المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صحراء راودها الرذاذ . . .


زينب عامر
04-07-2009, 10:57 PM
' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' '
' ' ' ' ' ' ' ' ' '
' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' '
' ' ' ' ' ' ' ' ' '
' ' ' ' ' ' ' '
' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' ' '
' ' ' '
' ' ' ' '
' ' '
' '
'
'
إرهاصاتُ عاشِقة..
تبحثُ عن ضوءِ الحقيقة

وكُلَّما تصعّدت فيها حالة الاحْتياج / الاجْتياح... يولدُ قنديلٌ جديدٌ في وجهِ السماء..


هنا..
دفترٌ مُثخن
وجراحٌ مهاجرة..
وينبوعٌ لم تراوده يومًا فكرة الانبجاس..


فقط.. لنا مع الحروف تعاويذَ مُتعاظِمة..

فلـْ أكنْ أنا تِلك العرافةُ المقدسة صاحبةُ الملاحم الزرقاء ْ..



عمتم رذاذًا

زينب عامر
04-07-2009, 11:11 PM
....
...
..
.
25 مارس 2009
.
..
...
....

كان مساءً مفاجئا.. جلس معنا على طاولة حوارية استدارت على كوب شاي ونفحة نعناع، ثم غير مداره اللحظي.. رمانا برعشة اليقين، وشوش لي يستأذن ما تبقى من الوقت المتاح، إلى أنقى برااااااااااح.. صحبني معك إلى رذاذ تلك النافورة المتبعثرة في أقصى مصاطب الروح، حملتني كل قطرة منها إليك، نفذت كل معطياتك إلى روحي المتخمة بصحراء جائعة أكَلَتْ جسدي حتى لم تبق فيه إلا ما يخدع النظر بوجود كائن حي، تخلخلت أصابعك إلى جذور أنفاسي، لتجتث الورم الخبيث منها، وصوتك المشحون بالرحيل والضياع والتشرد والملاذ البعيد وكل ما كان أمام ذلك المبكى، التقينا تناجينا، حملتني كالسنونو إلى البعيد السحيق، حيث لا أحد كان معنا، حملتني، بقصائد من ريش وثير، مسدت وحشتي، كسرت قيود الجوع، ربّتت على حزني فبعثت من بين يديك فينيقا جديدا.. مليئا بك انت وحدك، أثرت فيّ حاسيّة الخوف ، نعم الخوف من المجهول، من الغد الذي يطعمنا كل صباح لقمة تخرثت من بارحة العام المنصرم.. ومازلت اقتاته حتى جئت بكلتا يديك لتمنحني الحرية، كنت في الحقيقة احتاج للمسة يديك لألمس حريتي، وقد ملكتها ، حدثتني عيناك أكثر من إنصاتك، ملأتني حيالك رغبة الإجهاش بالحنين، رذاذك لم يكن دافئا لكي يغويني، ولكنه كان مليئا بلحظة البوح، تطايرنا سويا (تسامينا) مع خيوط الدخان المتقافزة من أرواحنا، ملأتني بسعادة جارفة بكتها دموع الخوف .. منك / من البكاء / من الضياع/ من الوهم/ من السقوط إلى هاوية الحقيقة، كنت أطير بجناحيك حيث لم أشعر أنني مخلوق طيني، فقط كل ما كنته خيال منسرح على ذراعك المثخنة بالعطاء، هربنا سويا من عراء أرواحنا، (وجدنانا) التقينا، تماسكنا، تهاوت أرواحنا ببكاء الملهوف إلى مأوى، كأن التشرد جمعنا، نعم، قالتها صاحبة الحنجرة الغنّاء (أنغام) .. "مش برضو يا حبيبي الضياع إحساس حيجمعنا سوا"، فأنا وأنت التقينا، على هدب نافورة فضية نساها الوقت في ركن حديقة عظيمة، تجتمع فيها أحزان البشر، بعيدا عن معلبات الحياة اليومية التي اختنقنا بمنتجاتها، وصخب آلاتها الميتة ، التقينا هنا يا سنونو هذا العمر ، ولدت في أعماقي لأبعث منك آخر نبية موحى لها، فكنت إلهي الذي لم أجبر على عبادته لا بفطرة ولا ملة، كنت الإله الذي انتشل موتي من البأساء، لأخلق من جديد حمامة مليئة بألوان الحياة، تلك الحياة التي سميتها بك.. هناك ولدت باكورة أحلامنا الغضة، التي حفظناها في أقفاصنا الصدرية كيما يراها القبيحون ويقتلونها.. هناك سأبقى دائما.. أمام حلمك الزاهي، أرسمه معك، وأبني تفاصيله من ضلوعي، وأنحته في دمي، فابذرني فيك كلما آن حزن العراء، لنورق على أغصان الوحشة حياة مليئة بنا.. بكل معنى عظيم للحب، وكل معنى سامٍ للالتقاء..

زينب عامر
04-08-2009, 11:49 AM
....
...
..
.
26 مارس 2009
.
..
...
....
http://www.melody4arab.com/player/player_6174.htm

لم أبرح نافورتَنا تلك الليلة، غادرتُ بجُثّـتي إلى حيثُ أدسُّ نفسي كلَّ يوم تحتَ غطاءٍ خمري ممبوحِ الأطراف، وصحرائي تتعاظمُ وتزيدُ جفاءً وحنقةً عليّ، وأنا مع امْتِلاءاتِ الرّيح في أعصابي أتمايل حتى ينبلج الصبحُ وعينايَ مازالتا تفيضان بغرق البارحة / أرتجف/ أقلّبُ هاتِفي النّقال وأنت/ تزدادُ انْتِفاضتي حتّى لا أشعُرَ بالمُحيطِ الخلوي، كلمةٌ واحدةٌ تكفي لأن تُعيدني منكَ إليّ.. وكُلّما اهتزّ هاتِفي برذاذِكَ أزْدادُ تشبّثًا بك، مضتَ الليلةُ تحمِلُ جميعَ إرهاصاتي وهلعي من غدٍ موحِش، واعترافًا مليئًا بالذوبان.. أأدلي به أم ألملم ما بقي من نُثارِ صحْرائي؟ وأعودُ أدْراجَ الرياحِ حيثُما زلّت بي الأقدار ذات حلم.. بدأتْ دقائِقي تزحَفُ حتّى وصَلتْ إلى الحلقوم، هناكَ عندَ حفّة الانْهيارِ أقبَلتَ بعفوِ الرّبيع، ابتسامَتُك تغمرُ تاريخي المُحنَّط، تُذيبُ يديَّ المتَخشّبتينِ على لَحظةِ الابْتعاد، تُذيب فؤادي / كياني/ روحي/ عينيّ المليئتانِ بلؤلؤِ الأسفار، أفتّشُ عنْك فيكَ كأنّني أبحثُ عمّا انسلّ في نسيجي منْ سلالاتِ السعادة، أُلملمُني فيكَ حتى أتوحّدَ بِك، انْتزعْتُ وهْلَة الشجاعةِ من كيسِ الخوف، وبدتْ يدايَ تتَحدّثانِ عن اعْترافاتي إليك، وأسئلتي المُحاصَرةِ بالدّموع، لم يكنْ حُضنُك صهيلاً يُسرِج صدري ، بل كانَ سماءً عظيمةً توحّدت بأوجاعي ..فكُنّا نحن، سقَطنَ كثيرًا على كتِفِك الأزليّ المجيد، تلملمتُ بين أصابِعك المرتَعشة، سمِعْتُك وأنتَ تغمِسُها في أُذُني ( أحبِّكِ) ودمعةٌ ترقْرَقَت بعظَمَةٍ إلهية مفرطَةٍ سقطَتْ في قلبي.. لم يكُنْ هذا الكُرْسِي صفَّ أخشابٍ صُنوبَريّةٍٍ أو أيٍّ ما كانت، كان عرشًا سَبَئِـيًّا تنْدى أطرافُهُ من دُموعِنا، كانَ الاجْتِياحُ عارِم، تمنّيتُ منْذُ بَدءِ تكويني أنْ امْتَزِجَ بدموعِ أحدِهم، على أنْ يفْهَمَ أسْبابَ السّقُوطِ والانهيالاتِ المُقدّسة هذه. لحظةُ توحُّدِ الرّوحِ باغَتـتْـنا، انْتـشلتْ أجداثَنا منْ موتٍ مُؤكَّدٍ حَلّقتْ بِجراحِنا ونُواحاتِنا.. استـَـفااااااضَتْ حتى غصّتْ بها الرّوح ولَعًا.. امْتَدّتْ مراجِيح ُالرّضا بينَ أعيُنِنا، خَرجْنا من عالمِ البَشَر.. أضْواؤُهُم تُلاحِقُنا وتَبعَثُ فينا الرُّعْبَ لمُجرّدِ الدُّخولِ في دوامةِ التّفكيرِ العقيمةِ بهم.. ها أنا أعتَرِفُ أنّني أرَاكَ أنْتَ لوَحدِكَ... وترقَبُ أنْتَ ارْتعاشاتِ ابْتسامَتي.. واعترافاتِ أنْثى ودَّعَتْ الحياةَ منذُ زَمنْ.. وأقبلَتْ على الإحباط.. اعْتِرافاتُها المخبئة في مندوسِ الحياةِ مليئةً بالهَفواتِ والنّزواتِ والاخْتياراتِ الخاطِئَةِ ومُلاحَقَةِ ضوءٍ بليدٍ سُرعانَ ما تَكتَشِفُ أنّهُ يَغِشُّها ليُضَلِّـلَها ويُغَرّر بها، وحينَ تُفيقُ منْ وهْلَتِها الأولى.. تُعيدُ ترتيبَ حقائِبَها المُدجّجَةِ بالحُبِّ والحنينِ وغُصونِ النعناع .. كانوا يَعبَثونَ بلُعبةِ الحياةِ القذرةِ معها.. لذا، قرّرَتْ أنْ تترُكَ لهم الحياة بكلِّ غثيانِها.. وتعتَكِفَ في زِنزانَةِ الوحْشَةِ الموحشة في عراءٍ شاسِع لا يضمُّ سواها.. حيثُ مددْتَ حُبّكَ لها في ضوءٍ زمرّديِّ الرذاذ.. ثَقبَتْها نظرتُك الحادّة.. استَخرَجَتْ أكوانَها، فجاءتَ تحْبو حبْوَ العاجِزين، وتَلـقّـفْتَها حابِيٍا.. وطِرْتُما معًا....




زينب...

زينب عامر
04-08-2009, 02:17 PM
"
...
قُلْ للعَراءِ

قلوبُنا عُرْيٌّ كَـ أنْتَ..

ككلِّ أطفالِ الحُروبِ.. ووجْهِ أمٍّ لمْ يَعُدْ يبْكي

يُزَغردُ !

هلْ تموتُ بوجْهِ أيلولَ النّساءُ ؟

ويختَفي نيْسانُ منْ رُزْنامَةِ الزّهرِ الضّرير ِ

وهلْ عُيوني مِثْلما كانَتْ عُيوني؟

لا تَقُلْها ..

كُلـُّنا عُرْيٌ كساحاتِ القِتالِ المُستديرَةِ في السّؤال...

ولمْ يعُدْ يكفي لتاريخي (حِراء)

أيُّ غارٍ غارَ في نُسّاكِ طائفةٍ

وتشكو ضُعْفَ حيلتِها إلى بدوِ ِ المَسير..

وليس ثمَّ بصفرة الأصقاعِ ما يُغوي المَسير..


** **

أوَ كُلّمَا غاضَ الحَنينُ

إلى دَمي

أ ُفضي إلى عَدَمي

وأ ُبعَثُ في عَرااااااااء الناي أسرابًا من البَلّور ِ

ها إنّي أَفيييييييضُ

كمْ أعْلو.....

وأعلو.........

................

ثُمَّ أعلو.............

..............

............

في انتِشار ِ الضَّوءِ أطيافًا مُجرّدَةَ الأماني..

كالثّواني

تنْقَضي دونَ احتِفاء.....

.....

"



زينب....

مارس 2009.

زينب عامر
04-08-2009, 03:10 PM
....
...
..
.


البدايةُ المُتْرَعةُ بالبَحْر.. التقينا كأجملِ سنونُوَتيْنِ مرّتَا على رذاذ.. عند بوابةِ العُبورِ إلى النادي السّياحِي.. أمْلأُ الأماكنِ بالوجوهِ والعابرينَ والصافّين أثقالَهُم على مدِّ الأرصِفَةِ والمسارِب .. النّوارِسُ غادَرَتْ المَساء فنَحْنُ هُنا، نَقومُ بِطُقوسِ الرّيشِ جميعِها.. بَحْرٌ يفْصِلُ العالَمَ الخارجِيّ عنْه بابٌ مؤصَد.. وكَراسٍ مُبَعْثَرةٍ حولَ طاوِلاتِها وجِرارِ الفخّارِ تَحمِلُ أشجارَ الزّينَةِ، كُلّهم تتـبّعوا خُطُواتِنا المَمزوجَةِ بِبعْضِها نحوَ موجِ البَحر، هذا الكائِنُ العَظيمُ المُستَوْحِشُ المُتَوحِّدُ مع الذاتِ المائيّة.. يَفيضُ عناؤُهُ فينفُثُ أمواجًا تُلطّفُ أحزانَنا وتُغنّي لنا على رشْفِ الحَنين مواويلَها المُبْرِحة.. لمْ نكنْ وحدَنا هنا، فذلِكَ الزّورَقُ المركونُ على كتِفِ الشاطِئ، وتلكَ الكراسي المُتَمدّنَةِ جدًّا.. جميعُهم انتَظرونا في لحظَةِ التِصاقِ الحُلْمِ بالحقيقة، جِئناهُم في احْتِفائيةِ الماءِ بالرّيح.. نبحثُ عن وَطَنِ المَوجِ وأسباب التكوين، نسألُ الحُبَّ عن أسرارِ هذا الدّيدَنِ الوحيد.. الهواءُ يداعِبُ خصلات أنْفاسِنا الباحِثَةِ عن بعْضِها.. وعينانا.. آه من عيْنـيْنا.. كيفَ تَتحدّثُ بجدارةٍ بالِغَةٍ تتصاغَرُ أمامَها تعاويذُ الحُروفِ.. ها إنّنا نلتَقي أكثَرْ.. صوتٌ ما أيْقَظَنا.. الفخّارُ يتكسّرْ!.. الرياحُ تزمْجِرُ.. تَعصِفُ.. تهدِّدُ.. تَقتَلِعُ الأشجارَ.. نَتـشَبّثُ بجذِعِ اللّـقاءِ.. نسْتَنِدُ إليْنا.. نَرْكُضُ وسْطَ العاصِفَةِ بحْثًا عن البابَ المؤْصَد، لندخُلَ عالمَ البَشَرْ من جَديد.. ها قّدْ وصَلْنا.. ( اطّمّنِي انا وياجْ) أتَشَبّثُ أكْثَر، فلَمْ يعُدْ لي طاقَةٌ على الخوْف.. انكسرتْ لحظةُ الانْبِعاث بعاصِفَةٍ لمْ تُمهِلْنا دقيقة.. وبعثَرَتْ أوراقَها في وجْهِ الرياحْ.. تَحاضنّا عندَ أوّلِ قطرةِ أمان.. وانزوَيْنا إلى رُكنٍ ذلكَ المطعمِ في شارِعِ خليفة.. وأدفَئِ زاويةٍ للحديثِ، ها نحنُ نُعيدُ الكَرَّةَ ونبْحثُ عنْ مكانٍ آمنٍ للحُبّ في بِلادٍ تعتَـقِدُ أنّ الحبّ هوَ (العدوُّ فاقْتُلوه).. لم تَكُنْ "البيتزا" لذيذةً في كلِّ مرّةٍ كهذِه.. أطْعَمْنا أرواحَنا الجائِعَةَ إلى رغيفِ عَطْفٍ وامتِثال.. وها هو الجَسَدُ يمتثِـلُ لنِداءِ الطّبيعةِ في انْعطافِ الروح.. حانَتْ لحظةُ الابْتِعادِ (الحسّي) لتَشتَبِكَ الأرواحُ مُغادِرَةً إلى مكانٍ واحِدٍ بعيدًا عن أضواءِ المدينة.. لمْ تغفو ليلَتي إلاّ على صدرِكَ.. واستجابَتْ لها أنْفاسي وغطّّتْ في نشوَةٍ ثمِلَة..

.
..
...
....


زينب ......

زينب عامر
04-08-2009, 05:05 PM
....
...
..
.

http://song6.6arab.com/amr_eliela-de.ram


كانَ صباحًا مُغرَقًا بالزّهور.. ها قدْ استيقظتُ على يقينِ حُبّكَ المُتنامي في أعماقي، ها أنْتَ انْزَرَعْتَ فيَّ كأعْظَمِ سِنديانَةٍ تمُدُّ جُذورَها في أيامي وتبْـسُقُ عاليًا في مُستَقبَلي المُستشْرف بك، أشْعر أنّني أعْرِفُك منذُ الأزَل، أنْتَ هُنا صدّقني مُنذُ أنْ كُنّا، ولكنَّ أجْسادَنا بطيئةٌ في بَحثِها عن أنْصافِنا...

تداعيات..

".... ها قَد أتيتُ / سَحائِبي جَمْرٌ / وشَمْعاتي صَديدٌ / ليْسَ في أحْلامِيَ العَذْراءِ عُرْسُ/

لا سُعاد تمَشِّطُ الأشْعارَ في وَرَقي / وكلُّ دَفاتِري خُرْسُ / أ ُفَتِّشُ عنْكَ/ عَنّي/ربَّما عنّا / وعَنْهم/

جئتُ موجًا... جئتُ موجًا... جئتُ موجًا... جئتُ موجًا... جئتُ موجًا... جئتُ موجًا..............."

التقيتُك أخيرا، بعدَ انْهِزاماتي الشَتّى، وتباريحي الموجعة قبلك.. ، هنالِكَ على رَمْلِ " بحر البطين" المَليءِ بالمَساء.. جَمعتْنا حَبّاتُ الهَواء، احتَضنّا أنْفُسَنا كأنّا لمْ نذُقْ الدّفءَ يومًا، ارتَجفْتُ بينَ ذِراعيكَ كقَطرَةِ النّدى المُنحدِرَةِ من أعالي غُصنٍ مُتـثائِبٍ ذات استيقاظ... قَفَزْتُ وقفزتُ بينَ يديكَ لا أدْري أ أهطُلُ فرحًا أم أُسافِرُ ضحِكًا أم أسْلِمُ نَفسي للريحِ تأخُذُني إليك/ تُعيدني / تُغرقُني / تُحييني / تتَـلاشى بي/ أتَلاشى منها/ أتبخر/ أتنفّس .......... لا أدْري... كلُّ ما اسْتَطعْتُهُ هوَ أنْ أقولَ لكَ ( فرحانة فيك يا حياتي – فرحانة فرحانة فرحانة – لقيتك .. والله لقيتك بعد ما تركت الدنيا وارتحلت عن الحياة – لقيتك يا حبيبي – لقيتك لقيتك........... آآآآآآه... يعلني ما خلا منك ولا من حنانك – أنا مذبوحة يا.....) ما اعتَدْتُ أنْ أجِدَ عيْنًا تَحْضُنُ انْكساري من رَجُلٍ حَقيقيّ، فكُلُّهُم أصْبَحوا – فَجْأة ! – أشْباهًا منْ بَعْدِ رحيلِ أبي عنْ كوكَبِ الأرْض، أي قبلَ أحدَ عشرَ عامًا، وها أنتَ اليوم تغمُرُني بذاتِ النّظرةِ الرّبانية، احتَضَنْتُ كفيّكَ الصّغيرتيْن بقبلة مقدّسة.. (((((( أحبك)))))) ، لمْ اعتَدْ أنْ تُربِّتَ يدٌ على حُزني، كل منْ حوْلي ارْتأى أنْ يَقهرَني ويعصرَ مِنّي ماءَ الحَياةِ لينسِفَهْ.. ما اعْتَدْتُ أنْ أحِبَّ بِجنونِ المُراهقات، أنا لمْ أعِشْ مُراهَقتي في عُمْرِها، ربَّما أجّلتُها كيْ أحياها معَكْ، أنا شجَرَةٌ شَعثاءَ غيرَ مُشذَّبَة.. قَصْقِص شَعَثي، وضُمَّ أجْنِحَتي.. (أنا لك على طووووووووووول) وهذا "طريقُ الخليجِ العربي" سيشهدُ على وِلادَتي فِيكَ من جَديدٍ وعلى هالاتِ النّورِ الكاسِحَة لإضاءاتِهِ الصاخبة.. كنتَ (أنتَ) أنتَ في تلك اللحظة، وكنتُ أنا هيَ ، لم تُغَلـِّـفْنا أكاذيبُ الرّياءِ ولا خِداعاتُ البرستيج، فقطْ ذُبْنــــــــــا حتّى انفجَرَ الوقتُ بِحُبّنا، وأزَفَتْ لحظَةُ الابْتِعادِ كعادَتِها الليليّةِ السّخيفة، " بيجي اليوم اللي ما ابتعد فيه عنج أبدا، وتظلين في حضني ما نفترق يا عمري" آآآهِ كمْ تَتفجّرُ فيَّ ينابيعُ .. وأطيارٌ .. وبساتينُ .. ومسافاتٌ .. وسماوات.. أنتَ من كُنْتُهُ يومًا ما في غياهِبِ الْتِماسي للمُستَقبل.. أنْتَ هُنا .. فيَّ.. فيّ وفَقَطْ..
.
..
...
....


زينب ......

زينب عامر
04-09-2009, 12:07 PM
http://song3.6arab.com/3abd-al-majeed_2aan-al-2awaan.ram

"

خذني بيدي

معك أبتدي

آن الأوان .. أنسى اللي كان

حتى لو طال الزمان

لازم أوصل للربيع

قبل ما عمري يضيع

وألقى الحنان

أنا لي مكان

بين النجوم

فوق السحاب

أغسل بألوان الفرح

كل العذاب

**

متواعدين

أنا وهنا روحي

متواعدين

انداوي اجروحي

تروي ظماي

وألقى هناي

في سنا فجري

وحبنا يسري

يا ظما عمري أنا

انا لي مكان

بين النجوم

فوق السحاب

اغسل بألوان الفرح

كل العذااااااااااب

"

زينب عامر
04-10-2009, 07:17 PM
"الليلة دي سبني اقول واحب فيـــــــــــــــــــك" (http://song6.6arab.com/amr_eliela-de.ram)

"هذا الحب معجزة، انولد في أربع أيام وكأنها دهر".. بدأت رحلة العمر.. احتجزتُ نَفَسي أمامَ مصاعد اللهفة كيما أفيض بك قبل أن يجمعنا منزلنا الدافئ، لست أدري كيف حملني الحديد إليك بين تلك البنايات، ولكني أدرك أنني كنت معك قبل أن أصل إليك، فكل ما أذكره أنني فقط كنت أتبع أنفاسك حتى وصلت إليك، انغمسنا في لحظة الحنين.. ارتعشت الدقائق وهي تمر بجانبنا خوفا من تنغيص توحّدنا، أتشمُّ دخان روحي يا فلكي الأبدي؟ هنا انتفض عشقا بين ثناياك الوثيرة.. أتقشّر من كل لحظة يأس امتهنتها من قبل.. أتغلغل في ذراتك البنفسجية الزاهية.. أتبعثر أمام عينيك لتجمعني فيك مرارا وتكرارا، أتعثر عمدا كي تمد لي يديك فأقبلها، أغوص في أعماقك حتى لا أتنفس إلاك، أبحر وأبحر وأبحر، آهاتيَ المنبثّـة لم تكن إلا احتراق كل حزن وألم ووحشة، كانت تجرد الجسد من الروح، كانت مجرد آهات أو آهات مجردة، لست أدري المهم أنها كانت تتبخر بي وتتصعّد أبعد من السماء تحملنا معها، كانت أرواحنا تحتاج إلى كل ذرة حب نبثها فينا.. وهذا الجسر الجسدي ما هو إلا أداة تُعمِلها أرواحنا لتتواصل بحبها وتداعياتها المليئة بأنسنة الكون..
لم تكن لحظتنا الأخيرة في ذاك المساء سوى لحظة الاندماج السرمديّ.. تعانقت أعيننا.. تبادلنا كل شيء جميل لأن كلّ شيء كان جميلا بنا.. اشتبكت أصابعنا ولم تفترق وهي لن تفعل، ما عدت أفرّق بين أصابعي وأصابعك.. ولم أفكّر "كيف اقْـترَفْنا في الهوى أحلامنا.. كيف احترقنا"
احتفالية حميمة كانت، لم تكسر أي حاجز بيننا فما كانت لحظتنا من حواجز.. فقط كنا نقوم نحن بأدوارٍ متوحّدة دون أن نشعر بنشاز شيء ما.. تمادت اللحظات حتى غفت الساعات على ذراعينا.. وطفت جميع الأمنيات ترقب نومنا الهادئ..







زينب.....

زينب عامر
04-10-2009, 09:54 PM
....
...
..
.

تبلّلَتْ الروح يا غيمتي الفينوسية، تبللتْ السماءُ بارتواءاتِنا وبدأتْ تهطِلُ الحياةَ بِنا، ها هي الأنحاءُ كلُّها تفيض من المطر..


" تعااااااااااااااال اقرِبْ

لظى الأنفاسْ واشواقي مدينةْ غيمْ

أبـَ مْطرْ لكْ

أبـَ مْطرْ بِكْ

أبـَ مْطرْ نـا

هديرْ و ديــــمْ ..

وابحكي لك تفاصيلي على وجهِك

شفايفْ تلتهب وتهيمْ ..

دموعْ وزفرةٍ ( تُصلَب)

على غصونِ الوفا أطواقْ . .

(حنانيْكَ اقترب إنّي)

رحيقْ بْـ زهرة الأشواق "


المطرُ في حوشِ المنزلِ يراود طُفولتي وشغبي القديم المتمسك فيّ، يُنادي عليّ من خلفِ النوافذِ كي أُخرجَ طاقتي وأغسِلَها بحَباتِهِ الشفافة، ها أنا أفقدُ نفسي، وأتركُ العالمَ الإسمنتيّ خلفي وأركضُ حافيةً تحتَ المطر، أدقُّ بخلخالي عبثيّةَ الأرض.. وأبثُّ صدري إلى الغيوم.. أحضنُها وأدُور بها حولَ خاصِرةِ الأحزان، أنا وأنتَ تحتَ المطر، نلهو نُصافِحُ الزّمانَ كأنّهُ صديقٌ قديم.... وأذووووووبُ كالسّكر في حبّاته، يااااااه : ( المطر راح وما بللني كامل : ( شو ها الحظ يا ربي : (
أنتَ هُناكَ في غربِ النّواحي النّخيلية، وأنا هُنا على امْتدادِ روحِكَ أعبثُ تحتَ ذاتِ القَطَراتِ التي تُبلّلُ شعْرك البرونزي الرائع.. أشعرُ أنني ألْتَحِمُ معَكَ الآن على ابْتِعادِ المسافات والصحاري المتبعثرة التي تفصلنا، ولكنّ المطرَ أمطرَنا سوِيّا، لمْ يأبَه بِقسوَةِ هذِهِ الصّحراء، انْتفضَ بِنا ليَجمعَنا تحتَ عينيْهِ الزَرقاوين في حبٍّ يفيض ويفيض يفيض.. ها أنا أنْطَفِئ في آخر حبّةٍ تجمعنا.. وأنتَ ما زِلتَ خلف تِلكَ النّافذةِ مُترعٌ بكلِّ ما فِيكَ من المَطر.. أُحبّكَ فوقَ ما يَقولُ المطرُ للسّماءِ هيت لك.. أحبك تحتَ المطر.. وخلفَ المطر.. وقبلَ المطر.. وبعدَ المطر.. أحبكَ أمامَ هذه الخليقة الشعثاء .. وأمامَ الإله.. وخلفَه .. أحبكَ كلّما ذُبتُ في حناياكَ وكُلّما أفَقْتُ.... فقطْ احضنِ المطر الآن.. لتعلم أنني اتقاطرك حبة حبة...
.
..
...
....



زينب.....

زينب عامر
04-11-2009, 03:41 PM
....
...
..
.

مازالتْ السماءُ تبْعَثُ زخّاتِها إلى أرواحِنا.. خرجتُ عصرِيّةَ ذلكَ اليومِ من مكتبي ، أستنْشِقُ حبّاتِ المَطرِ المُتساقِطَةِ على جُروحي، وأعلمُ أنّ ذاتَ السّحابَةِ تُمطِرُكَ منْ جِهةٍ أخرى، فاكتفيتُ أنّنا متشاركينَ في المطر، شعرتُ أنّني – قَدَرُكَ الذي لم يَبْحَثْ عنْكَ يومًا.. فتغيّرتْ مشيئةَ الآلهةِ كما أخبرتَني – .. وكما جاءَتني رسالةٌ أخرى تُخبِرُني فيها ( أنا أستمع لترانيم المطر.. وأغرد عبر سرب الحب فينا..)
هناكَ أمامَ تلكَ النّافورةِ الوحيدة، التي تَتَساقَطُ عكْسَ جميعِ النوافير، فهي تهْطِلُ وتعزِفُ مع المَطرِ من أطرافِها إلى الوسط.. وأنا أترنّحُ أمامَها باعثَةً أشْواقي إليكَ عبرَ البلورِ المُتَسرّبِ تحتَ قدميّ، لم أكنْ رسميّةً أبدًا على الرُّغمِ من جميعِ الاعتِباراتِ التي أعْتَـني بها أثناءَ عمَلي، بيدَ أنّ المَطَرَ يُخرِجُني من حالةِ البرستيج إلى الصدقِ مع الذات.. هناكَ خلعْتُ حِذائيَ الشمواه، لأرتَدي (شبشب الحمام) البلاستيك الزّهري.. ولو كانتْ الظّروفُ تسمَحُ لتَركتُها حافِية.. خشيتُ أن ينعتوني بجنونِ الفتيات .. وقدْ فَعَلوا ! .. لكنّ كلَّ شيءٍ حولي كانَ يُغنّي بِك.. حبّي الجديدَ فيك.. شوقي.. انبجاسي.. أحزاني.. سعادتي.. هطولي .. انداياحاتِ الرجاءِ والأملِ المُتشـبثّـة بكلِّ ما فينا.. ناجيتُـكَ كثيرًا.. وبلّغْتُ غيمَتي السّلامَ لعينيكَ.. باغَـتَني (المدير..!) بابْتسامةٍ وهزةِ رأس أخفتْ وراءَها ( كِمْلِتْ .. موظفة تلعب في المطر) ولكنّني لم أعِرْ فُجاءَتَهُ أيَّ اهتمام، فنحنُ في صحرائِنا الغابرةِ لا نعرِفُ قيمةَ المطر، ونخشى على سيّاراتنا الفارهةِ من الاتّساخِ بيَدِ المطر، ونتقاعَسُ عن تنظيفِها إلا في مغاسِلِ (أدنوك).. لذا فَصفوفُ الزبائِنِ تقِفُ بالساعات أمامَ محطّاتِ البترول.. فإن كانَت ثقافتُنا هي ألا نغسلَ سياراتِنا إلا في أفرَهِ المغاسل، فلن نعرفَ أبدًا قيمةَ الحبِّ المنبعثِ في المطر.. ولنْ ألومَ الهاربينَ بكناديرهم ( أثوابهم البيضاء) بعيدًا عن أعيُنِ المطر.. فالبياض هُنا صفةُ الثّياب فَقط، وما دُونَهُ متَّسخٌ حتّى يعجَزُ أمامَ تنظيفِهِ (إيريل الإسرائيلي)... سأعودُ إليك يا حبيبي عبرَ غيمةٍ جديدة، فالمَطرُ انْقَضى.. وعدتُ أنا بكامِلِ اتّساخي إلى مكتبي.. أشعرُ بتجَدّد الحياةِ حولي...
.
..
...
....




زينب......

زينب عامر
04-11-2009, 09:07 PM
....
...
..
.

لم تكنْ خطواتك نحوي مفاجئة، فقلبي انتظركَ عند بوابةِ (جسر المقطع) المُفضِيَة إلى عاصمة البِنايات العشوائية (أبوظبي) هناكَ أمامَ المَساحةِ الكبيرة جدًّا التي تفصلني عن بابِ المكتب.. كنتَ واقِفًا وأنا أتبعُ نسيمَ أنفاسِكَ نحوي، نعم كنتُ واقِفةً أمامَ مِنضدَةِ تحضير (الشاي والقهوة) وكانَ زملائي قد جلسوا حولَ الطاولةِ حتى أكمِلَ تحضيرَ الشاي لهم، الوقتُ مُتأخِّرُ في ذلك العصر، الساعةُ تشيرُ إلى الخامسة والعشر تقريبا.. جميعُ الموظفين الرسميين ذهَبوا، وبقينا نحنُ شِرذِمَةُ الكُتّابِ والشّعراء، نتَباحَثُ في أمورِ دنْيانا الفوضوية، نُكمِلُ ساعاتِ العَملِ لأنّنا أتيْنا متأخرينَ في الصباحِ كالعَادَةِ، وكانت زيارتُك مفعمةً كعادتِها الرائعة، لم تَتوجّه إلي بأيةِ نظرة، فقط عُدْتُ أنا إلى ضيْفتي في مكتَبي لنَتباحَثَ في أمورِ العَملِ التي قَصَدتْني من أجلها، هناكَ التفّتِ السّاعاتُ ببطءٍ شديد، لأنّها تَعلَمُ أنّنا سنَلتَقي بعدَ انْقِضائِها .. ونُبحِرُ في عالَمِ آخَرَ لا يَعنينا بعدَهُ عالمُ البَشَر.. حانَت اللّحظة.. سبَقْـتُـك إلى مسْرَبِ الحُرية، وعَقِـبْتَـني بلَهفتِك المَخبوءة دائما، شرارُ عينيْكَ يُرهِقُ استيعابي.. العالمُ هُنا جميييييييييييييل.. والهواءُ عليل ، على رَصيفِ (ميناء زايد).. الله.. ما أجملَ تلكَ الفوانيسُ الخافِتةُ من بعيد.. وما أهْدَأَ (الدكاكين) الكثيرةَ المُتراصّةَ بمَفروشاتها وسياكِلها وعباءاتِها.. هناكَ خلفَ مقهى ( كاستيلّو) والسفائِنُ أرْختْ رِحالها.. وشَدّتْ التِصاقَها بإسْمنتِ الميناء.. كلُّ شيءٍ يبعثُ للرّاحة، حتّى وجوهُ المارّةِ الفَضوليين، حتىّ أضواءِ دورياتِ الشّرطَةِ المُزعِجة، كانتْ جميعُها تُثيرُ الرّضا .. لأنّنا سوِيّا.. نَحلُمُ بالإبحارِ بعيدًا على زورقٍ صغيرِ، يَحمِلُنا منْ ميناءِ طنجة الصغير إلى سواحل (الأندلس) !!.. يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااي.. صرخْتُ وانا أتَشبّثُ بيديْكَ.. "خلينا نروح ها الصيف للمغرب، ولو علي.. بطلع سباحة من طنجة للأندلس".. " اسمها اسبانيا يا بنتي".. وضِحكتُك المُتَعقِّـلةُ تشعرني بطفولتي العارِمَةِ أمامك..
- لحظة حياتي.. اسمعي ها الأغنية
- أنا بستغرب عليه.. من أول ثانية شفني. بعنيه لتنين خطفني .. أول حب يصادفني.. معرفش حصلو إيه..... (http://song6.6arab.com/Elissa-Ana-Bastaghib-3aleh.ram)
- الله............
- أحب إليسا وايد / بس أحبك انت أكثر منها..
وهُنا غفا الحلُمُ على كَتِفِ الأمان.. في رِحلةِ مع الأنغام..
- حبيبي نفسي أحضر حفل غنائي لإليسا في مسرح.. بيكون روعة، عشان نطير سوا معاها.. ولا شيرين أو فضل شاكر... يااااااه
- بنسوي كل شي حبيبي تبينه.. انت بس كوني فرحانة ومرتاحة
تبِعتْنَا أضواءُ المدينةِ إلى حيثُ رحَلَتْ أحلامُنا الصغيرة.. ودارتْ الأفلاكُ حولَنا، لغةُ أعيُنِنا أيقظتْ المَساءَ الدّاكن وطِرْنا كفَراشاتِ الليلِ المُضيئَةِ، حيثُ لا مكانَ إلا نحن....
.
..
...
....



زينب......

زينب عامر
04-11-2009, 11:21 PM
....
...
..
.


يا عالِـــــــــم.. (http://song6.6arab.com/Elissa-YA-3alem.ram)

كم أخافُ أن أفقِدَك.. أعلَمُ أنّ أيّامي أقْسى ممّا أتَخيّلَها، وأنّها تُقْصي من أحِبُّهم دائمًا عنّي.. أخافُ أنْ تُصبِحَ عليّ الشّمسُ يومًا دونَ أنْ أسمَعَك، أو أنْ ينطَفِئَ المَساءُ في عينيّ دونَ أنْ أراك، أخافُ أنْ ترتَعشَ السماءُ بين أصابعي وأنا أفتش عنك، أخافُ أن يلْمِسَني الحزن بعدَك، وأن أضيعَ إلى حيثُ لا أعرِفُ كيفَ أُديرُ نَفسي، أخافُ حينَ أُخطِئُ في حقّكَ أن تُباغِتَكَ لحظةَ الفِراقِ فيَركُلَني الوقتُ خارجَك، أو أنّني لا أُرضيكَ فيَهونُ عليكَ قلبي وأجِدَني وسْطَ دوّامَةِ الانْسلاخ.. أقسَمْتُ عليكَ أن تُحيطَني عِلمًا بما أنْتَ فاعِلُه، أقسمتُ على فُؤادِكَ الذائبِ في صدري أنْ يُقنِعَ خوفي بعدمِ وجودِ فكرةِ الرحيل.. ألا تعلَم يا قلبَ روحي.. أنّني توحّدتُ بك؟ فخُروجُك منّي يعني أنْ أقْضي .. أقسم بحبكَ أنني لا أثقُ في رحْلةِ الوقت.. عيناكَ تُخبراني دائِما أنّ الدّهْرَ عاهِر.. لذا فَهو يستطيعُ أنْ يفعلَ أيّ شيءٍ دونَ أنْ يستَحي.. دخيييييييييييييييييييييييييييييييلك.. طمني بس، ها هي أنامِلي ترتَعِدُ بحثًا عن وجهك.. ودمعةٌ احتُبِسَتْ في عينيكَ تقتُلني.. لمَ الدمووووووع؟ .. أخافُ أنْ يمُد الناسُ أيديَهم على حبِّنا وتَعبثُ في أيامِنا يدُ القدَرِ القذرة.. أخافُ حينَ أبتَعِدُ عنْكَ ألاّ أراك، فعِدني أنْ نكونَ معًا في الحياةِ والممات.. أعِدُكَ أنْ أقتُلَ نَفسي فيكَ إن اختارَ جسدُكَ النّومَ بينَ حبّاتِ التّراب، وعِدني ألاّ ترافِقَ الدّنيا الشمْطاءَ إنْ استَجابَ جَسَدي للعودَةِ إلى أصْلِهِ يومًا ما.. كم احتاااجُكَ هذه الأثناء، هدّئ من روْعي.. وشُدَّ من أزْري.. ها هي الرّوحُ تسيلُ خوفًا من الغَدِ المُبهَم.. أنتَ قُلتَ لي أنّ الخَوفَ علامةً على التّعقُّل.. ولكنَّ جُنوني فيكَ يبْعثُني على الخوفِ منْ كلِّ شيء.. ما عُدتُ أرى أمامي إلاكَ.. ولا أسمع سواكَ.. ولا أصلّي غيرَكَ.. ولا أحيا دونَك.. المِسْ يديّ كيْ تنْبُت فيها غُصونُ النّعناع .. أشعُرُ أنّ شبحَ الموتِ يقتَرِبُ .. يُحاوِلُ أنْ يسلِبَني حُرّيتي.. طلبتِكْ لا تروووووووووووووح.. فإن كَرِهتَني يومًا ما.. اخبِرْني ماذا كَرهْتَ فأقتَلعَهُ من جُذورِه، أنتَ تعلمُ أنّني أسعى لرِضاكَ في كلِّ تفاصيلِ الحياة.. فلا يَهُنْ عليكَ وجَعي... لأنني حينَ وجدتُكَ.. كنتَ رذاذي الهالِك.. وأنا رملُك الحالِك.. توحّدْنا.. ولا تَقلْ أنّك لم تَبحَثْ عنّي.. كما أنّي تشبّثْتُ بأدَقّ تفاصِيلِكَ... عِدْني... عِدْني.. عِدْني.. عِدْني.......

.
..
...
....

زينب......

.

زينب عامر
04-12-2009, 08:27 PM
....
...
..
.

مضى الأول من ابريل دونَ أن يخطِفَ منّا حُبّنا كَـ كِذبةٍ من كذْباتِهِ، وخرَجْنا سويًّا في تلك السيّارةِ (المربعة) غريبةِ التّصميم، كانتْ الأجواءُ مثيرةً للبَطنْ ! شعرتُ أنّ (رجرجة الطريق) تُثيرُ مِعدتي، ولكنّي آثرتُ الصمتَ على أنْ أُفسِد ليلةَ (بحرِ البطين) الهادئةِ.. هذا الماء المستوحش المُتَمدّد على يمينِ طريقِ (الخليج العربي).. كانتْ النّخلاتُ تُمشّطُ مساءَنا بأهدابِ الرعاية والصون، وتلكَ الأضواءُ المُتعاليَةُ تحرسُ دفئَنا وتحفُّ أحضانَنا بالوفاءِ السرمدي، وفتَحنا في أجمَلِ اللّحظاتِ حقائِبَ السّفَرِ المَليئَةِ بالأحلام، وفكرةَ الهجرةِ إلى بلادٍ لا تعيبُ الحبَّ ولا تَطرُدُ الطيورَ من كتِفِ الطّريق، وقُرصُ الأغنياتِ يدورُ في مُسجّل السيارة.. آهِ كمْ تُذكّرني أغاني الرحيلِ بحقائِبِ أحلامِنا المُنتشَِيَةِ نحوَ السّفر.. هناكَ لقّمنا البحرَ أجملَ الأمْنيات، وقاسَمنا القمرَ الوحيدَ أحلى تباشيرِ الواقِعِ المُقبِلِ علينا بكلِّ عُنفوان، ونحنُ ما زلنا نَحلُم.. "أريد أتحرر من البلاد العربية، شو رايج نسافر برا بعيد.. ونشوف لنا طريق حياة جديد مختلف عن حياة العلب اللي نعيشها هني.." .. " آهْ دِست على العوق، نفسي أجرب حياة غير حياتنا" يقطعُ حديثَنا شعورٌ كريهٌ كـ فورةٍ البطن ، أشعر أنّها مازالتْ تعلبُ بكبدي.. ها هيَ أمعائي تنقلبُ رأسًا على عقب، وظهْرًا على قلب.. أشعرُ أنّ الأضواءَ تدورُ حولي.. وأنتَ تمُدّ يديكَ لي وتفتَحُ الأبوابَ راكضًا حولَ السيارة.. لتنهالَ مُحتوياتِ معدتي على رِمالِ ذلك الشاطئ، لستُ أدري ما الذي يثيرُ غثياني، ربما ذلك الشّاي الذي أكثرتُ من شُربهِ اليوم، ربّما كعكة الفواكه.. لستُ أدري.. ها هي مِعدتي عاوَدتْ الاعتِصارَ لأتلوّى على نفسي باحثةً لها عن مَخرَجٍ من هذا الألم، وأنتَ يا حبّة الفؤاد تتلوّى معي.. أعلم ذلك.. أعتذرُ أنني أفسدتُ ليلتَنا بعدم تماسكي.. آسفة يا قمَري.. لكنّ الكرَّة عاوَدتْ لُعبتها معي.. لم تَكُنْ الأجواءَ ساخِنةً أو رطبة، فقدْ كانتْ تحفُّنا بنَسائِمها الرّقراقَةِ ولكنْ ثمةَ ما يُفسِدُ روحي.. أشمُّ رائحَةَ عفَنٍ غريب.. ليسَ عفَن، رُبّما رائِحةُ المَطَرِ التي تخلخَلتْ إلى فَرْشِ السّيارة أحدَثَ لي هذا الانقلابَ الداخلي.. ها قَدْ عرفتُ السبب.. لذا أعِدُكَ أنّني سأتَخلّص من كل ما يمْنَعُني من أنْ أعيشَ أجملَ ساعاتِ عُمري مَعَك.. عُدْ إلى قلبي.. واتْرُكْ لي مسألةَ التّخلصِ منْ كلِّ شيءٍ يُنَغّصُ فرحَتنا...
.
..
...
....

زينب.....

زينب عامر
04-16-2009, 11:06 AM
....
...
..
.


تعـــااااااااااااااااااال
وكل شيٍّ صار
في بعدك يذكرني
دروبك/ ضحكتك/ طاريك/ وريح العطر بثيابك.. (http://song.6arab.com/rwaished..ta3al.smil)


في مفرق الطرقِ لم يكنْ للكلامِ مكان.. خمسةُ أيامٍ تكفّلتْ بابتلاعِ كلِّ أبجدياتِ الألسُنِ بينَنا، وتعاظَمَتْ لغَةُ الأحضانِ والعيون.. كأنّه انفجارٌ كونيّ أنْبَأ عنْ ولودِ مجرةٍ جديدةٍ في حُبّنا..

".....
ويلتَقي في ظِلّهِ الحَنونِ عاشِقانِ
تَلتَقي مَجَرتانِ...
يَعْصِفُ المَدى بِهدْبِ نَخْلَةٍ فَيهْطِلِ الثّمَرْ
ثَمَرْ
ثَمَرْ
ثَ مَ رْ
"


كانَ رحيلي فيك مليئاً بالفراشاتِ والأزهارِ المُتطايِرَةِ منْ روحي تبثُّ نفسَها إليكَ، وتنْغمِسُ في عشقِكَ إلى أقصى قُرى الرّوح.. انبجْلتُ آلافَ المرّاتِ بينَ يديكَ، وأنتَ تبعَثُ فيّ أعظمَ معاني الولاءِ والانْسجام، ارتجفتْ أرواحُنا، وانتفضَتْ أصابِعُنا في حالةِ الانْصِهار، خمسةُ أيّامٍ كفيلةٌ أنْ تُولَدَ فيها بِحارٌ وتطْفَحُ جُزُرٌ وتُدفَنُ مدنٌ وتغرقُ سفنٌ وتولَدُ أمَم، وأنا في خَمسَةِ أيامٍ مَنَحْتُ روحي للرّيح.. وظلْتُ أتيهُ في مربعاتِ أبوظبي أردّدُّ ما قالَه خميس قلم:

" يا نادلُ إنّي أحلِفُ بالحُبِّ العُذْري
بأنّي أكْفُرُ بالعُرْفِ القَبَلي
وأُسْلِم روحي للرّيح"

ها قدْ أسلمْتُ كلَّ (أناي) إلى تلكَ الرّيحِ المَبعوثَةِ إليك، ملييييييييييييييييييييـئَةٌ بكَ حدَّ التّحليقِ إلى أبعدِ فضاءاتِ الكون، تلك التي لا يزورُها اللهُ في صلواتٍ خمس، ولا ترتَهِنُ أنفاسي أمامَ عُرفٍ قبَلي، ولا تلمسني إشاراتُ المرورِ بحرقةِ الانْتظار، ولا تكتِمني نَظَراتُ الشَّوق شمسًا تفَتّحتْ تحتَ جَفنيّ.. ولا يُسَوّرني قصرُ ابنُ الفلاني، ولا تَتَلبّسني عباءَةُ السّواد المُزيّنة بـ (شوارفيسكي) التقاليدِ وعادات (الأولين) هناكَ حيثُ دغدَغتْـنا لحظاتُ الحُبّ، ضحِكْنا كثيرًا بصَخَبٍ طُفوليّ مرِح، وجرتْ بيننا أنهارُ الفكْرِ والعِلم كالأنبياء، هناكَ حيثُ أبحرتْ بِنا أمواجُ الذّكرياتِ واللّقاءاتِ الحميمة، وصلنا بأحاديثنا إلى عالمِ النّجوم تنْقُلُنا بينَ مجرّاتِها كوكبةً كوكبة.. وعُدْنا إلى حيثـنا.. عُدنا إلى كُرسِي الحب، ودخانُ السلام يَخيّطُ أحلامنا في هواءِ المكان.. تختلطُ خيوطُك بخيوطي حتى تَتلاشى ملامِحُ الدّخانِ المتبعثِرَِة منّا، نتَـقلّبُ بين المَحطّاتِ الفَضائية.. حيثُ رسَت بنا عوالِمُ الجنون مع بدر بن عبدالمحسن.. كلُّ الدقائقِ مرهونَةً بأنفاسِنا.. كلُّ تعابيرِ الله في الإنسانِ تعبّدت في محرابنا القدسي.. وابتهلتْ رمانَ التعاويذِ وتفاحةَ حواء وآدم وامتلأتْ أحواضها بكوثرِنا المُطهّر..


فقط نَمْ على ذراعي.. كي تُولدَ شجرةَ الجنة بين أعيننا...

..
...
....

زينب.....

زينب عامر
04-16-2009, 11:22 AM
تمنّـــى (http://www.rowaished.com/ram_file/tamanna.ram)


تمنى .. والله واحلف لك لخلي الاماني ..
ياشوق تركض لك وخلك في مكانك لا تعاني
انا المسؤول عن كل الاماني

يا راااااحتي ارتااااااااااااح واكفيك التعب
لأجلك ترا بيهون كل شي صعب
وش عندي غير عيونك
وش دنيتي من دونك

تمنى .. والله واحلف لك لخلي الاماني ..
ياشوق تركض لك وخلك في مكانك لا تعاني
انا المسؤول عن كل الاماني

ابي تدري ولا تدري كثر اشواقي حياتك
اه اسخر عمري كل عمري عشان اقضيها حاجاتك

انا فرحتي لما اعطيك ما عندي
تشرق البسمه في ثغرك الوردي

تمنى .. والله واحلف لك لخلي الاماني ..
ياشوق تركض لك وخلك في مكانك لا تعاني
انا المسؤول عن كل الاماني

زينب عامر
04-16-2009, 12:27 PM
....
...
..
.


"
عيّشني الدنيا
غرقني حنية
خلاني أرمي الهم
ورا ظهري مولية
!
" (http://song7.6arab.com/nawal_mawlaweia.ram)



رذاذُ هذا المساء يملأُ الأنفاس.. الواجهةُ البحريةُ الخلفية لقصرِ الإمارات، تأسِرُ العيونَ بالنّظرِ إليها، الأمواجُ تُمَشّطُ السّاحلَ بدلالٍ مُفرَطْ، والدراجاتُ المائيةُ تقطعُ خلوةَ الأمواجِ بمَساراتٍ سُرعانَ ما تَتَقلّصُ إلى أعماقِ البحر.. والصّخورُ تَعالَتْ على رصيفِ هذه الجِهةِ واتّخذتْ منْ القُضبانِ الدّائريّةِ البَيضاء تاجًا على جَبينها، ونحنُ هناك وقفْنا على ضِفّةِ الغُروبِ المقابلة.. ووقَفَتْ بجانِبنا فَوانيسُ الحشيشِ تستضيء بكوكبنا ، ورشّاشاتُ المياه تآزِرُ رُطوبةَ الجوّ في إمعانِ الماءِ بالطقس.. وقفْنا نتَبادَلُ الأصابعَ والتّنَهّدات.. وسرنا نَتَلّمََسُ الوَفاءَ في صدورنا،
- تعالْ ننط تحت؟
- وين ننط الله يهداج.. الرصيف أطول مننا
- عادي.. بحملك وتحملني
- هاهاها.. لا حلوة انا بحملج بس انت شو بتسوين؟
- انا بسحبك..
- يلا حبي نمشي لما يقصر الشاطي بننزل.....
سرنا نبحثُ عن رصيفٍ غيرِ مُبلل يستقبلُ خطواتنا .. لنذهبَ إلى مساربِ السّياراتِ فنعودَ أدراجَنا إلى حيثُ أولِّ حبةِ رذاذٍ سقَطَتْ على وجوهِنا هذا المساء، افترشْنا بسِاطَ الحَشيش المُتمايِلِ مع النّسائم، وثمةَ آخرونَ يطوفونَ حولَ المكان، كلٌّ ملأتْهُ دنياه وتفاصيله، وأصواتُنا تَعلو بالضّحك على تِلكَ الفَتاةِ التي رأتْ القطة تستجديها العطفْ.. كانتْ القطّةُ مليئةٌ بالوحشةِ والحزن، تبحَثُ عن يدٍ تمْسحُ يُتْمها.. فكنّا نحن كذلك، (شكشكشكشكشك) ناديتَها، فجاءتْ كأن لم تلتقِ بحياتها من يناديها، وبصوتٍ ناعم مليء بالاغتراب ( مياو مياو مياو) كانتْ يدكَ قدْ سبَقتْني للتّحنانِ عليها، ثمَّ أخذتُها بين يديّ، في حينِ ذهبتَ أنتَ تبحثُ لها عن طعامٍ يسُدُّ جوَعها.. في هذهِ الأثْناءِ انْقضّتْ على يديّ بكلِّ وحشية وعضّتْها عضّةً مسعورَة، ارتعشتُ وارتختْ يدِي في تنْميلَةٍ غريبة، وحرارةٍ تسري إلى دمي.. أناديكَ بألَمٍ، لم يكنْ ألمَ الجُرح، بلْ ألمَ قلبي الذي مدَّ يديْهِ للتّحنان عليها، فجازتهما بعضّةٍ لعينة.. انحفرتْ بقلبي حزازةُ عتابٍ عليها.. أيُعقلُ أنْ يَعض الحيوان يدًا امتدْت له بالرّفق، تمامًا كالبَشَرِ الجاحدين؟ أخذتْني إلى أقْرَبِ عيادةٍ لنتمكّنَ من السّيطرةِ على ذلك الانْتفاخِ الظّاهِرِ حولَ حُمرةِ الجرح.. كانَتْ عيناكَ تمنَحُني الأمان، والحرص، والاهتمامَ البالغَ الحُبّ.. وقبضةُ يدِكَ تُزيحُ همّي..كنتُ سعيدةً لحظتها بألمي، لأنه أوصَلني إلى خوفك عليّ كأنْ لمْ أشقى بحياتي.. غمرتَني يا قلبَ الله في الأرضِ بحبّكَ الشّاسع، حتّى أنّ الممرضة غارَتْ من عطْفِك..
.. She is not baby.. why u afraid?!!!!.. she can come alone to the doctor…
وأنتَ تعبثُ بسَمّاعَةِ الطّبيبِ المُعلّقَةِ هُناك وتُحاوِلُ سَماعَ دَقّاتِ قلبِكَ من ( رزغك)....
- طلع ما عندي قلب ! ما اسمع شي..
وتقفُ على الميزانِ ومقياسِ الطّول، وأنا أضحَكُ بابتسامٍ على طُفولتِكَ الواضِحَةِ في تلك اللحظة.. كأنّكَ تَقْضي وقتَكَ ريْثَما تُنْهي الطّبيبةُ وصْفاتِها التّي (زادت عن حدها)..
خَرجْنا من هُناك ويداكَ تحتويني.. وصوتُكَ الرّخيم يزيدَني انْسجامًا بهذِهِ الحياة الكبيرة..
- ديري بالج.. ديري بالج عدل حياتي..
- حاضر يا عمري.. عشان قلبك بس.. بـدير بالي..



..
...
....

زينب.....

زينب عامر
04-19-2009, 01:15 AM
....
...
..
.

لم تكنْ مواقفُ أبوظبي مول مليئةً كما ظنَنْتُها، أمامَ ذلك المِصعَدِ الفضّي وقفتُ انتظرُ قدومَه، مُلتصقٌ بمحل باريس غاليري وعطورِ ياس.. أتخيلُ لحظةَ لقائِكَ .. حملتْني ذراتُ العُطور المنتشرةِ في أجواءِ المركز.. شباكُ التّذاكرِ امتلأتْ مساراتُهُ في ذلكَ الوقت، بعدَ أنْ حصلتَ لنا على تذكرتين في الفيلم fast & furious ، لم نَحتَجْ إلى الكثيرِ للوصولِ إلى ( البار) المليءِ بالمأكولاتِ التي اشتُهرتْ بها جميعُ السينمات.. الحلويات والفشار والعصائر والبطاطس .....الخ
- شو تبين تاكلين حبي
- مممممم.. ناشوز ؟!
- شو هذا بعد.. انا باخذ فشار بالكاراميل
- ماحبه انا..
- بالعكس لذيذ.. يلا سينما رقم (2)
هناكَ على الطّرفِ الأيسرِ المتوسط.. اجتزنا ( الرُّكب) لنصل إلى أرقامنا المخصصة D17. D18
وهناكَ أخذَنا الحماسُ للفيلم بالتصفيقِ بعدَما برَدَ مِرارًا أثناءَ فترةِ الإعلانات
- شو هذا طوّلت اعلاناتهم
- لا حبيبي نحن اللي دخلنا بدري قبل وقت الفيلم
- بسألك حبيبي.. في وحدة سمرة تحاول تتقرب منك أو تحبك أو معجبة بك وانت ماتعرف؟
- سمرة؟ ما حيد .. بس ما أنفي ها الشي لكن الحين ما يحضرني أي اسم..
- ممممم تعرف ليش؟
- .....؟
- لأني حلمت البارحة بشخص نعرفه انا وانت أسمر هو، يلاحقني ويبا يتقرب بطريقة وايد مندفعة، فقلت يمكن انت وراك وحدة تلاحقك.. بس ابا اعرفها عشان اقضى عليها
- خخخخخ هذا عقلج الباطن يلاحق هذا الشخص ولا انا ما ظني عندي حد يباني..
- انا ما عندي عقل باطن.. كل عقلي صار حاضر معاك.. و...
بدأتْ مُطاردةُ السّياراتِ في مُحاولةٍ لسرَقةِ حمولَةٍ ضخمة من البترول.. لم يكن حضنُكَ مكانًا لإسنادِ رأسي فقط، إنّما هو ملاذٌ أنْغمسُ فيهِ ليهَدأَ العُمر، تجمدتْ أعيُننا على الشّاشةِ وتسمّرتْ يدي على وعاءِ (الناشوز) حتّى انتهتْ اللقطة الأولى المثيرة جدا.. صفّقنا منَ الفَرحَةِ وتعالتْ ضحِكاتُنا على مقاطعِ الفيلم، وانحدرتْ دُموعي كثيرًا في المواقِفِ العاطِفيّة، ويدُكَ تمسَحُ تأثّري بها، ورحمتُك الرّبانيَة تحتويني كعادتها.. وها هي يدُكَ تمدّ ( الفشار) إلى فمي..
- ذوقيه
- ممممم.. الله يمي يمي
- قلت لج لذيذ.. لأنج ما ذقتيه من قبل.. بس حكمت عليه
- عطني بيبسي معاك..
- على فكرة حبي الكراسي اللي نحن يالسين عليها رقمها D17.D18
- ليش؟
- عشان مذكراتج حياتي...
تُطوقني ذِراعُكَ أكثَر.. ولقَطاتُ الفيلم تزيدُنا انْدماجًا وفرحةً وضَحِكًا من كل شيء ربّما لا يُسمَعُ في السينما غير أصواتنا، أو أننا لا نشعر إلا بنا، رُعونَتُـنا تستفيضُ عندَما تتصاعدُ حركات الفيلم (الأكشن) وربّما كانَ خيالك يعانِقُ خيالي هناكَ حيثُ أحداثُ الفيلم.. لأتّخذَ لنَفسي دورَ الفتاةِ الحنون، وأنتَ ذلكَ البَطلْ الذي لا يَخشى الموتَ حين يُداهمهُ في كلِّ نَقْلاتِ حياته اليوميّة..
انقضى الفيلم ونحنُ نُصفّقُ كالأطفالِ بفَرحةِ الانْتصار.. وكفُّكَ تحمِلُني إلى خارجِ أفواجِ المُتوجّهينَ نحوَ المَخرج.. أمامَ ذلكَ الحاجِز الزّجاجيّ خارجَ نطاقِ السينما.. انطلقْنا إلى البعيد البعيد..
البعيدُ الذي دائِمًا نغورُ من خلالِهِ إلينا.. وقفتْ سيارتُنا أمامَ ذلكَ المبْنى الأبيض القديم، ونافورةُ الكورنيش التي تَرسِمُ بذراتِ مياهِها مبْنى (دار الأوبرا الاسترالية)، لم نُعرْ العالم أيَّ حضور، فقطْ كانَتْ حركةُ الهواء المتجددةُ هناك هي جوازَ سفرنا، كنتُ بحاجةٍ للبَوحِ العميق.. والبُكاءِ العميق، ولأنّك صاحِبُ الحُب العظيم، تركتَني أبكي في حُضنِكَ حتّى انْتهى وقتُ البُكاء، وتجلّتْ لحظةُ التّفهّم والنقاشِ حولَ كلّ ما دارَ بينَنا من حديثٍ واعترافات، لمْ أكنْ مُضطرّةٌ لذلكَ البوح لولا أنّ حُبّي كانَ يدُلّني على طريقِ البحثِ عنّي فيك.. حالةُ التّشبّثِ الزّلزاليةِ التي أنا عليها، ألهمَتْني بالتّحدثٍ إليكَ عبرَ منافِذِ الماضي الذي رحلَ ولنْ يعودَ إليّ، هي فقطْ مَمرّاتٌ حتْميّةٌ أوصلتْني إلى كونِكَ ، مساربُ انصرفتُ داخِلَها بحكمِ الأيّامِ لأصِلَ إليْكَ، تجاربُ صقلتْ (غبائي) وحمقَ تجاربي لأكونَكَ في كلِّ تجليّاتِ صدْقي وأمانَتي معَك.. أحُبّكَ وأؤمِنُ بكَ في كلِّ شيء، أؤمنُ بي مَعك، ولا شيءَ سوانا، لم أكنْ إلا طفْلةً مذْعورَةً توزّعُ إلْهامَها على منْ حولِها حتّى لم تَكدْ تعلمُ أهي.. هِي؟.. أم أنّها لم تكنْ بعْد، حتّى وجَدْتُ عينيكَ المُبحِرتينِ في برونْزيّتِها العظيمة، اكتشفتُـني من خِلاك، واكتشفتُ فيكَ نورسًا عظيمًا لا يبحثُ عنْ وطنٍ بقدَرِ ما يبْحثُ عن سَمكةٍ يعشقُها ويخلِصُ لها الإخلاصَ الأبدي، ولا يخذِلْهُ حِيالَها أي مُستحيل، حتّى وإنْ عاشَتْ تحتَ الماءِ وحلّقَ حولَها، المُهم أنّه الأزَلِيّ الأبديّ الذي حطّمَ قيودَ الماءِ والهواء، ووصلَ إلى فؤادِ هذه المُرتعِشَةِ تحتَ أعماقِ المياهِ الضّحلةِ..
هناكَ يا صديقي الأزليّ تقشّرتُ عن كل شيءٍ حتّى عن خوفي من الخوف، فقطْ كل ما فكَرتُ فيه هو التشبثُّ بكَ حتى آخر قطرةٍ في الروح، وكنتَ وأنتَ تمسِكُ بيدي وتحضُنُ بُؤسي.. تملأُني منْكَ حدّ الانبجاس..
أنتَ تعلمُ أنّ لحظةَ التَيْم بكَ هي من جعلتْني كذلكَ بين يديك.. لذا أنْتَ تُقسمُ دائِمًا أنّكَ لنْ تَخذِلني، وأنا أعلم أنّك لمْ تكنْ لتَخذُلَني يومًا.. لأنّكَ الرّجلَ المُجرّدَ الوحيدَ الذي تهجّيْتُ على أحضانِهِ معاني الرّجولةِ الحقيقية بعدما خِلتُها ضربًا من الخيال بينَ وجوهنا..
سأغْفو أحْضُنُ سعادتي بك.. وظَفَري بك.. وسأردّدُ دائِمًا كما هَمَستُ بها في أذُنِكَ
"

لي جناح ولك جناح = ولا نطير الا سوى

اسقني عذب القراح = لي زمان اشرب هوا


.
..
...
....


زينب......



"

زينب عامر
04-20-2009, 12:48 PM
....
...
..
.


فندق شنغريلا على ضفة بين الجسرين.. قراءةُ الكفّ ..التحليقُ في عالم الوئام.. شغبُ (الأولاد) الشرابُ وعصيرُ البرتقالِ ..التّركِشْ كوفي ..شيشةُ النّعناعِ ..مياهُ المسبَحِ النقية المنصتة إلينا، فوانيسُ الماء الغائرةُ تُضيءُ مساءَنا بأعذبِ نسائِمِ الهواءِ المُتزحلقَةِ بينَ خصلات شعورنا.. الله ما أجملَ هذا المكانَ الحالم.. شواطئُ أبوظبي دائمًا تثيرُ فيّ بحيْرَةَ الهدوءِ التي لا تَتَجرأُ حصاةٌ واحدةٌ لإفسادِ خُلوتِها.. كُنّا هناكَ أجملَ ثلاثةٍ التقينا.. بحثْنا في تفاصيلِ الطاّقةِ واستِقراءِ المُستقبلِ.. واستقراءِ الماضي المتَجدّد ، أو الباعِثِ إلى النّضوجِ الوقتي..
التقيْنا ثلاثةَ أحبّةِ.. عيونُنا مليئَةٌ بدخان السلام!، ودُخانُ السجائِرِ أثرى الحديثَ مع صوتِ نعناعٍ يُنكّهُ الجو الخيالي.. فِعلاً هذا المكان حالم، لا يحتاجُ لمسكرات أبدًا، فكلُّ ما فيهِ مُسكِر حدَّ النشوة.. نَشوةُ التجلّي التي نَصلُ فيها إلى أعماقِنا الغائرةِ وسطَ زحامِ الوقتِ والأهلِ والعاداتِ والأعرافِ والخُزعْبَلاتِ المُجتمعيّةِ الكثيرة.. مليئةٌ أفكارُنا بكلِّ شيءٍ حتىّ تكادُ لا تصلُ إلى أي شيء، طموحاتُنا عالية، محاولاتُنا في اجتِثاثِ أنفسِنا من أنفسِنا لغَرسِها في تربةٍ نظيفةٍ وبيئَةٍ نخْتارُها..
يجبُ أن نُخلِصَ لأمانينا كي نجدَها يا رِفاق.. لذا أنا أبْحثُ عنْ وطَنٍ لا أرضَ فيهِ ولا سماء، وطني شخصٌ أسكنُهُ ويسكنني، ولو تشرّدْنا في كل بقاعِ الكونِ نكونُ في وطنٍ لا يتغير، جميلونَ كُنا في كل شيء، حتى محاولاتِ الشّغَبِ المُدويّة، كانتْ تُخمَدُ برشَّةِ ماءٍ على الوجهِ وفَرقعَةِ ضحكٍ حميييييييييييييييم جدا، ما أدفأَ تلكَ السّاعات، التي كانتْ تقطَعُها مسجاتُ التلفونات ومكالماتُ المنزلِ.. وصوتُ النّادِل ..

- بدّلْ لي الفحم لو سمحت..
- تركش كوفي لو سمحت سكر خفيف..
- انا ابا أشرب ( رد واين) ..
- يلا خل عنك الحركات هذي......!
- أنا عندك وتقول رد واين؟ هذي اهانه ^_^
- يلا خلاص عصير برتقال.. انا عندي برتقالتين وأشرب برتقال؟ ما عندي سالفة
- هاااهاهاهاهاهاا.. خل عنك الخرابيط يلا عاد *_^


ومضَتْ تمرُّ الدّقائِقُ وصوتُ العرّافاتِ يمْلأُ الجَو، محاولةُ اقتباسِ الغيبِ وعدَمِ الإيمانِ به، وأرقامُ الحظِّ المُخفقةِ في كثيرٍ منَ الأحيان.. ومقولةُ ( كذب المنجمون ولو صدقوا) ! طيّب كيفْ كذَبوا وهم صدَقوا.. أنا أؤمن بما أقولُ فقط، وإن لم أكنْ مُنجَماً حقيقيًا، ولكنّي أستقْرِئُ الشخص أمامي.. قراءةُ فنجانِ التّركش كوفي الذي لا يَظهرُ فيه سِوى خُطوطِ بقايا السّكرِ والبُن، وخُرافاتٌ وترهات كثيرة.. عبثيّةُ المساءِ كانتْ رائعة، خرجْنا منها برضًى وفرحَةٍ عميقة، وإحساسٍ بتغييرِ الجو وتغييرِ النفسية و(رفرش) كانتْ أضواءُ مدينةُ أبوظبي في أقصى بُعدِها عنّا لولا تلكَ الهالاتِ الخافتةِ المطلةِ من خلفِ سرابِ البَحرِ تصلُنا عبرَ لمحَةٍ بعيدةٍ كأنّها نافذَةٌ من خارج الزمانِ على هذا العالم.. ومسجدُ الشيخ زايد رحمه الله، كأنّهُ ماردٌ عظيمٌ يحرِسُ البِحارَ ويَنْقُل إلينا حفْظَهُ وصونَهُ بمناراتِهِ العِملاقَةِ وقُبَبِهِ الضّخمَةِ المُتعالِيَةِ على سماءِ ذلك الماءِ الهادئ...

عند باب اللّوبي .. بطاقاتُ السّيارات في أيدينا.. من يسبق من؟،

- انتِ ما تعرفين أصلا من هذي من بالنسبة لي..!
- ..... ( نظرة فضول وبحث عن الكلمات)
- هذي إنسانة مقدسة بالنسبة لي حتى التراب اللي تمشى عليه تراب مقدس
- يااااااااااااااااااااااااااااي – استحيييييييييييت
- نشوفكم على خير.. شكرا شكرا على الوقت الحلو، استمتعنا وايد عسا ما نخلا بيوم يارب..


لوّحَتْ الأيادي.. تأصّلتْ الصّداقة.. تمدّدَتْ السماء في صُدورِنا.. نامَ المساءُ.. واستيْقَظ الحبُّ ليرعانا...

.
..
...
....


زينب......

زينب عامر
04-23-2009, 02:44 PM
....
...
..
.

مذكرات يومية تُرسّخ ذاكرةَ الماءِ بينَ أرواحنا، لم أعتَدْ كتابَتي في كلِّ يوم، مَضتْ منّي عشراتُ الأعوامِ دونَ أنْ أشعُرَ بأهمّيتِها، أو حتّى أهمية أيَّ يومٍ مُميّز، وحينَ أشرقْتَ على حياتي، أصبحتْ كلَّ أيامي مميزة، ترْتَصُّ جميعها واحدةً تلوَ الأخرى بأحداثِها، وما يَزيدني احتفاءً بمذكراتي، عيناكَ اللّتانِ تبحثانِ عنْها في كلِّ مرّةٍ تزورُ خُلوتي.. أنت هنا دائِمًا.. أعلمُ ذلك، ويزيدني فرحًا أنّكَ هُنا.. في مُربّعاتيَ الخضراء.. خضراءُ بك، وبوجودِك، يا أرقَى صُدفَةً صَدَمَتْ حياتي بِنَفحاتِ الرّذاذ.. لم تكنْ صحرائِي مُجرّدَ رمالٍ ناشفة.. بل هي مهبطٌ شاسعٌ لكلِّ ألَمٍ ومحطةٌ لكلِّ حزنٍ مُغتَربٍ في أعصابِ الروح.. لم تكنْ فُجاءَتُك الأولى سوى دهشةٌ عظيمةٌ افتَقدتُها في مساراتِ حياتي كلّها، حتّى فقدتُ طعمَ الحياة، نحنُ دائِمًا نبحثُ عمّا يُدهِشُنا لنشعرَ بلذّةِ العيشِ، وقبلَكَ لم تكنْ لي دهشةٌ أحياها غيرَ ما يستَجِدُّ فيّ كلِ يومٍ من الألوانِ الباهِتَةِ والطّيورِ الجائِعَةِ والفئرانِ المُتطفّلةِ على شُقوقِ روحي.. أقسمُ أنّكَ الرّذاذُ الذي طالَما حلَقْتُ معَهُ في أحلامي.. حتّى غدوتَ سحابةً ملائِكيّة مَنحوتَةً بعنايةٍ ربّانية تمنَحُني العَطاءَ بكلّ أشكالِهِ.. حتّى هذا اليوم.. أشعرُ أنّني لمْ أمْنَحْكَ أيّ شيءٍ غيرَ روحي، أريدُ أنْ أصنَعَ من الهواءِ بحرًا تتقزم أمامه قفزاتنا وإرهاصاتنا، وأكونُ المرسى الحقيقيَ الذي تجدُ فيهِ دفئَكَ وراحتك.. أبحثُ عن أكبرِ معاني العطاءِ لأمنحَكَ إياها، هاتِ وجهَكَ.. هذا الصّدر له معبد، اترُكْ دموعَكَ تُصلّي فيه وتبتهل حتّى تُشجِرَ مَمراتُ الرّوح الموحشة.. صدّقني حتى هذا اليوم أشعرُ أنّني لم أعطكَ ذرّةً مِمّا أعطيْتَني.. يكفي احتِواؤُكَ لبُكائي في كل مَرّةٍ أنْهالُ عليكَ به، بعدَما افْتقدتُ خُصلَةَ البُكاءِ لسَنواتٍ طويلة، بَدى غزيرًا حينَ وجَدتُك.. حُلُمي العظيمُ بكَ تحقق، وصرتَ أنتَ الذي امْتَزَجَ بمساماتِ روحي حَدَّ الالْتِحام، التوحُّدُ الذي طالما افتقدتُه في حياتي، حتّى منْ أقربِ أقربائي، إخوَتي وعشيرتِي الغَبراء.. كلُّهم كانوا مَرصَدًا لهَفواتي وتَقهْقُراتي الكثيرة، إلا أنتَ حينَ انبعثتَ إليَّ بينَ أروقَةِ ذلِكَ المَعرض، ولازمْتَ شَغَبي و(دِفاشتي) في كلِّ تَصرُّفاتي، كنتَ تسْتَقرِئُ ما وَراءَ كلِّ ذلكَ ممّا يَخفَى على الجميع، أو بالأحْرى ممّا أُخفيهِ عنِ العالمين، أنا صاحِبةُ الشّعار المجيد.. ( لا أمنح حقيقتي إلا لرجل واحد) فكنتَ أنتَ هذا الرّجُلَ المجيد.. مارستُ حياتي مثلَ عابِرَ سبيلٍ لا يَهِمُّهُ رأي النّاسِ فيه، لأنّهُ يعبُرُ السّبُلََ ليَصِلَ إلى وَطَنٍ لا تُمثّلُهُ أرضٌ ولا سماءٌ ولا كوكبٌ ولا حدودٌ سياسيةٌ ولا امريكا ولا أفريقيا.. أنا فقطْ أبحثُ عنْ وطَنٍ بشَري يستوعبُ كلَّ عقَدي وتفاصيلي البسيطة حدَّ التعجيز، صدّقني أنّني أبسطُ من خيالِ السهولة نفسها، وأعقدُ من عقدِ النّفّاثاتِ في العقد.. أنا تلكَ العاشقةُ لكلِّ ألوانِ الحياة حتّى الرمادي، لأنهُ حين يتَنسّقُ مع الأحمرِ أو الزّهري أو الأصفرِ، يصبحُ رونقًا جديدًا تمامًا، كنتُ أنظُرُ للحياةِ ببُهْت.. بالرُّغم من ابتسامَتي التي لا تُفارِقُ عيني، ويدي اللتان تمتَدُّ لكلِّ من يحتاجُها، ولكِنّي أعيشُ في أدغالِ روحي وحيدةً أقطَعُ أشجارَها وأحْطُبُ وِحدَتي ولا أجِدُ ما أشْعلُ به الفرحَ..
"
تعال اجمع حطب حزني على ظهر الفرح
وصب القهوة في اضلوعي
ودوزن لحظة ارجوعي
ترى والله نسيت بغربتي صوت الفناجيل
ونسى وقتي يشب الضوْ.. فـ صْخورِ الوله
وإذا لاحت بشاير طلتي
صحّـِ القناديل
وابرق لي قدح..
**
تعال ودندن دموعي
أبتوضى خشوعي
وافتح المنفى.. وارد لغربتي
واحرق بسيجار الوجع نخوة دلال الهيل
واليامال..
ولا بقي غير السؤال
دهشة فناجيل ..
وقدح ..
يوم انحطب ظهري صبرْ
وما شب الفرح
بكيَت مناديل وعبر
وطار أبعد من جناحه
طار به :
نورس جمحْ........

أنت يا صديقي صاحبُ المليونِ معجزة، التزامُكَ في جناحي في ذلكَ المَعرِض أثارَ شوْقي إليكَ ولكنّي كنتُ أكبُتُه وأقابلُكَ (بدفاشتي) المعتادة، حتىّ التحَمَتْ أقدارُنا ، تلكَ الأقدار التي لم يبْعثْها الله ولا الشيطان، تلكَ الأقدارُ التّي اتَفقنا عليها سويا، حينَ لمسْتَ يديّ عندَ أولِ نافُورةِ لقاء، وأقسمُ أنني لمْ أكُنْ لحظتَها على سطْحِ الأرض، أنا تجَرّدْتُ تمامًا من عالَمِ المَخلوقاتِ المرئيّة، إلى تلكَ الجنّةِ التّي خصفْنا فيها جُروحَنا بوَرَقٍ من رَذاذ، كنتُ أداويكَ وتُداويني، أحتويكَ وتَحتويني، أثرْتَ فيّ رعْشَةَ الانْفِصام.. وانسخلتُ من نَفسي آلافَ المَراتِ وأنا أُحدّقُ فيكَ عبرَ إغْماضَةِ عيْني، أيُعقَلُ أن يُولدَ قلبي على يديْه؟، ها أنا أتمخّضُ مخاضًا عنيفًا، أبْتلِعُ الحُزْنَ وأتَجرّعُ نواقصَ الدُّنيا وأثيرُ حوليَ عاصفَةً من حضور.. كتِلكَ الجنيّةُ العذراءُ ذات الجبروتِ والسلطة، حينَ تلتَقي نديمِ قلبها.. تنسَلُّ من بينِ فستانِها أرقَّ مخلوقةٍ من بينِ العوالِمِ كلّها.. كنتُ أبحَثُ عنْكَ بحثًا مُضنِيًا.. حتّى تجليّتَ في صُدفَةٍ اخْتَلقْناها سويّا.. باندِفاعِكَ ورِضايْ.. أمسَكْنا الهواءِ وطرْنااااااا.. ولمْ نجدْ في السّماءِ سماءً تحدُّنا.. فانبعثنا كآخرِ سلالةٍ للأنبياء...


....
...
..
.



زينب........

زينب عامر
04-23-2009, 09:53 PM
....
...
..
.

هذا اللي شايف نفسه - أحلام (http://song7.6arab.com/a7lam_Hatha-Elly.ram)

الهواءُ مفعمٌ بغناءِ البحر.. ها نحنُ نتفقُ مع مكتبِ جزيرةِ الفطيسي لحجزِ (شاليه) وطرادٍ خاصٍّ بنا، في صباحٍ مليءٍ بزخرفاتِ العصافيرِ والنخيلِ والرمالِ المبلولةِ عندَ المرسى.. وأنتَ تنتظرُنا هُناكَ عندَ مرسى الدّراجاتِ المائيّةِ لتلحقَ بِنا إلى الجزيرة.. انْتَهينا أنا ونجْلاء من ترتيبِ الأمور.. تلكَ البيضاء المليئة بعصافيرِ السلام.. صوتُها رذاذُ الروح وقلبها ملاذ البوح.. صوتُ الموجِ يهدرُ أنفاسَنا بالفرحَةِ والعُنفوان.. على هديرِ الموجِ أبحرنا وأشواقُنا للطّيشِ تسابَقنا وثمّةَ فتياتٌ يلاحقْـنَـك مشاكسةً وتحدى.. وصلْنا وأنتَ تتبعُنا بدرّاجَتِكَ البيضاء ذات الخط الأحمر.. ها هو (الشّاليه 110) ، نظيفٌ ومُرتبٌ اسْتقبَـلَنا بحفاوةِ (الفطيسي) المعتادة.. بدونُ خُطّةٍ وصَلنا ، لا نَعرِفُ هنُالكَ إلا أنّهُ يومٌ للاستِجمام ونسيانِ المَدينةِ بكلِّ مُلحقاتِها..
" هذا اللي شايف نفسه
ماشي ولا معبرني
يتلفّت هنا وهنا
ولا كنّه شايفني
والله لا أوريكم فيه
والله لا أنا لا وريه
مو هوُّا لعب وياي
خلوه يتحملني.. "
صدحَتْ (أحلام) من سماعاتِ ذلكَ اللاب توب.. وأغاني الصّخَبِ الأخرى.. في استعدادٍ ليومٍ بَحري دافِئ ورقيق.. الصباحُ كلُّه يُغنّي بِنا.. وملابِسُ السّباحَةِ تستَعِدُّ للغوصِ بِنا في أعماقِ البَحر.. شغبٌ جميلٌ بدرّاجَتِنا المائِيّةِ يصحَبُنا بضحكاتٍ وقهقهاتٍ صاخِبة.. (درامات) الشاطئ الحمراءِ تُشيرُ إلى عدَمِ التوغل أكثرَ في الماء، ونحنُ ألقيْنا أنفُسَنا منْ فوقِ الدّراجة في تلكَ المياهِ العميقة خارجَ الخَطّ المسموح به.. السّباحةُ رائعة، والشمسُ تُدفِئُ الرأْسَ ، والمياهُ باردة..
ها أنْتَ تغيبُ عن أنظارِنا عائِدًا إلى مرسى (مارينا البطين) في أبوظبي خلف ( الخالدية بَلَس)، الدّراجةُ بحاجةٍ للوَقود .. يجب أنْ أصِلَ قبل أن ينفد..
ونحنُ بقينا في رحلَةٍ سباحية مُتمايِلَةٍ مع أمواجِ البحر الهادئة.. الشاطئُ بعيد، وعلينا أن نُبحِرَ بشكلٍ معاكِسٍ للأمواجِ كي لا تطولَ المسافة..
- بنصير سود
- عادي أهم شي نستانس
- نسينا (السن بلوك)
- انا ابا اصير سمرا شوي البياض يخليني مصرية
- مصرية احسن من افريقية
- على قولتج..
وصلنا مُنهكَـتيْنِ.. ألقينا أنفاسَنا على تلكَ الكراسي الطويلةِ البيضاءِ تحتَ المظلات، ولكنّ الهواءَ الباردَ على الملابس المبلولةِ أمرني أنْ أجُرّ الكُرسِيّ خارجَ المِظلة كي أستشعرَ دفءَ الشمس.. ها نحنُ نَغفو.. وصوتُ الغُرابِ المزعجِ يُحوّم حولنا.. نقوم نغازل أشعة الظهيرة.. نغني ...
( تعال وما بقى بي يوم
في بعدك يصبرني
أخاف أموت من شوقي
وانت مطوّل غيابك
تعال وكل شي صار
في بعدك يذكرني
دروبك ضحكتك طاريك وريح العطر بثيابك..)
الشمسُ مليئةٌ بضوئِنا.. والسماءُ صافية.. وأنتَ تأخّرتَ كثيرًا.. مفاتيحُ الشاليه نسيناها معك.. في حافِظةِ الدراجة، وليسَ في أيدينا أيَّ شيء، (الموبايلات / والنقود/ والملابس كلُّها داخلَ هذه الغرفة) .. أخذْنا في المَشي مع مساراتِ الهواءِ العَليل.. وصوتُ ماكينةٍ من بعيد يقترِبْ..
- هاتْ مفتاح الشاليه
- هات ثوبي من عندك في السدّة..

دخلنا سويًّا.. الجوعُ كاسِحْ.. والعَطَشُ مُرهق.. كانت الفطائر باردة وناشفة بعض الشيء..
- الشحاتين ما عندهم حتى ما يكرويف هني
- حبيبتي كلي بس لا تتنقّدين
تزوَّدنا بما استطعْناهُ من المأكولاتِ الخَفيفة (الشيبسات والشوكولاته والعصائر والبيبسي...) وبَرقَتْ فكرةُ (السياكل)
- قوموا بنستأجر سياكل يلاّ
وصَلْنا إلى مكتبِ الإدارةِ في الجزيرة.. اختَرْنا الدّارجاتِ الجديدة.. طوّفْنا الأماكِنَ بالتّجوالِ والتّسابق والتّعليقاتِ الضاحكة ( الطفسة).. هناكَ عندَ مهبَطِ (الهيلوكبتر) وقَفْنا نَستَشرِفُ جزيرةَ أبوظبي من بعيد.. وزُرقَةَ المِياهِ المُتفاوتةِ في عَرْضِ البحر.. تُثيرُ النظر إليها..
- تعرفين إن اختلاف زرقة البحر بشو يذكّر حبيبي؟
- بشو يذكّر فديتك؟
- يذكّر باختلاف طبائع الإنسان .. من فرح إلى حزن إلى غضب إلى برود إلى تهوّر إلى تعقّل.. والبحر مثلنا .. متلوّن حسب المكان والوقت والمساحة الممنوحة له..
- صدقتْ يا قلبي.. قايم تطلّع حكم ما شاء الله؟
- ههههههههههههه
حثّـتْنا الخُطى للعَودةِ إلى الشاليه، كانَتْ نجلاء تَحمِلُ شجنًا في خاطِرِها.. الأغاني الرومانسية الصادِحَةُ من اللاب توب تثيرُ الشجن.. طفَرتْ مِنها دمعة.. فكنتَ مُمسِكًا بيديْها، وتحتَضِنُ بؤسَها.. تُواسيها وتمسحُ على شَعْرِها الغجريّ الأسود، وهيَ في اسْتِرسالِ الشّجنِ تُحاوُلُ الهروبَ منْ كلِّ شيءٍ في هذا اليوم.. شعَرتُ أنا باخْتناق.. تزاحمت أدخنة السجائر في صدري والنوافذ موصدة.. حتى هُنا تُطارِدُني مكالماتُ المَنزلِ ومشاكِلِ الأُسرةِ اللامُتناهية.. خرَجتُ إلى الشاطئ، أبعثُ حُزني وما أصابَني لعلّهُ يفْقَهُ شيئًا،، خُطواتِكَ التي جاوَرَتْني أشعَرتْني بصدقِ الاستِحياءِ من فعلِ ما لا يروق من نُحب.. يداك تطوّقني، وعيناك تبحثانِ عن عينيّ وأنا أهرب بهما بعيدًا نحو الجزائر المتبعثرة في عرض البحر...
- طالعيني انزين
- .....
- ليش تصيحين؟
- ما أصيح
- الويه أحمر والخشم غادي طماط وما تصيحين؟
- مافيني الا العافية..
- انزين قولي مب انت وعدتيني تصارحيني ؟
- وعدتك اصارحك.. وانت فاهمني عدل
- انا فاهمنج والله.. ومافي في عيني من الدنيا كلها غيرج.. وعشان جيه تعالي حبيبي داخل الشمس بتجتلنا..
بلْ سأعودُ إلى أعماقِكَ بعدما انْسلَّ جَسَدي من شِلّتِنا الثُّلاثِيّةِ لحظتها.. كنتُ أفكّر في جاذِبيّةِ صديقَتي التّي تفوقُني بمرات ومرات.. وكيفَ يمكن أنْ ينْسَلّ حُبي منكَ إليها.. قرّرتُ أنْ أُصارِحَكَ بهواجسي.. وأن أتْركَ لكَ حُريّةَ الاختيار.. ولكنّ صوتَكَ حينَ طمأنَني قبلَ أنْ أنْطِق، أنّني وحدي حياتك التي لا تَرى بَعْدي شيئًا.. آثرتُ الصّمتَ، وابتلاعَ أفكاري الهجينة.. عُدْنا سويًّّا.. ركِبْنا درّاجاتِنا لنُعيدَها إلى مكتبِ الإدارة.. خُطواتُنا العائدةُ إلى الشاليه مليئةٌ بالفَرَحِ والرّضا عنْ هذا اليومِ الصّاخِبِ .. والتّعليقاتُ تملأُ الضّحكَ بِنا.. حزمْنا حاجِياتِنا.. طلبْنا سيارةَ الجَزيرة لتوصلنا إلى المَرسى وتَحملَ أغراضِنا.. بقيتَ أنتَ بجانِبِ درّاجَتِك البيْضاءِ في مُحاولَةِ دفْعِها إلى المياهِ الضّحلة.. تَراجَعَ البحرُ في قرارٍ سريعٍ ليَتْرُكَ درّاجتَكَ على بُعد 40 مترا تقريباً على الرمال !!.. لم نَشعرْ بكَ لحظتَها لأنَّ الطرادَ أخذَنا على ظَهرهِ نحوَ أبوظبي.. بقيتَ أنْتَ وحيدًا تدفَعُ الدّراجَةَ ذاتَ الثلاثِمئة كيلوجرام لوحدك... استقبلتْنا مراسي أبوظَبي بِحفاوَتِها، كلُّ مِنّا اسْتَـقلّتْ سيارتَها.. وأنتَ وصلتَ للتّوِ على ظَهْرِ درّاجَتِكَ في ساحةِ اللّعبِ بالدّراجاتِ أمامَ مراسي مارينا البِطين وقصر الإمارات.. تهوّرك العارم حداك بالنزول عن (الجت سكي) حافيَ القدمين.. وهناك التهمت قدميك سلَة أشواكٍ حاقدة.. تشبّثتْ إبرها في قاع قدميك لتحرمَك لذة المشي المتوازن..

- حبيبي دست على كومة شوك..
- سلامات فديتك تعال بنروح عيادة
- لا حبيبي عندج ابرة خياطة ؟
- ابرة !؟
- ايوا..
- لا ما عندي بس بمر على الدكان..
- جيبي لي ابرة.. ومالبورو أحمر عيل

عدتُ إليكَ وحملنا ذلك الطرّاد إلى حيثُ كُنـا.. قضيتَ الليل وأنتَ ( تنْـقف) الأشواكَ منْ قدمِكَ حتّى غدَتْ القُروحُ داميةً طريّة.. كانَتْ ليلة مرهَقة تتقلّبُ على أهدابِنا بين الصّحوةِ والغَفوةِ والشخيرِ المتقطّعِ وأضغاثِ الأحلامِ المزعجة.. وملامحُ الملحِ احمرّت على وجوهنا لتغدو بعدَ ذلكَ سُمرةً خفيفةً كعلامات ( البرونزاج)..



.
..
...
....

زينب .....

زينب عامر
04-24-2009, 09:07 PM
....
...
..
.


لمْ يكُنْ صباحًا مكتملَ الحيوية.. الجيرانُ نائمون وأنت، كنتُ بحاجة لاستنشاق هواء طازج، ها أنا أنفلتُ من ذلكَ الباب الزجاجي، ورائحةُ الجزيرة تملأُ صدري.. الفطيسي.. جزيرةُ الاستجمام الرائعة أيام منتصف الأسبوع حيث لا سُيّاح ولا زوّار من المدينة.. قصرُ الإمارات يلوّح من بعييييييد.. والعمائرُ تراصّتْ في عشوائيةٍ غيرِ معقولة... أمامي أشعةُ الشمس توقِظُ البحرَ من سُباتِهِ العميق.. طائرُ (مالك الحزين) يَشْدو ويشدو على أوتارِ قلبي.. أشجارُ جوزِ الهند تُمشّطُ خُصْلاتِها بالهواء الصّباحي الرائع.. برودةُ الجو منعشة.. وأبخِرةُ الشاي بينَ يديّ تُعزّزُ النّقاء.. سيجارةُ الصّباحِ امتَلأتْ بمعاني الإشراق.. نعناعُها مُنعِشْ.. وصوتُ الموجِ في هذه الجزيرةِ يكادُ يُوَشْوِشُ لي بحبّي له !.. المياهُ منحسرةٌ بعيدًا عن شاطئ الجزيرة.. هناكَ عندَ (الدرامات الحمراء) الطافيةِ على وجهِ البحر.. تَعني إشاراتُ عدمِ التّوغّلِ أكثر في الماء.. الشمسُ حنونةٌ هذا الصباح.. تملأُ العينينَ رضًا بكلِّ شيء.. ها هو الشّغَبُ يمُدُّ يديَّ إلى قرية تلكَ النّملاتِ الصغار.. وضَعْتُ آخِرَ صُلبِ السجائِرِ المُشتَعِلِ بجانِبِهِن.. ليَبْتَعِدنَ فجأةً عنْ مساحَةِ الدّخان، ويتراكَضْنَ لتُبلِغَ الواحدةُ الأخرى.. وحينَ اقتربتْ تلكَ النّملةُ الفَضولِيّةُ منْ الدُّخانِ اختنقت.. وذهبَتْ تتأرْجَحُ بعيدًا وكأنَّها تسعِلُ وتستفْرِغُ.. ياااااااااه، لماذا أنا شريرة هذا الصباح؟! (والله مشكلة الدباديب لما يحبون يستكشفون شي)
عدتُ إلى كُرسيَّ الأبيض المطل على صفحة البحر.. حضنٌ يحتويني من الخَلف.. ها أنتَ أتيتَ ليُصبِحَ الكونُ الآن مُمتلئٌ بِنا..

- صباحْ الخير حبي
- صباح الورد ..الجو حلو صح؟
- شوي برد
- عشان توك طالع من عند المكيف..
- يمكن..

أخذتْنا غفلةُ الحبِّ بتَجوالٍ خفيفٍ وناعِمٍ على أرْوِقَةِ هذه الجزيرة، الشاليهات كُلُّها راقِدَةٌ في سُباتِ أولِّ الصّبح.. ونحنُ اثنانِ نُحَلّل ونخطط ونضحك.. بكسَلِ الصّباح الباكر.. الله..... نشوةُ السعادةِ تغمُرُني.. وثمَّةَ رغْبةٌ خفيَّةٌ بالدّموع تجتاحني..
غرفَتُنا مظلمة.. وذبابُ البحرِ الأخضَرِ (أذّانا)، ذلكَ الضوءُ الأزرق الخافِتُ المُعلقُ في سقفِ الشاليه.. يصيدُ الذّباب و(يفرقِعُهن) واحدةً تلو الأخرى.. كان الشجنُ قدْ خيّمَ على صدري.. وأنتَ مرهقٌ من بارحَةٍ مليئةٍ بالشّغَبِ واللّعِب.. ولستُ أدري لمَ أهرُبُ بعينيّ من عينيكَ كي لا تكشِفَ شجَني.. أنتَ تفهمُني أكيد.. ولكنّي أقدّرُ إرهاقَكَ في هذا اليوم.. لا أطلبُ منكَ غيرَ ما يسُدُّ شجَني فقَطْ.. حُضْنُكَ يَفي بالغَرَض.. وأنا على استحياءٍ من نفسي.. لا أحاولُ تفجيرَ كلَّ صراحتي.. ثمةَ ما يدعوني للبُكاء.. لأنّني أعلمُ أنني لستُ كما تَتَمنّى أنت، لستُ الفاتِنَةَ التي تأْسِرُ لُبّك.. ولا تلكَ الجذّابَةُ البارعة.. كلُّ ما في الأمر أنّني أنثى أقلُّ من عادية، وجدتْ وطنَها وتشبّثتْ به حتّى الموت.. وكلُّ ما يميّزها عن غيرها، أنّها بلادٌ شاسِعَةٌ من الحُبّ والوِئامِ والحنان والانسجام.. أستطيعُ أنْ أمنَحَكَ الحُرِيّةَ حتى تُصبِحَ غيمة.. وهذا ما لا تستَطيعُهُ عشائِرٌ منَ النّساء.. أما ما تبَقّى مني.. أقلُّ بكثيرٍ ممّا لدى الكثيرات.. عزائي أنّني أسعى للتّغييرِ من أجْلِك.. لأكون أجمل سيدات العالم.. والتّغييرُ يبدَأُ بالصّدق.. وقلبي لمْ يعرِفْ غيرَهُ معَكْ..
أزَفَتْ لحظةُ العودَة إلى المدينة.. الغرفَةُ تتَنفّسُ دخانَ السجائِرِ معنا، وأنا ألمْلِمُ ما تَبقّى من حاجِياتِنا.. الهاتف يرن..

- Arbab.. Boat is here

ها هو مشرفُ الجَزيرةِ يدعونا للرّحيل.. لجاهِزِيّةِ الزوْرَقِ (الطراد) الذي سيَقِلُّنا.. الفرحَةُ مُنسَرِحَةٌ في قلبيْنا، والرّضا عن رحلَتِنا كانَ كبيرًا..عشرةُ دقائق تَفصِلُنا عنِ الجَزيرةِ الأُم (أبوظبي) ولكنْ مازالتْ ملامِحُ التّعَبِ و(السُّمرة) التي خَلّفَها البحرُ وملوحتُه ظاهِرةً على وجوهِنا.. المكينة تَمخُرُ عُبابَ البَحرِ الساكِنِ تحتَ نسائمَ رفيفة.. ومرسى (قوس قُزح) استَقبَلَنا بعد استِجمامِ يومٍ ونصف هي أجملُ ساعاتٍ عشتُها....

.
..
...
....


زينب....

زينب عامر
04-27-2009, 11:41 AM
....
...
..
.

أتتْ أسئِلتي مجروحةٌ بغيابِكْ.. وكانت (هل) كلمة تمتهِنُ معي لُعبَةَ الوجع ولستَ أنت !.. ارجِع لتلكَ الرسالة النصية وستدركُ الآن حقيقةَ ارتعاش الحروف بين أصابعي.. استيقظتْ (هل) بعدَ غفوةٍ عصريةٍ أردتُ بها الاسترخاء.. توقظّتْ معها هواجسي بالرغم من ارتياحي في تلك الغفوة...
ربّما لم تستوعِب شاشة الهاتف أشجاني، أحبكَ.. كأن لم أخلق إلا لك..
وجدتكَ ولستُ مستعدةً لان ألعَبَ لُعبةَ (الغُمّيضة) مع الوقت.. ولستُ مستعدةً للتنازل عنكَ مهما بلغَ الثمن من عمري..
أنا حقًّا لا أساوِمُ على سعادتك وأسعى لأن أكونَها بكامل حبي وصدقي وإخلاصي.. ولو وجدتَها يومًا عند غيري.. سأفردُ لكَ مساحاتِ الحُرية.. لأنك تستحقُ السعادة.. لذا أنا محظوظةٌ بإسعادك والتحليق معك حيثما حللت..

أعلم أنني جرحتُكَ بسيلٍ من الأسئلة الغريبة والتوجّس المُريب، بعدَ مكالمة دافئةٍ دفّاقةٍ تخلخلتْ في روحي تلك اللحظة بعد إغفاءةٍ عصرية اليوم.. ولكنني لا أدري لِـمَ !.. فهناك أشياء كثيرة تبدر منّا دون تبرير أو سبب واضح.. تماماً مثل الحب الذي لا نستطيع تبريرَ وقوعه في قلوبنا.. ربّما لأنَكَ لم تقلْ لي منذُ وقت ليس بالقصير ( اشتقت لج).. أو ربّما لأني أشتاقكَ كثيرًا ولا أستطيع كبْتَ كلماتي المنبعثةِ في حرارة أنفاس الهاتف..
عزائي في هذه الأسلاك والموجات غير المرئية..
ربّما حالتْ الظّروف بيننا وبينَ جلْسات الصفاء مؤخّرًا.. ربّما افتقدتُ تلكَ النافورةَ المُتنافرةَ صخبًا وماءً.. ربما كثيرة... وكلُّ تلكَ الأسئلةِ نبعَتْ من سؤالٍ واحدٍ فقط..
(هل يشتاق لي مثلي؟)
تعاظمتْ (هل) وانقسَمتْ كثيرًا حتى أصابتْكَ بالذهول.. قلتُ لكَ ليس لديّ تبريرٌ لأسئلتي..
الخوفُ من فقدك....
سعادة وجودك في حياتي....
حالة التقشف الوجداني التي عشتها قبلك....
حبكَ الكبير....
حضنكَ الذي لم أنم في دفئه حتى اليوم....
انشغالاتكَ .. انشغالاتي....
وأشياء كثيرة زعزعتني.. وزعزعت ثقتي بنفسي في القدرة على المحافظة عليك.. فكانت استفهامات محمومة تسترجعني إليك.. لأحبكَ أكثر..

.
..
...
....


زينب.....

زينب عامر
04-27-2009, 12:02 PM
....
...
..
.


ليلةٌ لم تمرْ عليّ كغيرها.. صوتكَ المشحونُ بالبكاء أرّقني.. صدقكَ الشفيفُ معي.. طفولتُكَ الواضحةُ في تلك المكالمة.. اغترابكَ في أعصابِ حبّي حدّ البكاء.. أنا لكَ البِلادُ التي تمنح جواز الحرية دون أن تسأل من أين جئت !.. أنا لكَ المأوى والسلام والانسجام مع هذا الكون المتسائلِ دائما.. صوتُكَ الممتزجُ بحباتِ البكاءِ نفّضَ وهْلاتِ الخوف من كل شيء، كل ما أدرِكُهُ لحظَتَها أنكَ الأبديّ الذي جِئتَني على غيمةِ غنّاء تحمِلُني من براثِنْ القهر إليك.. أنتَ تقولُ لي لحظتها.. حبكِّ لا ينتهي تمامًا كدورةِ الوقتِ المُتجددة. حبكِ هو الوقت.. الذي ما إنْ ينتهي في لحظةٍ حتّى يتجَدّدَ في اللحظةِ التي تليها.. حبكِ أنا.. وأنا حُبكِ.. أحبّكِ أكثرَ منكِ.. أكثرَ من الله.. أنا ثَمِلْ الآن.. ونشوَتي أصدقُ من نشوةِ الصدق.. أحبكِ .. ولا أفَكّرُ في غيْرِكِ أبدًا، وحينَ وجدتكِ وجدتُ نفسي الضائعةَ في كلِّ بقاعِ الأرض والفضاء.. لا أفكّرُ بتغييرِ قلبي.. ولا أبحثُ عن أنْثى تملؤني غيرَكِ.. وأنتِ تسألينني عن اشتياقي؟.. (مشتاااااااق لج .. أنا الشوق كله لج) وتبكيييييييييييييي.. تُجهُشُ.. تتساقَطُ أحلامُكَ على صدري.. وأنا أنتَفِضُ بينَ متاهاتِ صوتِكَ المُتقطّع.. انْتَفِضُ واتقهقَهر.. أمسكُ يديْكَ اللتينِ تمتدانِ نحوي من خلفِ زمَنْ.. أطبْطِبُ على صدِركَ المبحوح.. أجمعُ قُواكَ في لحني.. نَــمْ على صدري يا حنون.. نـمْ في دفئي.. فكلُّ ما في هذه المَجراتِ الشّاسعةِ لا يعنيني إلاك.. وأنتَ تُرددُ معي.. سأنامُ في حضنِكِ.. ولن أبتَغي بعدَ حضنكِ مخدةً ولا فراش.. سأتعوّدُ على النوم في أنفاسِك.. وسأتخلّصُ من الأرق معك..
أنتَ تقول أنا لا أشعرُ الآن أنّ في الكون سوايَ ومن في قلبي.. وأنتِ فقطْ في قلبي.. لا أنتِ قلبي.. كنتَ تتحدّثُ كرسولٍ مُبعَثٍ لإنقاذِ البشريّةِ المُتوحِدّةِ بي.. تتحدّثُ وأنتَ تسألُني.. ( هل خربطت في الكلام؟) وصوتي يردّ عليكَ بيقينٍ أنّكَ لا تهذي وإنّما تُثْبِتُ الحِكَم.. نعم.. كانتْ لحظةُ هبوطِ الوحي في عقلك.. لم تكنْ إلا أنْتَ في تلك اللحظة.. متقشّرٌ من كل فضَلاتِ الوعي.. كنتَ في اللاوعي أرقى مخلوق.. قبّلتَني على رأسي ولم تُفكّر أبدًا أن تمدَّ يديْكَ إلى ما يَسيئُني.. نظراتُكَ اختَرقَتْ تاريخي كلَّهُ وأنا أحاوِلُ بكلِّ ما أوتيتُ من طاقةٍ أن أصلَ إليكَ وقد فَصلَتْ بيننا البراري والخطوطُ المروريةُ والمسافاتُ بين إمارة وإمارة.. لم تكنْ بعيدًا صدقني.. كنتَ بداخلي وأنا أحاولُ كثيرًا أن أصلَ إليكَ عبرَ أنفاسي.. طلبتَ منّي ألا أسهر.. (لاتخلين ربيعتج عاشي تسهرج.. نامي بدري بليييييز عشاني انا) ووعدتُكَ بعدَمِ السهر، لكنّ صوتكَ يقتُلُ فيّ المقاومةَ كلها.. كنتَ ممزوجًا بي يا كلَّ (أنا).. ناديتُكَ بصوتٍ مبلولٍ كالبرتقال.. تعالَ ونَمْ بين ايدي...............
لم أسمعْ لحظَتَها إلا أنفاسَكَ المتلاحِقَةَ نائِمًا بجانِبِ هاتِفكَ المُلقى.. ظلْتُ أسمعُكَ لوقتٍ ليس بالقصير اطّمئَنْتُ على هدوئِكَ.. فقطعتُ الاتصال .....

.
..
...
....


زينب.....

زينب عامر
04-30-2009, 05:42 PM
جوا الروح - إليسا وفضل (http://www.mawaly.com/file/play/45506.html)

....
...
..
.


مسافاتٌ طويلةٌ كنتَ تقطعها للوصول إلى أبوظبي، ها أنتَ تخرج من عجمان قادمًا إليّ بكل ترفك العشقي ، تحفُّكَ اللهفة وتحفني ارتعاشاتُ اللقاء، أتَتبّعُ خُطاكَ على ذلكَ الطريق ودورةَ عجلات السيارة التي بدّلْتَها ذلكَ اليوم في إحدى محطات الشارقة.. ها أنتَ تقطعُ ظهيرةَ اليوم في الطريق محمّلاً بندى التّلاقي.. بعدَ صباحٍ مُتعبٍ جدًّا من صُداعٍ شديدٍ أصابك.. لم يَترُككَ إلاّ بإبرة طبيب عابِرٍ في إحدى عيادات عجمان..

- حبيبي انا عدّيت جسر المقطع.. انت وين؟
- انا بالدوام .. بس بطلع ونتلاقى في مطعم شو رايك؟
- اوكي شو مطعمه؟
- مطعم هندي
- نعم؟
- هيه مطعم هندي زين.. مب كافتيريا
- أخافه بس مطعم ناصر
- لا هذا مطعم ( ركن التندوري) على شارع المطار بعد مواقف مصرف أبوظبي الإسلامي
- هيه هيه عرفته خلاص نتلاقى هناك عيل..

رنّ الهاتف على الطرف الآخر نجلاء..
- حبيبتي انت وين؟
- انا بالدوام مواعده القلب في مطعم.. تعالي معانا
- لا خلاص روحوا برايكم
- لا والله تجين، بيكون وناسة ضحك وتعليقات

وصلتَ هناكَ ووجدتَ (نجول) عندَ مواقفِ المطعم.. دخلتُما لتتّخِذا من آخرِ (كابينه) مكانًا للقاءْ.. مازلتُ أنا في زحمةِ إشارات أبوظبي ( الكريهة) قُبيلَ الساعة الثالثة ظهرًا مع (نفرة الموظفين والمدارس إلى البيوت) وصلتُ للتوّ بعد 20 دقيقة.. ألقيتُ نظرةً خاطفة من مرايتي في السيارة فاستوقفتني لأنني وجدتُني باهتة جدًّا جراء صباحٍ مليءٍ بالتعب وبذلِ المجهود في النّادي الصحي والعمل.. آثرتُ أن أخبئ التعب ببعضِ المساحيقِ الخفيفة.. ( لمسة كحل على شوية بلشر ومسكارا وروج خفيف) يفون بالغرض، فليسَ من المعقول أن يمضي أسبوعًا كامِلاً دونَ لقاء، وآتيكَ (كلحة ملحة)..
ها هي أحضانُك تستقبلني.. وابتسامتك تشرق على جبيني ولهفةُ عينيكَ تُشْمِسُ على وجهي.. أشعُرُ أنّكَ ستخترقُ الحواجزَ كلَّها للولوجِ إلى أعماقي.. حيث أنت دائما.. حيث لم تبرح أبدا.. وأنا أخفي رجفة الشوق إليك.. واكبح جماح الحنين.. بدأت التعليقات والضحك و(طولة اللسان)
- طلبت لي سمك حبيبي؟ مع شوربة خضار.؟
- هيه طلبت..
- وينه؟
- حشا تونا يلسنا ما واحالهم اييبون الطلبات
- كلتوني مالت عليكم.. تعرفين نجول؟ هذي أول مرة نتلاقى في مطعم؟
- اييييييييييه معقولة؟ خلاص انا بروح ما بخرب عليكم
- طاع هاي.. شو تخربين ما تخربين.. ؟
- خل عنج الخرابيط يلا يلسي مالت عليج
- مالت عليكم انتو ههههههههههه

وصلَ الأكل.. كانَ السّكوتُ أول ما نطقتُ به، فقدْ كنت مليئَةً بالجوعِ حتّى أنامل أصابعي.. التعليقاتُ بينكَ وبين نجول قائمةً لا تتوقف.. وأنا ابتسم / أضحك/ أشاركُ قليلا.. ضمن انشغالي بالشوربة ..
- ليش طلبتْ لي خضار بالكريمة؟
- مادري بج ..!
- انا احبها (بيور) بدون كريمة مثل المرق
- آها.. شرات اللي امي تسويها في البيت.. لونها أحمر
- ما يخصه.. لونها أخضر على أصفر مادري كيف.. مب مهم الحين.. بشربها وخلاص

أرى في عيني نجلاء خجلاً ومشاكسة في الوقت نفسه.. لم تطلبْ يومَها وجبةً خاصّة بها .. اكتفتْ بالمُقبّلات الهندية و(السويت) بعد الأكل..
- وصل السمك.. عاش عاش
- وصل برياني السمك بعد

لم تأكُلْ شيئًا سوى لقيماتٍ لا تَسُدّ الجوع أبدًا.. وأعلم أنّكَ لا تستطيع الانْقِضاض على الأكل حين تكونُ جائعًا !!.. هكذا دائما تقول لي.. لذا لم يكن سؤالي عن ذلكَ إلا سؤال المطمئن..
الساعةُ تشيرُ إلى الثالثة والنصف.. استأذَنتْ نجلاء لإحساسها بالخُمول ولارتباطها في المساء مع الأهل بحضور حفلةِ عُرس (حناء).
وبقينا نَحنُ.. نَشدو بلهفةٍ وتتوحَدُ أحلامنا وأصواتنا.. بالرغم من صغر (الكابينه) التي تشعرك أنك في العراء ولستَ في مكان آمن..
- حبيبتي ماباقي وقت على الكلية
- خلاص فديتك انا برجع الدوام
- بييج عقب ما أخلص بنطلع رباعة في المسا
- اوكي .. بشتاق لك
- احبج
- احبك


.
..
...
....

زينب....

زينب عامر
05-04-2009, 11:38 AM
....
...
..
.


شنغريلا مرة أخرى.. نفحات البحر.. وأضواء (the pool) مجددا تؤنس ليلتنا.. كنا ثلاثة للمرة الثانية، ولكن شخصًا جديدًا من أصدقائكَ شاركنا مرح تلك الأمسية.. الأمواج هادئة تتمشى على الضّفاف بغنج، والسماء تعتريها بعض الأغبرة من نهار مليء بالعواصف.. الهدوء كان يضاهي الحياة، والحياة نحن.. وصلتُ قبلكم، لأتخذَ من زاوية تحت مظلة الأشجار مكانًا يؤوي جُنونَنا.. بقيتُ لبضعِ دقائق.. أنتَ وصلتَ.. واحتضنّا فضة السماء في أيدينا..

- البسي النظارة حبيبي
- ليش؟ !
- بس.. بدون سبب
- !!
- لا عشان تشوفيني عدل
- انا ما اشوفك بعيوني.. اشوفك بقلبي
- فديت قلبج بس البسيها

بدوتَ أوضحَ من ذي قبل، ملامُحُكَ التي احفظُها عن ظهرِ قلب.. عينانِ ثاقبتان.. ابتسامةٌ شفيفة وبقية أخرى اعشق تفاصيلها.. الآن بكل دقة هي واضحة من خلف مربع الزجاجات.. لا شيء معنا غير البحر وسعفاتِ النخيل وجدائلِ الشاطئ الرملي البعيد.. السفائنُ من أقصى نقطة في العين تحيّينا.. ودُخانُ السجائرِ ينسُجُ في الهدوء خيطاً يهمسُ في وجوهنا بدفءِ اللقاء..

- وينه ربيعك؟
- مادري به جاي
- شكله ضيّع ودخل من عند قرية البرّي
- والله شكله عادي يسويها
- ألو.. وينك ياخ
- جاي من تحت النخل ..
- لالالا اطلع روح يمين يمين البوابة عند المسبح بتلاقينا تحت سقيفة خشب وأشجار
- هلا هلا
- يا مرحبا الساع
- كيفكم..
- وابتدأت ساعات الضحك..
- طلبنا لك هامور
- لا يا شيخ؟ هامور مرة وحدة.. ببدل انا
- مافي تبديل انطلب وانحسب .. كله وتوكل
- ما باليد حيلة .. هامور هامور


شخصية مرحة.. ضحوك .. لا شيء لديها في الحياة كي تخسره.. ملامح عربية أقرب للحجازية إلى اليمنية.. لا يخلو من الوسامة.. مترع بالذكاء.. هكذا بدا ذو اللّـقَب الشريد.. في ملامح تجمع كل شيء في أي شيء بعشوائيةٍ خلقية غير منتظمة.. ربما لو أخذ فرصة مكتملة في الحياة لكان من عداد المشاهير.. أو مثلما قال ( أشهر من الدولار) ولكن الحظ (عاثر) تأخذ منه الحكمة في عفوية و(غفلة) تجد في فكره عصارة تجارب مختلطة الأجناس والأماكن..الغربة والتغريب تعبثان بالإنسان فتضيّعانِ هويته.. هكذا أشعر حياله..
أنتما أمامي .. يدك تمتد لا إراديًّا تحتَضِنُ يديّ.. تقبّلُها.. تبْتَسم.. تُطيّرُ قُبْلة سريعَةً في الهواء ونضحك سويًّا..



- أنتِ اللي طلعتِ في أمير الشعراء
- لا مب هي
- ياخي لا تقص علي
- انتِ صح؟
- لا ياخي مشبه عليها انت بس
- بس قول لي أيوا.. عشان أتأكد ان ما عندي زهايمر! لأنهم طلعوها بسرعة.. بس متذكرها !
- لا مب هي
- يا شييييخ؟
- انت ولالا
- لا
- ههههههه

وامتد الإلحاح حتى قاربت السهرة على الاكتمال..
- بالله انتِ ولالا
انظرُ إليكَ.. في براءة واستفهام..
- أيوا هيّ
- أحسن انهم طلعوك بسرعة من اول جولة
- ههههههههههههههههههههههههههه
- حيوان.. فرحان ها
- اصلا شِعرِك ما ينفع .. اول ما شفتك قلت هذي ماراح تكمل
- هااهاهاهاااا
تطير القهقهات مع نسائم الليل..

الهاتف يرن ليفسدَ جلستنا.. يجب أن أعود.. الوقت متأخر.. قاربتْ على العاشرة.. استملنا السيارة من خدمة الصف .. السيارة بها بعض الميلان.. عاودَ ضوء الانذار بهبوط ضغط العجلات في التنبيه.. وهناك عند باب (البنتشر) وقفنا.. تناجينا.. ويدا الرجل تفحصان العجلات وتمحص فيها.. وأنا أنبضُ فيك بوئام.. ها هو يدق الشباك:
- أرباب هذا يلاقي داخل تاير
- خيبة كل هذا مسمار ؟
- من وين جاني؟
- طيب بدّل تاير سبير
- لا خلاص انا سويت رقعة
- لالالا بدل السبير
- هذا (قرانتي) ما يبطل أبدا
- خلاص يعني نروح؟
- يس

لم يبق في الليل متسع إلا للرقاد.. عدنا إلى حيث تركنا سيارتك عند مساء البحيرة.. أرقبُ السيارات الخاطفة.. ابتسامة الحب تغمرني.. وأضواء الطريق إلى المنزل تغمض رضاها على طريقي المنشغل بك...


.
..
...
....



زينب....

زينب عامر
05-05-2009, 01:20 PM
....
...
..
.


حضنكَ في هذه المرة احتواني بدفء عارم.. أمام باب سيارتي حين وقفتُ هناك عند مرسى الخالدية بَلَس.. كان صوتكَ يتحشرج وأنا أحبس الألم في أضلعي.. يداكَ ما انفكتا عن احتوائي.. مشيْنا في ذلك الممر الخشبي المفضي إلى مرسى المراكب والطرادات ومطعم في ركن قصي اختفى عن أنظار الفضوليين.. على ذلك الكرسي كان رأسي يسند أحلامه على كتفك.. ويداكَ تعبثان في خصلات أمانيّ وأغانيّ.. نجلاء أطلقت لأصابع أقدامها حرية التنفس واستنشاق الحرية المتوفرة هنا بكثرة، وتركت حذاءها ملقىً كالمكلوم.. ها هي تجول بين المراكب وتدخل في الأحراش.. ونحن ما زلنا في مكان بعيد آخر...

- حبيبي ليش صوتك مخنوق؟
- عادي مافي شي
- من شو متضايق؟
- انا مب متضايق .. ما اتضايق، انت معاي كيف اتضايق، بس لما اتصلت لج قبل كنت محتاج اسمع صوتج بألم.. وما لقيتج.. اختنقت.. ضقت بروحي على الشاطئ.. وانتِ كنتِ مشغولة بدوامج..
- آسفة حبيبي.. غصبن عني
- عادي عادي لا تحاتين ابدا.. أبدا ما تفكرين بأي شي.. مجرد احساس..
- فديتك

وحضن عميق يحتوي الآهات كلها.. بكل تقهقهرات الوقت والأحلام والواقع والتشرد والتعاسة والزمن.. أنت تعلم أن قلبي هو ملاذكَ الكوني السرمدي.. لن أتحدث عن الفراق ولا البعد.. حتى وأنا أرى هم الفراق يعتريكَ ويحط قواكَ على التراب.. فكرة الهجرة والسفر إلى البعيد... البعيد خلف الأطلسي.. هناكَ سنزرع أحلامنا ونسقيها بالحب كل صباح وكل مساء.. لن تستطيع الحياة أن تنزعني من عروقك.. ولا تنزعكَ من أعصابِ الروح.. نحن روح في جسدين.. فكل ما يعتري اجسادنا ما هو إلا بفعل عوامل القانون الطيني.. لكن لنا أعين لا تعرف الا بعضها.. حين تراني تنعكس في عينيك ملامحك الدقيقة .. ملامح عمركَ كله.. وعندما أنظر إليك أشعر انني أتركني في الخارج وأستقر في أعماقك.. صدقني، بالرغم من ألمي واستفراغي لطاقة عظيمة من الحزن عند سماعي خبر (السفر) بالرغم من تشوّك قلبي حيال لحظة انسلاخ يخشاها .. بالرغم وبالرغم وبالرغم.. يجب أن نرحل بعيدًا.. كما قال قاسم حداد.. " في مكان آمن للحب ، ليكفّ قلبي عن تشرده، ينساني قليلا في سديم الدرب" يداكَ تنغرسان في نبضي.. أشعر بحرقة أنفاسكَ ولهفة أصابعكَ إلى ما يطمئن رعشتها التي لم يشعر بها أحد سواي.. هون عليكَ يا قلبي.. فكل الأمور على ما يرام.. ونحن إن طالت بيننا غربتنا.. سنلتقي في اشتياق وتفان وتضحية ..

مرت دقائق لتعودَ نجلاء إلى الكرسي.. ونقرر أن ندعو صديقك الغريب إلى امسيتنا..

- تأخرنا
- بس 5 دقايق.. لازم تتعرفين عليه وتسمعين سوالفه بتموتين من الضحك.. وعنده حكم والله عجيب
- زين اتصل به
- ألو.. كيفك انت وين؟
- عالكاسر
- تعال على مرسى الخالدية بلس الحين
- يلا دقايق
ها هو في تلك الناحية يمشي في اتجاه معاكس (كالعادة)..
- ألوو
- ارجع في الصوب الثاني بتلاقي قوارب وايد على يمينك.. عديها وبتلاقينا

بدأت قهقهات الضحك الصاخبة.. وهو يحاول التعمّق بحذلقة في نجلاء.. كي يكتشف شخصيتها (اونه عاد) وفي سيل من التعليقات والنكات ..

- والله يا ميثة انت ما عندك ذوق
- من ميثة
- انت !!
- انا؟ !!!
- اش اسمك
- ما بقول لك
- بالله اش اسمك ميثة ولا حصة ولا اش، قاعد معاكم امس وماعرف اسمك
- انا ام عتريس
- ههههههههه
- بالله يا بنت ما تضحكي عليّا – اش اسمك
- ما يهمك في اسمي..ليش تقول ما عندي ذوق؟؟
- من البارحة وانا اشمّر يدي ابغاك تشوفين الساعة – واقول الساعة كم – وتأخرنا وكل شوي اوضح الساعة وانت حتى ما قلت ساعتك حلوة !
- ما شفتها؟
- تشوفي ايش انت يلا اسكتي بلا هرجة
- هههههه وريني اياها..
- مافي خلاص.. عرفت انك بلا ذوق وانتهى

تقطع نجلاء (النقار) بتذكيرنا بالوقت.. الساعة تشير إلى الحادية عشر ليلاً.. يجب أن نعود سريعًا.. ومازالتْ يداكَ تطوقني.. صديقكَ يشعر بغيظ مضحكٍ غير مبرر

- ياخي والله لما اشوف اثنين يمارسون الحب انقهر
- ليش عاد؟ ما سوينا شي
- مادري كذا لمسة ايد وحركات ونظرات انا انقهر، القلب بعيد وإلا بقهركم مثل ما تقهروني
- محد حاطك براسه الا انت تعاند عمرك.. وتقهر روحك

عند باب السيارة .. نظرة أخيرة.. وأحضنك أكثر..

- بشتاق لج
- انا مشتاقة لك الحين
- ديري بالج حبيبي
- حاضر.. تصبح على خير..


.
..
...
....




زينب ....

زينب عامر
05-13-2009, 04:45 PM
....
...
..
.

يوم عمل شاق.. تغيّرتْ بعض المواعيد .. ظرفٌ طارئ .. حدى بي لملء ساعات العمل في حالة من الاستنفار لتهيئة الأمور لغدٍ مريح.. (النوت) امتلأ باللون الأحمر.. مهام كثيرة.. أففففف متى بتجي الساعة 8:00 وأفتك.. موعدنا كان عند الساعة 7:30.. ها هي الساعة تشير إلى 7:37.. لستُ أدري ما الذي أخّرك.. حالة تفكير تصيب سرحاني.. (حبيبي تعالا بنادي لك.. تطمني.. تريّحني .. متسبش إيدي من إيدك)... رنّ الهاتف باسمك..

- ألو؟
- حبيبي انتي وين
- انا في الدوام اتريا اتصالك
- ما بتجين عندي؟ انا هني في المواقف قدام شارع (الكترا)
- !!!!!
- زينب اشحالك
- من معاي؟
- انا ...........
- عرفتك..
- وصوتك من بعيد يصرخ.. (ليش تاخذ التلفون مني رجعه لا تكلّم حبيبتي يا........)
- في شيّ صاير؟
- صوتكم مب طبيعي
- مافي شي
- بس تعالي الحين اذا تقدرين تتركين الشغل لو مافي شي مهم
- انا جاية مسافة السكّة بس..

الإشارات اللعينة متوقفة.. شارع الكترا السخيف لا يفتأ يفرغ حتى يمتلئ.. الشوارع كممرات (سوق نايف بدبي) من زحمة السير والمشاة.. آه بقيت اشارة.. مرّت عشرون دقيقة في حالة مرور مزدحم.. اتصالاتك تزداد مع كل دقيقة.. (انتِ وين انت وين انت وين انت وين).. أصبحت ترن في رأسي مع عقارب الثواني الزاحفة كالحرباء أمامي..
أشعر بغثيان.. طعمٌ كريه يتقلّب في معدتي.. بكاء عاصف يزدحم في صدري.. أناملي ترتعد.. وصلتُ بالقرب منكم.. أسمع حشرجَةَ صوتك عبر الهاتف بالضحك والصراخ في الوقت ذاته.. صديقك أوقفني.. فتحتُ شباك السيارة في اتجاهك..

- انزلي عندي
- والله ما انزل..خليه يركب معاي.. يلا ورايا سيارات

رأيتكَ الآن بوضوح، ولكنّكََ تتمايلُ كالمحموم.. تتفصّدُ حزنًا.. جسدكَ يحترق.. الانفلونزا.. نبرتُكَ تترنّح.. كنتُ أخشى هذه اللحظةَ التي أراكَ فيها أمامي.. وهتْ عظامي.. وأنتَ تحتضن ذراعي اليمين كلها .. وتبكي.. لستُ ادري مالذي يبكيك.. أحبسُ دموعي كيما تثير شجنك.. أتقوّى.. أتلوّى.. لا شيء يجدي الآن.. يجب أن احسنَ التّصرّف..

- والله أحبج.. أنا ما اخونج أبدا.. حتى لو كلمت مليون وحدة.. كلهم زميلات عمل وعلاقات رسمية.. أصلا أنا ما أشعر اني في وحدة في الكون غيرج انت أنثى.. أنت الشيء الوحيد في حياتي.. انا قبلج كنت تايه.. بس انت كنت عايشة حياتج.. ولما لقيتج ما راح افرّط فيج ابدا.. ماراح اخليج.. بس اخاف انت تخليني..
- انا ماراح اخليك ولا لحظة ولا دقيقة.. مهما سافرنا ومهما بعدنا انا عندك وانت عندي صح حبيبي؟
- صح.. بس انا احبج.. وحبي لج هو السبب الوحيد اللي يخليني اعيش.. انا ما أؤمن بشي غيرج انت..
- وانا ما أؤمن الا بك
- نحن وين؟
- نحن عند إشارة قصر المنهل
- صح.. هذا قصر المنهل.. حبيبي شكلج تعرفين شوارع أبوظبي عدل.. أنا ماعرف وايد.. هذي اللي مرّت علينا برادو صح؟ بس خلاص راحت..

كانَ الطفلُ المخبوءُ في أزمنتِكَ ينطق في تلك اللحظة.. بينَ كل كلمتين تتساقطُ بالبكاء على يدي.. وأنا أسابقُ الإشارات المرورية التعيسة.. أريد أن أتخلصَ من الزحام.. السيارات في كل مكان.. كأن الله لم يخلقها إلا في أبوظبي.. الكثافة المرورية تخنقني.. وأنت تفيق وترقد.. ترتعش.. تبكي.. تضحك.. تقرأ اللوحات في الشوارع.. تمسح دموعك بثوبك.. وانا أمسح بيدي على صدرك وصوتك يعلو بالتأوّهات..

- حبيبي انتبهي على الطريق لا تطالعيني
- حبيبي انا منتبهة على الطريق اطالعك واطالع الشارع
- انا مافيني شي.. بس بعترف لج بشي وماباج تزعلين
- قول حبيبي انا ما ازعل منك
- انا سكران

تنهدّ العبرة في قلبي.. وكأنّ الاعتراف كان جديدًا علي.. كأني لم أفهمك من أول لحظة كلمتك فيها عبر الهاتف أعرف صوتكَ تمامًا حين يختلف عن طبيعته.. لم أكن لأترككَ وأنت هكذا.. لحظة التّجلّي التي كنتُ فيها معك.. تُفهِمُني حقيقةَ الحبّ التي نحياها.. توصِلني إلى حقيقتِكَ الهادئة كطفل وديع.. يعبَثُ بمسجّلِ السيارة وحرارة المكيف.. يقرأ اللوحات.. ويخبرني عن أنواع السيارات المارقة بجانبنا بكل هدوء.. كنتَ طفلي وأنا أحتضنُ شجونَكَ كلها.. أشربُ دموعَكَ المتساقطة على صدري.. أمام مدرسةِ الاتحاد وقفنا في منطقة البطين.. وأسئلتُكَ لم تتوقف ( نحن وين – ليش واقفين هني – الاثنين اللي مرّوا من عندنا رايحين ولا جايين؟ شو هذيك الليتات البعيدة.. شو مكتوب هني......... ) كلامُكَ في تلك الساعتين كانَ أطهرَ من كلام الأنبياء.. كنتَ تفتح معي مسارات الفكر.. والأحلام.. والمذاهب والحب.. اعترفتَ أنّكَ تحبّني أكثر من الله.. وأن حنانكَ حيال أمك وأبيك حنانٌ غزيري بفعل الفطرة.. وأما حُبكَ لي فهوَ بفِعْلِ العاطفةِ والتوحّد والاستقرار..
(تعرفين حبيبي لما كنت صغير كنت أبا اتزوج وحدة حلوة.. لما كبرت شوي كنت ابا وحدة حلوة وتفهمني.. ولما كبرت شوي كنت ابا وحدة عندها فكر وتفهمني.. ولما كبرت شوي كنت ابا وحدة بس تفهمني.. ولما صرت 21 قلت ابا وحدة تفهمني وتحترم رايي، لما افكر فكرة ما تهمشها تحترمها حتى لو كانت غير عن تفكيرها او تربيتها او دينها.. ولما لقيتج لقيت كل اللي احلم فيه من صغري لين الحين.. فكرج يطابق فكري.. انا لما كنت ادورج قبل واقرأ لج قلت هذي عندها اللي يناسب بعض مني.. ولما التقينا.. لقيت كل شي فيج يطابق كل شي فيني عشان جيه ماراح اخليج ابدا.. ولا أخونج .. انا ما احس بكل بنات الدنيا اصلا.. انت بس احس فيج....)
وأنا اهطل دمعة دمعة.. واضمّك إلى أعصابي أكثر وأكثر.. كانَ توجّسُكَ كبيرا من أشياء لم تكن موجودة في الحقيقة.. كنتَ خائِفًا أن تنقُلَ إليَّ الانفلونزا.. وتطلبني أن أعقّم يديّ في كل حين.. أخرجتُ المعقّم من حقيبتي ووضعته أمامَكَ كي يخف قلقك علي.. رقدت وتنهدتَّ كثيرًا بين يدي.. لم تتوقف دموعُكَ حتى مع ابتسامتك المتقهقهرة.. كانت سرعان ما تجفّ حتى تهطل الدموع بألم.. أجهشتَ كثيرًا.. حتى خلعت قلبي من مكانه.. كنتُ أحاول الاستدارة بكاملي إليك.. لكنّ كراسي السيارة تلزمكَ بجلسة محددة.. مضت ساعة ونصف.. وعاوتَ السؤال..
- ليش طلعتِ من دوامج بدري.. شوفي الساعة الحين تسعة الا ربع.. وانت دوامج يخلص تسع.. ها الأربعين دقيقة وين راحت؟ متى داومتِ
- حبيبي انا خلصت دوام.. داومت 12 وأخلص ثمان
- صدق عاده؟ وتعدُّ الساعات على أصابعك وتخطئ وتعيد العد أكثر من مرة..
- صدق.. دوامي خلص بعدين ظهرت.. وجيت عندك..
- ليش جيتِ عندي.. هذا ربيعي الـ ....... انا بتصل عليه بسبّه.. ليش خلاج تيين
- لا تتصل خليك دخيلك.. كلمني انا بس
- أكلمج انت بس؟ اوكي بس وديني محطة أدنوك الحين

ذهبنا سويّا.. كنتُ قلقةً عليك كثيرًا.. خشيتُ ألا تصل لوحدك إلى دورات المياه.. ولكنكَ خرجتَ بحال أفضل.. صوتُكَ عاد إلى بعضٍ منه.. وسألتني ماذا أريد أن أشرب.. طلبتُ (لبن أب) وأنت شربت (ماء الفراولة).
- رجعيني لسيارتي.. خلاص بروح البيت
- دخيلك دير بالك على عمرك.. دخيلك دخيلك
- ان شاء الله بمشي شوي شوي لين اوصل.. بس اسف اني اخرتج عن البيت
- ما تأخرت عادي.. كل شي يهون إلا انت

عند اخضرار ألوان غرفتي.. كنت أتحدث معكَ وقد بقيَ على وصولك ثلاثة دقائق.. هدهدتك على الفراش.. واتفقنا أن نوقظ احلامنا عند كل صباح.. وألا يداهمنا المساء بخوف جديد..
- حبيبي شكلك انطفيت.. بترقد؟
- خلاص برقد حبيبي تصبحين على خير
- يلا ارقد..

وبقيتُ على السماعة ألملم أنفاسك وأطمئنها.. وأطمئن عليها.. أرخيتُ أهدابي.. وكبستُ على زر الإقفال...


.
..
...
....






زينب....

زينب عامر
05-26-2009, 12:29 PM
....
...
..
.



ليلة الاثنين كانت الغصص حرّى.. تتوالى.. تخنق الدموع في حسرة تتعاظم وتتعاظم، تلوّح الأيادي، وتجرف الأنامل إلى أمل احتضان جديد... هناك إلى الجزائر، كان وجه أمي دافقًا بالحمرة ولون رمادي يشوبه الوجع، بل يستفيض به، مطار دبي حملني إلى شمال إفريقيا حيث عكاظية الشعر العربي والضمير العربي الواعي فقط ( في الشعر)، سننصر القدس بكلماتنا! ونعود إلى حياواتنا المليئة باللهو.. والقدس مازالت ممتحنة من قبل اسرائيل.. سنتركهم يتولون أمرهم من بعدها.. وسنستلم دروع التكريم ونعود إلى بلداننا كأن الموضوع سبب للاحتفال والتجمهر الثقافي.. لا حيلة لنا بالطبع.. غير أننا أمة الكلام.. أو هكذا يهيئ لي.. حتى شعراء القدس القادمين من بؤرة الاحتلال.. أحسبهم لا يعنيهم أمر الاستقلال فقد أصبح طبيعة عيش يحيْنوه لا مناص منه.. الطائرة تهتز.. كريهة جدًا الخطوط الجزائرية.. كأنك محمول على (حنطور) أو أقدم.. ها هي الأراضي الخضراء تلوح من فجاج الأرض، والبيوت الصفراء الصغيرة تتربع على سفوح الجبال.. رائع هذا المنظر.. كأني أنظر إلى ألمانيا.. لم أتوقع أن تكون بلد عربي بهذا الجمال.. الروابي والجبال الخضراء، البحر الهائل المبدع.. تقترب المناظر أكثر كلما فكر (الطيّار) بالاقتراب من الأرض.. مدرج الطيارات يظهر الآن.. مازال الخضار متوشحًا المساحات.. الشاشة تشير إلى درجة الحرارة البالغة 11 درجة سليزية.. آآآآه، (أكيد الجو روعة) والسماء تميل للغمق.. كأن الغيوم تبشر بهطول أنيق هذا النهار.. او استقبال يليق بقدومي هذه الأرض لأول مرة.. أشعر أنني أحبها كثيرًا.. لستُ أدري لمَ.. ولكن يكفيني أنني أشعر بالحب عما سواه.. يافطة ( القدس في ضمير الشعر العربي) استقبلتنا.. حملت أمتعتنا سيارة طويلة.. كان كل شيء أخضر يرحب بعينيّ للنظر أكثر.. والاستراحة من لون القحولة المعتاد.. منذ 4 سنوات لم أشارك في مهرجان خارجي.. وها هي الجزائر اليوم تدعوني لمشاركتها الشعر وتقاسم الأحلام... كان الشيراتون جميلا جدا بهدوئه.. وبحره الهائل المترامي الذي يوصلني في نهايته إلى كروية الأرض المقعرة.. كان جدير بي أن أترك للأحلام ان تغمض عيني.. بعد رحلة 7 ساعات على متن الطائرة...


.
..
...
....




زينب....

زينب عامر
05-26-2009, 03:16 PM
....
...
..
.

من نافذة المساء

شيراتون ( نادي الصنوبر) .. يرن الهاتف.. تمتمات فرنسية على الطرف الآخر لم أفهمها فقط قلت كلمة ( يس) بعفوية.. يدق باب الغرفة.. أفتح.. فإذا بباقة ورد برتقالية الود تقف خلف الباب.. ورسالة من الديوان الوطني للثقافة والإعلام، فرحت بها كثيرًا.. احتضنتها .. شممتها.. أحببت الجزائر أكثر.. شعرت بحفاوتهم ودفئهم.. كم هم لطيفين درجة إرسال باقة ورد لشكرنا على الحضور.. ها أنا متفائلة جدا هذا المساء.. لست أدري كم مضى من الوقت وأنا نائمة ذلك النوم المتقطع.. المتفزز في كل ساعة.. الشرفة تطل على الغسق.. والبحر عظيم يراودني.. خيمة بيضاء كبيرة توسطت المنظر الخلاب من هنا.. لست أدري ما سر وجودها، ولا يهمني.. انتظر مكالمة من الحبيبة حنين عمر.. أدخنة النعناع تتصاعد من نافذتي إلى فضاء الجزائر لتخبرها أنني هنا.. جئت من ذلك العراء الشرقي أحمل الصحراء تحت قميصي.. وأدس في مسارب الوقت حزني... لم تتصل حنين، والخطوط سيئة حد الغثيان.. أفكر في النزول إلى أمواج البحر، فبعض عزفها يسليني بالطبع.. كان اللباس الوردي جميلا في تلك العصرية الرائعة.. تلحّفت بالنسيم البحري الهائل.. المرة الأولى في حياتي هذه التي أعانق فيها البحر الأبيض المتوسط.. يا إله الحضارات ما أجمل هدوءك وأمواجك أنغام سيمفونية تتراقص مع الهواء الطلق.. ها أنا أطلقت روحي للهواء.. وأشعلت دخان النعناع... (اللوبي) يمتلئ شيئًا فشيئًا بالزوار / الضيوف / الشعراء، لا أعرف الوجوه إلا وجهي.. ومن بعيد يتراءى لي البخت.. ( أحمد بخيت) من خلف جلابيته يطل متنكرا.. تعارفنا .. سلم كل منا الآخر ابتسامته الأولى.. بحتُ له عن إعجابي المفرط به منذ أيام المدرسة والجامعة، وها هو الحلم الصغير يتجلى أمامي ونتبادل الأحاديث والتجارب وجمع من الشعراء جاءوا يقايضون المسافة بالوصل والتلاقح الفكري الجميل... وحتى الآن لم تتصل حنين عمر.. ولا الخطوط تسمح بالوصول إليها.. سأنتظر الغداة حين نذهب إلى قاعة (الموقار) التي ستجمعني بها بالتأكيد...



.
..
...
....



زينب

زينب عامر
06-02-2009, 02:32 PM
....
...
..
.


حين صدَمَتْني حاسية التقوقع على نفسي، كنتَ أنت تحثُّ الخطى إلى العودة.. وانا أقطعُ السحاب بعيدًا عنك.. وقفتُ على ذلك المسرح ( أحمل الصحراء في صوتي) وأنثرها على الحضور الذي صفقوا كثيرًا حتى رضيَ عنهم غروري الكبير.. ولكن لم تكن أذنُكَ حاضرة معي، فقد تركتها لك حتى تسمع نجواي لك عبر اللاسلكي المتقطع على أرض الجزائر.. يد (أحمد بخيت) الصديق الرائع.. سجلت تلك الأمسية على كاميرتي.. كي تراني بعد عودتي إلى وطنك.. هذا الصديق الذي ظلتُ منذ أكثر من 9 سنوات أتابعه عبر صفحات الانترنت المشوشة.. أنتظر الوصول إلى أوراقه وشخصه الجميل المتمثل في أشعاره، وحين التقيته في جزائر الشعر.. كان أرقى مما تخيلت، وأعف شاعر التقيتُ به.. تكفيك ابتسامته المزهرة.. وروحه الطيبة المتقدة الرافضة لكل عمل سطحي وبارد.. كانت تلك الزهرة الندية ( حنين عمر) تخفف وطأة الجفاف وتغدقني بأمطارها المرحة.. حتى في عز ضيقها من صديقها علي البحريني، الذي لم يعرف معنى الصداقة الحقيقية، وأخذته الغيرة الغبية من فتاتين اشتركتا في انسجام فكري وروحي وقلبي.. في تلك الأمسية الباردة.. كانت تشعل ضحكاتها بين حين وحين.. وأنا لم أكن بجانبهم معظم الوقت.. فيداك أخذتني معك عند لحظة الوداع .. ومازالت رائحة عطرك تمتزج بحبات الندى في كفوفي.. وموسيقى الأغاني تثير أشجاننا وفرحنا ورقصنا أنا وهي.. فتارة معها وتارات معك.. فقط (أحبك.. هذا كل شيٍّ بقا..)
الليالي الباردة أمام وجه البحر..ودفتر المشروع الذي ندرسه أنا وحنين تتقلب صفحاته في أصابع الريح.. والقلم يكتب.. أرجوحات الشغب التي ركبناها أنا وحنين كادت أن تسقط علينا بأكوام من خشب.. وصخب مليء بالضحك.. ذلك الخشب الذي صنعت منه دهاليز اللعبة كلها، وعُلّقَت على جانبها أرجوحتان صغيرتان. تكفي لخاصرات الصغيرات.. أما نحن فانحشرنا فيها نمارس الطفولة المتأخرة بعد 15 عاما.. مددنا أقدامنا على زرقة مياه (المسبح) الخارجي، الملقى في الهواء البارد.. وثيابنا تبللت جراء قربنا من المياه..
الأصدقاء في العكاظية يبحثون عنا، ونحن نهرب منهم إلى خلوات تجمعنا.. تدغدغنا.. ليس لدينا أياما كثيرة كي نبعثرها على غيرنا.. فليست إلا 3 أيام ويغمض جفن اللقاء عينيه حتى إشعار آخر.. مضت أيام العكاظية مليئة بالندى ومضينا في سيارة ( السفارة الإماراتية) مع السيد ( صلاح الدين) هذا الرجل الدمث.. جميل الخلق والوجه، عذب الكلام وسمح التعامل.. تركَنا هناك في ساحة المطار.. لنملأها بخيوط النعناع وأفكار مشتعلة تتقد على ظهر الورق.. دفتر أصفر الغلاف تربعت في صدره جملة ( القدس في ضمير الشعر العربي) كانت أفكار المشروع تتسلسل دفقات جميلة.. وخطط وضحكات وأحلام.. و(برزة) نجتمع إليها نحن والصديقات.. هكذا خيل إلينا أننا سنفعل يوما ما..
امتلأ حضني بدموع حنين.. حين انكبتْ بحنينها الشفيف لحظة اقتراب الإقلاع.. ( قلعت فؤادي) تسمرتُ.. تجمدت يداي.. بقيت مذهولة .. ( أحبج يا دبة – وراح أجي وراكي لأبوظبي) قبضت على يديها.. وشعرتُ وأنا أختم الجواز للمرة الأخيرة في أرض الجزائر.. أنني نسيت يدي معكِ.. وأريدك أن تأتي لترجعينها إليّ..

حنين: إلى اللقاء.. الجزائر: إلى اللقاء.. وأما أنت.. فتنتظرني في مطار دبي الدولي.. بباقة ورد ملونة.. وعينين ساهرتين.. وحضن كبير....


.
..
...
....





زينب....

زينب عامر
06-21-2009, 09:37 AM
....
...
..
.


اشتقت إليك


مضت أيام كثيرة لم تهجع فيها أحلامنا..


وأنا هنا فقط

لأقول لك...


المكان (عامر) بنا.. فأنا لم أبرحك لحظة..


ولكني خشيت كثيرًا أن تبهُتَ الدهشة في قلبك... فامتنعت..


.
..
...
....



زينب...

زينب عامر
07-14-2009, 11:30 PM
....
...
..
.



لست أدري كم مضى على توقّف المطر، الصيف يقبع برطوبته المقرفة على نوافذ نظري، عباءتي امتلأت مساماتها بذرات الندى العالقة في الهواء.. إييييييه يا أبوظبي، أحبك رغم عرقك المتمكن من أجوائك، حتى وأنت في كامل رطوبتك، جميلة وحميمة.. تلفحيننا بصيف غاضب، نهارًا الشمس حاقدة، وليلاً النسائم بخيلة.. هكذا تمر أيامك يا أبوظبي، وتمتلأ مواقف مسرح شاطئ الراحة بالزوار والجمهور الجاد وغير الجاد، وأنا هناك على مقاعد الـ (في آي بي) أنظر إليه في شغب، محاولة التمكن من معرفة شيء ما .. لم يخطر ببالي بعد، أتحيّن الفرص كي أقفز من الكرسي إلى الضفة الأخرى من المسرح في دقائق الاستراحة الدعائية المتقطعة بين الحين والحين، نظراته الثاقبة تخترقني ..أكاد أرتبك.. أقف، أتنهّد ، أستجمع حضوري المعتاد وابتسامتي الوردية العفوية.. لم أقصد أن أثير الزوابع ليلتها.. أعني زوابع غيرتك ...... لم أتعمد الضحك مع ذلك الشاعر المزعج ذي المحاولات الفاشلة في إغواء الفتيات.. والمحاولات الكثيرة التي يتخذ من الشعر سلمًا هزيلاً كي يصل إلى مآربه الشخصية.. ربما هيئته (المتواضعة) لا توحي بخباثة نواياه، أو ربما لأنه لا يتمتع بأي كريزما رجولية ولا حتى أي نوع من الكريزما.. كل ما يملكه لسان ثرثار كباقي الشعراء المفرغين.. ها قد استراحت مؤشرات الساعة عند 1:30 بعد منتصف الليل، لنخرج سويّا، ويطرق صوتك باب انتباهي، ثمة في نبرتك ما يبلغني بانزعاجك.. لم أعرف السبب، ولم أصل بإدراكي أن الوقوف أمام عتبات الشعراء قد يخنق غيرتك.. لم أفتكر لأي شيء أثناء اجتيازي ضفة المسرح (إلاك).. هناك الذرائع كثيرة.. كي أصل إليك وسط حشد الشعراء المشاركين وأولئك المزعجين الحاضرين.. أولى حلقات البرنامج كانت محبطة شعريًّا، مازلت أثرثر عن الحلقة حتى تسكتني يدك التي قبضت على يدي بقوة..
 ليش ضحكتِ مع ......
 متى؟
 نسيتِ ولا تستهبلين
 !! ما أحتاج استهبل.. لأني ببساطة ما قصدت الوصول لردهة الشعراء إلا عشان ألتقيك لأن حضرتك ما تبا تقعد في الجهة اللي انا قاعدة فيها !
 انزين خلاص
 شو خلاصه؟
 خلاص فهمت ان المسألة عفوية بالرغم اني تضايقت من كلامج الكثير مع فلان وعلان
 آها.. كلامي الكثير !
 أقصد وقوفج اللي طوّل
 وقوفي اللي كان بسبب شو؟ انت عارف اني ما اقصد ازعلك ولو اقصد انا مب جبانة بقول لك قصدت اغيظك
 خلاص حبيبي قلت لج .. المسألة وفهمتها
 خير ان شاء الله، اتمنى ما تحطني تحت السندان وتظل تخمّن علي..
 انا ما اخمّن، انا جيت أسألج.. بعدني ما خمّنت ولا حللت
 ماعليه حصل خير.. واذا لقيتني ف لحظة زودتها بدون ما أشعر .. نبهني.. وانا طوع أمرك يا عمري
 اعرف انج ماتزودينها.. وانا عاقل اقدّر الحوار وتبادل الأفكار
 ليش انت تظن ان مثل ها الناس عندهم أفكار؟ انا ما ألومك.. بس عشان ما ينقال اني متكبرة وما أقعد وما سولف والقيل والقال السخيف هذا اللي يدور في حوارات الشعراء التافهين.
 على قولة صلاح فضل، لعنة الله عليك.. انا اقول لعنة الله عليكم يا الشعراء..
انتهى المشوار إلى ما بعد ذلك السور ذي المواقف الكثيرة.. نظرة الليل لم تفتني ، حفظتُ درسًا جديدًا.. تعلّمتُ ألا أجرحك وإن لم أنتبه.. سأكون متيقظة في الأمسيات المقبلة، بشرط؛ ألآ تمنعني من المجيء إليك بحجة التحدّث إلى المتسابقين....

.
..
...
....



زينب....

زينب عامر
07-15-2009, 06:59 PM
....
...
..
.



الحلقة التالية من أمير الشعراء لم تشأ مزاجيتي الحضور.. ولستُ أدري كم حلقة حضرت وهل قصدت أن أنسى تعدادها أم لم أقصد تذكرها.. ولكني أذكر تماما رابع حلقة، وضيف عزيز يحل من أرض السعودية لمحته بصدفة وسط الجمهور.. كان يجلس بجوار الشاعر حسن النجار، وحين تأكدتُ أنه هو.. ذهبت لأقوم بواجبي في الترحيب وتبادل الحديث والأخبار، كانت فقرة الاستراحة طويلة ما يجعل مساحة لقائي بك أكبر، ولكنك آثرتَ أن تنهي لقاءنا قبل بدئه بغيرتك.. قبل أن أنهي كلامي مع الزميل عائض القرني.. كان صوتك غاضبا خلفي يامرني بالتحرّك الفوري من مكان وقوفي.. بحجة أن التصوير الآن سيمرّ على الشعراء، بينما أرى أمامي بالضبط.. لجنة التحكيم ( تتقهوى) وهو دليل قطعي على أن التصوير المباشر لن يعود الآن، ذهبتُ باستغراب ولم أترك في بالي شيئا حيال موقفك.. ولكن لحاقك خطواتي إلى ردهة الشعراء، وأمام تلك المرآة الكبيرة جاءت أسئلتك تؤكد لي أن إبعادي من هناك لم يكن إلا من أجل نفسك..

- منو هذا اللي كنت تسولفين معاه؟
- عائض القرني
- مال موقع عناقيد خبرني عنه حسن النجار
- !!!، مادامك تعرفه ليش تسألني؟ تتحراني بكذب عليك يعني؟ ولا بخاف اني اقول لك؟
- لا بس كنت بتأكد
بلعت الموقف وعدت من بوابة الدخول اليمينية قاصدة جهة جلوسي اليسارية في المسرح، ولا أكاد أبرح المدخل حتى اسمعك من خلفي تشد في الحديث..
- يلا تحركي بسرعة يلا..

لم يكن لائقا بك أبدا ولا بي أن تترك لمثل هذه الكلمات الدكتاتورية مكانا بيننا، كان حنقي عظيما في تلك اللحظة.. شعرت بي حنين عمر.. أرادت أن تستفهم ما يزعجني فلم أجبها.. قررت ألا أكلمك على مدى يومين.. كابدتُ صهيل الوجع في صدري، ومازال كبريائي مجروحا كثيرا.. لأنك لو كنت موظفا في التنظيم وتفوهت علي بمثل هذه الكلمات.. لكان أقل ما يمكن أن تجده من ردة فعلي هو طرد من المسرح.. وأنت تعلم جيدا، ليس لرجل في هذه الدنيا صوت يرفعه علي.. فكيف يمارس سلطويته من مقر منصبه في حين لم أخطئ بحقه.. ولكنني تحاملت على نفسي.. وبلعت كبريائي لحظتها، نعم تجرعت حرقتي التي مرّت عليك بسلام بارد.. لأنك لحظتها فكرت فقط بانانية الغيرة التي تملكتك.. ولم تفكر ابدا.. بمشاعري حيال تصرفاتك اللاواعية.. وأمام الملأ.. هنا استوقفني الصبر كثيرا.. هل أستطيع الصمود أمام ابتعادي عنك لمدة يومين، أم اضرب بكرامتي عرض الحائط وانتصر للتنازل.. قررت لحظتها أن أنبهكَ لخطئك بأسلوب جديد، انهلّت مكالماتك العارمة على هاتفي ليلتها.. ولكني استطعت الصمود، وفي اليوم الموالي كان انشغالي بالبيت وجدول الويك اند، قد سرق مني بعضا من الشوق وتحريّ الاتصال بك.. وأنت شغلك عني الرقاد حتى بعد الظهيرة.. لم تفهم أبدا حتى حينها أنك أخطأت في حقي.. وأنك تستحق ابتعادي، كنت تتصل كي تعاتب عن سبب الغياب وعدم السؤال منذ الصباح الباكر كما عودتك.. ولكنك تجاهلتني كثيرا.. كنت أتقهقر .. اتساقط تنهيدة تنهيدة.. وانت تنعم في رقاد وسبات ناعم.. ازداد اصراري على عدم الرد، حتى ليّل المساء وأرخى ظلامه.. لم أستطع معاقبتك بكل هذه القسوة.. بالرغم من غضبي الكبير، وشعوري بالجرح..


- ألو
- مم
- شحالج
- زينة
- شخبارج
- زينة
- وينج
- بالبيت
- ليش ما تتكلمين شو فيج؟
- مافيني شي
- ليش ما اتصلت الصبح
- انشغلت
- بلاج صايرة ما تتكلمين متضايقة من شي
- قلت لك مافيني شي
- عيل؟
- ماشي
- ردي علي حد مضايقنج
- محد يقدر يضايقني
- عيل اشفييييييييج
- مافيني شي قلت لك
- لا قولي شفيج؟ منو مضايقنج؟
- انت
- بشو؟
- انت عارف
- ولا مب عارف
- عيل تستهبل
- يلا عاد قولي
- ما بقول.. اصلا انا مخنوقة وماريد اتكلم
- افا حبيبي جيه تخليني معلق في الخط
- هيه عادي تعلق في الخط شو يعني
- لا صدق زعلانة شفيج
- قلت لك انت مضايقبي
- انزين شو سويت
- الكلام في التلفون ما ينفع.. احسن اواجهك ونقعد سوى.. انا تهمني تعابير الويه والـ body laguage
- اوكي مب مشكلة.. باجر نتلاقى بنتظرج
- انتظر.. !


لم تنم ليلتي .. ظلت في غرفة كوي الملابس حتى فجر اليوم الموالي، ونمت بعدها ساعة متقطعة.. وأجفاني محمرة من التعب
ساعة الحساب اقتربت.. هذا المساء.. سيفرج سجن حزني..

.
..
...
....


زينب...

زينب عامر
07-15-2009, 07:38 PM
....
...
..
.



هدأت شمس الظهيرة قليلا.. اذنت لي بالخروج بعدما أحرقت شوارع أبوظبي بجبروتها، ولم أشأ أن أسلم نفسي لأشعتها القاتلة.. الآن أستطيع الذهاب.. كانت بدلتي الصفراء فاقعة الألوان جميلة جدا في هذا الصيف، ومناسبة لألوانه المستشيطة.. وأنت تنتظرني في إحدى مداخل أبوظبي المزدحمة.. لم أشأ أن أثير الحميمية لأنني في لحظتها لم أكن أشعر بها أبدا.. لم نتحدث فيما أتابي إليك.. كان الصمت وبعض كلمات متقطعات هم الذين يتحدثون، لا أذكر أن رغبتي في التحدث كانت عالية.. حتى أثرتَ الكلام بدفء هائل..

- بشو ضايقتج انا حبيبي؟
- بغيرتك
- شو بلاها غيرتي؟

أقص عليك ما بدر منك وما كان مني.. أنبهكَ لطريقة الحديث.. أشياء أخرى.. اختنق ويدك تشد دورانها في احتضاني.. حتى ريقي لم أعد قادرة على ابتلاعه.. تجتازني صورة الموقف.. كلامك يعود إلى سمعي، تزدحم اللحظات المؤلمة في جفاك.. احاول الصمود أسقط على صدرك، أمعن في السقوط فثم جروح كثيرة تنساب من بين أهدابي.. كنت وأنا في نشيجي لا أبكي دموعي.. إنما أبكي أعصابي وشراييني المشدودة جراء ردات فعلك غير المدروسة.. وأنت تمعن الحب في ضمي.. صوتك يتهدج.. (خلاص حبيبي لا تصيحين) وأنا أقاوم بكائي فيهيل نحيبي على صدرك.. أتمرغ في دموعي ودموعك.. أشعر أن قوايَ تخور شيئا فشيئا، دوار عصيب يلف عينيّ.. أرتخي، بعدما استنزفت قواي كلها في البكاء، لم أبكِ قبلك بمثل هذه الحمى المتقطعة، ولكنها كانت أقوى مني.. شعرت أنني أبكي على صدري.. وكأنما أغرق في لجة دماء.. لستُ أدري مالذي أثار كل هذا الكم من الحزن، لا أذكر أبدا أنني شهقت وزفرت في حياتي كما كنت لديك.. هل رأيت يا سيدي؟ أن كمًّا أحمله لك من الحب والولاء يفوق حتى احتمال جفوني على البكاء.. لم أكن أعلم أن لي كل هذه الطاقة من البكاء.. وإلا لما أظهرتها جميعها أمامك.. لأنك لا تستحق أن أفجعك فيّ بهذه الطريقة.. كان يكفيك بعض الدموع الباردة لأحظى بكل حنانك الدافئ.. ولكني لم ادرك مدى جرحي حتى تساقطت بين يديك.. اتسخت ثيابك بسواد كحلي.. وتحول الأبيض إلى رماديّ، وأما قميصي الأصفر فقد تلطخ بالسواد فتحول جماله إلى بشاعة..
صوتك الرخيم يحتضنني.. (مافي شي يفرقنا بعد اليوم أبدا أبدا أبدا، راح أحاول إني ما أكون متواجد معاج في الأماكن العامة، عشان ما أتصرف بطريقة ما أقصدها أو أجرحج بردات فعلي.. ) لم يأتِكَ تعليقي هذه المرة، ليس لأنني لا أريد، بل لأنني لا أستطيع، فحلقي كان منملا باردا.. وأسناني ترتجف.. ولساني ثقيل.. كل ما شعرتُ به هو أنني لا أستطيع فعل شيء.. لا أتذكر بعدها أغفوتُ أم صحوت.. لا أتذكر ما الذي قلته ولا ما دار بيننا من حديث، كان الدوار قد أحكم يده على وعيي.. ولكني غسلت هما عظيما تشنج في أعصابي.. كان صوتك يدخل ضمن أشياء كثيرة غير مفهومة.. لكنني أتذكر يدك جيدا.. وهي تشد من ضمها لي.. لتشعرني بالأمان والحنان والاطمئنان..


.
..
...
....




زينب....

زينب عامر
07-15-2009, 07:51 PM
....
...
..
.



هل حقًّا اضطررت لإرسال رسالتي لك هنا؟



فقط ... لا تترك أحلامي عرضةً للتأجيل..

فأنا أذبل ..

وطاقة الاستمرار أيضاً...



.
..
...
....


زينب....

زينب عامر
01-04-2010, 09:26 AM
....
...
..
.



علقت عيناي بنظراتك.. ضوء عميق يسحبني من أعماقي إلى أقصاكَ.. هدوء سحيق وهمهمات الراقد تتجلى في محيطٍ هلامي.. ثمة ما يدعو للحب أكثر.. الحب أكثر .. الحب أكثر.. الحب أكثر.. حين تشتبك الأيادي، ويثور في السماء دخانٌ أزرق.. وهالة متقنة التحديد حولنا.. تمتلئ بكليْنا.. فيلتغي الكون إلا منّا، أو لنقل أنه يعيد تكوينه فينا ويخلق من جديد، أشعر أنني أسجُن أغصان روحي المتعملقة في هذا الجسد الطيني، فثمة حجم هائل لا يحتمله سجني.. ثمة أجنحة كثيرة ترفرف .. وعصافير عينيك تسافر في هذه اللحظة وتحملني إلى مكان لا يبعد عنا فهو مستشْرٍ فينا، تلك المروحة البيضاء الصغيرة العالقة كـ فمٍ للجدار.. ومراية مربعة لا تكتمل فيها الصورة.. أتعلم؟ .. أعمق تأمل مارسته في حياتي كلها.. هو عينيك.. هاتان المتوقدتان بالعنفوان ذواتا البريق الفريد.. وأهداب استدارت حولها لتوحي بذكاء شديد.. يدي تمتد إليهما.. هذا (الغمص) حين يتجمع في غير وقته من المساء.. عيناك مرهقتان كصوتي... تستدير أحلامنا حولنا.. نفكر في غدٍ مليء بالملايين.. هههههههه يالـ أحلام الفقراء..
-بورش كايين..
-منزل صغير..
- لا لا خليه طابقين أبو 3 غرف فوق..
-هههههه خلينا على قدنا..
-سفر إلى أجمل بلدان الكرة الأرضية...
-حسافة هذا المتوفر الحين.. ( داخل الكرة الأرضية!)

كم شعرتُ لحظتها بسعادة بالغة لأن الإنسان سافر بعينيه إلى خارج هذا الكوكب الصغير، فلولا الفضاء لشعرت أنني مت منذ البداية، قبل أن تنفتح لي أبواب كونك القدسي.
المسافة بين أعيننا: حزمة ضوء.. بريق.. شوق.. حب.. سلام.. وئام.. انسجام.. وأجمل.. أجمل من البوح الشرود فيه، كم أحتاج من القصائد يا ترى؟ أحتاج ملأك صفاءً لأكتبك..
لن أكتبك. !
فـ
كلماتنا في الحب تقتل حبّنا إن الحروف تموت حين تقالُ

هذا هرااااء، فكلما قلت (أحبك) أستفيض هياما وأفيييييييييييض...

كفّكْ وهمسِ الماي وأغصان الربيع=والليل والقمرة وصمتى والهوا
حوتك يعيد حكاية العشق الرفيع = والغيم فـ عيونك ترانيم وروا

أنتمي إليك منذ الجنون الأول.. أنتمي إليك بكل روحي وكينونتي المجنونة، حلمت منذ عرفت نفسي، بلحظة التقاء تفجرني.. ولمسة يد تعلمني أسباب البقاء....
جئتَ ذات مساءٍ دافق، أطلقتَ أسرابي جميعها، لم أخبرك بأنني أطلقت روحي للرياح، فتحتُ ذراعيَّ حد الهذيان.. جمعت الريح وأطلقتُني بين يديك.. أتعلم؟.. أنت اليد الوحيدة التي سلمتها أمانيّ كلها.. دون التعلق بما بعد اللحظة.. فاللحظة الأولى تكفيني حين صغتَ رمال الصحراء الهالكة.. فصرتُ غيمةً نفاثة..
رذاذك حين مرَّ على أقطاب صحرائي.. تغلغلَ حتى اخضرت الأرض اليباب، تلهمني عيناك وتعيدني إلى أول لحظاتها، وباقي أيامنا...
الليل هنا لم يبرحكَ أبدا.. قدْتُ سيارتي وأنا لم أنفلت بعدُ من بين يديك.. تكوّمتُ على فراشي بشكل عشوائي ، لأكتبك.. وأنا مازلت بينك وبين يديك...................

.
..
...
....


زينب....

زينب عامر
01-04-2010, 10:38 AM
نافورة حبنا..


....
...
..
.



خطونا نحوها.. وأنا أتلمّس الطريق بقلبي.. أشعر أن خطواتي هي نبضاتي.. أو نبضاتي هي خطواتي .. لم أعد أفرّق.. فهناك أمام هذه الهائلة.. البارعة.. الفارعة.. أتقزّم ويتسامى شعوري حتى يعانق الفضاء العظيم.. وأنت تحفّني بتينك الكفين.. حضن عظيم يلملم شقائي يهدهد دموعي المتساقطة دون أدنى سبب، تقهقرنا كثيرًا والأيام تباغتنا بما لا نحتسبه، أراك من بين حبّات الرذاذ المتطاير إلــهً يعبد محبوبته في كل أذان، وأنا أذوب في مساماتك حبةً حبة.. أنيني يراودني بالبكاء، وأنا أتصبّر.. أتبعثر.. وصوتك يتعثر باختناقات الوفاء.. كلانا تغرغر دمعاته من دون سبب ، في حنجرة هذا اللقاء.. أشعر أنني أضعف من أن أمسك بأحبال الوقت.. أضيع مني إليك...... إلى كل ما لا تدل إليه الأزمنة...... إلى بقاع ليست بقاع...... ومكان ليس بالمكان، وحزن ليس كأي حزن.. وفرح لا يمتلك من نفسه شيئا.. أنا أتيــــــه يا ربي.. أتيه في ولادتي الجديدة.. هنا ولدت.. وهنا سأموت.. أنت خلقتني .. كنت قبلك يرقة محشورة في شرنقتها.. حتى لمستني يداك...... فتحررتُ بألوانٍ زاهية أطير في فضاءات ملكوتك.. أجمل فراشة وأرق إحساس.. تخدشني منك الحيرة.. تجرحني دموعك المتطايرة على صدري.. أغطيك بأجنحتي المتجرحة، وأهمس في أذنك اليمنى..
-أحس اني انكسرت في قلبك.. وحسرتي عظيييييييييييييييييييييييمة لا احتملها
- تمتزج دموعكَ بأسئلتك... لييييييش؟ ليش يا عمري تقولين جيه؟؟ لو انكسرتِ بقلبي انا بموت، أنا كلّ.. في جزئج الغامر، وانتِ تقولين انج انكسرتِ بداخلي؟ معقولة تنهين نفسج بها الألم وها القسوة؟ أنا ما اقدر انج تنكسرين بداخلي.. أنتِ اللي اعدتِ تكويني بأعماقج وبعثتيني كآخر نبي للحب.. دخيييييييلج..

تتساقط أحزاننا فوق أحزاننا وتعزفُ آهاتنا صوتًا نغيب في إغماءته دون أن نستوعب المكان ولا الزمان.. أحبك .. أحبك، تتبادلها أصواتنا دون وعي ولا تخطيط، كل ما في الأمر.. أننا نبحث عنّا فينا، نمتزج أكثر.. نتداخل في حالة هذيان مريب.. الدموع تغسل وجهينا.. وشفاهنا.. وأصابعنا .. وأكتافنا.. كل شيء يلفظ أنفاسه .. حتى قلبنا المتوحّد، كان يتشكل في انتماءاته المتجددة.. تنتهي موجه الحزن.. تقطفها ابتسامة عظيمة مليئة بالأمان والأمل.. نرتعشُ من بيننا .. ننتفض.. نسافر تحت إغماضة أجفاننا إلى حيث انبعثنا ..

آخر مبعوثيّ الحب والوفاء..

أحبكِ
أحبكَ


.
..
...
....


زينب....

زينب عامر
01-04-2010, 12:41 PM
....
...
..
.


كم عاتبتك يومها !، كنتُ أكلّم الأستاذ دخيل الدخيل عبر الهاتف ، أستاذ فن الإلقاء الذي جاء يعلمنا أساسيات الإلقاء الشعري السليم، وقد لمس في صوتي انكسارًا.. واستأذنني في دقيقة يخبرني فيها عن نفسي، عما استشفه مني!، فأذنت له وقد تملكني خوف المواجهة، مواجهة الذات.. فهو يعلم أن الشخصية التي تتعامل معه ليست هي أنا، فوقع كلامه في قلبي كالجمر المتوقّد، أحرقتني كلماته فتساقطتْ عيناي تخفــيني وراء الدموع، شعر هوَ بتقهقري، فتركني ألملمني في ما تبقى من الساعات التي سبقت آخر محاضراته، كم عاتبتك حينها، وقد لجمتْ لساني حكايات الألم والشك والتجافي والانهيار، استرجعتُ كل أوقاتي معك.. تفجّرت مآقيّ في دورة المياه بعيدًا عن أنظار الموظفين، امتلأ صدري بحسراته المتناقضة، (لا تتصل بي الآن).. اقولها لك في خاطري ، وأرسلها أيضا في ما سنجر (البلاك بيري)!!.. لأول مرة منذ ولادتنا.. لم أشعر بها، ولكنني شعرتُ بها لأنني أناجيك في هذه اللحظة.. أناجي العاشق الخاشع بأعماقك.. ولا أبحث عن وعي ولا واقع.. فقط. أسترجعُني فيك.. وأسترجعُك فيّ، أتعلم ماذا قال لي الدخيل؟ قال: أنتِ إنسانة عظيمة تختبئين تحت عباءة الجدية والصرامة، وهذه الوظيفة التي تساعدك على ذلك كثيرا، وتوارين امرأة حقيقية مليئة بالطيبة والحنان.. تستحقين رجلاً عظيمًا مثلكِ يغسل همّك، ويرمم ما كسرته الأيام بداخلك.. وربما كان بجانبك وهو لا يعلم.. أنتِ مررتِ بموقف عصيب في حياتك ترك فيك كسرًا هائلاً، وهذا الانكسار يتجلى في صوتك الحزين.. ثم اعتذر.. وبقيت أنا أتشبّث بك حتى آخر الأنفاس، لا أريدك أن تشعر بحزني، لأنك لم تكن يوماً إلا سببا لفرحي وتعاظمي.. ولو مرّت بنا أعاصير الكون كلها، نعود للتشابك والالتحام مرة أخرى.. وفي كل مرّة نكون أكبر وأجذر.. أنا مليئة بك هذه اللحظة.. مليئة بعتابي.. مليئة بدموعي.. مناديلي ذبلت.. وأُتخمتْ.. ورعشة يدي تلامس أهدابي، سألت نفسي كثيراً.. كيف سأواجه الدخيل اليوم، وكيف سأمسك بيد سماعة الهاتف لأحادثك.. كل شيء في هذه اللحظة يتساقط.. يجب أن أهرب إلى البحر.. أنت البحر فكيف أهرب إليك ؟!.. ليس لدي مكان غير نافورتنا الفضية .. سأهرب هناك.. ولا شعورياًّ.. وجدتني أكلمك في همهمات المختنق.. عبراتك تخنقني.. سحقًا لي أنني أشعرتك بعتابي.. تبا لأيامي وساعاتي ولحظاتي.. تبا للوقت.. تبا للحزن.. تبا لي وألف تبا.. أكان يجب عليّ إفصاح الأمر لك؟ دعنا يا طبيبي نهرب من هذا العالم.. سنهرب من الماضي.. ولا ننظر إليه، ربما لأنني لم أعتد النظر إلى الوراء أبدًا، فعندما بدأتُ فيك.. لم يعد يعنيني مما كان شيئًا.. ولكنه كان يعنيك بالدرجة الأولى.. لكَ نظرة لا أستطيع تحجيمها.. ولي بداية لا أستطيع الرجوع قبلها.. دعني يا صديقي.. يا حبيبي.. يا ملاكي.. يا وطني الكبير دعني أتشكّل فيك كل مرة دون أن أعي.. دون أن أظن أن لي مكانٌ قبلك.. أقسم أنني لا أشعر بي.. لا أشعر بتلك التي كانت (أنا) قبل أن ألقاك .. أقسم أنني أنا فقط معك.. أقسم أنك أنا معي فقط.. أقسم أن تلك التي كنتُها قبل حضنك لم تكن أنا بعد حضنك.. أقسم أنني ماعدت أيًّا ممن كنّ قبلك.. أقسم أنني لم أشعر بنزاهة شعوري إلا معك، وأقسم أنني لم أكن هكذا إلا معك.. أقسم أنني لم أعي شيئًا من صروف الحب إلا معك.. أقسم أنني لا أجيد إلاك.. ولا أتهجى سواك.. ولا أرى غيرك.. أقسم أنني حين أعاتبك فإنني أقتل نفسي.. فلا تقتلني مرتين وتبكي..

تكفى...................

.
..
...
....

زينب....

زينب عامر
01-18-2010, 09:58 AM
....
...
..
.


ليلة رأس السنة 2010، تحبسني الأماني في علب الهدايا، وأنظر إلى رأس العام المقبل، وأحلم أن يجيئا بحب أعظم، وفرح أكبر... مممم يقال أن خسوف القمر يوافق احتفالية رأس السنة الميلادية.. ولكن لم نعره أي اهتمام، فهو ظاهرة فلكية تحدث باستمرار لتشابك مسارات الكواكب.. ولستُ مهتمة بما يقال عنها، لأنني أدرك أن الكرة الأرضية مليئة بالفقراء والمنكوبين، فلن يخسف الله بنا الأرض وهم بيننا؟!.. أو هكذا أظن من الحنّان المنّان، في الحقيقة لم أحلل هذا إلا في ثوان معدودة، ففكري انشغل بك.. سأستقبل ليلة رأس السنة بحب معك.. أليس كذلك؟ سنحتفل بطريقتنا.. ونغرّد على أغصان أشجاننا قبيل غروب الشمس.. أهدابك تبتسم بحب بالغ، وعيناك تبحثان عن كل شيء يختبئ بي، أو كل شيء لا يختبئ، لستُ أدري، هل ثمة ما يختبئ منك فيّ؟ أم هو بحثك في ما ورائيات المرئي، بحثك في التجلّي، آآه من التجلي، رعونتنا في هذه الأثناء مليئة بالضحك والصراخ.. مطاردتنا مثل الأطفال.. قفزنا ومداعباتنا وعنادنا وجدالنا وكل شيء.. يداك تمتدان بشغب طفولي في كل شيء لتقلب مزاجي من الجدية إلى المزاح وتستفزّ كفوفي لتصفعك تارة وتقرصك تارة أخرى، وكثيرا ما تثير ضحكك المستصرخ، ولكني لا أرحمك ولا ترحمني..
انهزمت قوانا الآن.. أنفاسنا المتلاحقة تتسابق للخروج في حالة إنهاك شديدة.. يتصبب جبينك عرقا.. أغمرك بقبلة هدوء تنطبع في حالة إعلان للهدنة.. ها قد غابت الشمس، وغبنا عن بعضنا معها.. وبدأ العالم في استقبال ليلة عام جديد.. 2010..

كانت الساعة مكتئبة مثلي، غرفتي الخضراء ممتلئة بألوان قوس قزح، ماسنجر البلاك بيري مكتظ بالمباركات والتهاني وتبادل الصور والنكات.. وأنتَ تبحث عن نديم يصاحبك إلى إحدى ملاهي الاحتفال بالعام الجديد، لا أظن أن النديم سيكون أنا، فحالتي هذا المساء لا تشجّع للخروج، أو الاحتفال، كما أنني أود منحك مساحة من الحرية لتجد من بين رفاقك من يصاحب هواك هذه الليلة، الجو بارد، وأنا أخشى عليك أن تخرج ورأسك مبلول، هكذا كنت أفكّر وأنا أناجيك عبر الهاتف الخلوي.. ثمة ما يجعلني سعيدة وخائفة هذه الليلة.. البرودة تقشع الشباك، وتخترق جلدي إلى عظامي، وأنا مستمتعة بهذا الألم... شاشة التلفاز المعلقة في صدر الغرفة تشدني لمتابعة أفلام قناة (2) التي أعشقها، ها هي الأفلام تتوالى، وأختي تشاركني السهرة الهادئة على تلك الكنبة الناعمة.. التي اخترتها يوما ما وأنا أراك تجلس معي فوقها.. ويضمنا شكلها القلبي.. بحبه الأحمر ذو اللون الفاقع، ها هي الساعة تشارف على 3 فجرا.. وأنت ما زلت في سهرتك .. أختي رقدت، وأنا أستغل الوقت لمناجاتك، وأستغل الفرصة لأسمح لدموعي بالوبل الخفيف.. أنا أتمزق من الخوف.. أتمزق من الصدق، أعلم أنك الآن تعيش أصدق لحظاتك، وأنت تحلف بعشقي ورأسي وتمكني من حياتك كلها، تمكني من امتلاكك دون أن أترك أدنى فرصة للعودة إلى نفسك إلا معي.. أنت كذلك تفعل بي.. يا إلهي... ثمة ما يجبرني على الحزن هذا المساء.. ثمة ما يخيفني، لأنك في هذه الأثناء تتجرد من حالة الوعي تماما، لتكون أنت نفسك وفقط، وتبدأ بالثرثرة المتواصلة التي لا يقطعها كلامي إلا بالإيجاب.. رافقك صوتي حتى وصلت إلى نومك.. نومك العميق الذي سهرت عليه حتى شروق الشمس وأنا أسمعه، أسمع شهيقه وزفيره، أطمئن على أحلامه الهادئة، حتى غدر بي النوم على الجانب الآخر من الهاتف... قلت لك كثيرا أني أحبك
قلت لك كثيرا أنني لا حياة لي بدونك
قلت لك كثيرا أنني أهواك وأعشقك وأخشى عليك من دموعي
أخشى عليك من نفسك
أخشى عليك من رفاقك وأهلك ومن كل شيء في العالم
اعتذرت لك كثيرا أنني جرحتك في كثير من الأيام
جرحت حبك ودموعك..
اعتذرت لك أنني كنت سببا في تقيؤك في أحيان كثيرة
اعتذرت لك أنني بكيت لديك كثيرا فأبكيتك
قلت لك كلاما لم أكن أريدك أن تسمعه .. لأنني كنت أخزنه في عقلك الباطن فقط، وأنت راقد على نبرة صوتي ودفء حبي.. لأنه سيأتي يوما ما أغيب عنك فيه للأبد.. وستسمعه لوحدك يناجيك من أعماقك مخلوطا بصوت دموعي.. وستتيقن وقتها أكثر أن من أحببت وأحبتك.. قد أوجدت نفسها فيك أنت فقط..

(( شلون تطلب غلا وانت الغلا كله؟
هو في غيرك سكن هالقلب وأغليته؟
لا ينشغل بالك لا جاملت خلق الله
ما كل شخصٍ يمر القلب حبيته ! ))


.
..
...
....



زينب....

زينب عامر
07-07-2010, 09:23 AM
21 ابريل 2010 .
....
...
..
.
يدق الزمن بعكازه على أرض لم تعد تحمِلنا.. ثـقلت عليها أحلامنا، نتمشى على حواف الوقت.. ندور خارج أنفسنا.. تسحقنا رحى الاقتراب كلما حاولنا ملامسة الزلال.. تزل أقدامنا على أرض يابسة !.. يقتلني هذا العراء الموحش.. يقتلني دخان الوقت.. يقتلني السكون.. يقتلني الهدوء.. يقتلني الفراغ.. يقتلني الازدحام.. يقتلني افتراق أصابعنا كل مساء، عند مفرق الطرقات..
شارع الخليج العربي.. لا حياة فيه غير عيون الكاميرات المخفية التي (تصيد) كل المارّة على صدره.. بحر البطين لم يعد ينخس بصوته، لا موجه ينطق، ولا هواه عليل، ولاسماؤه صافية.. لم يعد للبكاء أصابع حنونة تكفكفه، لم يعد للروتين أي انقلاب على رأسه، لم يعد للمساء رحيق أستفّه من بين شفتيه.. كل الأمور ساكنة.. خافتة.. لا نتحرك إلا باستئذان.. لا نتكلم إلا باستئذان.. لا نتصابى إلا باستئذان.. لا نشاغب إلا باستئذان مشروط !!، لم أعد أشعر بذاتي.. لم أعد أشعر بحريتي.. أنا مكبلة في قفص اسمه (الحرية).. ولكن حرية مشروطة.. قصقصتُ جناحاتي البيضاء، ولبست العباءة السوداء بدلا منها، لملمت فوضى شعري المتناثر كخصلات الربيع، وحشوت به شيلة ذات زراكيش كثيرة، لا تحمل مني الا معنى ذائقتي المزركشة.. ألوانها تغريني بغزو الحياة مرة أخرى.. بغزو الآلهة المعلقة على أطراف البحار والسماوات، وقصص الأنبياء الخرافية ذات الطابع الأسطوري.. لم ينته زمن المعجزات .. نعم فما حصل لي معجزة لم يؤرخها الوقت بعد، بدأت أكره هذه الصحراء العارية من كل شيء إلا القحط، بدأت أتنصّل من أهلي ومجتمعي وتاريخي، سأشكل لي خريطة جديدة، أعيش عليها ما بقي من أحلامي، لن أتردد في الهروب، وليقل علي العاذلون ما يقولون، فأنا لن أرجع لهم، سأقتل حنيني وحبي لهم، سأكرههم حتى لا آبه بما يقولون، ولن أطلب السماح من أمي، لن أسأل إخوتي العفو، لن أترك مجالاً لصديقاتي كي يعاتبنني.. سأكره الجميع، كيما يحز في قلبي حزازة العودة إليهم، وإن مات الذي هربت إليه، سأقتل نفسي وينسون ذكري كما فعلت أم فرجينيا و أم بول، لم يكترثا بسطوة الزمن والناس، هربا إلى حيث يولد للأمنيات حضن رغيد، حيث تتدفق الأحلام مع رقرقة الماء النقي، وتغدق الأيام بكرومها وسط سقيفة الحب والنماء، هناك حيث لم يعرفْنَ أحدا ولم يعرفُهُنّ أحد، ولَدنَ توأم الحب ومتن دون أن يدفنا، حتى الشمس التي تشهد على فعائل الخليقة كلها، كتمت سرّهما، وراحت تشرق عليهما وتغرب وتنثر شعرها المبلول بحبات المطر تارة.. وتارة متغلغلا بين أغصان الربيع..

.
..
...
....




زينب