياتي نهاية اللون من الصفحة القاحلة.
كنت أظنه غروباً ففاجأني بكسوفه الأبدي، واعترتني قبيل الحالة غيمة مظلمة ظننتني حينها سأعود أدراجي إليها لأزيح غشوة الحجب عن وجهها، لكنني فتشت ذاتي لأراها في حكم المعدوم الكاسف، بعد أن كانت في حكم المعلوم الكاشف.
ومضت فترة من العمر في ملاحقة سراب ، أو قولي:في تبني محال لا وجود له إلا حيث الفكرة الخاطئة ظنا، واعتباراً. ومالها لا تنكسف من حياتي وهي ماهي إلا راقصة على أوتار من نسج العنكبوت..كلما ازداد تماسكا ازداد تهتكا، وتخرقاً. وما مثلك من يغار من عدم أنفع شيء فيه أنه مادة أدبية يتتلمذ عليها هواة القلم كلما حارت بهم الكلمة أين تجد رواءها..أنت وحدك يا لزوم التغيير بطلعة الربيع بعد كسوف الماضي.

أحمد الفلاسي
08-29-2010, 12:53 PM
دعيها تأكل من الهواء موائد الهوى، وتعيش أحلام الكبار علّها تقتات من شخوخة تلك الأحلام ما تقنع به ذاتها المفلسة من كل معنى، سوى معنى التخبط المنصرف منها في حروف لا يعرف الصدق طريقها. وما أنت يا درة الأدب بوكيلة عن كل سقيم، أو مريض يجد في أحلام الرؤى متعته، وما أنا بلصيق حالة أحيا وأموت عليها، وبها وقد أدركت الفوارق، وعلمت الأبعاد، وتمكنت من تمييز الثرى من لمعان الثريا.
هذه متاهات ، وسراديب لا يعرف التمرس على اللعب معها إلا من فقد الأمل في معايشة الواقع على قدر أحلامه، وآماله، لذا فمثل هذا الصنف غارق في نرجسية حالمة تصور له القمر خاتما في خنصره، والشمس بريقاً في غرته، ثم تنقل له لوثة التفرد بكينونة لا تعيش إلا في دواخله حينما فقد الرؤية السليمة لذاته، ولغيره.

أحمد الفلاسي
08-30-2010, 01:21 AM
أرايت كيف تعلمت النسيان حتى أتقنته، هل أدركتِ كيف يصد القلب عمن ملأ جوانبه، وعمقه، وكيف يندفع إلى خارج حدوده ليجد في الخارج ما يخلصه من أهل الداخل، لا أنكر أنك تغلغلتِ في أنسجته حتى كاد لا يتخلص منك إلا باستبداله وهو محال..ولو استبدل لا يضمن مطلقاً أن تزاحمي بقوتك ذرات الهواء على بابه ليخلص لك كما خلص لك ماضياً، وحاضراً، وأسأل الله ألا يكون مستقبلاً!!
لم يعد لك اليوم ماكان بالأمس، ولكأني بالأمس أكذوبة خيال سول شيطانها لي يوماً أنها شيء، فأغراني بأمل شاع في أوساط الفن أنه انتظار بلا أمل، فكتبته هنا، وأبدعته هنا، وجددته هنا، يعني كلك كان هنا، استحواذاً لا يجد عنك حينها لواذاً. فاذهبي اليوم يا رعاك الله ، واصرفي البقية الباقية من سحر حضورك عني إلى جهة ليس من الضرورة لي معرفتها، واتركيني كما أسعى إلى تركك ولو بإيقاف همساتي هذه كلية لأنها همسات علمتني الذل على أعتاب من لا يستحق، بل وعلمتني الصفح عمن لا نصيب لي منه سوى الجنايات بعد الجنايات، والآهات المتواصلات، وسهر يرقبني وهو واضع ثقله على جفني سجاناً منك وإليك يا ندم العمر الوحيد.
ألا لا مكان اليوم لاسترجاع ذكرى، فإن جميع ذكرياتك مترددة بين ألم، وقلم، وبوح ونوح..فاذهبي إن الباب مازال مفتوحاً، ودعي مشكلتي بك أتفرغ لحلها بعيدا عنك، فقد جد لي فيها بوادر نسيانك، وها هي الأرض تموج من حولي نفائس من نفيس الوفاء لا أعدمه إلا في حالة زكمتي بك وهي تحول بيني وبين تنفس الأشياء من حولي..
سألتك خلو مكان منك، وناشدتك قفرا لا يحمل من نعليك أثراً، وتوسلت إليك أن تودعي كل حرف جمعني بك لعنة أبدية القدر لا رجعة منها إليك مهما طال على ظمأ قلبي الإنتظار..

أحمد الفلاسي
08-31-2010, 02:27 PM
بالأمس التقينا، وعلى مدى الليل المبهم استعرضنا معاً مفهوم الإحساس الجائش بين الاثنين إذا عانق مفهوم المعرفة الوهبية بينهما، وهي معرفة لا تضبطها صمامات التحفز، ولا تتحكم بها مفاتيح الاستعداد المسبق، لقد جاءت كنجمة طائشة مستفزة مجموع النجوم لتفرض وجودها بينهن واحدة في مجموع، ومجموعاً في فرد..وحينما التقينا ألقيت السمع بجميع حيثياته إلى شرح لها عن واقع ما ينتابها عندما تلامس مشافر عينيها حروفي قراءةً، وتدبراً، وهي الأديبة العنيدة علماً عناد الواثق من ذاته لا يرضى لها بالدونية ، ولا يسومها رفداً منقطعاً والأرض تعج بما به تعج من أسماء الأدب ولا مسميات.
وقالت بلسان واحد، وحرف واحد، بمعنى واحد، وإحساس واحد: ليس في كلماتك -أيّهَ الأديب- ساعة ما أتلقاها يانعةً ما هو بحاجة إلى مهضم معرفي يسهل على الفكر استيعابها، وعلى الشعور قبولها...إنها مزيج مترف من دم ، ولحم، ومسحة روح يعطي في النهاية لمجموع ذلك معنى الذات العاشقة بكمِّ الإمكانات المتاحة في خزينتي الروح، والجسد، بحيث لو أراد المشكك أن يجد ثغرة بين حروفك خالية من معنى الأساسين الإنسانيين ما وجدها، بل ربما أعياه فهم الطوق الكمالي لتلك الكلمات الروحية الجسدية على السواء.
لقد أغرقتني كلماتك في بحر من الشعور المفرط ، ذلك الشعور الأحادي نسبة ، الجميل تشكلاً، اللذيذ طعماً، الجبار هيمنة على بوابات قلبي المجنون بحروفك.
كانت تلك هي القراءة الأولى في تقريرها أيه الأديب ، فهلا علمتني أسس القراءة الثاينة لها وأنا في رواقها المقدس بين يديها، وعندي منها وإليها الكثير..وعلى مصطبة اللقاء: أنا، وأنت، والليل الصديق!!

أحمد الفلاسي
09-01-2010, 02:22 AM
وبتنا نرمق السعد في عيون حروفنا الليلة، ونفطن إلى جريانها منسحبة على شيء من هدوء الليل، مستوية على بساط طفولي آخذ بكلينا قبالة بعض..وماهي بليلة في منطق التوافق بيننا! إنها التكوين المبدئي للكون من لدن آدميته، إلى لا نهاية لمدته، فمنها سؤال، ومني إلى سؤالها سؤال، فالجواب لم يحن بعدُ، أو قل: هيهات هيهات أن يتبلور جواب بين اثنين ما زالا من الدهشة ببعضهما يتساءلان نهماً لا قطع له إلا بأن تراهما لا قطع بين خلاياهما ساعة عناق.
قلت لها: بالأمس كنت أرد على سطور لك معلقاً، حتى استوقفني بين كلماتك سر خفي لا أظنه مستسلماً لكشف أحد سواي، فقد تركتِ لهم معالجة السطور الظاهرة، لأخلد إلى الباطن السري منها في مراوغة مستميتة لا يقنعها والله منك حد. أتراك تكتبين وأنت تصارعين لسانين من الأفكار..تلك الرابضة على تخوم الربى، والأخرة الراقدة في قاع الخبأ!!، وأنت التي تميزت نصوصك بنفس جاء في حالة توأمية من عينيك، وآه من عينيك ساعة قراءتهما، إنهما مزيج عتاب، وشوق، وشفقة، وإصرار...وكلها مقانص مشتهاي لا يقوى على إرغامها اعترافاً سوى عينيّ تسترسلان من النظرة الأولى، وحتى الرصاصة الأخيرة.
أتذكرين حديثنا عن خانات يدعها الأديب في نصه عرضة لطاريء يطرأ، حتى إذا ما اكتمل نصه طرزه بها فوقع في شر أعماله! إذ لا خانة في نص أديب تفرغ، حتى يفرغ قلبه من خانة لغير محبوبه..هل تذكرين؟؟ لقد حدثتني ليلتها وكأنك ترعدين القلم في أناملك، ثم ترقدين قناعاتي في طيات ملهمك.

أحمد الفلاسي
09-09-2010, 04:13 PM
أميرة قلبي ، وملكة هيامي وحبي ..ها هو العيد يطل علينا من جديد ، فما عساني أن أتخير لك من الهدايا لترضى بذلك ذائقتي ، وترقى إليك يا غاية رغبتي ...وهل في الكون ما بقدرك يفي !! أو لمعناك من روائع الحسن يصطفي ...كل عام وأنت الحب كله يا أملي.


فكرت يوما أن تكون هديتي = لك مرصعاً فيه النجوم طوالعُ
أو ومضةً من وجنة البدر اعتلتْ = فوق الهضاب كأنهنّ مطالعُ
أو نظمَ عقد بالضياء نسجتُهُ = مكنونُه نفََسُ الصباح اليانعُ
وسألت سرب الطير ينقلني إلى = دنيا لها بعد الأنام مواقعُ
أهديك منها ما يجل عن الرؤى = وتغيب دون شفا ذراه مسامعُ
لكن أتيت وما تجاوزت المدى = فالنجم أنتِ وأنت فيه الساطعُ
والعقد أنت وأنت نظم ضيائه = أشرقت صبحا والنفوس هواجعُ
والطير قال هي العوالم كلها = قامت لها دون الأنام تسارعُ
ماذا سيهديك الفؤاد وكلما = نظر الجمال شفتْه منك روائعُ
إن كان يبلغ حب قلبي منزلا = فتقبليه فهْو فيك الوالعُ

أحمد الفلاسي
09-10-2010, 09:53 PM
وجاء العيد لأشتم من أول بزوغ فجره رائحة ثوبك الجديد، وأستجمعه بكفيَّ كأنما أستنشقه ماضي الأعياد قبل أن يكون للدنيا قبلك عيد يا كل أعيادي أنتِ. لله كم تتأصل جدة الثوب المفرع على طولك، الموزع على ضفتي متنك، تغازله لمسات الخصرين بأرق ما خلق الرحمن من ألطاف الألطاف، ونواعم مشارف تلك الضفاف.. ويلها روحي إلام ستصبر على تلاعب فرعك الموصول بها والعيد يكتب في صفحة صبحه الأولى أنك عيدي والأقمار في تزاحمها، وأنك أنا.. طفلان يعبثان برونق العقلاء الكبار وهم يكبّرون للعيد لدى تدفق جموعه إلى المصلى من الدقائق الأولى.
خلتك حينها وأنا أمشي بينهم معقد الصبا العابث اللاهي، أشبك يدي في يديك التربتين من وحل الطريق، وكنت تسبقينني إلى الحصاة التي قذفناها أمامنا لنرى أينا السابق إليها، فسبقتني، حتى إذا ما آلمني غرورك الصغير شددت العزم على سبقك فسبقتك..فمالها يا حبيبتي ضاعت الملاعب ولم ينته بعد تحدي الغرور بين خطانا.
وبدأ العيد بكمالياته المتكلفة من الكبار، وأنا وأنتِ هناك في بعد عن الكبار، لا نعرف تعقلهم، ولا نرتب ترتيبهم، ولا نعد إعداداتهم، سوى أننا لو تألمنا مما لا مناص منه استغثنا بهم لا لنهرع إلى تعقلهم، بل لنعود إلى ممارسة جنوننا على قارعة طريقهم المتزن.
وما عيّدنا حتى رسمنا العيد عبرة للعمر الآتي إذا حن إلى كسر قيود العقل بصيرورة طفلين إلى ما لا كنْه له سوى هدم منازل أقدامهم الصغيرة المحفورة في الأرض ولا سقف سوى السماء..كل عام وأنت أنا يا رفيقة العبث الجميل.

أحمد الفلاسي
09-10-2010, 10:59 PM
تعالي لنشَرق بفرحة العيد معاً! هل رأيت العيد مرسوماً إلا في صفحة وجودك في وجودي يا حبيبتي؟ ألا لا كانت الليالي مالم تزفنا أقمارها قاطبة بين دوح هالتها غريبين نفاهما الوجود في ضحكة قمر ، وبين رمشي نجمة..ثم اصطفاهما القفر المتعمق من بطن الإنسانية حيث لا صوت إنس، ولا دفء أنيس.
تعالي نملأ ليالي العيد الخالية كل جديد حب، وكل حديث غرام، وكل مبتكر لقاء يبدأ من قبلة نشوة العيد، ولا ينتهي..وقولي لي وأنا مغروس بين شقي صدرك يقلني نهداك عن مستوى حضيض الغواني، ويستفزني تصلب وسطيهما لمعركة قد أكون الرابح فيها لولا تشربي بإغراءاتهما حداً يخدرني عن غيرهما فيهما.. فيهما يا حبيبتي، فأقول لطفكما لطفكما!
أغمضي عينيك قليلاً.. ثم افتحيهما فإذا بي أمامك أقدم رجلاً، وأرجع بأخرى خشية أن يخدعني احتواء ذراعي لوسطك الجبار فأهزمه كلية في يدي ليقول لي: لطفك، لطفك بي.

أحمد الفلاسي
09-14-2010, 10:51 AM
هل كنت على موعد انتظار المعايدة أشخّص النظر ذات اليمين، وذات الشمال مترقباً؟؟ وها هي بطاقة تهنئتك تصل مع آخر العيد كأنما تتوسل إلى بقاياه المتهالكة انقضاءً أن تتريث حتى تقول لي: كل عام وأنت بخير!!..فمالها يا حبيبتي باهتة تحكي اصفرار الورق الأخضر يموت بالتدريج، وقد كان مخضراً فوق دقائق الوقت، وثواني الزمان..
في معايدتك عتب شفتيك من مغبة انتظار القُبل، وكم في انتظار القبلة من قتل الشفاه ما يعيد إلى مخيلتي عراك شفاهنا في حلبة القُبَل المتساقطة وقد غاب عنها نسق الترتيب، والنظام فتناثرت لا تعرف من الجهات إلا جهة واحدة، ولا من الجوانب إلا ذات الجنب الواحد...فبالله عليك أي شوق هذا يضيع في جنونه صواب الشفاه لتغرق في بحر من التيه لا يعرف أوله من منتهاه.
اليوم وصلت تهنئتك ، وتالله ما أحلى القصيدة المارقة من حدود تحفظك ، الشاردة من بين أسوار تمنعك تأتيني بكلام الأنوثة الأرضية، فتسكبه في أذني بصوتك المسجل أنشودة السماء أبرقتْ إلى الأرض بعيدين ، عيد الفطر، وعيد لا يحمل اسماً لأنه من صنع ملائكي فريد..لك الحب كله يا بطاقة حبيبي.

أحمد الفلاسي
09-15-2010, 12:18 AM
في إحدى رسائلها إلي تساءلتْ عن انقلاب مفاجيء في دائرة مشاعري ، وتبوأتِ مبدأ التحليل النفسي عرش الملك في تخللها الدقيق بين زفراتي، وعبراتي فقالت:
"ليس من حقي نصب ميزان القضاء لمشاعرك، وليس من حقك كذلك إضفاء هذه الضبابية المعتمة على قصة مشاعرك، الأمر الذي حيرني -أيه الأديب - في كنْه مشاعر تبديها ولا أطمئن إلى خط سيرها، وتخفيها ولا أستريح لسمْت صمتها...وما أنا إلا تلميذة مدرستك.. ميّزني في ناظرك شيء لا أحكم الجزم بحقيقته، رغم ما ميزك في ناظري من قديم أنت تدري -يا أديبي- مرجعيته..اهـ"
ورددت على الرسالة الملتهبة تساؤلا قائلاً: ليس للمشاعر الحية المتخلقة في كيان أديب من شرح يوفيها حقيقتها سوى لسانها الناطق بأبلغ ما تحمل البلاغة من بيان، وكأن القدر الذي هيأ لها باطن الأديب محضناً اصطفاها لتكون تزكيتها نابعة من حقيقة محضنها، وما مثل مشاعري الدابة إليك باسم شراكة الروح إلا كمثل طائر حل على شجرة باحثا عن عشه فيها، فبحث حتى أعياه البحث ، ثم أبصر من بعيد أن النظر أخطأه ، فصحح الخطأ ليجد ذاته في عشه على شجرة عشه ..وما بين الشجرتين هو مابين الأصل والفرع، أو مابين الوهم والحقيقة من تباين لا يمكن أن يكون الوهم إلا محطة انتقال إلى الموطن الأصلي أيتها الأديبة.
ولو كان في محاكم الأرض قسم يخص العشاق لما وقف العاشق يوما مداناً، لأنه لا يتحدث عن نفسه، إنما هي حقيقة بلائه ناطقة عن لسانه، وهل في العشق لدى ذي لب شك أنه ليس إلا مجموع دم، وندم، ودمع، وجراح، ولوعة ..وكل ذلك مما أجمعت البشرية على تبييض حقيقته حقيقة في حد ذاتها لا ترسمها ريشة، ولا يخطها قلم، ولا تشرحها حروف.
ومن هنا فإن على سؤالك نفسه غيمة تقبع عليه، تخفيه حينما تبديه، وتضيعه حينما تخفيه، وأنت بكليتك كعنصر مخلوق في هذا الكون رسالة شارحة لمشاعري التي تحبك ، ولك أن تجربي وضع نفسك في قيد اختباري مع حروفي ..ستجدين أن لكل أديب عاشق عنواناً ماثلاً تؤلف نسق حروفه ألوان من طباع محبوبته، فمن لم يعرفها استنبأها من حرف حبيبها...أحبك يا رفيقة الليل.

أحمد الفلاسي
09-16-2010, 05:00 PM
وتابعتْ سير الرسالة ، وأردفتْ التساؤل أمثاله مما عنّ في خاطر قلمها رواية عن خاطر قلبها، واستبسلتْ على اقتحام حصن مهيب من واردات فكري، وشاردات معترك مابين دفتي كبدي...وقالت:
" أيه الأديب المكتظ بما زاحمتَ به شعرة قلمك فخلقت من وحدة عنصرها تعدد آلامها، وفرحها..لو سمح الزمان لنا يوماً بوضع أوزار هذا القلم، وقبله أوزار ذياك الألم، هل سيكفينا العمر المتبقي من حصة حياتنا أن نكمل دورة لقاء صنعها الخيال في أخص الحواس فينا؟ .. وما العمر المقدر -أيه الأديب- إلا المحطة الأولى تشي بوشوشتها إلى المحطة القادمة أن ثمة عاشقين مازالا يدرجان حبواً بغية المن عليهما بأمد كأمد الروح الحالمة في دنيا لا تعترف بحلم بعيداً عن إكسير هذه المادة المعتمة القاسية المسماة جِرماً..".
وعلقت على تساؤلها قائلاً:
أديبتي حيثما شطحت بك رياح هذه الفلسفة الروحية: عجباً لشعرة قلمك كيف زهدتك في عمر بأكمله! فأرتك مداه الواسع ثقب إبرة من الضيق لأنه خلا من تقدير أبرم لنا فيه لقاءً، وأنا مع مذهب قلمك غير أنك لو دققت النظر دقة شعرة قلمك لأدركت أن العمر الآدمي ماهو إلا تقسيمة صندوقية تحتل توافهه المربع الكبير منها، ويليه مربع المطامع البدنية كضرورات حياة تعين على قوام الضرورات الأخرى، ومربع حائر بين ذينك المربعين، لا مرد له إلى مطمع عابر ، ولا قرار يستفزه إلى كمالات جانبية..وعلى زاوية بين الجمع المربعي مربع قلّ مَن يستنبهه، رغم أن كل شيء مرجعه إليه...أترين ذلك المربع يا حبيبتي؟؟ إنه صبغة روحينا تشكلت هناك رسم وسم للعشاق، مربع قاهر للحياة، قاهر لدعاوى العمر كله بأحقية العشق رغم ضلالاته، وعذاباته، وآلامه، وجراحاته المبرحة..
خلدنا إليه أنا وأنتِ، وأنا وأنتِ فلسفناه عمرا في عمر، وكيفناه حياة وراء هذه الحياة، فكأنما لنا ماليس للناس، وللناس مالا يكفينا يا روحي المسماة أنتِ..فليذهب العمر كما حلا له الذهاب..لنا من وراء محيطه أعمار تخصنا، وحياة تمثلنا، وما أجمل أن تقفر الأرض في عيوننا خالية من أهلها لأننا أهلها ولا مزاحم حينئذ.
هل أدركت يوما بشعرة قلمك كم أحبك؟؟ كم أبيع من أجزاء حياتي لأربح حبك؟؟ كم أقترض من مقومات الحياة الخاصة بديمومة حبك؟؟ كم أستجدي العذاب أن يفنيني ليعيدني القدر مخلوقاً آخر حتى أحبك بعدد ذرات حبك في قلبي مخلوقاتٍ متعددة يا حبيبتي؟؟؟

أحمد الفلاسي
09-18-2010, 12:12 PM
وجاء بريد اليوم يحمل منها خريدة أخرى من خرائد ما أنتظره منها على غير ميعاد، وهي إذ تكتب لا تكتب إلا وفق حدود حاجة تلح عليها أن تكتب، وليس من حاجة تضطرها قدر الشغل ببنية الأساس الذي بيننا...
واليوم شارفتْ في بث الخاطر حداً هو سقف النهاية ضمن منظومة القلوب ، غير أن الفارق يعلن كون ذاك القلب أنثوي الدلال، أنثوي الكيان، أنثوي العراك في معركة أنثوية الانتصار...
وقالت في رسالتها المتعجلة:
أديبي ...عجباً لك ، ولتقريرات عشقك اليومية حينما تنهج بها منهج التسليم الخاضع لما بيننا، فعطاؤك يتحدى الحدود، ورسم عطائي يقطع السدود، وأنا لا أنكر ما بيننا، غير أن هذا الضمان المطلق في تبادل مبدأ العطاء أراه في جمع بلا طرح، ولو طرح لما طرح سوى هوامش لا موضع لها في نسق، ونظام هذا الصف المنظوم بنا وإلينا..
ألا ترى- أيه الأديب السماوي - أن خط الأمل لا يستقيم حتى يلفه خطوط من احتمالات مضادة، وأن الطريق الموصل مابين نقطتين لا يتستقيم إلا بحواف من تلك الاحتمالات المضادة المعترضة وهْماً على أقل تقدير!!..ورغم أنك بهذا قد تصنفني مضطربة الشعور، أو متشككة الباطن، أو ما إلى ذلك مما يتعجل به الكثير حكماً نقيضه الواقع الأكيد..ويعلم الله أنني من ذلك خلاء، فأنت مدرستي تقلبت في رياضها بكل ما للحب الطفولي من معنى، ثم ها أنذا يفعة أعلّم في الرياض ذاتها متى تكون الحياة مدرسة..فقل لي -أديبي- أهو هلع يتساءل عن زيادة، أم زيادة تبحث عن هلع أكثر، وأكبر!!!!.

أحمد الفلاسي
09-20-2010, 04:58 PM
اعذريني يا حبيبتي إذ لم أرد على رسالتك هنا، لقد كفاني، وأغناني ، وملأني، واحتواني تخليدها في صفحة هذا القداس الموصول بحبك!..ولا تسأليني اليوم عن شيء سوى إغراقي مراكبَ حسي كلها في طلعتك قدام عيني اليوم، والموعد لا موعد، بل الزمان لا زمان، والمكان هناك في كون خاص صمت كل مَن فيه وما فيه، ليخلو منصتاً لحديث عيني عن لحظة فنائهما في طلعتك..سبحان من أبدعك.
أسعفيني بموفور كلمٍ تعينني على وصف جمالك، فقد انخرط من بين كفي قوام الوصف أجمعه لما اقترب من دلائل الإعجاز الرباني المرسوم على ابتسامة شفتيك لحظة ذلك الإغراق..وتلك محنة أخرى تضاف إلى مجموع المحن المودعة في قلمي ولساني منك، وعنك..إنها مسحة لا تكرم حتى يقال ما أبخلها! ولا تبخل حتى يقال ما أكرمها! ولا يمكن لسرها الرباني أن ينطق في عوالم السر الأعلى حتى تتطهر الأرض من كل خبث، ورجس، وتتحد مع السماء عرفاناً، وإذعاناً ليد القدرة الإلهية إذ صاغت من الجنس البشري مسحة النور الملائكي، وما البشرية الطينية في تفسير ذلك الإزدواج المتقابل إلا كلوحة من طبيعة صلصالية الثبوت، خُط عليها ميثاق الجمال بحروف من نور، فلما سرى النور في خطوطها لهجت قائلة: سبحان من بالنور كساك وكملك!!
وقسمات وجهك ما قسمات وجهك!! رقية السقيم بداء الحب قرتْ بلابله، وسُرتْ دواخله، ووالله لولا خشية هلع النظر مني يخطط دفقة الحمرة في وجنتيك بشيء من أنفاسي الساخنة لاستغنيت بنظرة طويلة إليك عن طعام الروح والبدن على السواء، وما ذاك إلا لأن قسمة ناظري إليك موزعة في معنى الإشباع على أجهزة، وخلايا جسدي، على خلاف قسمة النظر من غيرك من النساء، فإنها لا تعدو رمش العين حيث لا جوع، ولا شبع..أهكذا صرت أقرأ مباديء توحيد الخالق في جمالك!!..سبحان من بخصوصية الجمال أظهرك!!
اليوم أدركت ما وراء تحويلتي السريعة من الأمس إلى اليوم، إنه التدرج يا حبيبتي في قراءة سطور الجمال سطرا سطراً حتى يقول لي القدر: هنا انتهى بك التأمل، عرفت يا هذا فالزم!! ..أكنتَ تحسب تلك السطور معرف الجمال الحقيقي..كلا! إنها سلسلة المعارف حيث كل حلقة ترميك في حضن الأخرى، ثم أنت أمام الجمال الحق في أبهى صوره..هنا، ومعك، وبك، واليوم بالذات قلت: سبحان من تدرج بي في مقامات الجمال حتى إلى مقامك السامي أوصلك!!..

أحمد الفلاسي
09-25-2010, 11:19 AM
لا خير في الحياة لو متنا وفي النفس أبكار رغبة لم تفضّها عزائم الإرادة، وأنفاس لم تدرْ في لفة الرئتين بحرية ولا عائق، وبسهولة ولا صعوبة، وهل الحياة إلا أعمارنا من تفتح وردها تبسم الحياة، ومن يبس جلدها تموت الحياة.
وأنتِ يا موعدي مع أحلى قدر..أنتِ رفيقة دربي آليت ألا أمضي في درب، وألا أحلق في جو، وألا أعبث بسبب من أسباب إسعادي إلا ويدي في يدك، أريد أن أحصي بقاع الأرض الخالية من أثر أقدامنا لنمشيها معاً، وأتفحص يا حبيبتي نقاء الهواء الخالي من زفراتنا لنملأه معاً، وما من زاوية، أو انحناءة، أو مربع، أو سدة نائية لم تصل إليها خطانا فحقيق على واجب الحب بيننا أن يقيم عليها شيئاً منا..فنحن يا حياتي الوجود بنا لا بغيرنا عرف كونه وجوداً..
بالأمس حدثتك عبر الهاتف وقلت لك: هيا يا حبيبتي ما بقي لنا من نصيب الدنيا نصيب سوى أن نخرج الآن من مخبآتنا نجري على أرض الله الحرة، ونسبح في فضاء الله الذي لا يملكه غيره، ونأنف أن نزاحم أحدا ملكه..أما ملك الله فلنا فيه نصيب..فإلى متى يعيق سعادتنا الانتظار؟؟ ومتى سنلعن آخر ذرات الحرمان؟؟ ومتى سنصرخ في وجه الصبر: أيه الصبر لا قيود على حرية خلقها الله مشاعاً للخليقة مهما كبلتها شهوة الظلم الآدمية القاسية!!
أنا وحبيبتي يا صبر أعلنا اليوم أننا أصدق الناس وعداً، سنعيش تحت قبة لا تظل سوى مقدار هامتينا، وتحتها صنصنع في الدنيا دنيانا الموعودة بعد أن تتحرر من ظلم الآدمية الغاشم من دوافع شهوته...ولكل صوت غاشم منا آذان صماء لا تسمع إلا حبيبها.

أحمد الفلاسي
10-10-2010, 10:53 AM
ما كان لك أن تمكني مني سلاسل اللطف من معصميك لتختبري به احتمال يدي وهما تلزمان الرفق، والوقار أمامك! أوَ تاق لك امتحاني أمامك ومحنتي في أول لقاء يجمع بيننا بعد ما طال النداء، وتهتكت حجب المنع فتعرتْ عن مهجتين كلتاهما صوت الآدمية لما اقترفت الخطيئة الأولى يردها إلى صواب التصحيح، وتصحيح الخطأ.
حاولت بعد انقضاء اللقاء التصالح مع القلم لأكتب لقرائي عن لونك، وطعمك، ورائحتك، وقد عشت ذلك كله وما بيني وبينك إلا حشمة وفّرتُها، وعفة حفظتُها، وغيرة اضطرتني إلى صون ما بيننا من أن يهريقه طمع عاجل، أو لذة خاطفة، أو شوق جارف لا يوقف سيله سد عذول، أو شد حاسد..
كأنك بالأمس وجمالك يشرحه لعيني بريقُ عينيك قصيدة يتلوها القمر على ضفاف شاطيء بحر ماخرة أمواجه عن ألوان الصدف المختلفة، وأنا منصت بفضول يفصل بي مابين القصيدة والقمر..كلما تمتم القمر بجمالك المقروء، تمتم قلبي بجمالك المشاهد، وما من عدالة أن يسبقني القمر إلى تلاوة حسنك وأنت بكامل حسنك ، وكليته طفلة صغيرة لا تُرى من تخالف ذراعي على متنها النائم في يقظة شوقي، وحبي.

أحمد الفلاسي
10-11-2010, 12:54 AM
وأغفو الليلة على صوتك يكتب على وسادتي اسمك منقوشاً نقشاً ليلياً والقمر من وراء الحجب خجل مستور..كلما تقلبتُ على فراشي قبلت اسمك كأنه جسدك لم يُعفَ مكان منه من سلطان قبلاتي ، ومستبد شوقي، وهدير حنيني، إي وربي! قبلت اسمك حتى احمرّ على حمرة شفتيك ، ثم انساب معلول عشق بين شفتيّ لا يملك لنفسه خلاصاً، ولا من دائرة استبدادي هروباً. وما أنت إلا اسمٌ حركت بكثرة ذكره حفيظة الغيرة لدى النساء، وما لحقن مني شيئاً، إذ لم يلمسن مني حساً بعد أن فنيت فيك ، ثم تلاشيتُ عبر أوردتي فلم أبصر مني آدمية، ولم أدرك من كنهي سوى وهْم إنسانٍ ما أبقى حبك منه -أجلْ- إلا ذلك الوهم!!
لقد علمني اسمك الليلة فناً من فلسفة القبلة لا عهد لعاشق به قبلي، فإن مستودع السر في حروف اسمك ذائع ذائع بعد انهمار قبلي عليه كلما قال الليل:أهلاً، قال الشوق يا سهر الجفن المعنى ألف أهلاً!..أما عن فن القبلة فمتجاوب مع عواصف زفيري، وشهيقي، وهل القبلة إلا رسولهما لها ميدان الشفاه ديوان ليس من الشعر ملؤه، بل من لهيب اللهفة سر حمرته..
وفن القبلة لدى العشاق مرهون بتفنن يد القدرة في قسمات وجه المحبوب، وما بينهما حشر لا يذر من الشوق ذرة إلا ويطبع مثلها على بواطن الشفاه، وظواهرها رغم جيوش الخجل الأولي ، أو التمنع التدللي...وأنتِ يا بسمة العشرين فوق ثغر العمر ..أنتِ لقبلتي كينونة على مقاس شفتي، ولا أغرب من لثمي شفتيك وقد سكنت بكليتك بين إطباقهما، وانفراجهما.....أحبك يا قبلة الليل على صفحة محبوبي الخالدة.

أحمد الفلاسي
10-12-2010, 10:21 PM
أنا وعلى امتداد هذه السلسلة ما زلت أبري القلم وهو في يد الإبداع قائم كيما أبرز للقراء طبيعة أول لقاء يجمع بيننا!! وما عسى التوّ أن يتفتق عن شيء من وصلات حديثك وهو مصغ بكليته لحديثك الجامع شتات الدنيا في منطقية محكمة تريح من عناء البحث، وتستقر بي في أفياء التأطير المنظم، وتلك ميزتك عن جملة النساء ؛ إذ تبسطين كفيك لاستقبال همومي المتلاحمة فتلفينها بغية الخلاص منها في بساطة تهبها حجمها، وتريح البال من غلوائها. ولو أنني طوعت لأسندت مقولة" وراء كل رجل عظيم امرأة" وقصرتها على حكمتك المنطقية تلك بعيدا عن شوارد التأويلات..وياللعجب من ذاك، وما ذاك إلا النصف الآخر من فلسفة عمارة الكون القائمة على شق الإنسانية الآخر وهو المرأة، ففي الوقت الذي تتبعثر فيه الرجولة متشتتة تجد إكمال جزئيتها في أنثى تعي معنى الشراكة الكونية في تثبيت ما ينفع، لا تشتيت ما لا يدفع، ومن هنا كانت كياسة الأنثى وما زالت تؤدي دور التلمذة على الرجل، ثم لا تلبث تتقلد وسام الأستاذية على ذلك الرجل، ولا استقرار على تصنيف جائر يرى من الأنوثة جانباً مسخرا في تحقيق رغبات الذكورة مهما غاب العقل عن هذه المربع الظالم أهله، وواضعوه.
كنت أرقب تأطيرك الذكي والمنتهي إلى توزيع عادل لشراكة الأثنين في تلك العمارة، وشدني أكثر منك أدب التلميذ الذكي أمام أستاذه ، فإنه قد يفوق أستاذه في نقطة ما، ومع ذلك لن يخدش تفوقه اعترافه الأول بأنه ليس إلا ثمرة تلك المرحلة من مراحل طلب العلم في حياته.

أحمد الفلاسي
10-12-2010, 10:51 PM
كنت طفلة تتهجى كلماتي على حين متابعة لها من مكان لآخر ...وما كان تهجياً بقدر ماهي فطنة الطفولة يلفها شيء من حب، ويتعهدها بعض من حياء، وكنتِ تقفين على قصائدي، وأدبيات قلمي وقفة المتحير باحثاً عن مفتاح الكشف بين ركام من مشاعر، وأبجديات من تعاليم مجهولة الهوية ، بيد أنها آخذة في التأثير، وأمضي في كتاباتي، وأنتِ تمضين في حيرتك، وكأنما تستجمعين قوى الحيرة تلك ليوم موعود تجلسين فيه الأنوثة لأول مرة على مقعد من تلمذة مرغوبة..
وتمضي الأيام لتكون زيارتي للرياض كشفاً من نوع خاص، يبحث عنك هناك على غير سابق موعد، ثم يلقاك على غير سابق إعداد، وهو حالنا عبر مسيرة هذا الخط لا نعد للقاء حاصل، ولا نبرمج وقتاً تلتقي فيه أرواحنا، مجرد أرواحنا...
وفي الرياض قلت الكثير وكله لك، فإياك من خلف الرياض أعني، ولك أبكي وأغني، وما زالت الرياض مميزة لدي لأنك منها بمنزلة لطف المعاني من لطف الأواني..

أحمد الفلاسي
10-14-2010, 10:39 PM
لله كم يقتلني الإحورار النجدي ، وكم يرخص في عيني سوابق المها شاردات شرود جفلة ، صادرات عن الغدير وقد تركنه بعد أن تربع في موق منهن كلوحة البحر أكسب الفضاء زرقته الجميلة ...وأي احورار كانشقاق الطرف على نسق يشتهيه، وهندسة نسجت رسم العيون وفق مخطط السحر الإحوراري الأخاذ.
وأنتِ من حيرني فيك الجمع بين سواد المقلة وسط بياض يكاد يجمل في تقابله معه قصة العيون الخاطفة بين مغازلة رمشيك لفتور ناظريك؛ كلما رفع الرمش مظلته أعادها على طرف فاتر النظرة من وهج الشوق ، بل من وهج الحسن الخلاب القوي في إطار من ضعف. وما صافح ناظراك ناظري حتى يتركاني حبيبك رغم وفرة حسادي، وسقيمك بين كثرة من عوادي..وما أنا بمن يطيق منك قوة نجد في تسلطها الإحوراري ، وما بيني وبين نجد تشتط المفاوز، وتتسع أنطقة المسافات ، ولا أجدني إلا من ابتلاء إلى آخر حكم به علي مزارك البعيد، وأسلاك عليها حراس يقظة عيونهم يا أميرة القصر خلف هاتيك الموانع.
أقول: هل أدرك هذا الجمع مساس الشوق من أكبادنا قبل مساس الأسلاك لأناملنا، حينئذ ، وساعتها ربما وقف على حقيقة الحب النامي بعديا عن سقيا ذراعينا له يا حبيبتي.

أحمد الفلاسي
10-14-2010, 11:03 PM
وتنقل لي الريح نداءك من هناك قائلة: يا حبيبي! وتردده الآفاق في أذني : يا حبيبي! وفي قرار عقلي صوت لا يخبو عن نداء: يا حبيبي، وما بين صدري ونحري هو صوتك المميز..هو نداؤك المعلم برقة الجنان ، المنزل من أعالي الشواهق لا يزال يتحفني، ويهديني، ويبهجني قائلا: يا حبيبي.
أعيدي على مشارف المسامع نشيده، واجمعي زفراته.. فوحق دعج عينيك النجديتين أصلاً، السماويتين إقامةً ما زلت أجد لندائك بين الأذن والأخرى وصلة تكاد تقول للأوساط الدنيوية: هي الدنيا والآخرة، فعلام مزاحمة الحياتين بشبه حياة، وعلام مغايظة الروضتين بهوامش الأشواك!!
لست أدري أهو ذنبك أم ذنبي في خلود ندائك وقد مضى عليه ما مثله حري بالفناء، والاضمحلال...موجوع أنا يا حياتي بندائك لأنه يشوقني إلى التهام شفتيك قبل إتمام ياء حبيبي..ويحرقني ليفنيني فيه شبه فنائي فيك يا كليتي حباً وعشقاً!!

أحمد الفلاسي
11-02-2010, 11:20 AM
قبل يومين أتممت مناقشة رسالة الماجستير لترتسم بها مرحلة من مراحل العلم فوق مفرق هذه الرحلة الممتدة من شعرة القلم، إلى هامة العلَم...وليخلد القدر في عمق الأيام معنى من معاني الخصوصية لهذا القلم الشاذ في عالم الاستقامة، الشائك بفلسفته أمام كشف الإبهام ، ومرأى الأنام.
ولقد خيل إليّ أن العالم نسي تهنئتي لتستفردي أنتِ وحدك بها دون العوالم كلها، فأنت هنا محيطة بكينونتي مهما اتسع مدى قطرها، وأنت هناك محيطة متسامتة مع نظرتي مهما امتدت خيوط بعدها، وعلى منصة المناقشة رأيتك في موقف من مدد المعنويات لا يقوى على زحزحته شيء ، فحينها لم تلجئني الحيرة إلى زاوية انغلاق ووجهك قمر كل الزوايا في حياتي، وحينها لم يدفعني اليأس إلى مضيق الجمود وكفاك تشرحان لطائف النرجس لخلايا وجنتي ..فطفقت أمتطي كل حرف من رسالتي كصهوة جواد ذل لكبريائي، وانقاد لإبائي ، لا أرى أمامي عذراً لاستكانة، ولا عرفاً يبيح لي الرجوع إلى الخطوط الأولى لبدء انطلاقة المجد العلمي فوق منصته.
قلتِ لي: هنأني اليوم الوجود بأسره بك ، وتجمع كل ما تشرذم من معطيات البهجة لينفرد فوق شفتي تهنئة ما ولدتها ذات ثديين، إنما ولدتها الدنيا كلها لك...فهنيئا لي بك كلما غنت أطيار اللقاء أهزوجة الشوق بمعازف المواجيد.

أحمد الفلاسي
11-17-2010, 07:41 PM
هل الحلم بلقائك في العيد إلا طارق إحساسي هذه الأيام؟؟ إنه الوارد ولا خاطر يزاحمه، وجار العبرة ولا فكرة تلاصقها، وملاك يصطفي من حشاي أعز ما داريت، وأندر ما واريت..لا تقولي: إنني من العيد وشغله خلاء! لقد عشت العيد من قرع أول ذكره المسامع، وعشته لكن بطعمك، ولونك، وريحك..عشته في باكورة صبحه، وصبح تكبيره ووالله لم ألتفت إلا وأنت شمسه ، وظله، وبره، وبحره. وانتأيت مكانا قصيا قبيل إيذان القدر بكتابتك، لا لشيء سوى احتمال حصول مفتاح الكتابة في شق خنصري لأعرف كيف أقول لقرائي : إنك العيد وسمره وقمره!!
ولا أخفيك أنني بكيت يوم فرحة الناس ، وتلك منغصة من منغصات الحب حينما يكذّب في خاطري جميع أعذار القدر، ويمحو خطوط الخيال التي طالما سريتُ عبرها إليك زاعما أنها فوق طاقات الحس، ودون هلاميات الغيب ..فالعيد وحده عمل على تحطيم تماثيل الخيال لأن العيد من حولي كاد يزكم أنفي من رائحة العطور المنبعثة بين حقائق الأحباب والمفتقدة بيني وبينك. ووالله لولا قداسة القلم، ورعي عهده، وذمته لوضعته جانبا حتى يأذن العطر بيننا بلقاء يُري الأحبة، وأهل الهوى ماذا تعمل الأكباد المحرومة من الماء لو جمع النيل أو الفرات بينها.
لك العيد ولو تعذر مجيئه عبر نداءاتنا يا حبيبتي..لك العيد وكل عام وأنت كل أعيادي.

أحمد الفلاسي
11-19-2010, 11:28 PM
كان البحر بالأمس هادئا رائقا وانا أفترش بساطه المائي ملكاً من ملوك الماء يجوب تموجاته في ساعة رسمتك فيها فوق صفحة الماء، وكأنما استشفعت بالبحر الزاخر في تهدئة رعبي الناجم عن دواعي الحرمان منك. وعلى امتداد رقعته المائية استعرضت مدار خلو حسي منك، وشرحت لعينه يا حبيبتي درساً من دروس اليأس لا تقوى على بسطه الريح العاتية المصوتة عبر حيزومه العملاق.
ومشى بجانبي رجل وامرأة مابين معصميهما سرت لغة العشق فلم تميز أذنها من لسانه، ولا لسانها من أذنه، وكأنما في المعاصم حواس الجسد مجتمعة تلك الساعة لحظة ضمة..لحظة لمة..لحظة عناق. وكنت أمشي ومابيني وبينهما يسرع نحوي ظلك ، وترمقني عيناك، وتأخذني يداك، وتمضي بي لهفتك بعيدا بعيدا، ولست أدري أهو نكران السوى أن تكون لهم هنا قدم! أم تلك هي لهفتك البشرية تحررت من فنون التعامل المتزن لتنطلق بي نحو طريق لا غاية وراء سلوكه، ولا نفع من تكبد مشاقه!...
ومضى العاشقان، ومضيت وحدي مع حلمي ، ومعاقد خيالي ، وأنا لا أجد فارقا بيننا غير أنهما فوق الأرض، وأنا معك فوق السحاب..وهما هما، عاشقان ليس إلا، ونحن نحن بملء الأرض حبا، وبمستواها عشقاً، أنت هناك يعصف بك قلم تائه، وأنا هنا يشتتني فيك قلم مجنون، وفكر لأجلك مكنون، ولا أظن العاشقين إلا في حالة خداع نظر لمن يراهما ..ثم بعد قليل يختلفان، وما اختلفنا يوما إلا على تغيير سبيل الوفاق، أو الدخول علينا من باب آخر.

أحمد الفلاسي
11-20-2010, 09:57 AM
كل يوم أقرأ لك هذا الكم من الحيرة، والتخبط الصاعدين بكتاباتك إلى ما بعد سقف الإبداع والروعة ، وإلى ما فوق سقف الدهشة ، والسحر مني..ولو شئت لعريت جسد تلك السطور فأبنت منها ما ينبغي ستره حياء، وحشمة، وهل غيري قادر على نزع أثوابها وتجليتها كما يتجلى اسمك في الوجود فيقشع عن وجه الدنيا غشوة ليله؟. وهل لدى غيري جرأة على فضحها فإذا بها مقروءة الباطن كأشد ما تكون قراءة الظاهر، جرأة أنتِ من تدركين أبعادها، وتعلمين خصوصيتها، بل وأنت على يقين أن الإصرار سمة موبوءة بها، فما علمني العنادَ شيءٌ في الوجود مثل حبك..إنني لأنثني عنك يأساً فأجدني في لجة عنادي بك غارقاً لا حيلة لي سوى الرضوخ لسلطان الهوى، وقهر نظام الغرام.
سامحك الله!! لقد أخطأتِ الطريق نحو نكص حصاني الشبق فيك ، وبك ، فظننتِ أن ألفاظ قلمك القاسية ستثنيني عنك، أو على أقل تقدير ستردني إلى مضاربي يائساً من معانقة ابراجك المدنية، فحلمتِ بما لا طائل من ورائه سوى اضطرام الحديدة الصماء المعتوهة من جديد لتجدي نفسي بين قلبك وعقلك، العقل بسكينك يباعدني، والقلب ببرودك يحاول إماتتي، وأنا الحي بحبك أكبر من أن تجري علي صروف الفناء!!

أحمد الفلاسي
11-20-2010, 10:19 AM
من صفاتك التي أكرهها بمقدار ما أحبك تطرفك في المدح كتطرفك في الذم، فالمنطقة الوسطى لا يعرفها قلمك إلا ساعة براءته من داء التوحد التطرفي ..ثنائية في الحكم لا أدري كيف ابتلي بها قلمك ، وقلمك الذي تربى في حياض مشاكستي فريد في وخز رأسه إذا غضب، ونادر في برد حبره إذا رضي، وما بين الوسطين لا وجود لظل قلمك يا ...
وكأن تلك الاستماتة في سبيل الحفاظ على هيكلية دفنت نفسك فيها سبب رئيس في أن جمال حرفك يقضى عليه مقتولاً تطرفاً لا يعرف شعرة الميزان إذا مالت به كفة ، وخفت بالتحليق أخرى. إنني لأحبك حباً فاعلاً في حروفك فاعليةً ناريةً تتخبط بها خبط عشواء لتصبح مع كر الجديدين متجددة تناقضاً، وتدهوراً ملحوظاً..ومع ذلك لا يضن بحبك شيء في حياتي، وكأنما تلك العيوب محاسن في صفحة القلب إذا قرأها لم ير منك إلا أنك أميرته رضي العقل أم تهشم رأسه على صخرة القطعيات الصامتة.

أحمد الفلاسي
11-20-2010, 10:55 AM
ومن الصفات التي أكرهها وأحبها فيك الغرور، والكبرياء..بل هما محط الكمال في كل أنثى عاشقة، ولا أظنهما إلا الشفرة التي قدمتك لعشق قلبي فمات فيك حبا لغرورك يا مغرورة. ولولا كبرياؤك ، وغرورك ما اتزرت بهذا البأس البياني لأخلدك على الأيام أميرةً دخلت علي بالغرور مدرعة فهزمت غرورها من سحر أول كلمة .
إنني لأستصغر على مقاس كبرياء مشاعري امرأةً يتساوى عندها قيامي، وقعودي، كما يتساوى عندها هيامي بها، وشرودي، فإذا ما سهرت الليل لخوض معركة الحسن بسيف رجولتي أصبحت لا أميز منها مواقع الضعف من القوة. .وأنا الذي كتبت بمداد الحب حبا حاراً يغلي من اللمسة الأولى لأنامل امرأة لو سرت أنوثتها في جسد بالِ لدبت فيه الروح من جديد.
أنت مغرورتي ، وأنت ناري التي علمتها الإذعان لفارسها لتغلي بسعيرها في كفيه، وحضنه ثم تقول له: إنني النار المحرقة! لكنني في حضنك أفتقد خاصية الإحراق، وبين يديك أسلم الراية يا جنتي، وناري.

أحمد الفلاسي
11-23-2010, 06:55 PM
كيف تخفين عن عيني شوارق الضياء فيها؟؟ ألم تعلمي يا إسفارها أنك قرُّها، وسكينتها على امتداد أسفارها!! وكيف قستْ بنانك وهي تغلظ جدران الموانع بيننا حتى لا أراك، أو أرى من رآك!..أنا يا حبيبتي ما ترددت يوما أنك أرق الناس قلباً، وألينهم طبعاً، وأسبقهم إلى موائد الوفاء وفاءً، وما صدقت لحظة أنك بهذه القسوة المفرطة حينما لا يكفيك من تعذيبي جانب الروح، فأتبعته بجانب البدن الصائر أمام خريرك عيونا لا عيناً.
من علمك يا مهفهفة القد تسلطن الأنثى على مواقع الحنين من قيسها، فرحتِ تنوعين التنكر إعلانا بعد أن كان تنكراً، وتصبين قوالب الإقصاء الجريئة بها أناملك وأمام شاخصي الصافن القاريء القاضي بظلم الهوى عدالة، وتفرعن الملاحة الضوئية حكما لا نقض له. وكأنما تقولين لي: كفانا تنظيرا، وتسطيراً لحقيقة قد تراها ولا أراها، وحلم عشته ولم يصافح مخيلتي يوما، وهدير من فلسفات الغرام لا مكان لها عندي إلا حيث هي من قبيل المعارضة لما به تهدر، وتزفر..وليتك يا هذا وفرت كل قطرة دمع، وزفرة شوق، وزخات عشق متلاحقة ليكون لك طاقة حياة في واقع ينقذك من براثن الخيال، وينتشلك من ضحكة الهوى الساخرة.

أحمد الفلاسي
11-25-2010, 07:32 PM
..لا..لا شيء سوى الأمس يرتب لي أوراق اليوم! الأمس الشاهد على غرامي الأول وأنت بطلته بين بنات حواء قاطبة..هو الأمس حاضر اليوم، والقناة المفتوحة بين الزمانين وأنت بطلتهما من بين بنات حواء قاطبة!
لا تتجني على حاضر ملكُه أمسُك القريب، إنني ما عرفتك معتبرا بهذه المجريات الزمانية حتى يكون لحبك وقت ، أو مكان، أو ظرف، أو باعث ما..
وما هي إلا مصطلحات الغرض من ذكرها التقريب إلى أذهان الخلق إذا ما حدثتهم عن أبجديات غرامي وأنت بطلته من بين بنات حواء قاطبة. إن الزمان الذي عرفني عليك في ظرفه، ووقته ودعني من أول وعكة مرضت بها في سبيل أن أحيا بك من جديد جاحداً كنه الزمان، وتفاسير تقلباته، واعتبارات نقضه، وتجديده في حياة البشرية، ولا أقرب إلى تقرير هذه الفكرة الواقعية من حالي معك وأنا أطوي السنين وكفي قابضة على الطرف الأول من بساطها لم تتحرك من مكانها، أو توها..فبأي تعليل جائر تفسرين تصرفي بتغير موهوم خالف السطور الأولى من حبنا ساعة الرضعة الأولى له من ثدي اللازمان!!.

أحمد الفلاسي
11-25-2010, 08:03 PM
تعالي نتحاسب بعيدا عن منظومة قد تترفق بك، أو بي، ودعي الوسائط الراحمة وهي بيننا كثيرة كثيرة كثرة ما بيننا من ظلم يفتك بنا قبل فتكه بالظروف التي جمعتنا والموعد مجهول مجهول.
تعالي نزن الحقائق السائرة بنا إلى عتمة المجهول ، ثم نتبصرها، ونحتكم إلى الحق فيها..من الجاني منا، ومن المجني عليه؟ من الواهب حياته، وقلبه، وقلمه..ومن ذلك الموهوب الظالم، الغافي على سهر محبوبه، وعذابه؟؟ السائح في فضاء من آلام محبوبه، وكسراته، وعثراته؟؟.
تعالي وحكمي من شئت، شريطة توخي العدل ، ولو كان القاضي وليد جورك، وظلمك، وقسوتك. ثم انظري إلى من ختمت على فيه فلا كلام، وعلى جوارحه فلا حركة، ثم تطلبين منه الدفاع..
وانزلي من برجك العاجي إلى منطق العدل، مع علمي أن القلوب لا محكمة لها، ولا دفاع ينافح عنها، والأمر قاض بكونك في قواطع هذا المنطق تمثلين الجريمة، وفاعلها، ثم قاضيها..فتعالي !ا لن ينقصك المجيء شيئاً لو طلبنا القضاء حكما، والحق مفترق الطريق بيننا، ولتكن منك بادرة تخلد لك منقبة، فإن مخالفة الطباع هي الجولة الأولى لموافقة الحق .

أحمد الفلاسي
11-25-2010, 08:22 PM
ما حيرني شيء كما حيرني عناق وجودي لوجودك وأنا أشرك وجودي مع اسمك الأخضر في مكان واحد، وفي لحظة من لحظات العناق المسروقة من تسامح الأيام يا حبيبتي ..لن أقول للحظ أحسنت صنعاً هنا! فكم أساء صنعاً وأنا أبيت الليالي أنتظرك لألقي باسمي جوار اسمك الغالي ثم لا تأتين، ومع ذلك، ولأجلك سأقول للحظ أحسنت! وياله من إحسان يكتب لي أن ألتقي بك ، ولو مزاحمة، أو مراغمة، لا سيما وفي الليل مأوى العشاق، والأذن المصغية لتراتيل آهاتهم ذات الحنين المفرط..
فدتك روحي يا روحي!! ألا لا منٌّ عليك بدمعة ساخنة هنا سالت مني على عودك الأخضر، وأمام خريرك الرقراق الساجي مع الليل في عدله لا ظلمه..ولا كثرة عليك لو سالت مقلتاي دما لا دمعاً، فإن بي من الحب هذه الساعة ما يغير وجه الكون ليلا طويل الحنين، ودربا طويل الخطا في تقصي عبرات الشوق.

أحمد الفلاسي
11-27-2010, 11:22 PM
أهكذا رفرفت بك كلماتي الأخيرة لتشق بك حجاب الكون امرأة مغرورة لا ترى في عموم الرجال ما يوقظ عاصفتها الأنثوية الرابضة فوق مشارف الكبرياء!!! فإذا بها تجر ثوبها العاتي من سرير الملك إلى صرير حبال الفلك، ومن ساحات الهيمنة الكمالية حتى مقاتل الخناجر الجمالية..
لقد كنت أعلم بفاعلية كلماتي في أوصال غرورك..إنها تداعبك من أخمص القدم إلى مفرق رأس ذلك الغرور، وتظل تنحدر بك إلى قاع السكرة، وتصعد بك إلى مماسة شعيرات النشوة، وكأنها وهي المطبوعة من مداد قلبي المليء بك سحابات من دغدغة حساسة لا تمر على موضع من بض جسدك البض حتى تخلق فيه من خلايا الكبرياء الأنثوي زمجرة جديدة، وصرخة تعلنين بها أحقيتك المفرطة في تملك من تحبين دون المساس بجانب الرجولة المتردية به من برد اللاءات، أو حر الآهات.
وليكن تماديك في الغرور فوق سقف المعقول!! أو لست حبيبتي؟؟ وما كلماتي المستفزة لشبق أنوثتك إلا رسوم، وحدود لك لا تغادرينها، وكيف يغادر الكائن الحي سياج حياته وليس ثمة خارجها إلا الموت المحقق.......أحبك يا جنون الليل على رقصة أهل السمر.

أحمد الفلاسي
11-30-2010, 03:21 PM
أريد أن أسمعك....لأعاتب الليل مع عتابي لك ، أي عطر ليلي النفاذ هذا الذي فاح من قسمات صدرك، وانبعث من جانب بلور نحرك..يناديني يا حبيبتي فأرد لكن هل تسمعين ردي وبياني؟؟..
أريد أن أسمعك...فهل أنت معي هذه الساعة بين شهيقي وزفيري تطوقين بذراعيك رقبتي ، ثم تمسكين من يدي القلم تقبلينه لأنه كان لصيق يدي؟؟..

أريد أن أسمعك وأنتِ تزاحمينني على مقعد جلوسي في مكتبي، وأنا مشدود مشدوهٌ أشتري بعمري كل كلمات الغرام لك ، وكل عبارات الوجد الشارحة لي ولك شأني وشأنك؟؟

أنا الآن أعيشك حلماً مفصل الأدوار، متعدد الوجهات..أرانا... والليل كأم حانية تقص علينا من أساطير الماضي أحلى حكايات الحب، وأنا وأنت مطرقان نافران ، طائران ما بين الحاضر والماضي ثنائية في أحاد، وأحاد في ازدواج أحادي القلب ..أنا وأنتِ منهومان في النظر إلينا، كلما نظرت إليك رأيتك غائبة فيّ في متاهة لا ترجو رجعة ولا عودة، متاهة أنت من طلبتِ إبهامها، وتوسلت إلي أن أعمقك فيها ثم أقفل الباب وأضيع المفتاح في قاع بحر لا سبيل ٌإلى قراره...

قلت لك اليوم:أريد أن أسمعك..ونحن والليل، والحب، نشكل حزمة من نور متقد لو أبرق على الدنيا لحوّل عداءها حباً...وأنا وأنت، والليل ، والحب، أهزوجة السعادة غناها الحزن فصفق في كفيه الفرح....ليلة حب تغشاك، وتسكنك يا روحي....أحبك بقدر اشتياقي إلى حديثك.

أحمد الفلاسي
12-07-2010, 09:53 AM
خاصمتني فيك هذه الأيام حروفي، وكلماتي! تأخذها العزة بالإثم أن يرسمها الوجد خالصة لك من دون النساء؛ وأنت تعلنين الصمت بصوت صارخ صاخب كاسر لحواجز المنع..وما عسى الحروف لو نفعها الإباء فاعلة وهي لا تصمد أمام فوران الشعور دقائق معدودة، إن لك يا ملاكي الأخضر ما يعيد رسم الغرام حروفاً من شبق فوق مساحات متعانقة من شهوة الجسد، ولطائف الروح.
ما كنت أظن أن لكلماتي هذا التمنع في تأثرها بصمتك، إني وربك لأزحزحها زحزحة الصخر فوق أرض شاهق علوها، شائك طريقها، كلما رامني الشوق كتابة عاقتني الكلمات تأبيا...فاعذريني لو نفذت البقية الباقية من تجلدي أمام هذا المارد المصنوع في أغوار صمتك!!

أحمد الفلاسي
12-08-2010, 03:01 PM
الماء!! وحوله بسطة من اخضرار اسمك تخبر مخضرةً عن اخضرار قلبك، وقلبك دون قلوب الناس يضخ مادة الحياة الخضراء لجميع قلوب البشر..فلا تعجبي لو استقبلت الحياة من رؤية اسمك المجرد من شوائب الألوان، وبه وحده أينعت الدنيا في ناظري جنة خضراء ممرعة من مائك تستقي، ومن اسمك الأخضر في سلم الحياة ترتقي.
أحبك يا من يزيدك وصفي اخضراراً، ويزيدك تملي عيني عينيك احوراراً، ثم يزيدك حرفي الواله على طول الأيام أنفة واستكباراً.
أحبك حباً يتندى بملامسة قميصك الأخضر غيثاً عاطراً كأنما غازلته سحابة من مسك، وساقته رياح من عود ندي يخضر باسمك، كما يخضر العود بتعانق السحابة مع هفهفة الرياح الساجية في ليلة مطيرة.
وأحبك حب اللون الأخضر العاشق منك اسمك، ومسماك، الكريم كرم يدك الخضراء، الوفي وفاء طبعك المتصل بالسماء ترفعا، وبعمق البحار تجذرا...وسأظل أحبك كطير ينتقي من الأفنان أخضرها وإنك لأخضر الأفنان نضرةً، وما طار الطير إلا بحثاً عن عود فصيح بلغة الخضرة، وإنك لأفصح الأغصان إذا ما تمايلت بأنسام الأصيل تغني للوجود خلود الإخضرار في دنيا غبراء جرداء إذا ما غاب اسمك عن مرابع محياها..أحبك بأبدية اللون الأخضر في رعاية الجمال على ظهر الحياة!!.

أحمد الفلاسي
12-09-2010, 08:20 AM
أصبحتُ اليوم أستدعي من خضرة اسمك جميع مفاتن الإخضرار، وأنحني بكليتي على مبسمه الربيعي مقبّلاً ، حتى إنني ثملتُ من ريّ رضابه وهو يتدفق من جوانب شفتيّ، ويتفتق عن صيرورة الرضاب عسيلات اللمى الصباحية الباسمة.
اعذريني اليوم فإنني عازم على تقعيد قُبلة خضراء كاسمك..كقميصك..كحروفك المنتقعة في خضرة الصباح تداعبها أشعتك فتبدو في حالة رقص متموجة إذا داعبها ذهَب شعاعك، وشافهتها الغرامَ خضرةُ ربيعك.
اعذريني يا حبيبتي ، ويا ملاكي الأخضر لو أعلنت اليوم عن جنة ظلالك الخضراء عمري الذاهب! وهل العمر إلا أنت اختصرته لي أشعتك لوحة زانها الوهج، فأطمعها البيان، فكتبت لي أحلى ما قالت دروس الضحى، وأجمل ما فاهت به صفحات الشفق!.. إنني لفي رياضك الخضراء ذلك الطفل الخالي إلا من عبث الطفولة، وخربشتها الكافرة بنظم الحياة..طفل يعجبه ما يعجب الطيور، ويضحكه ما يضحك الفراش الحائم على مدار الفلك بعقد الحرية البريء من كل عقد..طفل -يا حبيبتي- يحزنه ما يحزن عيون الماء لو حُبستْ دون سد بشري ظالم بالإنسانية قبل ظلمه بقانون الظلم..
فدَعي الطفل خالداً في جنتك الخضراء قبل أن تهلكه أحمال التكليف فينوء عن حملها ظهره الغض الهزف..دعيه في عالم الأحلام طفلاً، واتركيه في عالم حبك حراً، وأبيحي له النوم على ربى صدرك لينعم بغفوة الخلود الشاردة به في مجاهيل طفولته، و...و..وأنت أنت، أجلْ!! أنت يا حياته عذره، وأنتِ جنايته في آن واحد..أحبك اليوم بمقدار تجدد الخضرة في عالم خريرك الأخضر!

أحمد الفلاسي
12-09-2010, 03:20 PM
ما أنقاك، وما ألطفك!! تحاذرين فوت أوان اللمسة لتستلمي كفي ، وتكتبي في بياضها:"أحبك"، ثم تطبقينها لأفتحها على أول زفرة من رئتي، وأول افتتاحية من شفتي، وأول نظرة بيننا في قراءة بيان روحينا، وهكذا أنتِ كما عرفتك!! تكتبين لي بسبابتك ما لا يقوى على نطقه لسانك، أهي- فديتك- شمولية الحب طغت على الأوساط كلها في حياتي ألا يمسّ منها شيئا سوى التقلب بين لسانك، وسبابتك!!
لو سألتك اليوم وقلت لك: أريني منك الليلة معجزة الاحتواء في ضمة خافق لخافق، وأريني منك فريدة الهمس في سريان عناقيٍّ بين زفرتي، وشهقتك، وأريني -فدتك روحي- الليلة نادرة الارتواء بين العشاق في نهلة بين شفاهنا هي ختام ما ابتكره أهل الوجد من لدن بدء الخليقة إلى موعد النفخة الأولى في سمع الزمان...وأريني منك مالم أسأل عنه قبل هذا اللقاء، ومالم يدركه عقل قلبي قبل بسط هذه الأمنيات بيننا يا أملا لا زال مني كلما أروى أظمأني إليه الحب باكورة ري في مساس من عطش!!

أحمد الفلاسي
12-10-2010, 03:10 PM
في حرف الشين سرّي المختوم بطلسم السحر الشيني لا يقوى على رياضة فكه إلا من درس أصول المحبة وهيهات هيهات أن يكون لي فيها ندٌّ، أو دعيٌّ..لكأن من قرأني طوال تلك السنين وأنا أحرق كل يوم ألف شمعة شوق يحس لا محالة أن حرف "الشين" في عدالة أدبي هو جميع حروف العربية ألبسها لباساً منها خشية العين، وخشية ظهور طلسمه عياناً!!
لا تطلبي مني التصريح بجميع حروفك فإنها من الكفاية ما يغطي منها حرف واحد مساحات القلوب كما غطى أول حرف من شمس النهار مساحات الدنيا كلها..وإن بينك وبينها وداً قديما كاد على مرور الأيام ينقلب حسداً دفينا، فلقد ذكرتُك في ثنايا أدبي وهي متسللة علي نافذة داري فلم أدرك عمد دخولها من سهوه، ولم أكترث بسهو ندائها من عمده، فعلمت الشمس أنها منك لي كخانة الاحتياط لو غبتِ عني ربما استغثت بها وهيهات هيهات غيابك عني يا نوارة قلبي في دامس الظلمات.
نوّارتي أنتِ وجذوة الشمس لا كانت ولا اتقدتْ، ومعشوقتي أنتِ ووجه الشمس منسوخ الحسن..منسوخ النور..منسوخ الاسم مهما اشتركتِ معها في قانون التسمية يا حياتي..فتلطفي عليّ من مناشدتي الشمس أن تغير اسمها اليوم لأن ما كان منك لائقاً لا يكون منها مهما ترافعت عنها شواطئ الأفلاك في جرمها الشركي مع اسمك الغالي .

أحمد الفلاسي
12-10-2010, 05:37 PM
رقرقي قلبي بتحدر الخرير أمام عينك المشرفة على استدارة وجه القمر، الناعسة ليلاً في هدوء البدر وهو يرسل للسارين من نورك الليلي ما يبيح لهم التعرف على نورك من خلال ضحكة وجهه الساطع بك...
هاك خيوط الوجد من قلبي لا عبيها...أرقصيها..أتعبيها..إنها تخرُّ بينك وبين تسبيحات الخرير كأنشودة تمايلت جدائل سبكها بين قاع النغم، وتحليق زغاريده، وما أنت يا سحر قلبي إلا أغوار غوايته يصطفيك في دنيا الغي لإصلاح مفاسد الرشد، ويتحين عَروبة تدللك أمام الخرير الأخضر كل ساعة ليعلم بك العقل أقوم سبل الضلالة وهو غارق في ماينبغي، وما لا ينبغي، وما يصح، وما لا يصح.
حنانيك!! أشركيني معك تلك التسابيح الخريرية المؤتلفة من كبد الأرض، وفؤاد السماء، المبثوثة من فم الصخرة الشاهدة على تمايلنا يوما من الأيام..واحذري مع تلقي أنغام السماء غيبوبة الأرض ، وتلاشي كبرياء الفضاء، وتعمق الدمعة من غصة يشرق بها حلق إذا رآك يا حبيبتي لا يذكر الله!!...أحبك كلما أبعد النغم المائي في أعماق قلبي وجوده، وحدوده.

أحمد الفلاسي
12-10-2010, 08:11 PM
دعيت قبل أيام وبطلب من أحد الأفاضل إلى التسجيل في أحد المنتديات، وأنزلت هناك رحلي، وبدأت بالمشاركة عبر أسطول كلماتي الماخر بفضل الله عرض المحيط، وطوله..ولكنني فوجئت بأن القوم هناك خصصوا لأدب العربية مكانا وأي مكان، في الوقت الذي خلا فيه أدبهم من نزر أدب، وأقحلت بقاعهم من لعاعة علم، وتسلطن أشقاهم على منصة الأمر، والنهي باعتباره مسؤول الموقع الخاوي على عروشه، وانبرى لي يتهمني في رسالة خاصة بأن كتاباتي لا تتماشى وتعاليم الإسلام، وطلبت من الرجل النكرة في عالم الأدب حجة، أو سبباً حمله على صب وابل جهله، وبهيميته العمياء، لكنه لاذ بالخرس بابا، وبالهروب من مواجهة الرجال جناباً، وقلت لنفسي: أفتش عن ماهية القوم، وأتعرف عن قرب عليهم، فوجدت القوم ممن يهتمون بإطالة اللحى، وتقصير جانب العقل، والحجى، ففرج الله عني ما أجد ! إذ الصورة لا تعدو تكدس مجموعة من اللحى الطويلة المشوهة للخلقة البشرية في افتعال قفزات يظنها الواحد من قطعانهم انتصارا للدين، وتأسيساً لما يسمونه بالدعوة إلى الله، وأين هم من الدعوة، بل أين من معرفة الأدب مخلوقات لا تفرق بين الشعير، والبرسيم!!
وكم عشت حياتي أتجنب هذه النماذج من حالقي الرؤوس، ومطلقي اللحى إلى مالا نهاية، وكأن الدين انحصر في ثوب قصير مقزز، ولحية يكنس الواحد منهم بها بيته عندما تنكسر مكنسته، ولا إخالها إلا مكسورة محطمة..وقلت لصديقي: يؤسفني أنك دعوتني إلى زريبة أوباش لا تعي البطيخ من الحنظل المر، فتهجم كالفئران على عرين الأسود تظن اللقمة سائغة، فإذا بها غصة تقطع أكبادهم، وتحلق لحاهم المزورة.
وإني لأعذركم كل العذر أيه المشوهون! فإن أدبي عاش في منأى عن مهاترات أقزام التدين الفارغ من كل معنى، وترفع عن شهوة الانشغال بالسباب الذي لا يخلو منه مكان وكله من قذر ألسنتكم، فليرح كل منكم نفسه! لقد قررت قبل أن أكتب أن أبني جدارا عازلا يحمي جناب كلماتي من فضلات البعوض، والذباب الملتحي زورا وكذباً.

أحمد الفلاسي
12-13-2010, 08:10 AM
أنا وأنت مكرنا كثيراً، ودلسنا كثيراً، وكذبنا كثيراً على حقيقة ما بيننا ، وغلطنا صواب متجه روحينا فانقلب الميزان لا يقيم للعدالة بيننا وزنا، ولا يحق لها حقاً. وفينا ولو تجاهلنا ما فينا معتق حب ، وقديم عهد، وباقيات معرفة رمت عظامها وما رمت أحاسيسها.
ألم يكن الخيار بيننا يومها متاحاً لنختصر علينا هذا الطريق من المراوغة، وندرأ عن أنفسنا ما حاق براحتها من عناء تملق، وتصنع إباء ، وخلق أكذوبة تسمى في فلسفة العشاق أنفة الكبرياء!!

سألتك بالله أيتها الحاضرة بيني وبين همسي الآن ..هل تجدين لحديث النفس لديك صوتاً يخلو مني ، أو من محاولة عصيان صوت ندائي، وهل خلا عضو منك من مثقال ذرة من مظلمة لي حملتها نفسك الأمارة بظلمي طوال فترة ما بين عيشي في كنفك، وبعدي عن صرير قلمك؟؟..وإذا كان الأمر كذلك فمن منا الأحق بوراثة الحب صدقا وعدلاً؟ ومن المسئ إلى الآخر بعيد ذياك البرهان، وتمادي ذلك العصيان!!!

أحمد الفلاسي
12-13-2010, 08:18 AM
تسابقني كل يوم إليك روح لا أعلم كنهها غير أنها منك، وإليك صنعها، وطبيعتها، وهي لا تستقر على حال حتى تراودك عن نفسك ، وتهتك سترك المنيعة بانتصابها أمام حروفك الخضراء كجدث خلا من الروح مع بقاء الروح فيه.
حاولت أن أشرحك أكثر، لكن عمق تأصلك في قيعان اللامعقول شغلني بالكيف أكثر من شغلي بمراحل الوصول، ووهب لي منك معرفة أغنتني عن تقصي اكتسابها بسؤال، أو تكهن، أو حدس حس يخطئه البدء قبل المنتهى.
.
ومع ذلك تطالبينني بمجرد الإشارة إليك دون تصريح قلم، أو إملاء شغف قلب أحبك وما أحب غيرك يا صاحبة الظنون فينا بما لا ينبغي..وأنى يا وحيدة القلب لبغية الإشارة عنك أن تكتفي بإشارتها وأنت مقروءة كلون العلم في كل حرف أنفثه، حتى إن كتاباتي لم يعد لامرأة فيها مطمع يبشرها، أو أمل يؤملها ، بل صار حرفي مضرب المثل لحب لم يولد لقاؤه، وعشق لم يدرَك غواره، وحديث هيام بمن ليس في بالها لنا ذرة إلمام.

أحمد الفلاسي
12-13-2010, 08:21 AM
آه من خيالك الذي لم أشخص كنهه بعد!!..لقد تولى ملاك إحساسي ليلة البارحة فاخترق علي حاجب خلوتي ، وأنا ما قطعت الليل إلا خالياً مستهاماً ، يعلق الليل على نصب نومي الآمال فتخونه الآمال، ويضطر إلى مجاراتي في تسهيد جفنه فينام وأنا حرم على جفني المنام .
ولو ملك خيالك ملكة التكلم لحدثك عن ألف ألف قبلة طبعتها فوق مشارف شفتيه، وعن ألف ألف ضمة بت أحتويه بها حتى كاد يلامس ما خفي من بوادي عظامي..ولحدثته عن ألف ألف رشفة سقانيها وفمي غارق بكلية الشوق في معدن فمه، ولرشفة الشوق الأولى إحياء كل ما مات من خلايا الحياة أتلفها الشوق، فأحيتها رشفة الشوق، ولتلك الرشفة ذاتها مذاق يهب للعروق الظامئة هبة المعرفة المنقوعة في شهد ما بين خليط ريقنا يا حبيبتي.
ألا كل أمنيات الحب قضيت وخيالك يمنيني ليلة الدخلة المشهودة من خلايا روحي ، ويمحو كذب الأيام أنك لست لي، ولست لك، ويالها من فرية حاسد لم يعِ من قوانين الهوى سوى أنها حرمان، وعذاب، وصبر لا يزداد مع خفقان الشوق إلا مرارة على مرارة.

أحمد الفلاسي
12-13-2010, 10:05 PM
هل تعرفين كيف أكتبك ؟؟ إنني أعهد إلى أقرب طريق يوصلني إلى خريرك فأستريح في فيئه شيئاً من الزمان، إلى ما شاء الله من فترة المكث هناك، وبعد أن ألقي المسامع إلى صوت الخرير ، وأسكن المدامع إلى خضرة الحرف النضير، يبدأ ندائي من هناك، ويالفرحتي، ثم يالفرحتي لو صادف بحبوحة تربعي هناك حضورك المتمثل في اخضرار المكان باسمك الغالي...لا تسألي حينها عن حالي! ولا عن استمطار الأفكار من حضرة اسمك في مرآة مشاهداتي، و شخوص تجلياتي....
واسمك !! ما اسمك؟؟ حبيبي اسمك لأنه يعلنك في صفحة عيني حقيقة لا يقوى الخيال على خداعها بزخرف النظر.
واسمك!! ويلاه من اسمك إذا تملكتني نشوته الخضراء المورقة كعشبة يصفها الطبيب دواء لجلاء البصر، واسترداد حدته عن طريق اللون الأخضر يا حبيبتي..
واسمك!! تلك الجنة المشتبكة أغصانها، الملتفة كحنايا الأضلاع أفنانها، تكاد من ري خضرتها ترسم الدنيا في عين الشمس عود ياسمين كللته ابتساماته البيضاء بتيجان السيادة، وتفاريح السعادة.
واسمك!! قرين الشمس ، بل هو الشمس ناطقة بذلك حروفه الخضراء، و لولا أن يقال: إن من جذوة الشمس تورق الأغصان..لأبطلت تفرد الشمس بمادة الحياة الصانعة حياة الإخضرار، وقلت حينها: الفرق بينك وبين سميتك أنها ترسل الضياء لصنع الأخضر الورقي، وأنت تهدين الخضرة جاهزة دون تصنيع.....أحبك يا نوارة حياتي حتى يجف قلمي والبحر سقيا لعابه.

أحمد الفلاسي
12-13-2010, 11:58 PM
غبية تلك التي أوقفت نفسها من أجل أن أنساكِ، ولطالما فتشت أوراقي لتجد منها مكانا فارغا منك فما اسطاعت ما أمّلتْ، ولا حصلت على ما حلمت، وأدركت يومها أن شبرا واحدا من ميادين حياتي لا يخلو من سطوعك عليه ليلا أو نهارا، ولو خلا لعجل بموته فقداً لشعاع نورك المضروب على صفحة قلبي، وقالبي ربعاً لا تفي الأرض كلها بإرضائه لولاك..أجل لولاك يا نوارة قلبي.
أعيذها تلك الدقائق الغضبى علي من فوهة بركانك أن تذبحني قبل حلول أوان التضحية، أو تحيلني منك وحدك خالي الجوف من اسم حياة وأنت مالكة مابين النفحتين منها ..همزة المضارعة من حبك، وكاف خطابك المتسللة من نورك.
ياترى هل أدركت تلك القريبة منك أنني محض استحالة في دنيا التبدل عنك يا حبي الأول قبل أن يتهجى الحبَّ قلبي؟؟ ولعلها تبينت اليوم وبعد طول عهد من فراق خيمتك المحرم علي دخولها أن إشراقك المركز على مساحات قلبي اكتسح ذرات الاحتمال أن تطمع في أنثى وأنا عنوانك هناك، وأنت عنواني هنا.

أحمد الفلاسي
12-15-2010, 10:02 PM
أرسل إلي بعض الأحبة يستفهمون عن سطوري حول جنحة التكفير التي تتبناها بعض العقول من دعاة التدين، واستفهم البعض عن لهجتي الشديدة في الرد، والحقيقة ما تعودت في كتاباتي مثل هذه الشدة لولا أني وجدت رقعة واسعة من هذا الصنف يضربون شرق هذه الشاشة، وغربها يستعرضون من يشاؤون من مخالفيهم بالسب، والطعن، والتجريح..وهم في الوقت ذاته يبرزون أمام الناس في زي السنة من لحية، وغيرها...وهنا أبين أن العتب ليس على اللحية فاللحية مظهر من مظاهر الناس ليس لنل نقده، أو تعييبه، وما طرحته هنا استخفافا بالمتحلين به، فهناك أناس من النظافة والسمو ما يجعلنا نقدر مظهرهم الشرعي المرتبط بالجانب الخلقي في حياتهم...وبالتالي كان القصد من كلامي بيان ما يقع فيه هذا الصنف من الناس من إطلاق ألفاظ توحي في مضمونها بكفر الموجهة إليه، وهذا لا شك منهج لا يقره دين ولا عقل ولا منطق.

أحمد الفلاسي
12-15-2010, 11:25 PM
لك الحق أن تشعرينني بدفء تلك الصلة الجامعة بين نثري، ونثار وصفك الزاكي المبثوث في سمع الليل سلاسل الذهب على جيد حرفي المكتوب لقراءة عينيك، وتملي خاطرك.
وإني لأعجب من ساعة كهذه الساعة تؤاخين فيها نسائم الليل الوادعة لشرح قضية التفنن في سبك حرفي، ووصف عينيك...وكأن القدر التفت الليلة التفاتة المعترف لإقرار مابين رسوم الأديب، وإرسال النظر من أديب لحرف أديب، تلك هي ميزة حرفي في كونه جمع كون القراء بأكمله ليلخصه في نظرتك، وألغى مطامع العيون الشرهة ليثبت من وراء ستر البوح تقرير نظرتك، وقد يأخذه الغرور لأنك أنت من قرأه، ثم يأخذه الاعتراف أنه ما ارتسم إلا لأن مثلك من سيقرؤه.
فلا تجعلينني أغبط نصوصي حسداً أن ناظريك تلقفاها بمثل هذه الوداعة من حرير الملمس، أو وفير سخاء المعاينة..جاءتك نصوصي قبل جود عنايتك بها محترسة ألا يفوتها نظرك، ومتأملة أن يحتضنها عالمك، فلما أناخت في فئ كرمك نالها اليوم مالا تناله الجوزاء من علو شأن، وبعد شأو، فبأي لسان ستقول لك:هاك مني أعطر الحرف، وأنداه، وأجمله!!!وهل لو تسنت لها نجواك بهمسة شكر سترضين ولو بأقل ما تحصل به كفاية الغني من فقيره؟ ومقدار ما يرضي الملك عن مملوكه..

أحمد الفلاسي
12-16-2010, 12:20 AM
ينادمني الليل معك.. فيدير الكأس بيننا غير منتبهٍ بما في سكر القبلة قبل سكر الكأس من مزاج ختم القبلة لا من سذاجة ختم الكأس، وما أسكر الكأس حتى استهدى الطريق إلى صفاء شفاهنا المجنونة سُكراً، المخبولة عناقاً، واشتباكاً وكرّاً...وليت الكأس يدرك أن مزايا سكره لا تستقي الثمالة إلا من جراء استدفاء شفتينا تحت قبة العراك الليلي المشتعل ناراً من سعير اللون الأحمر في شفتيك يا مجنونة ليلي الشاتي الثمل.
وأبى الليل إلا أن يسهرني خارج مغريات النوم، وأبى إلا أن ينعسك الحب فوق مافي إغضائك من نعاس الشوق خلقة، وجبلة، وقواما..وهو هو الليل لا يلحقني بركب سُمّاره إلا عن طريق إثارتي بك، فإن تمثلي لك في هذه الليلة عروس الليل المقمرة شبيه في تحديده بمماسة جسدي جسدك في ليلة لا أعشق ظلامها إلا لاستبيان قمرها، وأنت قمرها.
أحبك...تلك هي شفافية العاشق يراها الناس لا تعدو حد الكلم، وأراها كما أشتمها، كما أطعمها تلك النفحة المختطفة بشفتي لفتة جيدك على حين غرة يا حياتي.

أحمد الفلاسي
12-16-2010, 08:37 AM
وأصبحنا نتهادى الصحوَ بعد ليلة تدلتْ نجومُها كدُمىً من شرر في حجر الظلام الساجي، وكفّي مارقة من قبضة الليل تنشد جمعَ النجوم تنسقها عقداً يصبح حول جيدك أعجوبة الأقدار، وسحر الأبصار ، وعلامة الخصوصية لليل أصبح يجيزه نحرك معجزة الليل في وضح النهار.
ومن مثلك حينما تقول ها قد طلعتُ! ومن بعدك حينما تقول ها قد غربتُ! بل من مثلك وأعمدة النهار أعواد خيزران ترسلها يداك للنهار قُضُباً من نور، أو غلالة من حرير مشع!! إنك أنتِ ولا غير، في إلهامي أنت ولا غير..في قوامي أنت ولا غير..في إمدادي بلاغة الإفصاح كيفما أشاء، وكيفما أتمنى أنت أنت أنت لا غير..
أكتبك وأنت سُكري.. كلما رسمتك حرفا تمايلتُ من هزة الطرب، وتواجدتُّ من وطأة الهوى، ولولا الحياء لخرجت إلى الطرقات يرقصني اسمك المشع كطبيعتك ، ثم لا أعود إلى رشدي حتى أسمع الخافقين أني أحبك..أحبك..أحبك.

أحمد الفلاسي
12-20-2010, 09:23 AM
مالك وعصافير الكلم المورقة زغبها وسط القلب، المطلة على كبريائنا من ذلك العالم الملائكي النزيه النظيف من تفاعل أجساد الآدمية، أنيليها منك حرية التخلق في رحم القلب من جديد لتقول وبكل جرأة:هاؤم استفيقوا لتتلوني منكم قلوب مثلي. واستبق منها ليوم البوح مسكة تصريح ليوم التصريح ، فإنها عانقت مثيلاتها، ووقفت عند عتبة الباب الذي وقفت حروفي ونادتها من عنده عشية رأيتك منها، ورأيتها منك. عشية صببتني حمم قلوب لا حمم وهج صخري سرعان ما تذروه الرياح يا أديبة الجمال الحرفي بين سطوره وجدت ذاتي.

ولم نسجنها وعنفوان شبابها يدفع الصخرة من على صدره كذرة هباء خفيفة، ويرفض نداء لا يتأتى من مشكاة الفطرة، ثم لم نسجنها وفي صفحة عنوانها قرأنا -نحن الاثنين- وعد الحرية الطائش كسهم من نبل الإنسانية المترصد لصوت قلوبنا بالرعب، وبالوعيد المرهب، وكأننا فلتات هامشية شيطانية؟...كلا ثم كلا، فنحن علامة ختم الملائكية تربع فوق عرش الفضيلة فأمطر السماء، وأنبت الأرض، وحلانا شهداً لا علقما في فم الدنيا فكتبنا، أجلْ كتبنا -أديبتي- ما يدل التائهين على الدرب..وكله عائد إلى عصافير الكلم المسجونة خلف قضبان الصدور..فأطلقيها ..وجذوة الشمس أودعيها ليراها الكل مع الشمس فإن غابت الشمس غابت، ثم سرعان ما طلعت.

أحمد الفلاسي
12-20-2010, 09:50 AM
أطلقيها ثم امنحيني لحظة نشوة أخيل لذاتي أنها تكورتْ كشمس طلعتها لتتحدر صدى ندائي، ورجع جؤار حرفي المتمرد على الأعراف الآدمية مع حرفك، وحرفك فقط..وما كلفة لحظة في تثمين تخيلي وحروفك غنية غنية بملايين من يقرؤها، ويقتبس منها شوارد الخلود الحرفي على مر الأزمان...وهل لي الحق أن أتخيلها كذلك؟؟ هل لي الحق وهي متمنعة بأسوار الكبرياء، ومتحصنة بدروع من شموخ، وسياج من ضوء شمسي من يقترب منه لسعته ناره وأنى له البرء والشفاء.
أصارحك أنني خلوت معها مرة لأستنطقها خلسة وعينك بعيدة عن رقابتها، فلامستني عن قرب، وكنت أخشى على بقايا زفيري ، وشهيقي أن تذهب جراء التطاول على هيبة حضرتها، ثم إني استجمعت شتات ذاتي، وحاولت إغراءها بنسائم حرفي تميل كتموجات النسيم على مفاتن خديها، فعدت لأغلق الباب علي بعد أن قالت لي: قف اليوم هنا، "وإن غدا لناظره قريب"

أحمد الفلاسي
12-25-2010, 10:09 PM
في صخب ضجيج أرضي يصم الآذان تتوارد عليّ حروفك المعلنة طبيعة لغة السماء في ارتفاعها، وما ذاك إلا لأنها حروف سماوية المنشأ، تنحدر في قدسية متسامتة مع علو السماء، ومتفجرة من رباب السحاب غيثاُ لم يزل يرويني، ثم يرويني عن ماء الأرض الآسن المتكدر المتغير باستحالات من يسمون على ظهرها أحياءً وهم في أمس الحاجة إلى حياة السماء تجعل من الأرض الميتة ممرعة بكل خضرة
وأنا هنا أجلس القرفصاء أنتظر وارد حرفك لأنعم معه بنعمة المجاورة على أقل تقدير، وكم جاورته وهو العبق العطر المستور في كينونة ذاتي ، المغمور في مستودع روحي.
بالله علميني -أديبتي- كيف أكتري مركب جوارك وأنا البحر أغرقت في حرفك مراكب الغير، والسوى لأكون أنا جار نبضك..جار همسك...جار لغة الحرف السماوي المعروف بك ، ولولاك ما تحدث السحاب، ولا شرح الغيث للنبت فلسفة مداعبة قطراته لبراعم أوراقه.علميني فإنني ومذ كان جناح التحليق في سماواتك زغبا أنتظر منك ما أجده في عالم إحساسي حقيقة تعلو على تراكمات البعد كما تعلو سماء حرفك فوق تراكمات النفس المتدنية بحظوظ الجسد...
علميني ثم وزعيني في مساحات بوحك بذور طهارة غداً ستنبت من حرف السماء ورود السماء فوق هذه الأرض .

أحمد الفلاسي
12-25-2010, 11:34 PM
يسائلني عنك القلم كم مرة قراتك؟؟ وكم من المرات بحثت عنك في أجندة حرفك ساعة ظمأ اضطرتني إلى الغوص في مائك القراح والدنيا من حولي تسف الثرى عطشا، ونصباً...


وكنت يومها أتحدى كوامل الأقلام أن تبلغ غاية ما وصل حرفك إليه في ذاتي، لينبري حرفي يرسمك في صفحة الورد الصباحي كأحلى ما قال الفن الأدبي ، وأسنى ما تفوه به الثغر الشمسي...ويرسمك في صفحة الرداء الليلي أشقى ما أضحك وجه القمر لو مكر بتسليط أشعته على الدنيا فحسبتها الخليقة نهاراً...


يالها من ساعة أراها تستشرفني عناداً وأنا الآن أحتضن حرفك الزاكي كلما غاب الليل في إهاب النهار المستبد نوراً، وأنتظرك كل يوم على باب اللهفة تملؤني بقربك ، وتعطرني بشذا عرفك يا تلك الرابضة على مدرج خيالي تستعصي على الخيال لأراها كما شاء لها القدر تجليات بصري، وبصيرتي..

أقيمي هنا..هنا عندما يجمعنا الحرف ونحن لا نصدق أننا التقينا، ولا نكاد نثق في الأيام أنها بشت في وجهي اليوم حينما نثرت في حائط مطامعي نثار حرفك، فغدوت به مارقا من قبضة غيره ليكون لي ختام الأقدار في عالم مقري، ومستقري.

أحمد الفلاسي
12-29-2010, 12:10 PM
ما يسحرني من إشعاع حرفك خصوصية ندائي من خلال شعورك، ومد يدك من بعيد تتحدى المسافات لتكشف على مستودع السر مني فتضع تقريرها حين لا يتجاوز بدء الألف من شعوري وحتى نهاية الياء من سطوره الخفية إلا عليك.وكأنما عذرتني حينها فما أنا إلا حروف تخلقتْ في مهد ، حروفك حتى بضها الشباب، وأيفعتها وردة ربيعه.
ومثلت بين يديك تغرق في بحرك لاعتمادها أنك الربان أزبد البحر أم غفا على صفائه المعهود.اعذريني لو لفتني الظنون في غلالة من سهر، وبردة من تسهيد..فإن حروفك باتت لي عضلة الوصل بين عظمي، ولحمي، ووصلة المصير بين طرفي يومي، وغدي، وأمسي...فلم لا أفتقدها؟؟ ولم لا أعتابها؟؟ ولم لا أمضي في طريق حيرتها فاقد الأهلية لمعرفة كل حرف سواها، أو تمازج دواخلي مع وسط غيرها؟؟إنها صوت السحر يجلو عن جبين الشباب دواعي القتر، وداعية الضحى المشمس أتعرض لها كلما أحوجتني ضرورة الاستدفاء إلى محض الشمس الوديع الدافيء..
وهاك صمتي الذي استجلب من ألطافك مادة الاحترام، إنه لغة مخاطبتك إذا ما فارت قدر الشعور في سجينها فأقفرت ميادين اللغات بأجمعها أن تهبني حرفا يحمل مني إليك كلمة من نوع دفائن السر الخفي الغافي على أنشودة تراتيلك اليومية يا فاتنة الحروف الأحمدية.

أحمد الفلاسي
01-01-2011, 08:47 PM
أنتِ من علّم شفتيَّ رياضة الصمت حينما ما رستني أفاعيل حرفك مشاع قلب، وقالب، وآذنتْ ألا تعتقني من ربقة الذهول حتى يعلن الصمت بيننا كلمته الأخيرة الشرهة لطول صمت بيننا رغم ذوبان سكّر الحديث على شفتينا قبيل هذا اللقاء المحموم بنا، وبنا. لقد باينت في وصف صمتي حجب الكون فبدا الوصف في شعرة قلمك صمتاً في حديث، وحديثاً جعل الصمت عنوانه الشارح لأرباب الكلمة معنى مافي السرائر مما لا تعلنه الكلمات حتى تلده أرحام الصمت شابا يافعاً.

أوَ فهمتِ صمتي إلى حد حملك على تبياني للقراء حديثاً ذائع الصيت، سائغ المشرب!! وأنت لا تصفينني إلا من مشكاة المعرفة المطلقة دون تخصيص، أو تحديد، ومع ذلك أراني في وصفك كما أراني في سواد عينيك ساعة زورة الطيف المؤرق في خلوة ليس فيها إلا أنا، وأنتِ دون مماسة اليدين، أو معاركة الناظرين....وهبي الصمت بلغ مني مبلغه، من أين سترتوي أطماع عطشك مني!! بل من أين لشراسة نهمك الاكتفاء بي، ومني وأنت مني كما أنا منك صمت كلمة لو خرجت لأحرقت سبحاتها هذه الدنيا بمن فيها!!

أحمد الفلاسي
01-05-2011, 03:03 PM
وأنى لحروفك أن تغادرني وهي منك كصفحة الغيم من مائها، وهي مني كماء الغيم من صفحته، تسقيني كل يوم منك ملء كفيك من ماء الحياة، وحينما ترويني منك لا ألبث أتساقط مطراً على الخليقة أنبت زرعها، وأروي ظمأها، وأورق رماد الدنيا من خضرتك لتغدو جناناً يقطع مسافاتها حبي الوارف من ظلالك يا كل الحب في حياتي.
أي وعد هذا منك ألا تغادرني حروفك الغالية! بل أي عرس لقلبي ذاك! بل أي عمر جددتْ عبارتك صبيحة هذا اليوم شبابه!..بالله ردديها على ظامئات مسمعي أكثر فأكثر، بالله أودعي قلمك من دفء راحة يديك ثم أرسليها مع أول أنفاس الصباح، وآخر آهات المساء لأجد يديك قبل مداد القلم، وأتلمس مواضع أناملك قبل خبال شعرة القلم على مستباحات الكلم.
ردديها يا أمل العمر ردديها، فوالله لو رسمتها بأعقد لغات العالم ما تردد فهمي حيالها حتى يجاور بها خلايا عقلي، وقلبي قدرا لا يدعني ، ولو خلاني ما خليته يفارق مبسمي مبسمه إلا لتجديد قبَل الشوق لنعود بعدها أنا لكن وأنت لي.
أنا هنا وحدي في عالم الحرف أتحدى لو نادى حبيب حبيبه بمثل ما نادتك أشواق حروفي، فأنت وحدك يا ملكة البيان الأحمدي أهل بياني، وتبياني..فقولي لحروفك لا تغادري ! فإن دنيا سوّرناها بحائط أشواقنا أخلتْ داخل أسوارها إلا منا..إلا منا يا حب الأبد.

أحمد الفلاسي
01-05-2011, 10:37 PM
حيرتني رسالتك هذه بين تمادي تدللي، وإحجام تمنعي، وبياض صراحتي، وخجل كتماني، وخفاء إشارتي،وما اعتدت منك أن تحبسيني بين حيطان الأضداد وتتركيني تأكلني حيرتي، وتستبد بي جيوش من علامات الاستفهام وأنا لا أعلم أين أقف فوق هذه الأرض التائه استواؤها في أغوار صحراء لا نقطة لإيقاف حركة كثبانها.
خبريني ماذا أفعل وأنا أمام شرح تربعك في داخلي ، ذلك التربع المناط بحيلولة الأقدار دون اللقاء، ودون شفائي من عطش غاضت دونه عيون الأرض، ومعصرات السماء...أأقول إنك لست مني؟؟ إنك مني ما حملت "من" التبعيضية من معاني البعضية غير أنها بعضية لا تقل عن مقدار الكلية في أوسع نطاقاتها، ولا معنى للتبعيض لدى من لم يبق له سمو الروح المحلق في أجوائك شبرا إلا وملأه، ونزرا إلا وعظمه.
يالها من صراحة بعثرتني تشتتا أمام جفاء رسالتك العاتبة بلسان الرضا، المتأبية بلسان التواضع، بل القاتلة بلسان الحياة الخالدة. وهل من أحد يعي ما بعد الحروف عندك مثلي؟؟ إنني خازنها لي على أبوابها حاجب المنع إلا لي وحدي.
آه من رسالتك وحديثها الصامت المحموم به قلمي الليلة، وكأنما أزحزح الصخر بقلمي لأكتب لك حرفاً واحداً يقول: خبريني ماذا أفعل بدواخلي وأنت فيها؟؟؟؟

أحمد الفلاسي
01-06-2011, 07:50 AM
الحيرة طوق يحيط بكليتي المرهونة في منطق حديثك، ولا يفك الطوق إلا طوق إحاطتك الحانية بي تستأثر بفك طلسم الحيرة ولو بكلمة واحدة منك يا توأم الروح الغالية. وكأن لتعقيبك ليلة البارحة موعد التنبه مع مفاتيح تنبهي، ويقظتي؛ فإنك ما أدرجت الرسالة عبر بريدي إلا وأنا على امتداد يدك توقظني لأقوم وأقرأ الرسالة سطرا سطراً، وبتُّ مع رسالتك أتخيل كليتك ولا أستثني منك شيئاً، والليل يحزم أمره إيذاناً بالرحيل، وأنتِ في رسالتك، بل أنت معي لم يفارقني دبيب أناملك على متصفح الرسالة لحظة واحدة.
ألا ما أحناه من ليل يبيت يسهرك بجانبي تنتظرين ردي، وترقبين صحوي، وتقصين علي قصة السهر المشروحة على شبكية عينيك بوصفي، ولساني، وجميع إشارات شرحي.
أنا من يتعبني تعبك، ويضنيني سهرك، وأود لو أن سهد العينين يُقتسم لكان لي منه النصيب الأوفر دونك..كل ذاك لأن سهر عينيك لا يدعني أخلد إلى قرار عين، أو راحة بدن. ومع ذلك يؤنسني سهرك؛ لأنه ينقلك إلى حيز مشاركتي وأنا أبيت أمثل وصلك الغالي لخيالي المجنون بك يا ذات الروح فوق مطامع الجسد.

أحمد الفلاسي
01-10-2011, 03:34 PM
منذ كم وأنت صوت نداء حرفي لا يعرف السكون فيهدأ، ولا يدرك السلو فينسى، صوت قرأته نجمة الصبح فغنتْ، وباتت تنشده الثريا موال السحر الساجي إذا ما غاب الخليل عن خليله غافيا، وأبيت أرجع النداء نجوى المحب لحبيبه حيث غياب العيون، وتواري دواخل الظنون.
أو عجبت من جنوني بك ليلاً؟ لا...لم يأخذ الليل أكثر من أخذ النهار في دائرة جنوني بحبك الشامل دقائق العمر، الضافي على حياتي صفو العيون الناظرة، وذوق الطعوم الهانئة.
إنني وإذ يقبل الليل من درب خطاك لا أعرفه ليلا حتى يشرح لسهر جفني أعظم ما انطوى عليه مسراك من سبائك النور، وأجمل ما خالج نسيماته الباردة من دفء أنفاسك العطرية عطر الجنان تموت في نشره الدنيا وتحيا.
أنت يا روحي الليل، وأنت النهار، وكلاهما جديدا الخليقة، وأنت جديدة دورانهما في طيات حياتي...فبأي معنى أتعرف عليهما لو غبت عني أوان أحدهما......أنت منى روحي ليلا نهارا.

أحمد الفلاسي
01-25-2011, 01:07 AM
أنا عدت إليك، أحمل كلي بكلي قلماً يكتبك رسالة من خالدات الوفاء لا تغيرها الأيام حتى تنزل من الأيام نزول حبك في سويداء قلبي. خبريني مالذي غيرك؟؟ من الذي أسكت جؤار الشوق في لهجة رسائلك؟؟ وأنا في بعدي، وقربي ذلك العاشق الموتور حرقة على اللقاء بعد الغياب، والمقهور أسفاً على تبدلك، وتغيرك، وتسليك بنغمة التساهي عني، وعن رسائلي.
وكم بين الأمس، واليوم من مراجح علقناها، وتموجنا فوقها نخشى السقوط لولا سبق حضنك لي لانتشالي من وهدة السقوط..فأين حضنك الدافئ، وأين تلمسي مواضع العفو من رقة شفتيك؟ وما أبين ما بين شفتيك لولا اسمي المغروس بينهما يعمل على إعادة الجمع بعد معاقل التفريق.
أنا في غيابي ما تغيرت، ولا تبدلت بي عهود المودة بيننا لتبدلنا بورد الحنين شوك الجفاء، والأنين..فمالذي غيرك؟؟ وهل لي بقلبك موضع أصبعي الخنصر من مكان ما عدت من غربتي إلا أملاً أن يحتويني، فما وجدته، ولا وجدت الاحتواء..وعشت طريداً لا أبص في الدنيا موضع قرفصاء وأنت في بعدك المعنوي عني.

أحمد الفلاسي
01-27-2011, 09:43 AM
تمنيت ليلة البارحة لو أن الليل طال بنا وليس لليل آخر، فما الحدود الزمنية إلا تنغيص العشاق عن متابعة سهرهم، واستئناف واردات قبلهم، وتنكيد يحيل حياتهم انتظاراً لليل بعد ليل، وما أشد ساعات الانتظار لدى من خبر قسوتها في ترقب طلعة محبوبه وهو يوشكه اللقاء، ويعده ضمة الخافق إذا ما سجى الليل كبردة غطتْ أقدامهما لئلا تصاب ببرد السكون القاتل.
كنت لي ليلة البارحة وريثة الدلال كله، تهبينه روحي ما شاء ، وكيف شاء لك الثقل، وتمنعينه متى ما حاق بي الضجر، ولا ضجر بي عليك سوى ترقب انخراط قبلتك وهي تتداعى بين غنج اللهفة، وثقل التشفي...وفي عينيك يبرق تاريخ الولع التلهفي كمحموم يستمطر شفاءه ، وبينه وبينه شبر واحد، لو حركه بأنفاسه لما صمد أمام أولى زفرات التأوه.
لا تقولي اختلفنا! فنحن من اشترط للحب حياة الاتفاق، ولو فتشت الخليقة في جيوبنا الليلة ما وجدت ما يعده الناس اختلافا، ومن قال لك: إنني أميز فيك شيئا عن شيء، فما أعجبني منك أحببته، وما توارى عن إعجابي قليته!!....إنك مشكاة وجودي لا أصدر إلا عن كليتها متنفساً أسباب مسايرة الوجود.
يا أيتها الساهرة ليلة البارحة ما بين بوحي، ونوحي..أين واراك النهار؟؟ وهل رضي النهار بسجل عناقنا الليلي؟ أم أن شمسه غارت من شمسي فأخفت ما غاب عن عينيها، وسطع في خلد حشاي مقاوماً شموس الأرض كلها!!..عودي ثانية ، وتفنني الليلة الآتية في رسمي من جديد على صفاح شفتيك ، حتى ألمس منهما حظي الغائب من آلاف السنين.

أحمد الفلاسي
01-28-2011, 11:02 PM
لو أعلم أنني أحببتك حبا سبقني إليه غيري لاستبدلت قلبي بقلب يقدر حبك حق قدره، فما أنا إلا بكر فتح عينيه على أول خربشة عبثت بها أنامله تقول: أحبك.
وهل يستبدل القلب بغيره؟ سؤال لا جواب له يثبته إلا حالة امتزاجي بك والموعد ذلك المصير المرتبط بك حلاً، وارتحالاً.
هكذا، وبهذا الشرح كنت أبدأ تعليل تعلقي بك لأصحابي ، لا أتجاوز في كشف الغطاء عنك الكلمة الأولى بيننا ونحن ما زلنا نرضع الرشفة الأولى من الحب، وهل كنا حينها نعلم عن الحياة عقدها، ونواميسها إلا أنها دار خلقت لأرجلنا ساعة تلطخ وحْل، أو لأيدينا ساعة عجن تراب، أو لأبداننا عموما ساعة عيش الحياة بجميع ألوانها مقسومة على اثنين كذّب الحب ثنائيتهما فكانا واحداً حبا، وعشقاً، وتتيماً.

لا يا حبيبتي.. ما ذاق غيرنا طعم الحياة، ولا عرف لها لذة سوى أنها كيان محموم بحمى الجري اللاهث خلف مسببات الموت..أما نحن، فنحن شمعة ليلها يهب النسيم عليها ليزيدها اشتعالا، ويذرف المطر عليها دمعه ليذكي شرارة حياتها...ونحن يا حبيبتي ربيعها، نحن خضرتها، وعناد بهجتها، ونحن كذبة تعاستها لا تلحقنا منها دعايات العجزة ، ولا نفاق المتخاذلين

أحمد الفلاسي
01-30-2011, 11:53 PM
كم بقي بيننا، وبين تحقق حلمنا الجميل يا حبيبتي؟؟ حلم طالمنا استعرضنا تفاصيله الليالي ما انصرم منها، وما بقي، وواريناه عن العيون خشية أن تصيبه العيون بمغبات الحسد، وأخفيناه حينما استودعناه حافتي الطريق الليلي الذي مشيناه بين رجع الحنينن، وسبق الأمل المجذوذ من شاهقات الزمان البعيدة الندة. أتذكرين كيف ومتى استحفظناه أوراق الشجر المتقدمة خطانا إذ يحركها حادي النسيم أمامنا فنحاول الإمساك بها لكن يغلبنا عليها مزيج ظلام الليل مع هفهفات النسيم الوادعة؟
وبتنا نحلم ! وليتنا نعود من أول درجات السلم نحلم، وما ضر الأيام حلم صغيرين ما طمعا منها ما طمعت همومها، وأكدارها، ومغيبات مصائبها تنهش من صفاح لحمنا بواقي الحلم الليلي الجميل يا حبيبتي. ويالله من الليل حين نتخذه مرسماً لأحلامنا، فلا شمس محرقة، ولا سموم إنسانية تهب على زرع أحلامنا تحصده ولم يرفع رأسه ببرعم صغير يقول للحياة: ها أنذا.
كنا نحلم وفي كفينا عفرة تراب أخذت تتساقط ذراتها بيننا تباعاً، ونظرنا حينها هل بقي في الكفين شيء؟ وعدنا لنقرأ في الكف قصة الصفر كيف صار وريث الأحلام بعد أن كانت الكف ملأى ، وكان الأمل ثرا ندياً....فهل نعود لنحلم يا حبيبتي؟ ولم نعود؟ ولم لا نعود؟؟

أحمد الفلاسي
02-01-2011, 07:29 PM
يقول الناس عنا الكثير ، وما حيرهم شيء كتميزنا في معاني الاختيار والتي لا يوفق الكثير إليها، فنحن يا حبيبتي عنصرا وفاق أضحكنا من حالنا الخلاف فرد خاسئاً مدحوراً، ووقفنا أمام تحدي ليالي التسهيد المفزعة كأنما لا يبلى منا عنصر حياة حتى يعوض بآلاف العناصر حيوية، ونشاطاً.
يحار الناس فيّ، وفي كتاباتي كم أحبك! وما نوع الحب المتسلطن على مداد حرفي أغذوك به صباحاً ومساءً، وهل أنا بحبك إلا مغترف من بحر، أو مستنزف من سحاب! أو متطاول يا حياتي حد مسامتة الشاهقات، أو ممتد عرضاً حد سطح البسيطة كعملاق أدرج طول الأرض، وعرضها في مقدار كم يحبك.
وإلا فما معنى أن تكوني شمساً، وأكون أمام تجلي شمسي بحراً! وبين الشمس، والبحر أفنى الزمان أمماً، وأنشأ أخرى، والمعنى المستكن أنك شمس في شرح عظمة حبك لي، وأنني البحر في تقرير ذات الحب لك..فيا شمساً أشرقت بحب بحرها! استعرضي بحرك ملكا خالصا لا يبحر في زرقته إلا شمس لها خاصية التسلل بين طبقات الماء المتلاطمة أمواجها تصرخ الدهر يا شمس الوجود: كم أحبك!

أحمد الفلاسي
02-01-2011, 08:46 PM
لماذا تخفين عني مشارف حرفك؟ ألم تعلمي جريانه في عروقي سيلاً لا توقفه سدود الأرض، ولا حدودها، وأنا لولاه ما عشت لأذكرك، وما عشت إلا لأذكرك...

لم يكن غيري هناك، إذ لم يكن غيري طريحاً على مقصلة سكينك الشمسية تفعلين بقلبي ما شاءت لك السكين، ولا تخافين على موطن شخصك ينحر على يديك، أو يغدو يتيماً يتمك له ما مضى من الأيام، والسنين.
لماذا التخفي ولم يبق لي منك في حدود الظاهر إلا ذلك الخرير المتدلي المتعلي كلما جئته زاد من تعليه، وكلما جفوته زاد من تدليه..وأنا بينهما غادٍ، ورائحٌ كمسلوب لب يحسب اللجة الزرقاء نجاةً، والبرق الغادي بصيص أمل منك يا نوارة الدنيا لي.
افتحي الباب المغلق، وأوسعي لي بين جنبات خريرك، واتركي من الباب فرجة أراك منها، أو أرى من يراك هناك حيث ما حل لغيري، وحرم علي..فإن رؤية من رآك قريبة من رؤيتك، والوقوف على عتبات الباب قريب من الولوج إلى فسحة الدار، وما أنت بمن يعوضني عنك ملك الدنيا لولا تخفيف مابي من أمواج الشوق برؤية من رآك يا حبيبتي.
وحياة جبينك المقطب غضبا من ذكر اسمي افتحي الباب ولو قليلا؛ فإن من وله الأمس ما يصل اليوم بالأمس، ومن وله اليوم ما هو جدير بسحب بساط الأيام الآتية في مجمر سعيره فافتحي...
وحياة الخد المورد كإنذار مرتقب خطره ، أو كحميم فار من قدره، او كمدمع الشفق السائل على وجنتي الليل حثيثا حثيثا ..افتحي الباب ريثما يرد القلب إلى مكانه وأنت به شوق الأمس، وتخيلات الغد.

أحمد الفلاسي
02-02-2011, 12:26 AM
اتركينا ههنا ساعات ترقب لا ترحم، ثم أودعينا مهب الريح السارية بين جفني الليل ولم يبق على الصبح إلا آخر كلمة سأقولها لك، وآخر دمعة سأجترها بين يديك..وآخر ابتسامة جافة سأطبعها على محيا خيالك الكاذب، فاتركينا ههنا.

اتركينا نقطع العمر أنفاساً لا يعرف أحدها الآخر، غريبة أنفاسنا في أجسادنا المقتولة بالغربة قبلها، فأي أنفاس سنكمل بها دورة الحياة الهوائية؟؟ اتركينا يا حياتي ههنا، لم يعد هناك أمل، ولم يتبلور في عين الحقيقة بعد اليوم سوى ذكرى لا تستجيب إلا لصداها المتآكل عبر خرق بالية من لفائف الزمن.

وانسي ههنا أننا التقينا يوماً، أو عرفنا بعضنا يوماً، أو تعاتبنا، وتثاقلنا زورا، ومكرا يوماً...ولا تبرحي المكان هذا حتى تنهي صمتنا القاتم بشعاع من كشف الزيف المسمى بيننا حباً، والموسوم بنا إخلاصاً وهو ضرب من معادلة خاوية الأطراف، خاوية الوسط.

اتركينا يا حياتي نعيش حبنا خيالاً، ونستمطر القدر أن يجمعنا بعيداً عن مكمن الرؤى كأطفال هو عبث ما يجمعون، سراب ما يبنون..اتركينا ولنمض كحال الشمس تغرب ولم تأخذ شيئاً، ثم تطلع على عوالم لا تلعق من وجودهم إلا فضل وجودها فيهم..اتركينا أرجوك مع آخر همهمات الليل، وهمساته السوداء في أذن الصبح الفاضح.

أحمد الفلاسي
02-04-2011, 03:57 PM
إن كنت لا تعلمين فاعلمي! وإلا فاسألي عني المضاجع ليلة أمس كم حشوتها من تراتيل اسمك حتى تأبت عليّ مضجعاً، وهناءً..ولما ساورني الشك في رحيلك ، وأحاطت بي جيوش الوساوس المؤرقة أنك من ليلتي هذه كعقيم بطنٍ، وكرحيل حي إلى عالم الأجداث أسلمت نفسي لرياح الهموم تعصرني وصورتك الباسمة ترمق همي، وحزني بابتسامتها الجامدة الساخرة من لوعتي، السامرة على أنين علتي.
ألأنني هجرت لقب حبك في تسميتي عناداً تخلقين فيك ألف نفس كلها عني تشرد، وعني كلها تفارق وتعند، ولا تسألين عن موتي تلك الليلة أنه قضى ، ثم أقبرني بدون كفن، وواراني من قبضته إلى قبضة السهر المؤلم حينما كان السهر أشد، وأعتى من مواراة التراب، ولعنة الثرى المواري.
والله لقد عجبت لقسوتك، وتألمت من دواعي نفرتك، وكلاهما مناشير عظمي، ومقارض لحمي، وأنت برحمة الحبيب، ورقة القريب تتحولين في ليلة واحدة نقيض القريب، والحبيب، ولا ألمس منك واحداً من آلاف ما غشيني منك من أمومة طالما باتت معي تنقي مساماتي من مخاوف الليل، بل من مخاوف العمر كله يا قاسية الليلة المنصرمة من عمري، وعمرك.

أحمد الفلاسي
02-05-2011, 03:49 PM
أريد أن أصارحك بشيء ربما أخفقت إلى الآن في إيصاله إلى قرارك الغالي ..أريد أن يتشربه مسمعك، وتتلقفه عيناك بين رمشيها كحضن هوى على متلقَّفه بكامل أصوله، وفروعه، وأريد...أريد أن تستدعيه يداك فتقبض عليه قبضة الأم على أصابع طفلها مداعبةً، وملاهاةًً ، ودلالاً..وليتني في قولي، ومصارحتي أضعه وضعاً مباشراً بين لَهاتك، ولسانك ..يسري به لسانك فتغدو به لهاتك، وما بينهما "أنا" في فنائي بك حباً، واقتياتي على حبك عيشاً.

أريد مصارحتك بشيء لا منفذ له إليك بما أوتيت من قوة بيان، ودُعّمتُ من وضوح الكلم المستطيل تعامداً مع فضاء مشاعري المرسومة بلونك، والموشومة بعلامات خلُقك، وخلْقك، وكم أزمعت على قوله فيردني التباس، ويأخذني عنه بعيداً يأس، وما أجمعت أمري إلا على توسلي إليك أن تصنعي "أنتِ" بيانَ إيصاله إليك، ثم تصنعي "يا جبلة روحي" وسيلة قبولك له، ووسيلة تفهمي له منك.

أريده بياناً حاصلاً بمقدار ما يدفعه مني من حب قاهر، هو لك وحده، ومرده إليك وحدك، فأعيريني منك اليوم فوق شعرة القلم كلاً منك يستقبلني فيك لتعلمي مني ما لم اقله قبل هذا، أو أبح به للعالمين قبل هذا.

أحمد الفلاسي
02-06-2011, 10:27 AM
مالذي سيكلفك النظر في أعماقي لحظة تواردك على أعماقي لتصطفي لك مكاناً لم يصل إليه حي، أو ذكرى ميت؟ وما طلبت سوى النظر ، وأنت من النظر حولتِ الدنيا من حولي عمايات ظلام لا يكاد الماشي فيها يعرف ذاته من طمس ذاته، أو يميز فيها ظلا من ظل، ويحك أليس لك في تلك الأعماق ماضٍ لو نطقت أحشاؤه لتهتكت من أسفها، ولتقطعت من يأسها منك وأنت لها بين مقبل، ومدبر، وقادم ، وذاهب.

أو تهجرين والحب بيننا وليد رغم قدم عهده وهو محمول بيننا في تابوت الجفاء الماكر العاتي الظالم..
أوَ تراوحين بين خطوة إلي متقدمة، وآلاف الخطوات الهاربة مني وليس وراءها إلا ذلك السراب الخادع لأنه نسيج من مكر ما رتبنا بعدُ نسقَ حباته يا حبيبتي...
أو تقتربين بالأمس مني قيد ما يفصل بيننا بشطر كلمة، ثم وانت كذلك من اقترابك تنفخين في صور الصمت النفخة الأخيرة ، وبكل قسوة تصنعين من الصمت مكرا جديداً لا أقوى على تفسيره إلا أنه شبائك من أسلاك التأخير تقف أمام عمرينا الغضين الصغيرين تباعد بهما ما بين المهد واللحد، وأنا يا روحي بين مهدك الحاني، ولحدك البالي وحيد شريد طريد تشتتني منك صفارات صمتك، ثم تناديني لتعذبني منك قاهرات رجمك...فقولي لي: متى سأرى الطيور خضراء الإهاب تغني، ثم من غنائها تودعني غناء اشدو العمر به لك وحدك يا تناقضاتي المحيرة.

أحمد الفلاسي
02-06-2011, 11:09 AM
يا حبيبة يعيد الحب معها خلق أبجدياته تلازما مع طبيعتها الملائكية المفرطة في تأصيل النور على مساحات الطينة البشرية الناقصة، مما يكملها بها ليحار العقل بين إنسانيتها، وملائكيتها..ويا نفحة اختيار القلب السليم السماوية في انطلاقها، هبّتْ حينا من الدهر على مفاتن قلبي قائلة له: عشْ كما يحلو، وانسَ الموت لأني حياة لا موت يعتريها.

يا حبيبة هي امرأة لوأقنعتني نساء الأرض عنها بعروش الجمال ما رضيت بها أمام زمردة برقت جانب عرشها العظيم تناديني لأنشغل بها فطرة لا تعرف التصنع، وجبلة لا تعرف فلسفة الإعادة..ومتى كانت النساء مني على مقربة بطرح إغراءاتها الطبيعية الساحرة وأنا أعيش حبك قدرا خارجاً عن دنياهن لو بحثن عني لم يجدن مني بلة ريق أرجعها في فمي مرطبا ليسهل لي نداؤك الغالي فحسب.

ويا حبيبة هي الحياة التي تحدثوا عنها ولم يدركوها، وهي موت النعيم الخالد الذي تمنوه ولم يعرفوه، وهي مزيج الموت، والحياة لتمخض وسط بينهما لم أدركه إلا من رشف رضاب فمك ساعة ما علا الذوق، وشفت الروح، وتسامت الحواس مني لأنها كانت أنتِ، وكنت لها كُفرَ الفواصل تمردا على تلك الفواصل بين الحبيب، وحبيبه.

يا حبيبة في ندائها تخطيء الطيور الطريق إلى أعشاشها قافلة إليّ لأن في اسمك إغراء الطيور بأجمل ما غنت الحناجر، وصوتت الألسن، وما زال اللحن يتراجع أمام نغمة اسمك خجلاً حسوداً يعلن العجز مذهباً، ويطلق التسليم إذعاناً...ولو أن اسما تلاه الخاطر العاشق مرتلا ما حرك في شعيرات قلبي التواجد القديم كما حركه اسمك الغالي وهو يرتفع بخافقي ولا ينزل، ويعلو بمعنوياتي ولا ينخفض.

حبيبة أنتِ وأنا ملك كنز الجمال اعتمد صكه يوما ألا يشرحه للأرض إلا بصفات السماء، ولا يقدمه للروض إلا بقانون السحاب...أحبك للأبد.

أحمد الفلاسي
02-07-2011, 10:31 AM
كل شيء هنا عنا ناطق مخبر، وكل شيء عن سوانا صامت جاحد سر وجوده أمام وجودنا المهيمن.. ليس هنا إنسانية نعير بطينتها، ولو أن التقصي أحاط بالأطراف الكونية علما ما وجد على ناصية الدرب سوى اثنين كل منهما منتظر الآخر، وقد خلت الدنيا من سكانها.

ليس هنا يا حبيبتي لوم ، ولا عتب، ولا ندم تجره ويلات الماضي، ولا تحسر يتنبأ به مستقبل غيبي، وليس هنا من يلاحق أثرنا بحقد، أو حسد..إن كل شيء هنا يتلاشى أمام بحر لقائنا الطامي.

فلا خوف يتربص بنا، ولا انشغال يقطع علينا لذيذ خلوتنا، ونحن بين عناق، ووفاق، نسارع إلى خطانا القادمة لنعيشها حاضرا، وقد تجسد الماضي بجميع آلامه فحولناه بلغة اليوم شاهداً واقعاً يشرحنا على مصاف الأقدام اللاهثة أسطورة الحب ضاعت في وضوح وجودها الأزمنة الثلاثة .

فلا تقولي هناك من ينتظرنا، أو هنا من يرقبنا، انقطعت إراداتنا عن الخليقة فلم نسمع، ولم نبصر، ولم نعقل. وتلك هي الأرض الحنون أخفت عن نفسها أثر أقدامنا، فضاعت الآثار وهي تملأ وجه التراب بين خطوة منك تعتنقها خطوة مني، والبحر بمائه ستر اغتسال أيدينا في بعضها من مائه، كما ستر تلاصق أبداننا حال الغوص على بعضنا نلتحف البحر نتعلم القُبلة المائية تحت غطائه الشفوق الرحيم.

أحمد الفلاسي
02-16-2011, 09:38 AM
هكذا أطيلي الوقوف أمام منحدر عبراتي هنا، هنا حيث لقياك ، وموضع انتظار قدميك حينما لا تبرحان متصفح أنفاسي فأذهب وأجييء ، ثم أجيء لألقاك تعانقين حروفي في المكان الذي علمت جميع النساء أنه لك كملك لا تبدده قسمة، ولا يفنده رأي.
أنتِ أحلى اسم يبرق في شاخص عيني وهو يتلوني على صفحات المحبة هنا، وأنت أحلى امرأة تشربتها مسامات قلبي ولم تترك في الكاس بقية لغيري، أحلى امرأة يحلو حبها لدي إلى حد أنه ضيع في حبيبات سكّره جميع نواقض الحب، وجميع نواقض الحياة..
أنت أحلى امرأة تبدأ في صنع ذائقتي من مجرد اختلاط أنفاسها بضحكاتها، ثم امتزاج الخليط بأنفاسي ، فيصدر عنه عشق لؤلؤي النثر..لؤلؤي الانتشار لأن ضحكاتك تعرف كيف تستهويني بمنظر اللؤلؤ، وبإحساسي أن الحياة ماهي إلا لؤلؤة أهداني القدر إياها على راحة يديك يا حبيبتي.

ألم أقل لك: إنك أحلى امرأة ؟ أنت حقاً أحلى امرأة أشبعتني ولم تشبعني، فإنها لا تسلط عليّ شفتيها حتى تشبعني كل لحظة شبعاً ينسيني حاجتي إلى غيرها، ثم تبعد عني شفتيها فأعود كأنني لم أدرك الشبع مرة، ويزداد الظمأ في حاجة ملحة تنسيني الماء حينها ، فأحار أفي الماء كدر منفّر، أم هما شفتاها أخذا من الماء صفاءه، وتركاه للكدر فحسبه الظمآن ماءً!!

أحمد الفلاسي
02-25-2011, 09:31 AM
قاتل الله الشوق كم أسهرني البارحة في صفحة خريرك كلما نأت بي عزة النفس قربني ذل الشوق حتى ألصقني بجدران تمنعك عاصياً لجميع معاني الإباء، والعزة، والأنفة المظلومة فيّ معك..وما زلت أتردد على صفحتك منذ ذلك الصباح المظلوم بنا ظلم الأبد، والشارق بنا كأعتى سد.

بالله عليك ياهذه كيف لا تزحزحني قوى تمنعك وهي الصائمة عن مكاشفتي، المفطرة على صمت عذابي، ونكايتي، الراقدة ملء جفني الأيام ثقلاً يكاد يغير من فلسفة المعتاد ليصبح هتكاً كهتك ستري على يديك يا وضاحة المحيا الإشراقي ..فانظري ، ثم انظري كيف حلَتْ لي بقعة الصفحة المترقرقة حتى إني لأجد مرارة صدودها عني شهدا اختلط بسكر الروح فأرقدني هناك وأنت عروس تتنقل بخطى الكبرياء إذا رأتني أشاحت، وإن فارقتها أناخت..

اسألي الصفحة المورقة بي هناك، واسألي الخرير الساري بي هناك، واسألي عني صفحات الأدب حينما أكتبك! إنني لا أكتبك حتى أرفع نفسي كما أرفع قلمي من أن يقلد في وصفك أحداً، أو يحاكي طبيعة خلقت أو لم تخلق في وصف خريرك الساجي مع الليل نهرا، والمنتشر مع النهار بحراً، والقائم على ضوء الشمس يا شمس ايامي عنها لا أغيب، مهما عني اصطنعت الغياب....صباحك هو نورك يا خرير النغم القدسي اليوم وغدأ، وأمسي الذاهب بك.

أحمد الفلاسي
02-25-2011, 04:01 PM
اخرجي من هذه الدنيا وتعالي ؛ فما أضيقها على قلبينا الواقفين على منصة العناق في انتظار همسة سارية بيننا تذيبنا فينا تلاشياً، وتحرقنا فينا شوقاً!! وعلى المنصة صفقة بيع الدنيا بتلك الهمسة يا روحي، وما بعد الهمسة من عيش الشرنقة شرنقة الحب الملتفة حولنا لتقضي على أكذوبة الثنائية الوهمية هناك بيننا.

وما الحياة التي تسكبينها مغدقة في فمي من فمك إلا مظهر العهد الآدمي الأول في أن تكون حواء مادة خلق الرجولة في آدمها، حتى إذا ما استوت على جوديها الثابت نادته بلا صوت فسمعها، ولمسته بلا جس يد فانتبه لها، وأعمته عن فاعلية الدمج الروحي فما رأى نفسه إلا بها، ولها، ومنها.

أسعديني مرة ، وعيشيني مرة، لأنك أحببتني مرة ، وظننت الحب متنقلا من روح إلى أخرى، فكانت أكذوبة الثنائية الضاحكة علينا ونحن نمد الأيدي للقاء فيفرقنا وهم يسمى حيلولة اللقاء.

أحمد الفلاسي
02-26-2011, 10:47 AM
وأنا مثلك أعيشك بهذا المارد الجبار المسى حبا ..لكن في حدود الخيال، وهلاميات الأحلام، وحولي من الواقع الأنثوي ما يغري جهابذة العزم، ويسيل لعاب الأقوياء من مبرمي الإرادات القوية. ولست معك في انتظار حجة ، أو عقل يحيد بي بعيدا عنك ؛ فقد انتهى أمري معك ألا أغري قلبي بغيرك وهو مشدوه نحوك كطفل عاق لأحضان النساء أمام حضن أمه..وأنت أمي ، وأنا طفلك العابث بقلادة صدرك يحسبها شيئاً منك، بل يحبها لالتصاقها بك، وكل شيء اتصل بك فهو موطن سكره، ومهوى فؤاده.
أحمد الله أنك أسقطت اسمي من جملة الزوار وهو الحق؛ فإنني لا أعد نفسي في منحدر خريرك زائراً، ولا أرى الزيارة إلا طيفاً عابراً منقضياً في الوقت الذي ألازم فيه ظلك أيتها الجبارة مع فناء الزمان ، والمكان، واعتبارات الوجود في قائمة اعتبارات حبي الداخل عليك بكليتي دون استثناء....مساؤك الحياة كلها يا عمري.

أحمد الفلاسي
03-07-2011, 11:14 PM
..أبى الليل إلا أن يخلق من سواده نهار المحاسن الساطع في بدره العالي،فأراني كل مامضى ،واحتواني في خباء الحاضر ،وكاد يخترق بي الحجب إلى عالم الآتي..ومال إلى الماضي بي ليريني كم هي الذكرى أصيلة متينة الجذر لا تغيبها العوارض مهما داهمت سكونها الأبدي التليد..الليلة أراني ذلك الطفل الصغير النحيل العابث بالدنيا قبل أوان عبثها به،الهائم في مساحات لا أُطُرَ لها إلا تلك الأسوار التي يبنيها الأطفال حال لعبهم ثم يميلون عليها بعوامل الهدم دون ما اكتراث للوم أو مساءلة ..ألا ما أغربها من دنيا لا تستحق منا إلا معاملة الأطفال السائرة بين بناء وهدم..

أحمد الفلاسي
03-07-2011, 11:22 PM
ما خالج القلب الليلة هم خارج عن حدود وطنيته ،إنها خلسة التعرف على الأوراق الأخيرة في خزانة هذا القلب ،ولا أخفيك أن قلباً كقلبي لا يبدد جماع أمره شيء كنظرة واحدة يفرقها بين مرحلتي الإنقضاء والمتبقي في مراحل السير الحثيث ،فيرى ومن تلقاء ذاتية النظرة أن عمرا مديدا مضى والمخلاة فارغة مما تمنى الإنسان وأراد ،وتلك ساعة من ساعات الندم لو أن اضطرامها شب في حجر لحوله إلى رماد متطاير ،كيف لا والساعات الجارية بتلابيب العمر أبعد من مد يد التلافي ، وأنجع من نظرة الإحاطة والاستبيان، وما أنا ببالغ أمنية واحدة من أمنيات القلب الحالم ،ولا إخالني محققا له ما تمنى ولو من رجاء من لا يخون رجاؤه أملي.

أحمد الفلاسي
03-08-2011, 05:07 PM
لا يا عمري المذبوح فوق منضدة الحرمان..كلما تمادى بي الهم في زعزعتي ، واضطراب رجولتي واريت الحريق الجوفي بابتسامة ساخرة تخجل من أبصرها أن يفسرها بما شاء، أو أن يفلسفها وفق معطيات هزيلة هزاله المتناهي به إلى اللاشيء..للهمّ بصر، وللحزن صوتٌ، وكلاهما أخذ مني باكورة الأزهار المتفتحة في وجه هذا العمر على حين استغفال لي، فلم أنتبه إلا وبين مدمعيَّ كمجرى النهر لولا بنيات الدموع الساترة.

أحمد الفلاسي
03-09-2011, 04:59 PM
يحمل الليل إلي همسك ، كما يحمل الهم إلي حرصك ، وما عسى الذكرى أن تفعل وأنا هنا، وأنتِ هناك خلف تلاشي خيوط النظر يا حبيبتي، والذكرى أحلام الألم، وسرقة فضلات العمر حينما نظنها صدقاً فتلبسنا ثوباً سرابي النسج.
وما في مقدور الليل أن يحسسني بليلة عيدك، أو أن يعيد إلى محيط بصري ضي شموعك الراقص لهبها في بيان وجنتيك رقص الورد في لجين الماء، وليت الليل ينقل لي حديث عينيك لعيني تحت قبة الوجوم الصامتة، وكم قالت عيناك ليلتها لعيني، وكم أسرّتْ ، بل كم هامتْ، ثم استقرت لأن أناملك سبقت عزم النظر فقطعت عليه لذيذ خلوته.
فلتسعفني يا ليل الذكرى بهمسة شاردة من تحت ذلك السقف الأمين وأنا وحبيبتي كريم علينا الليل بكل ما تمنينا، وبكل ما اشتهينا، وهل بقي من شوارد اشتهائنا ليلتها شيء لم نشتمه، أو نتذوقه، أو نشمله بكلية إحساسنا يا حبيبتي والليل حبيبنا.

أحمد الفلاسي
03-13-2011, 02:00 PM
سألني قلبي أن أصف له ليلتنا الخالدة لو أن القدر جمع بيننا، فالتقينا في ليلة اعتذر فيها القمر عن سمّاره ليحتفل معنا أنا وأنتِ يا حبيبتي، سألني قلبي وأخفى خلف ستر السؤال ما يعرفه، وأبدى ما لا يعرفه، والحق أنني من سؤاله في دهشة تأخذني، وأخرى تأسرني ، فهل ترى غاب عنه سر ليلتنا الأولى وهي النتيجة التي ستحصد هذا الشوق، وستتمخض عن هذا المسير في رحلته الطويلة عبر مركب الحب العملاق.
أنا يا حبيبتي ما زلت ومنذ زمن بعيد أكتب عن الخطوة الأولى لليلتنا الخالدة، وأحاول نسج عبائتها الليلية من زفيري، وشهيقي، وعذابي في اشتياقي، وحب تملك مني كل قرار فلا تصدر إلا عن طبيعته القرارات، ولا تخرج عن محيط هيمنته العبارات، وتلك ليلة لو جمعتنا لقرت بنا الدنيا الآدمية أننا تجديد العهد الأول بين حواء، وآدم أبي البشر. وكم مثلت ليلتنا السرمدية ، وبنيت منها قصور الغرام الخالد رغم صوت مطرقة الواقع الأليم في طبلة أذني، وأنا غير أبهٍ بها لأنني أعيشك وكل عرق مني ميت عن الإحساس بغيرك، ولأنني حصرتك في ليلة تلك هي موعد ولادتنا الخاطئة في هذه الدنيا التي أتينا إليها غرباء، وسنفارقها غرباء.

أحمد الفلاسي
03-13-2011, 02:26 PM
في ليلتنا الخالدة طيش الإنسانية الحرة من معقل العقل إلى مسارح الوجود الوجداني المفرط حبا، المتهالك حنيناً إلى حضنك الغالي المائج موج البحر لولا عذوبتك أمام شدة ملحه، وأجاجه، وفيها سكرٌ خمره معتق الختم معتق البدء كشجرة يعانق جذرها زمارة فرعها، ويشتد جذعها بوفرة أفنانها..وما سكر به عقل حتى سار في ركابه مئة عقل، وهل بعد حبك من عقل يُسترشد به!! إن حبك أعقل ما تشبثت به، وآنس ما ملت إليه، وأرشد ما به اهتديت من الظلمات إلى النور، ومن الزيغ إلى الضلال.
في ليلتنا تلك تناثرت النجوم ، ثم رقصت في حائط الشوق الليلي، وإذا بها تتمايل فوق رأسينا كغيداء لم تبق من ألوان التفنن لحبيبها شرخاً إلا ووفت بإتمامه، وأعلنت عن التزامه,..وقد كلمتنا النجوم حتى كاد صوتها يرسم على الآذان تشنيفة الولاء السمعي الخالدة كذلك خلودَ ليلتنا، وكلمنا النجوم بلغة عاشقين ذوّب الولع منهما محاجر العيون فزاغتْ، وأفنى منهما حبال الصوت فتاهت، وكان صوتنا يا حبيبتي كرجع متموج من مداعبة الهبوب المسالمة في ليلة كلها ، وبجميعها، وكليتها أنا وأنتِ.

أحمد الفلاسي
03-19-2011, 04:33 PM
هل أكفر بالحب لأنه سبب بلائي بك يا تلك المتقلبة على أرض من اضطرابها هي في اضطراب؟؟ أم هل أحمّل قلبي شقائي بك وهو المارق من حظيرة العقل يوم أن كان حبك يدب على مسارحه دبيبا؟؟ يالك من عاشقة ضيعتْ في سبيل تحقيق ذاتها أصول العشق، وفنونه! ثم وبعد أن استعبدها الغرور، وقصم ظهرها خيال العظمة الواهن عادتْ تنصّب نفسها منظّرة شارحة لأهل الحقائق حقائق هي منها خلاء..

مالك لا تنصتين إلى صوتي المبحوح بذلّك وكأنما بيدك توجيه خلايا الحس لو شئت الغضب غضبت، ولو شئت الرضا رضيت، ولو شئت فصل كلك عن بعضك، أو فصل بعضك عن كلك تساوت لديك النقائض فلا ميل، ولا اعتدال!!

أنت- أيتها العاشقة - مزيج من تصورات خاصة بك بلورت في عدستها صورة الكون الجميلة لتتعدد صوره، ثم تأخذ كل صورة في التلاشي حيث نزق غرورك، وتبلد حسك..ومع ذلك لا ترضين بالكون مالم يكن لك صكاً مكتوباً، أو ملكاً موروثاً، وسوف تعيشين بهذا النقض ينسف لك كل بنيان، ويودي لك بكل تصور.

أحمد الفلاسي
03-20-2011, 02:55 PM
لا يحلوك العناد، ولا يناسبك لأن في غمازتيك ما يفضح العناد، ويبدد نشره ساعة احتوائه في لفائف الورد من خديك، ولهب العقيق الفيروزي من شفتيك..ولعمري ما في ضحكة غمازتيك من معاني الأنوثة ما يستعبد الحليم، ويشرد بالعليم ضمن منظومة الحسن المتجافي عن ضحكة الغمازتين -بحياتي هما- ما أحلاهما لو ذابا في فمي مرة، أو سلطهما الشبق مبتزين مني القلب، والقالب معاً يا حبيبتي.

مالك والعناد يا أملي يقطب جبينك المقمر في الليلة الشاتية فيغيثني الله من رشح مدمعك ريّاً يقول للأرض: اهمدي، ويقول للسماء: لا تقلعي..وهل ظننت يوماً أن عنادك الناري سيحرقني، ثم يبددني؟؟ كلا! ثم كلا! ..إن الذي ركبني من روح وجسد ضمّن المركبين من حبك عازلاً يمنع ماسواك عني، ويقيني من ضرر المماس بغيرك ما يخلدني حبيبك الأبدي فوق الموت، وفوق الحياة يا حياتي أنتِ.

وليطلْ عنادك كما شاء له سلطان الهوى، وليدمْ تصلب أناملك في كفي كيفما شاء له الدلال...إنك بمساويء العناد كلها محبوبتي أحسن الدهر أم أساء.

أحمد الفلاسي
03-21-2011, 12:51 PM
لا تقرئي كلماتي رموزاً يخفف بها العشاق سعير حالهم، ولا تمتمات يخلدون إليها ساعة استراحة دقات القلب من عزف إيقاع الحرمان..
كلماتي لك قُبَلُ الأنفاس، لا تعلن القُبلةُ عن لهفتها حتى تجري معها أنفاسي تنزع من عطرك لرئتي أسباب العيش ، ومسببات البقاء. وما استنشاق كلماتي ورد خديك ومبسمك إلا تقنين فعلي للزوميات العشق الحرفي من قضية التسطير الواقعي المعاش.
لكأني بك تتغشاك كلماتي كالغيمة الماطرة لا تدع من مواضع جسمك شبراً واحدا إلا وتعجنه بللاً ، وتخفيه حلماً، وتعيده إلى الحياة مصبوغاً بـ أنا وفقط..وممزوجاً بـ أنا وحسب...بل معدوماً عن تماس الغير لأن الغير ليس له فيك إلا أن يموت حسرةً، وكمداً أمام تفرعن حبي المسطر في حروفك الغاضبة من سعار الشوق لقربي.
فكيف ثم كيف تمارين في كلماتي أنها مكتوبة لعينيك فقط؟؟ أم هي الطفولة المخزونة في تدللك كلما رأتني زحفتْ نحوي لا تسعها الأرض العملاقة كما يسعها حضني المخلوق للعبها، وعبثها!!
ياهذه..وكل الكون هنا هذه..كل أنثى ولو تبدلت في إهابها كل يوم ألف مرة ما رأيتها منك إلا كرؤية الحلم من عالم الحقيقة...أحبك أنت وحسب.

أحمد الفلاسي
03-22-2011, 09:53 AM
هل سنبيت الليل على هذا الفراش اللعين الساخط عليّ بسخطك، والنافر من قربي لنفرتك، وهو هو الفراش الذي كتبنا على وسادته يوما من الأيام كلمة "أحبك"، ثم ما رضينا أن نكررها فاختلفنا حول تقسيمها كلمتين تأخذين أولاهما، وآخذ الأخرى، وأبيتِ يومها إلا أن تأخذيها من شفتي إرسالاً، ومن شفتيك استقبالاً..ترى هل كنا يومها نعتد بتجزئة الكلمات لأن في كل حرف منها معنى متصلاً بنا، في الوقت الذي لا تحمل فيها الجزيئات أي معنى ؟؟ .

أي فراش لعين هذا الذي يقصيك عني أبعد ما بين الخافقين، ويأبى أن يقربني من مماسة قربك ولو بمقدار ما يرد الروح، ويبري علة الشوق المجرم..ثم ما معنى أن نفترشه وهو يعلن تلك الندية بيننا، ويعيق الطريق بين شفتينا ساعة ما تذيبهما طبيعة ذلك الذوبان.

طالما قربني منك الفراش، واليوم أقصاني، وكم ظننته حبيبا يؤازرني في وحدتي، ويناجيني بلسان الراحم الشفوق، ويلفني بين أضلاعه كأنما يستخرج من عظامي علقة اليأس الملعونة. واليوم يتكشف عن طاغية جبار آمر ناهٍ لسلطانك القوي، وشدة بأسك المختومة بتعذيبي، والفراش المتفرعن، والليل الغاضب، والشوق المجنون المعربد، والذكرى الجاثمة على منافذ حسي تأبى أن تهبني كأس الراحة إلا وهو مشوب بقذى التنغيص.

أحمد الفلاسي
03-24-2011, 11:05 AM
لا..لن أقترب منك أكثر! ولن أعلمك بحالي معك إلا بمقدار ما به يسمح القلم، وتجود به صفحات الحرف اليتيمة، وما بي من استغناء عنك! وحاشا لمثلي أن يكتفي من مثلك بهذا لولا قانون الغرام القاضي بتأكيد مبدأ المحبة مباشرة، أو من وراء حجاب..فالغرام هو الغرام يا أملي سواء انعقد عهده بين الاثنين اتفاقا مباشرا، أو اقتضى فناء المهج وما بين العيون مفاوز التيه، وتيه المستحيل.

وأنا في سكري بك، وثمالتي كم أتمنى أن تلامس أبخرة أنفاسي أنفاسك حين يأخذني الوجد فأقول: "أحبك"، وكم أتمنى لو قلتها عدداً محصوراً.. كل واحدة تختلف عن الأخرى طعماً، وشكلاً، ولوناً، وعلى قدر جمالك الفارع أمد في أمواج بحري فلا جزر، ولا انحسار، وكيف يكون لحبك انحسار وهو المحيط ثَنَى عنق الدنيا لجماله، ثم ثناه لجلاله، فمن أحبك فإنما أحبك بالجمال ولعاً، ثم أحبك بالجلال تقديراً وتذللاً...وما أدراك بالجمال لو علمت أنه الضحكة الأولى لهذا الكون ساعة تمخض القدر عن ولادته، وما أدراك ما الجلال إذا علمت أنه سماحة الهيبة الأولى للكون ساعة تمركزه فوق نقطة البدء الإنفجاري ..أحبك يا بدء حكايتي مع الغرام الأبدي.

أحمد الفلاسي
04-02-2011, 04:31 PM
عجباً لحالي معك وأنت تجمعين الدنيا بجميع عقدها في كفيك ككرة قطن لا تزيدها ضمة كفيك إلا تناهياً في الصغر، وذاك ما يميزك في ناظري بين أشكال من الغيد لا تعدو حقيقتهن غير أشكال، ولا يعدو بريقهن غير ألوان، ولا يعدو مثالهن غير أسماء . وكم من أنثى رفضت رسم الفطرة فرضيت بخطوط من وهج الذكورة ترسمها من جديد فتاهت بين الذكورة، والأنوثة لا تستقر على أيهما، كما لا تصدر عن أيهما...ولولا نوازع الفطرة الصارخة في سمعها: أن ارجعي لما وجدت امرأة اليوم يطمع فيها رجل حتى يتأنث هو الآخر نزولا عند تنازلها الأول، وامتثالاً لداعي التشويه ينحت في فطرة الجهتين.

أهكذا وإلى هذا الحد من التقنين التعقلي تحصرين هموم الحياة في ناظريك لتستقر في ناظريّ تلك القبضة القطنية الخفيفة جداً، المتناهية صغراً!! ومن مثلك في هذا التقنين الحكيم يا أجمل الحسان عمراً، وأنضرهم وجهاً، وأينعهم تفتحاً، وإزهاراً...وما الحياة لولا هلامية همومها الكاذبة إلا صورة الجنة المصغرة يتعرف الإنسان أولا على بساطتها ليعرف كيف يتحساها كأساً من قراح الماء، لا لقماً من صخر لم يعرف الارتواء.

أحمد الفلاسي
04-02-2011, 05:07 PM
أنت امرأة لا ككل النساء؛ وما ذاك إلا لأن القبضة الطينية فيك اصطلحت مع النور الرباني فانتشر الطين في مجالات النور الفسيحة، وإن شئت فقولي: انتشر النور فوق أبعاد الذرات الطينية فمن قرأك قرأك حروفاً من نور فوق صفحة من صلصال مشع، ومن خبرك خبرك ملاكاً في صورة إنسان بغية تقريب حقيقتك إلى أذهانهم الطينية.

وأنا من عرفك عن قرب، فصرف لك فوق العمر عمراً ملائكياً من طهر امتزج بفكري حتى تسنى له معرفتك، والوقوف على حقيقتك. وكم في تمرس فهم المرأة وتفرسه من عناء يكاد يذهب الذهن كداً حينما تنوي كشف الغطاء عن ملائكيتها فيبرق لك ما يشبه شعاع الضوء وذاك هو المميز بين أنثى مفطورة، وأخرى مصنعة مخدوعة، أما الأولى فهي الصبغة الكونية المبثوثة بيد القدرة العليا فلا يد مستها، ولا عين زاغت بها؛ لأنها تمثل في المفهوم العقدي الإلهي دليلا من أدلة الحاكمية العليا للوجود..وأما الثانية فهي الصورة المستعجلة عجلة الشهوة الإنسانية تنقضي بانقضاء الوطر، وتُستدعى استدعاءً لترحل بعده، وهكذا دواليك..

أحمد الفلاسي
04-04-2011, 01:22 PM
مضت ليلتنا بالأمس على غير عادة الليالي الماضية ، لقد طال بها شوق اللقاء حتى انتهت هي ولم ينته منه إلا بمقدار خيال الظل من واقعه المحسوس...
بدأتْ تنذرني بغيابك عني وأنا لا أعيش إلا بحضورك، ولا أحضر إلا حيث أنت، ولا أبتهج إلا وأنت بدر ليلي الدامس يبيت يسامر روحي إلى خيوط الصبح المفزعة بتشتيتنا.

اسمك معنى نور الوجود ...اسم غدا في واقع أيامي حقيقتها الراسخة، وكمالها الجميل المشرق، وأحلى خبر ينتشل الروح من غياهب الأكدار.
يا نوّارة الدنيا ...هل كنت بالأمس إلا ذلك الصبر النافد من كيان المقدرة، والاحتمال المتلاشي في ضعف الاستطاعة، وهل كنت إلا ذلك القلب النافر بدمه عن مستقره حيث أنت في طيات الغياب.

زمجرت كثيرا، وتلوعت كثيرا، وخرجت عن طور المحدود إلى عبث المطلق ، وقلت لك ما لا يبوح به إلا ظل لصاحبه، أو جذر لفرعه، أو شعاع لشمسه، وقلت لك ما أنكرته علي بيد أنه الرعب المتمثل في مظاهر السكينة، والحب الرابض خلف لغة الإباء، والكبرياء، والحرص المستكن في لهجة التخلي....اشتقت إليك.

أحمد الفلاسي
04-09-2011, 10:10 AM
حينما تتعبني نفسي بسوء اختيارها، ويضنيني قلبي المثقل بوهني، وضعفي ، وتستفرد بي هموم السقوط الإنساني أتذكر منك كل شيء فيك من صفاتك، فأستجمع بين يديك كل مابي من تسليم، وانهزام علني حينما أعيشك أرى جمالك فيغنيني عن مسحات الجمال المصطنعة ، وينأى بي إليك وحدك عن قرب غيرك المشوب بكل كسر لا يجبر كسره، لا سيما ومنك شربت النهلة الأولى والحب يومها ظامئ الوفاض، ومنك استشفيت ولم تكن طبيبا لي بل كنت لي الحبيب قبل مشرط الطبيب، وكم تربعت أمام دارك ولم يصل القلب يومها واصل وارد يلفته إلى غيرك يا حبيبي..فإلى متى تراني شارداً عنك وقلبي ذائب فيك! وإلى متى تبصرني منكفئ الوجه على غير هدى يسير إلى جديد متاهة بيدك وحدك الدليل في الخروج منها!.

هل أذنت لي بشرح مفردات حاجتي، وعوزي، وذلي؟؟ وهل لي باكتراء راحلة الطلب لأنيخها على بابك وعلها تكون الرجعة اليتيمة الفريدة، وهل لي أن أسمعك الآهات المكلوم قلبها بمدىً من بعثرة شتات لا طائل من ورائه سوى سراب، أو شتات مثله!..آهٍ من أنة وجع بها الوجع قبل إيلامه لي! وما هي إلا آهات متوالية لا يعيها غيرك، ومهما حاول الغير تبني كشفها ستظل في خزانتك أسرَّ ما تكون، وأخفى ما به تبوح!.

أحمد الفلاسي
04-25-2011, 04:43 PM
عجبا لحالك وأنت تثنين على حرفي ، وما حرفي إلا حياكة أناملك، ونظم نظرات عينيك، وحلية افتراش راحتيك لمكنونه وهو المرواغ الشرود، الغر العنيد.. ويالها من طفولة ترعرعت في ميادين لطفك، فنشأتْ تزعم العالم منها شيئاً، وتدعي تقنين الحب من سطور دفاترها.

كيف تُثنين على حرفي وأنتِ حضوره إذا هبّ في عنفوان الشباب، وانبرى في يقظة المتحفز لخلق الإبداع الكوني حروفاً وقد جهزه المبدع العظيم مرائي خلابة ناطقة من بُكْمٍ، وسامعة من صمم، وما ذاك إلا لينتظر في عجلة المترقب قلم أديب يضع فوق هاماته دليل الإبداع إلى أصل الإبداع. وهل في ثنائك عليه إلا إبراز للغة المكر الأنثوي يقف خلف إنشائه، ثم يقف بعدها خلف الثناء عليه، وما إن ينهي لمسته الأخيرة على ختم بكارته حتى يتملق في لغة الثناء كأنه البريء من عظمته، البعيد عن مخاطر جماله.

أنا لا أكتبك - يا دلال قلمي- حتى أرى لوجودك بين السطور وجوداً، وحتى أتمثلك بين الجميع قدرا متحركاً، ناطقاً، مصغياً، إلى غاية أنني لا أحرك أناملي كاتباً حتى أستشعر دفء كفيك يحيطان بمجامع كفي فألتفت إليك لرسول قبلة شفتيك أقدم الولاء له ثم أكتبك قُبلة حمراء يخفي القلم حمرتها غيرة وحسداً.

أحمد الفلاسي
04-30-2011, 04:46 PM
لا تعجبي عند التصاق أكبادنا الحرى من اختلاط دواخلي بظواهري فلا أُعرَف في جلاء الناظر ظاهراً كنتُ أم باطناً، ولا أُدرك في تمييز اللبيب العاقل جِرماً كنتُ ام مسمى إنسان!

إنني حينما أبدأ بمصارعة أشواقي المنهمرة عليك انهمار المطر لا أرجئ منك شيئاً لقابلٍ، ولا أستعجل منك آتٍياً لحاضر، ولا أجمع معك بين رغبتين حتى أُشبع منك واحدة واحدة وأنَّى لي الشبع إذا كان نهَم الواحة لا يتسع الزمان لمداه مهما أباح لي الزمان من عرضه وطوله، وما مثلي ومثلك إلا كجنون البحر لا يدري كيف يستحفظ أحشاءه وديعته، فيقلبها بين ملاعق موجه حتى تستقر في قاعه فيهدأ.

أحمد الفلاسي
05-24-2011, 01:02 PM
لم أصدق يوما ترهات العشاق، وتخرصات الشعراء حول الحب، وتفرده في شفة الحياة الباسمة بعبوسه المقيت، وتجعدات وجهه النادة في سلم الهرم العمري، حتى وقفت اليوم وبعد رحلة القلب المسكين في مجاهيل الأقدار لأعلن عن كامل إذعاني لما به يتخرصون، وما حوله يدندنون، وأدركت بعد استطالة السنين في عظمي أن الحب عناء الباحثين عن بصيص السعادة، وجفاء الآمنين في رقدة الأمل الباردة، والحب هو الحب..قلب أعمى، وإرادة خائرة، وتجارة خاسرة لا يمنى الآمل فيها إلا بالغبن بعد ربحه، والزيغ بعد رشده..

وما أنت ياقلبي المسجون خلف أسلاك ظلم الحبيب إلا كناية عن قلب، واستعارة خيالية لمعنى حياة، وتشبيه بليغ لصورة الرمز المحطم فوق منضدة اليأس...وما أنت يا قلبي سوى عمر لا يمهل صاحبه رجعة تصويب لما مضى، ولا يفك عن صاحبه حالة حاضرة شبيهة بداء قاتل ميؤوس من شفائه يا قلبي..وما أنت سوى مظهر اللحمة الواصلة بين ضفتي الروح والبدن غير أنها تنفصم لمجرد اختبار، فمتى سأعترف بك قلبا كقلوب الناس يا قلبي!!!

أحمد الفلاسي
05-24-2011, 01:25 PM
حيرتني شفافية الحب وقسوته..حيرني جده وهزله..ضحكه وبكاؤه، وتلك تناقضات لا أقوى أحيانا على قبولها، أو على أقل تقدير احتمالها، أراني أحيانا أضحك مع من أحب وأبكي أحيانا، ثم أواري خلف قناعاتي رفضها ولا أتورع أحيانا عن إبدائها، وتطويني الشكوك في سجافها القاتم ثم هي ذاتها تعلن الحرب علي بعد أن تكشر عن أنيابها كلبؤة تتراقد ولا ترقد، وتتظاهر بالسلم وهي تشتاط غضبا وحنقا وغيظا.

وآه من الشك إذا أقبل مع الليل يراودني عن نفسي محاولا قتلي لولا فسحة القدر مع أنسام عمري، والشك داء لا يصيب إلا القلوب المترفة من داء الحب العضال، فيأتيها على حين غرة ليفصل ما بينها وبين الحقيقة بمشرط الوهم الكاذب، ويدع الأمر على ماهيته بعد استنفاذ طاقاته المودعة في قلبي...فمتى سأقف معك على حقيقة ما عليه قلوب الناس يا قلبي!!

أحمد الفلاسي
05-25-2011, 11:55 PM
وأنت وحدك من درج صغيرك في هذا العش ولم يكن غير راحتيك مرقد يهنيه، ولا غير ساعديك مرفأ يحمله ويحييه، إذا أنّ من برد الشتاء، أو توجع من حر القيظ كانت خلايا حسك أول من يستأثر بها أنينا، وتوجعا..وما كر عليه زحف العوارض غاديا أو رائحا إلا ورآك حيث يراك القلب العاجز أقرب مأمول جمع بين أطراف الإحساس البشري ليجعل منك أما، وأختا، وعمة، وخالة، وحبيبة خالها القدر وهم إعجاز لا يقوى المفطور على مجاراته حسا ومعنى.

لكل هذا أحبك بإرادة الحب لا بإرادتي، وأحبك بمنطق الوجود لا بمنطق المعدوم، وأحبك بقدرة العقل لا بوهن العاطفة...وأحبك بملاك الآمر الناهي القاطع القاضي بحبك حكما لا استئناف بعده يا أملي.
وأحبك كتميز الصفو من غول الشوائب ؛ فإن حبك صفحة بيضاء يراها البعيد فلا يشك في قربها، ويراها القريب فلا يتمارى في بعدها، ويراها الأعمى فلا يرتاب في شكلها، ولونها ، وريحها، ثم يراها المبصر فتعظم حاسة الإبصار لديه حتى إنه لجلائك يخشى عليه توهم الغيب علما قاطعا لمجرد نظرته..أحبك.

أحمد الفلاسي
05-29-2011, 12:24 AM
ليس حولي هنا سوى رقعة بالية من قرطاس هو صديقي في وحشتي عندما عزت الصداقة بمثال، وعز القدر أن يهبني منها بعض خيال...أكتب وبجانبي من لا يفهمني، وأبكي وليس خلف أسلاك الصدور قلوب تعي معنى البكاء إذا نطقت به عين لم تبصر يوما سوى بريقه.وأقول: لم يصمت الكون أمام شكايتي وعويلي؟ أليس في الكون من دعاة الإنسانية من يفتري أكاذيبها كل لحظة؟؟ .
يؤلمني الفرح كما يؤلمني الحزن، ويتعبني الأمل كما يتعبني الألم، والدنيا من حولي تكذب كل قناعاتي الواهنة، وتدحض جميع حججي الضعيفة المقهورة ، فأنا مظهر من مظاهر الكذب الإنساني نسي على الشاطئ يوما بوصلة دلالته فضاع ثم هلك..ألا لن يتعبني رؤية الشماتة على مباسم البشر فقد رأيتها قبلُ في إشراقة الشمس، وضحضاح القمر، وسمعتها في زقزقة عصفور لم يجد إلا حظي البائس يؤلف منه أهزوجة الغروب الراحلة.
اتركيني يا مناجاة السحر هنا أبكي، لقد كان الوعد قاطعا باستنساخ ضحكي بكاء، وائتلاف سكينتي مباضع من قلق، وتلك هي حروفي سكرى الحشا لا ترجو من شانئها رحمة، ولا من وهمها حقيقة.

أحمد الفلاسي
05-29-2011, 12:47 AM
عودتني القاهرة مددا يسعفني من شوارعها المكتظة، وأسواقها ذات التاريخ الحاضر..مالها هذه المرة تصمت واجمة أمام فيض حاجاتي، ووابل أفكاري الغارقة في كلي، وبعضي..سعادتي وشقائي..سقمي وشفائي...لست ادري أذاك عتاب منها، أم استبقاء حسرة لا يكتب لها بعد حرقة النفث الصارخ!! وأنا كما أنا لم يتبدل مني شيء سوى هذه الصفقة الخاسرة مع سعادة قلبي الموعود بها من فم السراب، واضمحلال عين اليباب، وأنا من اعتاد ألا يجد لاسم سعادتي مسمى، فالأمر لا يعدو رسومات أوهام أديب يرسمها كما يحلو له شريطة ألا تمس الوسط الخارجي بنزر حقيقة.

يا هل عسى أبدأ بخاتمة غير متوقعة والحال كما هو صادق كاذب، وذاكر ساهٍ، وأنا مع ذاتي تصدمني فكرة الحياة بآلاف من أفكار الموت قبل نزول الموت.

أحمد الفلاسي
05-29-2011, 01:07 AM
تتعبني رنة العود وهو يتداعي مع كل نقرة منه إلى إغراق تام في بحوري الضحلة، وهو آكد في تأثيره هذه الساعة الموصدة علي سجينَ حكمٍ لا نفاذ له إلا بتخلي لحمي عن عظمي..ويالها من ساعة تفلس رحابة الكون أن أجد في بعض فجاجها لي اليوم متسع عيش، أو سد رمق على أقل تقدير.وكم كنت أضحك من هذه الساعة مستنكرا قبول عاقل لها، فإذا بي أحد ضحاياها والساعة هي الساعة مهما زوقها قلمي الماكر.

هل تصدقون يوما وحيدا بين أقران من البشر هم هو لولا فوارق العوالم القلبية بينهم وبينه،إنها يا قوم حديث الأم لطفلها قبيل النوم تهدهد به عينيه ليغيب بعدها، وقد غاب وبقيت بلا حديث لأني أعيش بلا أم!.

أحمد الفلاسي
06-01-2011, 01:34 PM
لم يبق بيني وبينك إلا أن أموت حياة بك، أو أحيا موتا بغيرك، ورغم جميع انتكاساتي وأنا في بعدي عنك لم أفتقدك يوما، ولم تصرفني عن تجليات حضورك موانع الغير، والسوى؛ لأنك الواحد في قناعاتي مهما شابني الشك في صحة قصدي، أو رابني السعي على مهام أمري. وأنا لا يراني من يراتي إلا ويقسم غير حانث أني كبير المعرضين عنك، وسيد الشاردين عن دفء قربك، وما بين جنبي قلب رأى منك يوما ما لا يروق له استعباد غيرك مهما به تعلق، ولو راق ما فتئ يعدود أدراجه لأن قوة حبك مدعاة لتبتله بين يديك وتبقى الصوارف صوارف لا تعدو طيف خيال، أو حلم نائم.
مالي لا تقنعني صوارف الجمال الأخاذ وأنا من تغنى بها عمره! ومالي لا تسبيني شوارد الغزلان وأنا من رسمتها في عيون الأدباء وأرباب الذوق أبدع ما قال القلم، وأروع ما تنفس الورق، بل وأينع ثمرة لمستها يد أديب فأحالت الشوك وردا يا حبيبي. وأنى لبعض آثار جمالك أن تغويني غواية إثم، أو بر وهي ماهي إلا علامة وجودك، ودلالة حسنك، والكلمة الناطقة بك وحد!!.

أحمد الفلاسي
06-01-2011, 02:18 PM
لك الحق أن تصدني عن غيرك بعد أن أذقتني منك لا من غيرك، وناولتني الكأس يوما صافياً لم يكدره شيء فشربت حتى ارتويت من إحساسي بك، وثملت من سكري بك، وشبعت وإن كنت لم أشبع من واردات حبك على مشارف الجوع من نهمي، وجشع حشاي بك. لقد كان الكأس يومها غدقا ريا يشتاق للثم عاشق ظامئ حتى وجدني على أطراف سواقيه أستجديه رشفة أحيي بها ما تبقى لي من قدر حياة، وأشفي بها ما سلف مني من بقية سقم، وأنهي بها عمرا مضى في صغائر المقاصد وإن كبرت في عين من لم يعرفك.
وما دار الكأس على زمرة محبيك حتى انتهى إلي فعجبت من شوقه، قبل سوقه، ثم انكببت بكليتي ألثم كل موضع منه مسته كفك مرة، أو شملته نظرتك فجأة....وكنت ذاك اليوم كبيرا لأني إلى حبك استجمعت أصول وهوامش سعيي، وما أدركت أن الأيام ستجرم في حقي، وتظلم ضعفي بأن تريني منك هذا الصد لأنني قلت للجمال يوما: أنت!!

أحمد الفلاسي
10-07-2011, 09:56 AM
أرسلي ولا تؤجلي ! واكتبي الشوق في رق السحاب الماطر علينا حبا يا سلاف الحب مضى، ويا ترياق الشوق ما زال في وبي وحولي لا يحدثني إلا عنك وحدك..

اكتبي -فديتك- قصتنا الأليمة الدامية بدمعك الساري إلي ليلا، الساكن في دوما، وأعلني عن طريق القلم كيف عشنا ألاعيب الحب وما بنا سن تقطع، ولا رجل تمشي، ولا عقل يعي ويميز..كأننا خلقنا للعب فحسب، وهل نحن يا حبيبتي إلا مراوغ دنيا كلها لعب، وما نحن في يديها إلا دمى تعبث بنا ثم تنهينا ما بين ضحكتها الساخرة، ونظرتها الماكرة!! .

أرسلي المزيد من رسائلك حتى يشقى بنا البعد كما شقي بنا القرب، وحتى نثبت للدنيا أننا خلقنا أشباحا تتناهى صغارة ، وتتلاشى تقزما ، ثم تنجلي نظرة الخلود منا كإثبات لحقيقة الحياة الساخرة من معاني الخرافة العظيمة.

أحمد الفلاسي
12-26-2011, 10:51 PM
سيطول العتاب بيني وبين قلمي اليتيم هذه المرة كأن لم تكن ثَم صحبة بيننا امتدت أكثر من أيام عمري..وما هو بقلم جامد عن معاني الحياة لو قسنا أمد الفارق بينه وبين سائر الأقلام؛ ذاك لأن قلمي رسول الشعور إلى دنيا الحروف، ونفخة الروح في أوصال أجداث الموتى، ولغة الإفصاح عن سر الأمانة الآدمية المستحق أربابها شرف الخلافة في الأرض.
قلمي -وما أدراك ماهو- ذلك الصديق الأنيس العالق ببوابة وحشتي كلما استفردتْ بي تحدر عن معاني الحنان، وتصدر رقيا لمعارج السمو الروحي في ذاتي الظمأى لمعين الروح بعيدا عن مواضع جفاف البدن.

أحمد الفلاسي
12-26-2011, 11:34 PM
آهٍ من حديث الخاطر الصامت يطل برأسه كما تطل أفعى برأسها من بين ركام القش الوفير لينغص على القلب أحلى ما يعانقه من روافد البشر، والسعد ...وما من إطلالة إلا ولها من جسدي وروحي نصيب الأسد المفترس. وآه ثم آه من وحدة تفت في عظمي ظلام الليل كرماد قاتم تشابكت خيوطه على العين فوارت بصرها عن الدنيا الفسيحة وهي المبصرة بنفاذ يعجز الوصف أن يشرح ثاقب نوره.
هل تراني أعيش الوحدة قدرا بين آلاف المؤانسين لي، ثم أتجاهل وجودهم يأسا من وجودهم، أو تماديا في تجاهلهم، وما عسى أن ينفعني وجودهم وهم ماهم إلا أسراب وهم لا حقيقة لها في مقاييس وجودي، وكأن وجودي ذلك العالم المغمور في لجج من عالم الجهل الخفي..

حيرة ووحدة، وعود على بدء، وبدء لا يفي بحق العودة إلا أن يخلق لي مثيلا مشابها بعد فنائي وتلاشي ذرات وجودي في هذا العالم الغائب عن ذاته. إنني أخبط هنا خبط ضرير فقد قائده قبل فقد الجهات من حوله، ثم هو ذا يتلمس الدرب بعصا مكسورة لا تقوى على السير به إلا بمقدار ما يشير بها مرة فريدة يتيمة لإحدى الجهات المجهولة يا قلبي.

أحمد الفلاسي
12-30-2011, 10:32 PM
هل جربت مرة أن تعيش الحياة وفق مفهومها المعاكس لبغية الناس منها؟ إنها استراحة غامرة الخاطر بألطاف لا تخطر لك على بال! وهي كذلك حينما تبدأ من النهاية، وتنتهي بالبداية، وتسيل العلقم المر على منزلق لسانك شهدا سكريا، وتسكب في مسمعك صوت الرعد أحلى، وأجمل ما عزفته قيثارة الوجود الوادعة.

وأنا والحب قصة قديمة زهدتني كثيرا في متابعة فصول مجرياتها إلا ما كان من قبيل المعاكسة الفعلية لها..ففي قصة حبي كفرت بالعقل وأنا اليوم أتعلق بأذياله حينما أوشك مركب تفاؤلي وأملي على الغرق، وفي قصة حبي آمنت بآلية الدمج وأنا اليوم أمحو البقية الباقية من خطوطها..فإنه أولى بي بعد خوض تلك المعارك أن أوطن ذاتي أدق ما تحمل وحدتي من تفاصيل...

أنا هنا وإذ أترنح مع القلم ساعة مقمرة أشرف من فوق علياء وجودي على وجودي الممسوخ من معاني الوجود لا لشيء إلا لأنه جنى على ذاتي جناية ما إنْ لها من اسم سوى أنها حياة .

أحمد الفلاسي
01-05-2012, 10:35 PM
حينما أغرق في بحار معرفتك لا أحتاج إلى منقذ سواك..فإنك المغرق المنقذ في آن واحد. وكم على أعتاب قدْرك وقفت أستل الكلام من صلادة حجر لا تعي لغة التفاهم إلا بقواطع الحديد والنار، وأنت هناك في قدرك، وأنا هنا في قدري، وبيننا وشيجة البدء، كما هي وشيجة الختم بيننا..وحينما طال بي الوقوف استصغرت كل شيء في، واستعظمت كل شيء فيك، وبدأت مع ذاتي أفسرك في حاكميتك..في أمرك ونهيك..في عظمة جلالك وجمالك.
تُرى هل لي بكسر حاجز الوهم المضرورب فوق قبة الكون هناك وعني، فإذا بي أعيش البعد اختيارا محضا، وأستشف من طباع المتغيرات ألعوبة لا تفي بإسعاد طفل فضلا عن إسعاد ذاتي!

أحمد الفلاسي
01-07-2012, 03:34 PM
دعني أتملاك أكثر فأكثر، وحنانيك زدني من سحر جمالك مسكوبا في عين ذاتي حتى لا يقل الحب عن مقدار موتي فيك، وقتلي في حيرة شأنك. فوحقك لا الحب مجموعا يفي، ولا الموت به يفي بقدرك الغالي حينما نوى القلب سفره إليك دون رجعة، أو تردد في نقلة.ولا الكلمات المبتورة تهتدي إلى شرح، وتمييز ما إليك ولك..

واليوم لا أراها إلا أطماع ملهوف مغرق في بحار معرفتك، مستطير في أجواء لطفك، عاين الحال فعلم، وعلم فأعلن عن عزم العمل، وعمل ليكون قبولك إياه منية العمر الوحيدة الفريدة..
من أنت!! قل لي من أنت لو أن بحار الأرض عذبت لترويني قناعة من أنت ماارتويت إلا بمقدار ما كان بي من ظمأ لمعرفتك...أحبك يا منتهى كل غاية لدي.

أحمد الفلاسي
01-07-2012, 03:41 PM
يا ألطاف الملمس القريب خذيني، ويا مشتهى ذرات الود احتويني، ويا دفء الحب الساجي مع الليل البارد في دمعة عين الظلام اسكبيني، واكتبيني سطرا من دستور المحبين أنني في ذات من أهوى عكست مشتهيات الروح، واستبقيتها لأجمعها في دائرة حبي لا تبرحه البتة.

متى سيعي العالم توحيدي المتأصل في جذر خطابي حينما أناديه، أو أناجيه، أو أتملق في سطوة علمه، أو أترنم بعذوبة اسمه؟ ألا لا غرو فإنه محبوبي كلما احترقت به استترت بلظى جمره عن عين حاسد حقود، ورقيب عذول..أحبك يا جذر أصل الحب في حياتي.

أحمد الفلاسي
01-21-2012, 09:25 PM
هذه ساعة خلصت من متعلقات السوى، ونفذت من مشكاة النور إلى فسيح الصبح الشمسي فخلصت ثم خلصتْ أكثر فإذا بالوجود يتشرذم أمامها ويتقزم ، بل ويتناهى صغراً في عظمة هذه الكبرياء ذات الحقائق الخالدة يا ذات من أهوى.
وأنت وحدك من أصافيه، وأصارحه، وأستفرد بحضوره عن كل حضور..ومالي بحضور الغير وهو قائم على بابك يمد يدا من فقر، وأخرى من غنى..وطبيعة الحب من طبيعة العيش معك، فأنت الحب لولا منازعة الفرع لأصله.
كم أحبك أنا! وآه من حبك كم أفنيت به وله رؤوس أقلامي حتى صرت لا أكتبك بقلم، ولا أستعرضك فوق رق لأنك خصوصية سر لو أطلعت عليه العالم لهلك بي حسدا، وبك عشقا.

أحمد الفلاسي
01-21-2012, 09:46 PM
ترى هل أدركوا معناك في حرفي ليقولوا سفهاً: ما أشطه فيك، وما أعمقه، وما أغربه، وما أغمضه!! هل وقفوا يوما على ساحل بحري المائج بك وسفينتي حينها ليس إلا هذا الحب المسكوب بين يديك لا من معصرات الغمام بل من مسحات دمعي المذهب ببريق حسنك فيه.
ماذا أفعل بوجود يقتلني كل لحظة حيرة فيك! وكيف لي بحياة تشتتني عدد أنفاس حبك فيّ! لا الوجود مسعف أنفاسي لألتقطها فرحة، ولا الموت بحاضر ليبدد حيرتي فيك فأعيشه حياة بك كما عشت الوجود موتا فيك.
حيرني فيك كنهي الصغير وقد سمحت له بخوض غمارك العظيم، وهو الذي إذا ما وقف أمامك استجمع قواه الخائرة في إسعاف تلك الحيرة له...فلا عجب لو زارني الليل وأنا أتلمس خيط نور منك يهديني إليك فأتمرد على الليل بنورك يا حبيبي.

أحمد الفلاسي
03-09-2012, 10:42 PM
أكتب الآن وأنا عرضة للتوقف بين لحظة وأخرى، فإن إفلاس القلم من دموعه المعتادة الانهمار بالكلم يوشك أن يقطع على الفكرة سيرها، وانطلاقها ، إنني فارغ من كل فكرة خالية يدي من أزمة البيان، ومع ذلك هنا قلم، كلمات ، وبكاء، وضحك..هنا كل شيء عدا الفكرة المتوخاة لصياغة عبارة يقبلها عقل، ويقرها سياق. وليتني أجيد فن الحبك المنطقي لأخاطب قرائي بما أصنعه لا بما يصنعني، وبما أشرحه لا بما يشرحني! لكنني مثال قائم بقيومية الإفلاس من الكلام المقبول منطقا وبيانا.

وبقي لي شخصك المتربص بي ثنايا السطور لا أعرف الزيغ عنه، ولا أجيد فن الهروب من قبضته كأنما هو قدر الكتابة لدي لا أنقش ما لا يحب، ولا أمحو ما لا محو لإثباته إلا بإذن مالكة الأمر لا أخمد الله لها في دواخلنا جذوة.

فأكرمي بمقدار قبضتك ما يسربلني بفضلك خطوة أسعى بها إليك ساعة لم يبق لي القدر في الوجود خطوة واحدة لم تخضع بوصلتها ناحيتك قبلة مشروعة التوجه في شرع حبك المقدس العظيم.

أحمد الفلاسي
03-13-2012, 11:47 AM
وبعد غروب لقائنا مع غروب الشمس يتبدى صوتك المحمر من أفاعيل الشوق اليوم ليصافح حزن الغروب بأمل البقية الباقية من حمرة الشفق، وأجد نفسي أحدثك حديثا لا يخلو من حزن الغروب، وفرحة آمال الشفق، حينها نسينا مقص العتاب وهو يدرج بين شقصيه أول مكالمة بيننا بعد طول غروب، وقصر أمل، وحدا بنا الشوق ناحية النسيان لننسى العتاب، ثم حدا بنا ناحية العتاب لننسى النسيان، وبين هذا وذاك تذكرنا أننا هنا عند ذواتنا، لم نبرح الحب لحظة نسيان ولحظة عتاب.
وتحدثنا اليوم كثيرا حتى اختلط الحديث ببعضه لنغيب فينا معه، ولم ندرك بم تحدثنا، غير أننا أدركنا أننا تحدثنا، وسألتكِ عنك كأنما تلاشى كل شيء فيك ساعة الغروب الطويل، وخشيت أن يكون الغروب قد ذهب بك عني فطلعت الشمس في ليلي لتضيف مع الليل ليلا دامسا بعيدا في أبجدياته عن مفهوم الضوء والظلام.
وكان حديثي لك عن الحرية يحكي مغالبتي مع حبك وحضورك المستقر في وجداني بعيدا عن قيود الحرية؛ إذ الحرية في حد ذاتها قيد عاذل لو دخل بيننا لا يدخل إلا ليحد منك فيّش وذاك هو المستحيل بعينه.

أحمد الفلاسي
03-14-2012, 11:35 AM
آه يا حبيبتي كم تخطينا بحبنا وهادا وجبالا وسهولا، ولم يبق من وجه البسيطة موضع وقفة إلا وطبعنا فوقه حديث أقدامنا اللعوب الساخر بمكانس الريح المتحدية، وكان ثمة لعب، وكان مرح، وكان يا حبيبتي ترهات من الغرام رفضتها العقول لتجد بيانها الصاخب على لسان حبنا الصغير الحدث. وما ضحكاتك البلورية وأنت تطوقين ذراعي بتحليق ذراعك إلا مماسة صغيرة عابثة بهامة الوجود العجوز ، وقواسم جبينه الحزينة الثكلى وكأننا مع الوجود نبحث عن مهد الرضاعة الأول لندرجه ضمن قانون جنوننا فإن البدء وعلى رغم تحفظ قدره عليه ليس إلا ألف الهمس لحبنا المقدور لنا من بدء التكوين إلى مالا نهاية ثم تهدد زفيره وشهيقه.

وآه يا حبيبتي ثم آه لو أجبرتنا الأيام على ندب خطانا هذه، حينها سنبدأ مع حبنا قصة ماضية دامية هي كيف نحكم المستحيل لعود الماضي لحاضر حب تلاشت في مد بصره الأزمنة فلم يكن، ولن يكون لأنه حب ولد قبل ولادة كان وأخواتها.

أحمد الفلاسي
03-15-2012, 11:32 AM
ما أحلاها سويعة السحر ونحن نتوشح الهمس ، ونعلن ما أخفاه عنا العتاب ، وكل ما حولنا في نظرنا بين حاسد، وواش، وطامع، وغادر نتمنى لو صفت الدنيا لنا فأحسنا الظن بها مرة..لكن هيهات هيهات ! إنها تشفق من حيث تبغض، وتسامح من حيث توغل في تحدينا الحسود الماكر.
دعينا منهم يا حبيبتي وأمطريني قبَلَ السنين في ليلة، ثم خذيني في درج حضن الشوق المأمول قضاء عمره في ليلة، واعذري سقطاتي المشوبة بالشك والغيرة، المقتولة بالاضطراب والحيرة، المستعرة بنار الخوف والرعب من غدر الأيام لو سمحتِ لها أن تأكلني ولم تبق مني شيئا.
قصرت اليوم مفاهيم الخليقة يا حبيبتي حين فسرت عذاب الحب بنفي الحب، وقد ضلوا كثيراً في مسعاهم؛ فإن الحب حياة تلتقي فيها أوردة الحس الإنساني في لحظة وهي ليست كذلك في منظومة الحياة العادية....أرأيت حبا يبعثه الفرح تارة والحزن تارة أخرى!! تلك هي أنتِ بين أحضان حبي، وذاك أنا القاطن في نعيم متناقضات حبك!.

أحمد الفلاسي
03-15-2012, 12:39 PM
البحر من سحرك مفتون بأشرعة الوشاح المخملي المتجول في أنحاء العالم على ريشة من أنوثة فذة..

البحر في ندائك جلجلة ملائكية تصطفيه الآذان لترديد أنشودة فرحها لأول مرة على نغم أنثى لا شغل لها البتة إلا تموجات السحر الهادئة.

ميلي على البحر بإطلاق ذراعين من خفق النسيم الأنثوي وهو يداعبني بينما أتعامد على كتابة أشجاني هنا، وماعليك من بأس لو قتلت في سبيل النغم على يديك ، ثم حملت على تموجات حرفك إلى المثوى الأدبي الأبدي حيث مخمل الأنوثة الوارف من ظلالك وهي على مقربة من فيح هجيري القائظ...

أحمد الفلاسي
03-15-2012, 02:54 PM
حيرتني عيناك ، ولهفتي أن أقسم بهما عند اضطراري واختياري، وما زلت أمام لحاظهما أرسم أجمل جنان الأرض في لوحة السماء الزرقاء الواسعة، وأبحر في زورقهما المسافر بُعدا تتلاشى دونه محطات الوقوف القهري والإرادي. ولو أن اللغة ركعت في فئ كرم عطائي ، ثم أوتيت من قلائد البيان عملقة النابغة في عنفوانه ما أعجزني شأو كشأو عينيك ذلك السلم الممتد من عمق الآدمية القديمة وحتى آخر أنفاس الجديد من عمري، شأو صعدت درجاته عاشقات الحسن فلم يكن إلا الخضوع لسحر عينيك نفثا، وصعقا، وموتاً.
في عينيك لغة هادئة خاتلة ناعسة وهي في ذات الوقت قاتلة بعد خلوها من كفارة، أو دية حق كأنما ضحاياها بين حياة الأسر، وموت القتل. وأنا من قرأ فيهما قصة قتلي بين رمش ورمش، بل بين غمز وهمز، ثم بين اعتدال وشطح لا نهاية له إلا باستسلامي لمعركة أنا وحيد الشهادة فيها.

أحمد الفلاسي
08-31-2012, 10:48 PM
مابين اليوم والأمس فوارق موت، وحياة، وانعكاس صور جثت فوق هامات مقلنا لنراها ونحن لسنا نراها، وليتنا أبصرناها حتى نغيب لحظة عنا! ما بين الأمس واليوم بقيت وردة في البستان الملتف لم تذبل هي أنتِِ، وفي حومة تجمع الطيور بقيت مثاعب من تدفق المياه لم تجف هي أنتِ، وكم ماتت أمم بين اليوم والأمس، وقذفت الأرحام أمما..وبقيت بين القادمين والمغادرين همسة خلود هي أنتِ.

تبدلت ضحكات الأمس لتستخف بعقولنا اليوم ممسوخة من جبلة كاذبة ، وأنتِ تضحكين بضحكة الأمس متحدية لفافات الكفن البيضاء ، وممزقة جدث الأيام الرميم لتقولي لقلبي: أنا هنا خارج الكفن لا أعرف أن هناك موتا، ولا أنكر أننا حيينا لنبقى لا لنموت.

أحمد الفلاسي
09-02-2012, 12:18 AM
مزيج من حياة وموت، وصبر وقلق، وصحة يكتنفها سقم متبلد الحس ...تلك هي حياتي حينما أقترب من همسها في أذني، ولمحها في عيني، تخيلت ذات هدوء أن الحياة جُمعت لي في نغمة من نقرة عود يحييها سامر رأى الطبيعة الكونية فصالحها على هذا المدد العلوي السامق...وقضيت مع نغمة العود ليلة فليلة حتى امتدت بي الليالي وفيها معاقد صبوتي وشبابي، وحيرتي وعذابي، وكومة الرمل الباسقة في ناظري أعظم من قصور عاد وثمود..
وكم حسبت الحياة في دمعة سكبتها لا أدري أمن فرح هي أم من نوازع ألم!! وسطرت بتلك الدمعة جل أشعاري، ومعظم سطور أنثاري..وفجأة غاضت الدمعة مع انطماس نور النغمة ، وهبطت إلى هذه الحياة لأضع علامة استفهام على كل حال فيها، وما زلت لم أهتد بعد إلى ما يُسمونه عقلا، أو يَسِمونه تمييزا وهداية ورشدا!!

أحمد الفلاسي
09-02-2012, 12:42 AM
وأنا هنا، وأنت هناك شريدين طوّفا عرض الكون وطوله يبحثان عن موضع قدم فلم يجدا بين زحمة الأقدام ذلك الموضع اليتيم يا حبيبتي، وسارت بنا الذكرى بعيدا عن أمل اللقيا لنستعيض بيوم المعاد عن لقاء الدنيا بديلا..أنت هناك تتصفحين لمحات وجهي سبيلا للبقاء، وأنا هنا أتنسم عبير معطفك استجداء للمأوى، وأنثني إذا استبد بي اليأس إلى ميثاق قطعناه أعيش به ما تبقى لي من رمق عمر..

كيف هو حالك بعدي ؟ أما زلتِ تسخرين من هذه الحياة اعتمادا على لقائنا المحتوم بعدها!! أما زلت تعبثين بكبرياء البعد وهو مطنب في بث آهات فرقتنا لتقولي له : ما أحقرك لولا رحمتنا بك لأحرقناك انتقاما بفناء جسدينا حيث تكشف الروح الممتزجة بالروح عند انعدام الثنائية الكاذبة في دواوين المحبين..
وكيف هي بسمتك بعدما جف من شفتيها رضاب العناق بيننا وكلانا مسبل لسلطان التمازج طرفا، أهي هي بسمتك تلك الغيداء الراقصة بين سحري ونحري تخشى على عذريتها خطر مماسة الشوق للشوق، أو فقولي خطر تلاشي الذات في الذات!!

أحمد الفلاسي
09-02-2012, 01:06 AM
ألا لا تقولي فرقتنا الأيام! فما هي بالخالدة بعدنا، وما نحن لصيرورة الحال إلى رمس البلى بميتين إذا علمنا أن الحب الذي جمعنا يوما كان يمتطي ظهر الحاضر إلى مستقر المستقبل، وسنام الحياة إلى جنة الموت الكبرى...ولا تظني حرمان حلوقنا اليوم من بلل لقائنا قد يقيده ظرف هذا العمر المشؤوم..كلا ! إن الذي خلد قلبينا في سجل المحبين رجاؤنا فيه أن يخلد روحينا والظرف ليس إلا ذلك الرميم المتناهي تقزما..
لا تقولي أين نحن بعدها؟؟ فنحن من بدأنا قبل بدايتها، وسوف تنتهي وما زلنا أسارى بدايتها، وغدا يا حبيبتي سنحيا بجسدين محالين إلى خانة الفناء لنعلم الفناء درسا من دروس الخلود لا يتجاوز منا حقيقة ولا ظلا..لا تقولي فات من لحظات الأمل الكثير ، أو ذهب من عمر تلك الفكرة أكثر مما سيأتي، سنلتقي يوما ولو تعرت الروح من جسدها ! فلا يموت من مات إلا لأنه لم يطعم الحياة ليختارها كما طعمناها يوما بحبنا الخالد يا حبيبتي..

أحمد الفلاسي
12-02-2012, 09:23 AM
أنا وأنت وهذا التيه الذي تزحلقت فوقه أقدامنا فتاهت أبعد من نطاقه الضيق، رغم أن نطاقه يشمل عمرينا أو يزيد. ونحن من قدر لنا قدر الضياع في فجاجه فهل ترانا نعود؟؟. وهل ستكون العودة إلى وضوح وبياض أم أننا استمرينا الضياع حتى صار مصباحنا في وضح النهار مع أن النهار لا يحتاج إلى دليل.
دعينا اليوم نجرب استمراء التيه بين روحينا، ولنبعد عنا أكثر فأكثر، فما أحلى انتصار الروح في هروبها! كذلك أردت أنتِ، وها أنا أتفق ورؤيتك في حتمية تلاشينا في سراديب الضياع التي أصبحنا نهواها بل نهوى كل شبيه لها من فرقة، وشرود، وقسوة، ونفرة ليس إلا عنا وبغية لاتساع الهوة بين اقتراب خطواتنا..

أنت على حق في هذا الشرود، وأنت على حق في تقنين هذا التمنع، وأنت على حق في سجني خلف قضبان التجاهل الممزوج بشيء من عدم الاكتراث، وشيء من عناد كبر لا يبدو إلا من خلال وجهك المعرض عني في ليل كان لي فيه القمر.

أحمد الفلاسي
12-02-2012, 09:57 AM
أتصدقين أنني قرت الهروب بحبك بعيدا عنك! بعيدا عن نيران قسوتك ، بعيدا عن نصحك وقطعيات انتقادك، وحملته بين جنبي أخلو بمناجاته ساعة اكتظاظ الخاطر بك، ولولا الإيمان بفوارق مابين المحسوس والمعنى لمثلت حبك تمثال جسد يغنيني عنك يا قسية المعنى لمحسوس جعلك تمثال حياته.

هبيني اليوم منك جديد كلام أشرحك به فإن مزية الكلم تكمن في رخصة من قيلت فيه...وأنت شفافية مختلفة عن كل النساء ، ورقة انتظمت في سلك الحس البشري لتقرر ولأول مرة أن سر النار في نورها، وسر الماء في صفائه، وسر الهواء في لطافته وبالتالي سر الجسد في روحه..وأنت على هذي المصاف، وفوق تلك الأوصاف نور وصفاء ولطف وروح قلبت معادلة الكون الأنثوية..ولو أن للنساء سواك تركيبة من تلك الأوصاف التي طبعتِها بمخيلتي عنكِ لما كلفت ناظري ونظري الالتفات إليهن لأنك واحدة لم تتكرر.

أحمد الفلاسي
07-26-2013, 09:55 PM
ليلة البارحة ..ولأول مرة يبلج الوجود عن لقائنا المنتظر، وأنا على مشارف الرحيل القاسي ..تقبلين عليّ وفي جيوب الليل حوالينا آهات طالما حركها الشوق، وأرسى فوق شواطئها جسدينا الناحلين من الشوق، وآه من شوق المحب إذا فترت ناره لتبدأ طورا جديدا في حياته، وقد لا تفتر إلا بامتثال إحدى الحسنيين.
يا ملاكي الساهر على سهد جفني ليلة البارحة! ويا أنتِ يا كل النساء أشرفن على حدائق الجمال الكوني فغرسن نباته، وأجرين أنهاره، وفجرن أنوار بدره، وأنا الصامت الناطق أمامك ليلة البارحة صمت الأماني، ونطق التدلل ..أحبك من مبدأ الآهات ليلة البارحة حتى آخر زفرة شوق وليس للحب من آخر!!
يا ملاكي الساهر بين صمتي، وبوحي ..خبريني كم طوت ليلة البارحة بيننا من مفاوز الآهات حتى طلع الصبح وأحدنا يمسك شمس النهار في يده، والآخر يطوعها جنة في عين محبوبه..آه كم أحبك!!


يا ملاك ليلة البارحة لأول مرة أدرك كنْه قصائدي المجنونة بك، الشاذة عن رسم الأشعار بسببك..قصائد صيغت من خطيئة حبنا النافر عن حقائق الوجود.حاكتها أناملي على مقاسات دروب الغواية السائرة فيها، بحيث لا تسترشد بنصح، ولا يتأتى منها استقامة ورشد لأنها بحبك وحدك اكتسبت صفة التفرد يا واحدة لا شبيه لها إلا التماس الجمال موضع قدم بجانبها.

أحمد الفلاسي
09-08-2013, 04:48 PM
ما أقسى الذاكرة المستعصية على سيف النسيان لا تستدعي لي منك إلا أجمل ما فيك، وأمتع اللحظات التي ملأنا الدنيا فيها ضحكا ولهوا، واعتدالا وشذوذا..على أنك كنت أجرم الخلق في تعذيبي، وأكثرهم تفننا في حيرتي النافذة إلى دواخلي الملآى بك.أنت من كنت لا تصلح لي حياة أنت فيها، ولا تصلح إن لم تكوني فيها، وما أكثر البقع الداكنة في صفحتك المطوية عني رغم أن صفحات الناس لا تشرق في وجهي مالم تسطع عليها دواكن صفحتك تلك يا معذبتي بذنب الذاكرة، وظلم النسيان.
تعالي للحظات تنصفينني فيها من ذكرياتك المؤلمة وهي تحول بيني وبين الإحساس بمتع الحياة ، تعالي فما أحوجني إلى جرعة نسيان لساعة أتعرف فيها على ذاتي بعيدا عن مشوشات هذه الذاكرة اللعينة..تعالي لتفصلي في هذه القضية فإن فيها محو ماض وحياة موت!!

أحمد الفلاسي
09-08-2013, 04:53 PM
ويبقى الحب رغم ما أبرمنا من عهود واتفاقات، ورغم تضاريس الليالي التي مرت علينا موحشة قاتمة السواد ﻻ يجليها قمر، وﻻ يجملها لقاء، ورغم قسوتنا على قلبينا اليتيمين ﻻ أب وﻻ أم، وﻻ يد تمسح على رأس اليتيم ساعة ابيضاض عينيه من دمعة تظلم، وابتسامة إشفاق..
ويبقى الحب يا تلك الراحلة إلى ﻻ رجعة ..يبقى رغم إنكارنا لبعضنا مهما جمعتنا زوايا الدروب، ومهما ضمتنا حنايا المجالس، وكأننا لم نعلم الليل يوما مسارات السهر، ولم نشرح للبحر قصة أول لقاء، بل شهقة أول ضمة بين خافقينا المليئين منا..يبقى الحب رغم ذلك، ورغم كسر جميع الخطى بيننا، ورغم جفاف كلمة الحب على شفاهنا بعد أن كانت تمطرنا قربا لنمطر ثواني اللقاء بيننا قبلا كل قبلة تحمل من الزمان سنة في ريها، وعمقها.

أحمد الفلاسي
09-08-2013, 09:38 PM
قصتنا مع المطر أحلى قصة أصابت مشاعرنا ببللها المفرط فرقصت كما رقص جسدانا الصغيران تحت المطر يوما ونحن يا حبيبتي لا وزن لنا إلا وزن المطر، وﻻ جرم يميز جسدينا إﻻ سيﻻن قطرات المطر فوق ذراعينا المتﻻزمين المتعانقين المتﻻشيين تحت وابل زخات المطر.
وتمسكين بيدي في يدك تحررينها من أغﻻل الحياة الكذوب لتحس في يدك بالمطر..وكم كان المطر صادقا في إحساسنا به لوﻻ لغة التصحر والجفاف التي ﻻ تبقي من المطر إﻻ ذكراه، وشيئا من قصيد يردد أغنيةالمطر في زمن التصحر والجدب .
آه يا تلك التي مضت مع آخر قطرات المطر فلم تعد كما غاب المطر..تعالي نكمل معا قصة جنوننا ، وعثرات صبانا، ونشاز تحركاتنا تحت نثار زخات المطر..

أحمد الفلاسي
09-10-2013, 10:03 AM
سألت هذا الصباح أن يريني شيئا منك اﻵن، وأن ينقل لي عبر وهاد الزمن قسمات وجهك ساعة قراءتي في باطنك، وابتسامتك البريئة إذا مرت على شبكية عينك خطواتنا في الصباح على حافة نهر جار كادت أقدامنا أن تحرفها حوافه لتسقطي فيه فتشدك يداي إلى طوق النجاة فوق صدري الواله.
عجبا للصباح معك وطعمه اﻷصفر القاني كيف يحلي في فمي لونه مع أن اللون يرى وﻻ يطعم ..غير أنه
إذا امتزج بقربك انسحب على الحواس كلها مطعوما ومشموما ومرئيا...
أنت في الصبح حديقة غناء من خضرة وماء وشمس وهواء، وتلك هي حزمة الحياة لمن قرأ الطبيعة بعيدا عن تدخل يد اﻹنسان فيها، وأقسم لك غير حانث أن أنفاس الصباح كلها بعبيرها الوردي اﻷخاذ ما استهواني مرة حتى أعبر إليه عن طريق شفتيك إذا تعهداني بفن راق يرسمان على شفتي قبلة الصباح خالصة لم يكدر الليل صفوها..أحبك وحدك يا خيال الصباح المازر جمالا ودﻻلا.

أحمد الفلاسي
09-10-2013, 10:23 AM
قلت لك يوما اجمعي شتات ضحكاتك لتنشريها في أجوائي أول كل صباح ، فإن وشوشة ضحكتك الحلوة تهبني صباحا مختلفا، كما وهبني حبك عالما مختلفا، وﻻ زلت أذكر صباحاتنا الحلوة كأنها لم تزل دافئة الفيء، منشورة الضياء، عبقة اﻷنفاس تبدأ بانشقاقها تفصل ما بين تﻻحمنا الليلي لتبعثني من جديد بحارا في زورق ضحكاتك الصبحية المبثوثة فرحا، والمجنونة عشقا...حتى إذا ما بدأت في نشرها خلقتني من جديد جديدا في كل شيء، أحبك اليوم كأحلى وأحدث ما يتكون الحب في رحم اﻷيام يا ملكة اﻻبتسام في دنيا تصبح تصارع الدرهم والدينار على حساب خﻻيا السعادة المقتولة كل صباح .
اضحكي هناك في صباحات الماضي الجميل فإن ماضيك حاضر عمري ومستقبله، فما مضى بنا يا حبيبتي
لم يزل قوت قلبينا اليوم، وزاد القادم من أيامنا المقسومة لنا..
اضحكي أكثر هناك لليوم ، واضحكي فما أحلى أن أقبل مبسمك الصبحي المتورد وهو يداعبني بإرسال تلك الضحكة الصبحية أثناء توارد القبل عليه ..اضحكي في دنيا بلا ناس، وربيع بلا زحمة.

أحمد الفلاسي
10-06-2013, 08:52 PM
ذات مرة شاح بنا القدر إلى تلة في قمة ذات رابية خضراء سجلت فجاجها وطرقها أندر لهو كفرنا فيه بالعقل، وتخطينا حدوده، ولم نبك على فقده! وكيف ندرك فقده ونحن من رأيناه سبة إنسانيتنا، وشذوذ
مسارنا السوي بلا عقل يرسم، أو رشد ينذر.
وكانت السماء تبض عن بياض أشبه ببياض وجنتيك المشربتين بحمرة الخجل، وفي لبد السحاب شيء من امتلاء شفتيك باكتناز دﻻل الشباب المثقل ببعض من كبرياء، وبعض من طفولة تكاد تحيل قوامي عرشا متهاويا متساقطا بين تلك اللمى المعنونة بشبابك حينها يا جارة السحاب تعليا، وجارة الورد تخددا، ثم
جارة النسيم تدللا وتمايلا.
وتخطينا بعدونا جنبات ذاك الوادي ..ونزل المطر!! وتقاذفنا رشاش الماء أينا أسبق إلى هزيمة صاحبه، وجره إلى اﻻعتراف بشيطنة اﻵخر..ونزل المطر أكثر، وصرخنا ﻷول مرة يا حبيبتي بنداء حبنا، وجهرنا ليسمعنا كل شيء مع المطر..وبصوت واحد..أحبك..أحبك..أحبك يا هذا ، أحبك يا هذه بسحر الهمزة، وطلسم الحاء، وجنون الكاف.وﻷول مرة يا حياتي يتندى نداء حبنا بنداوة المطر، وبسحر جمال المطر مع صفاء اﻷفق يصفو حبنا كالماء القراح النازل على معطفينا تلك اللحظات الليلية الماطرة يا أجمل نداءات الكون في دهليز مسمعي المتبتل في محراب منطق فمك.

أحمد الفلاسي
10-07-2013, 10:48 AM
وها هو شعر رأسي مبلل بالمطر ، لم تمض ليلتنا لا لم تمض في حساب مجريات الفلك، ولم يطلع الصبح مبددا أماني الليل يا حبيبتي ..ومع مرور اﻷيام كل يوم بألف عام لا لم يطلع علينا الفجر بعد، صدقيني لم تزل راحة يدي تعيش دفء ضمة يديك، وما زال المطر ينزل في ليلة لم تنقض، ونظرة بيننا سارية لم يغمض جفنها، وضمة حضنك الظمآن كنا هي تنقلني عبر موجات المطر إلى ما شئت لي من جنان الله الخيالية الساحرة...
ﻻ ﻻ تقولي توقف المطر! ﻻ تقولي جفت معاطفنا من بلل المطر، بالله عليك ﻻ تقولي تحركت أرقام التاريخ لتحيل اليوم أمسا حسب تصاوير الورق .
أستعطفتك بحق ذياك المطر ﻻ تصدقي أكذوبة الليل ..لم يعرف حبنا يوما نقطة نهاية أو منحنى تحول...نحن يا حبيبتي لم نعش إﻻ لمطر ليلتنا تلك الغارقة في أوحال ذاك الطريق والدنيا من حوالينا منقادة لتراتيل ذياك المطر.

أحمد الفلاسي
10-09-2013, 09:14 AM
أكثر ما يفجعني من شبح الأيام أن أرى ماضينا صورا تبيت كل ليلة بين دمعي وجفن عيني أقلبّها، أقرأ الماضي من خلالها عهدا مضى، وجنة أغلقت مع حكايات الأمس أبوابها، وآثارا سحبت الريح عليها أذيال الفناء الأبدي.

خائف أنا ياحبيبتي كخوفي من مكر الأيام..إنها لا حاضر لها، ولا مستقبلا يَعِد الروح يوما بمصافحة الماضي ولو مرة واحدة أمام نهم الشوق، ومرض الفراق.

لا تسأليني كم ليلة بت فيها مع "ألبومات الصور"أناجيك..أدعوك..أخاصمك نهارا لأصالحك ليلا ..وكأن الليل كان عيد شفتينا المرتقب لولا إنذارات الصبح المزعج القاسي، وكأن في خصامنا تجديد حياة أطماعنا لينفض كل منا يديه من كل شيء شوقا أن يملأها من حبيبه في ضمة خافق، والتصاق كبد، وسباحة ليلية التجديف في بحر العيون الساحرة.

أحمد الفلاسي
10-09-2013, 10:10 AM
ألا ما لهذه الصور لا تنطق إلا ويسكتها صمت كصمت الأطلال أمام وجيف الذكريات الصاخب! مالها وهذا الوجوم الجامد وفي أجوافي هذا الطود من العشق النابض المتكلم الماثل استعصاء على الموت، وتمردا على مطلق التغيير الفطري.

أي قدر ألا تسقط من شجرة حبك ورقة واحدة بعد كل ما حدث، وليس لك يا هذه اليوم ظل يفيئني من لفح شمس الهاجرة! أي قدر أن تتلاشى الحقيقة في مقادير العشاق ليكون نصيب الواحد منهم هذه الصور الصامتة الراقدة في مساحات الورق وأمامها استغاثات قلب لا يرى الكون في صمته سوى فكرة محبوبه، وفي نطقه سوى صوت محبوبه.

أي قدر يا حبيبتي أن تعذبني فيك الصور لأنها حرمتني حرارة الشوق من كفيك وهما تعبثان بشعر رأسي الطائش في سماء جنونهما العاشق الواله المتيم..ويالله ما أجملنا ساعة العبث والدنيا من حولنا تتناثر أجزاؤها تناثر دمى الأطفال حول حبوه، وجلسته الصغيرة الضاحكة.

أحمد الفلاسي
10-13-2013, 09:19 AM
حينما تتمخض حقائق الكون عن فلسفة وجودها لا تعلق في قاع الإناء سوى فكرتين اثنتين لا غير. القدرة المطلقة المتمثلة في الحاكمية العظمى للوجود، وكينونة ذاتي التي عميت عيني أن ترى غيرها بين أشباح هي ذات النسخة من تلك الكينونة.

"أنا" ذلك الكائن المنفك عن غيره من بني خلقته لا يجبر على اعتراف بأحد، ولا سلطان عليه إلا من جهة القدرة العليا، وما عداها فلا واقع، ولا ينبغي أن يذعن لتأثير تحت أي ادعاء مهما أفرد ذاته في مسرح الوجود ممثلا عن بني جنسه.

أنا هنا ومنذ زمن خصيم هذا العقل المدمر، أنا خيال لا يعترف بوجوده غيري، وخرافة مقصورة على فهمي، وسراب هو مطعمي ومشربي، وتناقض من روافد الذات في مجموع انفعالاتها لا أنتظر حكما عليه من أحد، فليدعني هواة الأحكام، ومحترفو النقد، ورسل التعييب، وعبدة الواقع، وساسة الصواب وما ينبغي وما لا ينبغي، فلتدعني تلك العيون المتطفلة إذ تزيغ في تصويب الخطأ، وهي التي انغمست في خطأ الفضول من حيث لا تعلم.

مالي أرى الكون من حولي تتآكل جوانبه، وتفنى كائناته مهددة بالانقراض الحتمي لأن ثمة من بيده قلم التصويب آخذ في رسم الخارطة الإنسانية وفق نظرة خاصة تعصم من الخطأ، وتفني الوجود بقلم التصحيح!!

أحمد الفلاسي
10-13-2013, 09:44 AM
لم تزل يداك في خيالهما الزائر تشرحان لأطماعي كيف تولد الأمومة من رحم الحب في طفرة يصعب على الفكر إدراك سرها، والوقوف على وشيجة التمازج بين الأم والحبيبة تعبر إلى عالمي المقفر من نضرة الربيع ليخضر على يديك يا حبيبتي وأنت كلاهما..الأم والحبيبة معا.

هل تذكرين دمعتينا المتعانقتين ساعة العناق؟.. دمعة الخوف عليَّ وهي تتحدر من عينيك، ودمعة الطفولة المشفقة الفرحة وهي تتوارد مني. وما عيناك حينها لو أن لي قدرة على روعة الشرح والتصوير! إن في دمعتك المرسومة على خديك اختصار مجلدات الأمومة العالمية بجميع شروحها ليستوعبها الفكر في دمعة تعجز لغات الأرض أن تفسرها كما فسرتها تلك الدمعة الطبيعية الموقوفة على مخزون القلب المحب .

لكَم اجتهدت أن أجد لدمعتك تلك وعاء يسابقها بالاحتضان حتى لا تقع على الأرض، وما ذاك إلا لأنها دمعة سماوية المنشأ، سحابية الهطول، شمسية التأثير.. ويالله ما أجمل الوجود وفيه دمعة خالصة لك ! تهطل ساعة الخوف لا لتقنطك من الحياة بكمدها، وإنما لتصير لك البحر وزورق النجاة معا..تلك هي كانت دمعة الأمومة من عينيك يا حبيبتي.

أحمد الفلاسي
12-29-2013, 06:08 AM
داعبيني بلوعة الإنتظار أكثر! فإنها خاصيتك بها عرفتك، تبتعدين بقدر ما تقتربين، وتعاتبين بقدر ما تشتاقين، ولا تطيلين أمد القبلة بين شفتينا حتى تقدمي لها بمقدار سخونتها من ولع النظر، وسعار الإضطراب المبهم في لغة وروده كما تبهم لغة الطفل أمام قواميس اللغة حتى يثبتها بجس يده الصغيرة جهة ما يشتهي، وهو كذلك مثلك حينما يبهمك اضطراب الحب فلا تجدين له شرحا وإيضاحا إلا باختلاط ابتسامتك بدموعك في لجة الاحتضان بيننا.

لا تستقيمي على درب الحب تعقلا فإنك جنون صرف لا يمكنني فهمك إلا مجنونة فقدت عقلها تارة بين رياض أشعاري، وتارة أخرى بين ذراعي أشواقي. وأقبلي علي بهذا الإضطراب الدائر مع الكرة الأرضية في دورانها الطبيعي، والمنطلق مع شهب السماء حين انقضاضها، ومع الشمس والقمر وعملقة الأنها ساعة جريانها.

أحمد الفلاسي
04-15-2014, 09:00 AM
أنا فصيلة أحادية الوجود في دمك فلا تخلطيها بغيري حتى لا يكتوي دمك بنار الكذب المحرقة بزيفها، الغبشة بمنظرها، ودمك هو هو لا يجري في شرايينك إلا صادق الدفق، صادق التكوين يا حبيبتي.

يا لله كم يستغيث دمك من شر يديك تحاولان مزجه زورا بغيري ويأبى إلا أن يرسمني في صفاحه رسم اللون ناقعا في وجه الشفق ..لا تبديل حتى يستغني الشفق عن حمرته وهو المستحيل عقلا ووجودا يا حبيبتي!

يالها من يد ظالمة يدك تعبث بخرز تاجي الذهبية لتستبدله بقطع الحديد المصدية ثم تدعي أن التاج على مكانته لم يتغير.. أي ظلم ليدك المبسوطة بي، الحية بنبضي، الفانية بحبي تجرم في حق التاج الذي رصعناه معاً، وسبكناه معاً، وخرزناه معاً، وغطيناه يوما بأكفنا لئلا يصيبه المطر فيتوحل بشيء من انزلاقات الطريق يا حبيبتي.

افرحي.. لكن أحادية الوجود في وجودك لم تستغن عني، فإما أن آخذك معي أو تأخذيني معك، وكذب من قال: سترحلين بدوني..وسأبدأ خطوات الدرب بدونك!

أحمد الفلاسي
04-15-2014, 11:07 AM
كيف أنت الآن؟ أهو وشم ساعديك كما هو يوم أن فككت مغاليق لغته الرمزية فاستخرجت من السر الوشمي يوما أنك نائمة ببردة إنسانيتك في إغضاءة ملاك أنت أقرب به إلى الملائكية الطاهرة منك إلى الآدمية الخطاءة.
أخبريني عنك يا ملاكي بعد تلك الليلة التي ودعنا فيها آخر آحلامنا الوردية الفرحة، واحتوانا بعد عناق الليل قفر نحن من آثرنا غباره ولفح ناره، وهجيره لنعيش خارج جسدينا، خارج مقلتينا، خارج إحساسنا فنغدو كما تغدو شرائد الفكرة عن محيط تحققها لتتبعثر بلغة الأيام أسماء وأفعالا في جمل لا محل لها من الإعراب.

وكيف هو حبك يا دلالي وأنت من أقسمت عليه الا يبرحني حتى يموت شهيدا في قصة عشق بيننا محال أن يعرفها الموت، أو يتخصص في فنائها القدر. أهو حبنا كما كان حبنا؟ أهو ريقنا المخضوب بحمرة القبلة كما كان ريقنا؟ أهي عهودنا المبرمة فوق وسادة الجنون كم ضمت فوق مساحاتها من صنوف جنوننا ما لو أصاب الإنسانية الخرساء عن لغة العشق لقسمها نصفين قيسا وليلى.